نقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء المهندس مارون الحلو في بيان في تعقيبه على أسباب إنخفاض رخص البناء الى مليونين ونصف مليون رخصة بين آب 2022 وآب 2023، “أن نتيجة الأزمات المتلاحقة التي يشهدها لبنان، جعلت من الطبيعي أن تسجل رخص البناء تراجعاً هذا العام، لأن الطلب عليها لا يأتي من مستثمرين أو مطوري عقارات بل من قبل فئات تسعى لإنجاز الأبنية الخاصة بها أو لعائلاتها”.
وقال: “أن الوضع الحالي في البلد يرزح تحت وطأة أزمة المصارف والتأخر في إعادة هيكلتها وسلبية حجبها الودائع عن أصحابها، فضلاً عن غياب أي حل للمشاكل المالية والنقدية الأمر الذي لا يشجع أي مستثمر لبناني أو أجنبي على الدخول في أي استثمار عقاري بسبب عدم توافر الإستقرار المطلوب والإرتفاع في كلفة مواد البناء نتيجة الحرب الروسية ــ الأوكرانية والتجاذب الدولي على منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في لبنان بالتزامن مع تراجع مداخيل اللبنانيين ما أفقدهم القدرة على شراء اي مسكن بالأسعار الجديدة”.
وأكد “أن هذا الواقع الإقتصادي والمالي المترافق مع عدم إنتخاب رئيس للجمهورية على الرغم من مضي سنة تقريبا على الفراغ في هذا المنصب، فيما حكومة تصريف الأعمال تعمل بلا صلاحية مطلقة.. كل ذلك دفع المستثمرين الى التريث بإنتظار وضوح صورة الوضع”.
ولفت أيضاً الى تأثير عدم إقرار موازنة العام 2023 ، التي لا تبشر بنودها بالخير خصوصاً لجهة عدم تضمينها إنفاق على مشاريع جديدة في القطاع العام، رغم الحاجة الملحة لصيانة شبكة الطرقات والأوتوسترادات التي تتطلب أشغالها 5 مليارات دولار أميركي تقريبا”.
واذ جدد النقيب الحلو في هذا السياق تأكيده ” أن أي مقاول لبناني لن يشارك في أي مناقصة ستطرحها الدولة لصيانة الطرقات إذا إستمر تقلب سعر صرف الدولار، لأنه عند وضع دفاتر الشروط يكون سعر صرف الدولار أمام الليرة مختلف عنه لدى استدراج العروض وكذلك عند التلزيم ومن ثمّ عند بدء العمل والتسديد، والأهم من ذلك هناك فقدان الثقة لإلتزام الدولة بوعودها لتسديد القسم المستحق عليها من التمويل”، أشار الى أن” المشاريع التي تدعمها الصناديق العربية والدولية ومنها الصندوق العربي والكويتي والبنك الإسلامي أو البنك الدولي تبقى المتنفس الوحيد للمقاولين الموجودين في لبنان”.
اضاف:”ومن هذا المنطلق يمكن القول ان حركة البناء في جمود قاتل سواء على صعيد القطاع العام أوالخاص بسبب غياب الإستقرار السياسي وأية رؤية إقتصادية إنقاذية، فيما يقوم بعض أصحاب الرخص وهم قلة ببناء مساكن لهم ولأولادهم أو لأصدقائهم، وهي حركة خجولة. لهذا يمكن القول أنه في حال إستمرار الوضع العام على حاله قد نرى تراجعاً إضافياً في السنة المقبلة”.
وشدد على” الحاجة لاستنهاض الوضع وإعادة الأمور الى طبيعتها إن من الناحية التشريعية والتنفيذية والإقتصادية والمالية والمصرفية تحديداً”، وقال :” ان أي مشروع يحتاج الى كفالات مصرفية وتسهيلات كما أن المستثمر الذي يملك أموالا نقدية لن يستثمرها في الوقت الحالي”.
الإنكماش سيستمر
الى ذلك رأى نقيب المقاولين أن “الإنكماش أو الجمود الحاصل سيستمر خصوصاً وان عدد رخص البناء الممنوحة في 2023 قاربت مستويات العام 2020 عندما كانت كورونا في أوجها وأدت يومها الى شللِّ الحركة في كل القطاعات الإقتصادية”، معتبراً أن “هذا الواقع سيجعلنا نرى تراجعاً أكثر في عدد الرخص خلال العام المقبل مقارنة مع العام الحالي، بسبب غياب أي مبادرة من المستثمرين في القطاع الخاص أيضاً لتنفيذ اي مشروع عدا الذي يملك اموالا نقدية لبناء حاجته الشخصية أكانت سكنية أو لإنشاء مكاتب لشركة معينة لكنها لا تعرض للبيع، لانه لا يوجد اليوم اي رغبة عند أحد لشراء شقق مماثلة وبخاصة ان الاسعار الحالية متوقع لها الإرتفاع، واللبنانيون لا يملكون القدرة الشرائية، لذلك يتجه موضوع السكن الى الإيجارات الذي يشهد نشاطاً كبيراً، لأنه السبيل الوحيد أمام الناس لإمتلاك مسكن، اضافة الى ذلك فإن الجهات التي تعطي القروض سواء اكانت المؤسسة العامة للإسكان أو المصارف قد توقفت عن هذه الخدمة المصرفية، بينما يبقى قرض واحد لدى مصرف الإسكان قيمته 160 مليون دولار الذي سيقدم هذه الخدمة لمتوسطي الدخل قريباً، علما أن تسهيلاته أو سقف القرض لن يتجاوز الـ 50 الف دولار وهذا الرقم هو دون المطلوب لشراء أي شقة لكنها تساعد من باشر ببناء مسكن على إكماله”.
وختم النقيب الحلو موجهاً صرخة لضمير المسؤولين دعاهم فيها “لتحمل مسؤولية إنقاذ البلد من الإنهيار الحاصل”، معتبراً أن “الأهم والملح اليوم إنتظام الأمور بدءا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أقرب فرصة، وتشكيل حكومة فاعلة وذات مصداقية عربياً ودولياً، بالإضافة الى الموافقة على برنامج إقتصادي شامل والتعاون مع صندوق النقد الدولي للحصول على الدعم المالي المرجوّ منه بالتالي دعم الدول المانحة والمؤسسات الدولية، لأن الجمود الذي يشهده قطاع المقاولات والتطوير العقاري لا يمكن إبقاؤه كما هو، بينما يتوقع أن تكون وتيرة الإنكماش فيه تصاعدية في ظل إقتصاد مترنح لا قوة دفع له لينهض وتستقيم الأمور معه”.