إذا أردت أن تعرف ماذا يجري بين “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر”، فما عليك إلا أن تقرأ وتواكب الحملات التصعيدية بين التيارين البرتقالي والأزرق، والتي انفجرت بشكل صاروخي في الأيام الأخيرة على خلفيات التأليف. لكنّ المسألة تتخطى ذلك، فهي “مش رمانة” بل “قلوب مليانة” في سياق عملية تصفية الحسابات بين الرئيس المكلف سعد الحريري والنائب جبران باسيل، والواضح ان ليس ثمة ما يشي بالتهدئة أو تأليف حكومة جديدة لأكثر من اعتبار محلي وإقليمي ودولي.
وفي ما يتعلّق بهذه الحملات بين “المستقبل” والتيار الوطني الحر”، تقول عضو كتلة “المستقبل” النائب رلى الطبش لـ”النهار”، إنّ الرئيس الحريري “قام بواجبه الدستوري وفق الأطر المتّبعة وعلى أكمل وجه، عندما قدّم مسودة حكومية من روحية المبادرة الفرنسية وكما نصت عليه، أي وزراء مستقلون واختصاصيون، وهذا مطلب الغالبية الساحقة من اللبنانيين، ولكن ثمة من يسعى إلى دفع الرئيس الحريري للاعتذار، وتحديداً التيار الوطني الحر، وهو ما نلمسه من نوابه وقيادييه والمغردين، وجميعهم يحاولون ارتداء الثوب الطوباوي متحدثين عن الدستور وسوى ذلك من الشعارات الطنانة الرنانة، إلا أنّ ما يجري هو مسرحية هزلية يدفع ثمنها المواطن والبلد”.
أما من يتحمل المسؤولية حيال عدم تأليف حكومة وما آلت إليه الأوضاع، فتضيف النائب الطبش أنّ “كل الطبقة السياسية، وتحديداً من يعرقل، تتحمل المسؤولية، وتالياً انّ حزب الله مسؤول عن هذا التعطيل في ظل الصمت المريب، وباعتقادي هناك توزيع أدوار لا يحتاج إلى اجتهاد بين الحزب والتيار، فنراهما تارةً يطالبان بالثلث المعطل وأحياناً بحكومة سياسية وسوى ذلك من الفذلكات، ساعين إلى بقاء البلد في ظل هذا الفراغ المدوي وسط أزمات اقتصادية واجتماعية ومعيشية، ونحن نجهد لخروج لبنان من كبواته وأزماته عبر حكومة تتشكل كما نصت المبادرة الفرنسية، والمجتمع الدولي والدول المانحة تنتظر هذه الحكومة، ولكن “على من تقرأ مزاميرك يا داود”، فهذه الجوقة التعطيلية سبق وشاهدنا مآثرها في محطات سابقة. ألم يعطّل التيار الوطني الحر تأليف الحكومات كرمى لعيون الصهر؟ وكم بقينا من دون رئيس للجمهورية ليصل العماد ميشال عون إلى بعبدا؟! فحزب الله هو من يدير اللعبة والدفة السياسية، ولا يخفى على أحد ان ثمة إملاءات إقليمية وتحديداً من إيران، وذلك ما ظهر جلياً من خلال مواقف المسؤولين الإيرانيين، وكل هذه العناوين المشار إليها تصب في خانة التعطيل وفرملة التأليف”.
وهل ترى أنّ هناك صراعاً أو معادلة “حريرية ـ باسيلية” تبقي البلد من دون حكومة، تشير الطبش إلى أنّ النائب جبران باسيل “يتسم في أدائه السياسي بالجشع والأحقاد، وهذا ما مارسه مع كل المرجعيات والزعامات السياسية والروحية، واليوم بعد العقوبات الأميركية التي طاولته وابتعاد رئاسة الجمهورية عنه نراه يزداد شراسةً وحقداً معتمداً أسلوب “عليّ وعلى أعدائي يا رب”، ومن الطبيعي ان ثمة تصفية حسابات يقوم بها باسيل، وهذا أمر لا لبس فيه من خلال دوره في إدارة اللعبة أكان على مستوى قصر بعبدا أو من موقعه كرئيس للتيار، وكما أشرت بـ “قبة باط” من قبل حزب الله في إطار المناورة السياسية بينهما، ولكن أمام هذه المعضلات والعراقيل فإنّ الرئيس الحريري مستمر في مهمته ودوره الوطني ولن ينصاع للضغوط، وقد يكون حاملاً بعد عودته إشارات إيجابية للتأليف وفق الصيغة التي رفعها إلى رئيس الجمهورية، أي 18 وزيراً، مع الإشارة إلى أنّ الرئيس عون وحزب الله وحلفاءهما يصران على حكومة سياسية من عشرين وزيراً لتمثيل حلفائهما، وهذا خروج عن مبادئ المبادرة الفرنسية والالتزام بها، إنّما هناك جوقة تمتد من بعبدا ومستشاريها وتيارها تصب برمتها في خانة المزيد من فرض الشروط واختراع الفتاوى، واليافطة عنوانها التعطيل لأنّنا اليوم نجتاز مرحلة مفصلية على المستويين الإقليمي والدولي، وحزب الله يسعى الى حكومة تحمي سلاحه ومشروعه، وهذا ما تريده إيران والبلد يدفع الفواتير السياسية والاقتصادية، وما زلنا نعالج آثار الزلزال الكبير الذي أصاب المرفأ وبيروت الحبيبة، فمن غير المعقول وحيال هذه الأجواء التي نعيشها أن نتجاهل الناس وظروفهم الصعبة والقاسية”.
وحول انعكاس قمة العلا الخليجية على لبنان، تؤكد الطبش أنّ “المملكة العربية السعودية ودول الخليج هي رئة لبنان الاقتصادية، وثمة روابط تاريخية تجمعنا بالرياض ودول الخليج ولن ننسى دعمهم لنا، وأرى أنّ نتائج هذه القمة والمصالحة التي حصلت ستكون لها ارتدادات إيجابية على مسار الأوضاع في لبنان، وخصوصاً بعد مصالحة قطر والمملكة، فالدم “ما بيصير مي”، وهذه الأجواء ستحمل الكثير من المؤشرات المريحة للخليج والعرب ولبنان”.