وجه مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان رسالة لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، جاء فيها: “الحمد لله الذي أكمل لنا الدين ومنّ على المؤمنين بسيد الأولين والآخرين، فأخرج به الناس من الظلمات إلى نور الحق المبين، وصلى الله على سيدنا محمد عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه نبي الرحمة وامام الهدى، من رفع الله ذكره، وشرح صدره، ووضع عنه وزره، وقرن اسمه باسمه فإذا ذكر الله ذكر معه، وضم الاله اسم النبي الى اسمه …اذا قال الخمس المؤذن اشهد وشق له من اسمه ليجله -.. فذو العرش محمود وهذا محمد، أرسله الله رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، صلاة الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وذريته، ومن تبعه ووالاه واستن بسنته واهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين”.
وأضاف: “محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، إنها الشخصية التي صاغتها يد الحكيم العليم بكل عنايتها واصطفائها وحبها، لتكون صورة الكمال الإنساني الأمثل، ولتكون الرحمة العظمى للعالمين في واقع مشهود، تبصره العيون، وتسمعه الآذان، وتقر له العقول، وتطمئن إليه القلوب. وإن اهتمام المسلمين بالنبي محمد ﷺ هو فرع عن الايمان به، وتصديق نبوته، فاذا وجب الايمان به وتصديقه وجبت طاعته ومحبته وتوقيره ونصرته، والسير على نهجه واتباع سنته ﷺ. سيدنا رسول الله ﷺ هو الرحمة المهداة والنعمة المسداه أرسل رحمة لجميع العالمين أرسل للناس كافة على اختلاف أجناسهم وألوانهم وشعوبهم وقبائلهم.
قال الله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (107) الأنبياء) فهو الرحمة المهداة للعالمين، والنعمة المسداة، والسراج المنير قال ابن عباس في تفسير الاية: كان محمد صلى الله عليه وسلم رحمة لجميع الناس، فمن تبعه كان له رحمة في الدنيا والاخرة ومن لم يتبعه عوفي مما كان يبتلى به سائر الامم من الخسف والمسخ والقذف. فلم يكن صلى الله عليه وسلم رحمة للمسلمين او العرب فقط، بل كان رحمة الله للعالمين، فالرحمة خلق عظيم، ووصف كريم، اوتيه السعداء وحرمه الاشقياء. ونحن مأمورون بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم باقواله والانصياع لاوامره وافعاله، ولو شاء الله تعالى لاكتفى بإنزال القرآن وحده، ولكن حكمة الله تعالى اقتضت ان ينزل كتابه على خير خلقه ليكون مثالا يحتذى واسوة يقتدى قال تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا (21)) الأحزاب “.
وتابع: ” فالنبي ﷺ هو الأسوة والقدوة والنموذج للمؤمنين الخلص لذلك لن تصلح تربية او دعوة الا اذا اعتمدت على الاسوة الحسنة والقدوة الصالحة التي تتجلى باسمى آياتها في الرسول ﷺ فمن المهم جدا ان نعيش في رحاب سيرته العطرة وسنته الشريفة واخلاقه السامية وخصاله الجليلة ونهتدى بهديها ونتخلق باخلاقها العظيمة فنجعلها اساسا للتربية ورسالة للاصلاح حتى نستطيع التصدي لمخاطر الانحلال الفكري والخلقي والثقافي والسياسي و الإجتماعي الذي يعصف بمجتمعاتنا. فالمجتمع الإنساني لا نور له، ولا رحمة فيه اذا تجرد عن المبادئ والاخلاق والقيم التي تدعو الى الخير وتحث على الفضيلة واحترام كرامة الانسان وحريته وحقوقه وصيانة دمه وماله، وعرضه، وعقله، ونسله، بوصفه انسانا وعضوا في مجتمع متنوع الأطياف والمذاهب، يفتخر بانه يتمسك بالقيم الدينية والانسانية والروحية النبيلة”.
وقال: “ونحن في هذه المناسبة الإيمانية نجدد العهد مع النبي ﷺ انه القدوة والأسوة الحسنة لنا في كل مرافق حياتنا مصداقا لقول الله تعالى ({ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا (21)) الأحزاب. فهذه الأسوة الحسنة إنما يسلكها ويوفق لها من كان يرجو الله واليوم الآخر، فان ما يتلبس به من الإيمان وخوف الله ، ورجاء ثوابه، وخوف عقابه، يحثه على التأسي بالرسول الأعظم ﷺ ، وهذا الاقتداء برسول الله ﷺ وإتباعه دليل على محبة العبد ربه، وسينال العبد محبة الله له، وفي هذا يقول الله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله (آل عمران/ 31). فالآية الكريمة قد بينت أن أول علامات محبة العبد لربه ، هى إتباع رسوله ﷺ وأن هذا الإتباع يؤدي إلى محبة الله – تعالى – لهذا العبد وإلى مغفرة ذنوبه. ومحبة الله لعبده هي منتهى الأماني، وغاية الآمال، ولذا قال بعضهم: ومحبة الله إنما تتأتى بإخلاص العبادة والوقوف عند حدوده والاستجابة لتعاليم رسوله محمد ﷺ وكل من يدعي أنه محب لله وهو معرض عن أوامره ونواهيه فهو كاذب في دعواه”.
وأضاف: “ذكرى مولد رسول الله عليه الصلاة والسلام محفورة في القلوب، احتفلنا بها أم لم نحتفل، نتطلع إليها فنتذكر سيدنا وإمامنا وقائدنا وقدوتنا، الذي أمرنا الله بمحبته، وأوجب علينا طاعته، تذرف الدموع لذكراه، وتخشع القلوب لسيرته، تتطلع النفوس للقياه، وتتذكره في هديه و سنته. اللهم اجعلنا على منهجه وطريقته وأكرمنا بشفاعته صلى الله عليه وسلم إنك أنت السميع العليم “.