اعتبر وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى انه “إزاء الثلاثية الماسية: الشعب والجيش والمقاومة، التي حققت من الإنجاز ما سيحفظه مجد التاريخ ولو تناساه بعض المغرضين، يحسن بي أن أعلن ثلاثية أخرى ثقافية هي: الحرية والقيم والحوار. فإننا إذا أخذناها مجتمعة لواجدون فيها مخارج كثيرة لأزمات كثيرة إذا إحتكم جميع اللبنانيين الى الوعي وصفت النيات.”
كلام المرتضى جاء خلال تكريمه من قبل “اللقاء الإعلامي الوطني” في فندق الريفييرا في حضور وزراء ونواب حاليين وسابقين، فاعليات سياسية وروحية وقضائية واعلامية واجتماعية.
وقال:”أنا مجرد قاض حرص على الدوام، ألا يستميله إغراء وألا يزدهيه إطراء، وألا يخشى في الحق لومة لائم، واذ به وهو على هذه الحال، تلقى على كاهله امانة وزارة الثقافة بقرار من نبيه هذا الوطن تأيد بموافقة عليه من سيد المقاومة بأن أكون الممثل للثنائي الوطني، فشرعت في وظيفتي الوزارية والحكومية، واضعا نصب عيني بأن أكون على قدر ثقة هذا الثنائي الأبي الوطني البهي ساعيا الى تحقيق تطلعاته ثابتا على أن أبقى على الدوام وفيا للشهداء وجلهم كان بمستطاعه أن يكون في مركز النواب والوزراء لكنهم اختاروا دربا آخر قدموا فيها حياتهم على مذبح التحرير والعزة ومضوا لتبقى لنا هذه الأرض وليحيا فيها جميع اللبنانيين أحرارا أعزاء.”
واضاف:”كنت أوثر أيها الأحبة لو تغير العنوان المعطى لهذا الاحتفال. لأن موجب التحفظ الذي سلكت نهجه زهاء ربع قرن، ونذرت له صفوة العمر في دار القضاء، دربني على أن التكريم الحقيقي لا يكون للمرء بشخصه، بل للأعمال الجيدة أيا كان فاعلها. فالعبرة، كما عرفناها، هي للحكم إذا كان صحيح التعليل صائب النتيجة مقسطا بين الناس، لا للقاضي الذي لا ينبغي له البتة أن يمتدح، إذا أدى واجباته بعلم واستقامة وصفاء ضمير. أما وقد صرنا ههنا، فيحسن بي استغلال المنبر لإعادة تصويب العنوان كما أحب له أن يكون: الإحتفال بانتصار القيم. فالحملة التي خيضت على مدى الشهرين الماضيين لم تكن في عمقها ضد وزير الثقافة شخصيا، وإن بدا ذلك كذلك، بل كانت في حقيقتها ضد القيم التي تشكل في الكيان الروحي اللبناني والإنساني بعامة، جوهرة محاره، وخلاصة عطره، وكنه معناه”.
وتابع:”لقد كان من حسن نصيبي أن أقف في مقدمة المنافحين عن هذا المعنى الأخلاقي للوجود الإنساني، كما اكتنزه تراث البشرية على مر العصور، وكما فرضته التعاليم الإيمانية لدى شعوب الأرض أجمعين، لا لشيء إلا لاعتقادي بأن الصراع الثقافي العالمي الذي بات يكشف عن أدواته القاتلة، يرمي إلى طمس الهويات المعرفية الخاصة بكل أمة تحت السماء، وإزالة التنوع الذي هو نعمة الكون، من أجل فرض أحادية فكرية مقولبة وممنهجة، مع ما تستتبعه من سبل عيش استهلاكي، خال من المبادئ، يحطم الروح ويقود الغد إلى التدمير الذاتي، حتى تسود العالم كله أمة واحدة، تستولي على الحياة وتستعبد من تبقى من بشر. كل ذلك يأتونه تحت ستار الحرية وحقوق الإنسان، فآه أيتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك.على أن بعضا ممن خاضوا الحملة ضد القيم، كانوا يرددون أن المبادئ التي ندافع عنها ليست سوى رواسب سلبية متراكمة في النفس اللبنانية المتأثرة بمفاهيم قديمة لم تعد توائم العصر. ولقد فاتهم أن دستورنا أكد على أن الدولة تؤدي فروض الإجلال لله تعالى، ولا تسمح بأي تعليم ينافي الآداب أو يتعرض لكرامة الأديان. ولظنهم أن علم الدستور وعلم العربية انتهيا إليهم وتوقفا عندهم، راحوا يهرفون بما لا يعرفون، ويقولون:لبنان ليس دولة دينية. صحيح هذا الكلام، لكنه ليس جوابا على المسألة المطروحة، وهي أن الدستور اللبناني فرض على الدولة احترام المعتقدات النابعة من الدين، وأن ما يدعون إليه يناقض الدين والدستور كليهما، فهو إذا معصية أمام الخالق وخرق لأحكام الدستور في آن معا”.
