شيّع جثمان العلامة الشيخ سعدون حمية، في مسقط رأسه في بلدة طاريا، في حضور حشد من علماء الدين والشخصيات السياسية والاجتماعية والتربوية. وأم نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب صلاة الجنازة على الفقيد، وألقى كلمة تأبينية قال فيها: “أتقدم بأحرّ التعازي من أفراد وعائلة فقيدنا العزيز الشيخ سعدون حمية والى بلدة طاريا وعائلاتها وأهلها الأعزاء برحيل صاحب الفضيلة الشيخ سعدون حمية (رض) الذي فقدناه في هذه المرحلة وأهله ومنطقته في أشد الحاجة إليه، ولا نملك في أمثال هذه المناسبات إلا أن نقول إنا لله وإنا اليه راجعون، ويكفيني قول أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب (ع): “إنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسنة عباده”، وهذا الجمع يحكي هذا المعنى عن سيرة الفقيد ومناقبه”.
اضاف: “عن رسول الله (ص) أنه قال لأمير المؤمنين (ع): “يا عليّ إن الله وهب لك حب المساكين والفقراء في الأرض فرضيت بهم إخواناً ورضوا بك إماماً فطوبى لمن أحبك وويل لمن أبغضك، يا علي أهل مودتك كل أواب حفيظ وكل ضيق رين لو أقسم على الله لأبره، يا عليّ أحباؤك كل محتقر عند الخلق عظيم عند الحق، يا علي محبوك في الفردوس الأعلى جيران الله لا يأسفون على ما فاتهم من الدنيا، يا عليّ إخوانك ذُبُل الشفاه تُعرف الرهبانية في وجوههم، يفرحون في ثلاث مواطن: عند الموت وأنا شاهدهم، عند المسألة في قبورهم وأنت تلقّنهم، وعند العرض الأكبر اذا دعي كل أناس بإمامهم”.
وتابع: “لقد كان فقيدنا (رض) من هؤلاء الذين أحبوا علياً وساروا بسيرته (ع)، فتعمقت صلته مع الفقراء ومحبيه من المساكين، وكان عاملاً في خدمة أهله وناسه ومجتمعه ملتزماً خط الايمان موثّقاً صلة شعبه وأهله بالله سبحانه وتعالى وبرسوله وبأهل بيته”.
واردف: “لما احْتُضِرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) جَمَعَ بَنِيهِ حَسَناً وَحُسَيْناً وَابْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَ الْأَصَاغِرَ مِنْ وُلْدِهِ، فَوَصَّاهُمْ وَكَانَ فِي آخِرِ وَصِيَّتِهِ: “يَا بَنِيَّ، عَاشِرُوا النَّاسَ عِشْرَةً إِنْ غِبْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ، وَ إِنْ فُقِدْتُمْ بَكَوْا عَلَيْكُمْ، يَا بَنِيَّ، إِنَّ الْقُلُوبَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، تَتَلَاحَظُ بِالْمَوَدَّةِ، وَتَتَنَاجَى بِهَا، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي الْبُغْضِ، فَإِذَا أَحْبَبْتُمُ الرَّجُلَ مِنْ غَيْرِ خَيْرٍ سَبَقَ مِنْهُ إِلَيْكُمْ فَارْجُوهُ. والله سبحانه وتعالى يقول: (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ)”.
وقال: “في خطبة المتقين يقول الامام علي (ع): ” فالمتقون فيها هم أهل الفضائل. منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع. غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، وقصروا أسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء، ولولا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم شوقاً إلى الثواب، وخوفاً من العقاب. عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها، فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها، فهم فيها معذبون. قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة…”.
وختم: “كل ما تلوناه أجد مصداقه في هذا العبد الصالح الشيخ سعدون حمية، فهو من هؤلاء المتقين والصالحين، ولقد ذهب الى الله سبحانه وتعالى بعد جهاد طويل وبهذه السيرة الطيبة والذكر الحميد، فخسرناه وخسره إخوانه من أصحاب العلم والفضيلة، لذلك ليس لنا في هذا المقام إلا أن نُعبّر عن حزننا الشديد وأن نقول “إنا لله وإنا اليه راجعون”، وهذه الذخيرة من العمل الصالح والجهاد في سبيل الفقراء والمساكين هي ذخيرة ومحبته ومودته لرسول الله ولأهل بيته صلوات الله عليهم، تكفيه بشفاعة آل بيت الرسول (ص) ليعبر الطريق الى الجنة التي وعد الله المتقين، ليس لنا في هذا المقام إلا ان ندعو أهله وعائلته الكريمة الى الصبر وأجرهم عند الله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)”.