وقال:” ثم إن بعضا آخر، لا سيما في القطاع الإعلامي المتمرمر من ذودي عن العيش الواحد ومنافحتي عن القيم الجامعة، وصفني بالمرشد الأخلاقي، وفي حسبانه أنه بذلك يغيظني. هذا الوصف يذكر بذلك الناقد الذي أراد أن يعيب على رشيد سليم الخوري شعره، فوصفه بالشاعر القروي، فتلقف هذا الأخير اللقب، واتشح به رضاء وطواعية، حتى غلب على اسمه الأصلي. إني على هذا المذهب أقول لهؤلاء المتمرمرين: نعم ما أطلقتم علي، فإن أكرم ما يحظى به ابن آدم في هذه النشأة الأولى، أن ينسب أمره دوما إلى الأخلاق”.
وتابع:”على مدى سنتين من عمر هذه الحكومة، كانت وزارة الثقافة، على الرغم من ضيق ميزانيتها، موجودة وسع الأرض اللبنانية في الحضور الفاعل على مستوى المشروع الثقافي ذي الجناحين: ضمان حرية الإبداع وحفظ التراث بعناصره المادية والمعنوية كافة، كما على مستوى الندوات الثقافية، والأعمال الموسيقية، والمعارض والفنون على تنوعها وإحياء الأعياد الوطنية الجامعة لا سيما عيدي البشارة والميلاد. ولقد أردنا بهذا أن نستمر في الشهادة لمعنى الوطن اللبناني، كفضاء حر تتفاعل فيه الثقافات المتنوعة، من غير أن تلغي الواحدة الأخرى، وكميدان لممارسة الحريات العامة وعلى رأسها حرية الرأي وحرية التعبير عنه. فلبنان صيغة متآلفة من موقع جغرافي وثراء اجتماعي، جعلت منه نطاقا إنسانيا لعيش المعية والحوار البناء. علينا أن نحافظ عليه، وعلى مظاهر سيادته المتمثلة بأمور عديدة، منها الخصوصيات الثقافية التي تتألق فيه، والتي تأبى أن تسلم أمرها بالكلية، من دون تفاعل أو تبادل، لسيادات ثقافات أجنبية لا يدين بها كثير من أهلها في مواطنهم هناك. ومنها مبدأ الحوار الذي ينبغي له أن يكون سيد الحياة الوطنية”.
واضاف:”في إزاء الثلاثية الماسية: الشعب والجيش والمقاومة، التي حققت من الإنجاز ما سيحفظه مجد التاريخ ولو تناساه بعض المغرضين، يحسن بي أن أعلن ثلاثية أخرى ثقافية هي: الحرية والقيم والحوار. فإننا إذا أخذناها مجتمعة لواجدون فيها مخارج كثيرة لأزمات كثيرة إذا إحتكم جميع اللبنانيين الى الوعي وصفت النيات. أنا مجرد قاض حرص على الدوام ألا يستميله إغراء وألا يزدهيه إطراء، وألا يخشى في الحق لومة لائم، واذ به وهو على هذه الحال، تلقى على كاهله امانة وزارة الثقافة بقرار من نبيه هذا الوطن تأيد بموافقة عليه من سيد المقاومة بأن أكون الممثل للثنائي الوطني…فشرعت في وظيفتي الوزارية والحكومية، واضعا نصب عيني بأن أكون على قدر ثقة هذا الثنائي الأبي الوطني البهي ساعيا الى تحقيق تطلعاته ثابتا على أن أبقى على الدوام وفيا للشهداء وجلهم كان بمستطاعه أن يكون في مركز النواب والوزراء لكنهم اختاروا دربا آخر قدموا فيها حياتهم على مذبح التحرير والعزة ومضوا لتبقى لنا هذه الأرض وليحيا فيها كل اللبنانيين أحرارا أعزاء”.
وختم:” الشكر والتكريم يقتضي أن يكون للنبيه الذي اختار وللسيد الأمين الذي بارك الإختيار، ووعدي لهما ولكم بأن أستمر على قدر الثقة والأمانة ثابتا في خط حفظ عيش المعية وصون القيم والإنفتاح وبث الوعي والوفاء للمقاومة ودماء شهدائها الأبرار، شكرا جزيلا للأخوة في اللقاء الوطني الإعلامي ولسائر الأحبة منظمين ومتكلمين، الشكر الجزيل لكم أيها الحضور المثقف الراقي المؤمن مثلنا بلبنان وطن قيم وعزة وثقافة وعي وعيش معية، وطنا نقيضا على كل المستويات للعنصرية الصهيونية، اللهم أنت أعلم مني بنفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون… ووفقنا جميعا لما تحبه وترضاه وفيه خلاص لوطننا الحبيب لبنان …. اللهم آمين”.