أكد النائب ابراهيم كنعان أن “المطلوب رؤية انقاذية مالياً واقتصادياً ووطنياً، وحرام التقاتل على السلطة وجنس الملائكة، والحاجة هي الى حل، يجسده من يتمتع بالمواصفات وقادر على خوض غمار المواجهة في المرحلة المقبلة”.
وقال ضمن مقابلة في برنامج “عالوتر” عبر “صوت بيروت انترناشونال”، ردا عما إذا كان انتهى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي: “التفاوض مستمر. وحتى لا ندخل في ما يقوله بعض المنجمين، فالرد أتى من خلال ما أعلنه وفد صندوق النقد الدولي شخصياً، بعد لقاءاته الأخيرة في لبنان، بأن الاتفاق مستمر، وأن هناك اصلاحات أقرّت وأخرى لم تنته بعد وبحاجة الى الاستكمال”.
وتحدّث عن “التقصير من قبل الحكومة التي لم ترسل بعد مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف الى مجلس النواب” وانتقد مشروعها لموازنة 2023 “واستمرار الاتفاق من سوء حظ بعض من يمتهنون النعي و”تهبيط الحيطان” كلّما طرح أحد فكرة تختلف عما يطرحونه هم، لا سيما عندما نتطرّق لمعالجة قضية الودائع”.
وقال كنعان: “خطة حكومة الرئيس حسان دياب تطرّقت الى الودائع، وتحدثت عن صندوق لاسترجاع الودائع من دون عملنة ومضمون واقعي أو جدي، كما أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي طرحت نفس الخطة مع بعض التعديلات، وتحدثت عن صندوق هو بمثابة “صندوق فرجة”. من هنا، فالحكومتان لم تطرحا جدّياً مسألة الودائع، ولم تجريا تدقيقاً خارجيا” محايداً في أصول وموجودات المصارف والدولة، واقتصرت المسألة على بيع الناس حكي طوال اربع سنوات على الانهيار. وعندما أردنا طرح الأمور على الطاولة “طلعت الصرخة”.
وسئل عمن قصد بـ”المنجمين والأصوات الخافتة؟”، فقال: ” إنهم الاشخاص أنفسهم الذين تقوم قيامتهم عندما نقول لهم لا يمكن الاستمرار بالسياسة نفسها وبالأفكار غير العملية ولا الجدّية، بعدما ذاب ثلث الودائع. وقد كنا منذ العام 2010 جريئين في لجنة المال والموازنة وسباقين في ما قمنا به، “وما في مجنون عمل يلي عملته” ودخل الى حسابات الدولة وعقد 54 جلسة استماع الى وزارة المال، وقام بتدقيق برلماني سبق التدقيق الجنائي واوصل الى 27 مليار دولار من الأموال المفقودة. وقد تم إحالة الملف من خلال وزارة المالية الى ديوان المحاسبة الذي لم يبت به حتى الآن. لذلك، نقارب الأمور بجرأة ولكن من دون وقاحة أو تجريح. واتهم الحكومات المتعاقبة منذ الانهيار بالتقصير، فأين حسابات الدولة السنوية منذ 1993حتى اليوم وأين التدقيق بموجودات المصارف والدولة بعد الإنهيار؟ وماذا فعلت الحكومات المتعاقبة؟ وكيف يمكن استعادة الثقة وبناء خطة قائمة على فكرة استيعاب الكارثة التي حصلت وحلّ قضية المودعين، واعادة هيكلة المصارف واستعادة الثقة بالقطاع المصرفي والاقتصاد في لبنان؟ فلا يمكن الاختباء وراء عقد لم يوقّع مع الشركة المولجة بالتدقيق بحجة عدم توافر 6 ملايين دولار، بينما صرفت الحكومة مليار و125 مليون دولار من حقوق السحب. وهذا يعني عدم وجود رغبة لا عدم توافر التمويل. فهناك ارادة غائبة عن حل مشكلة الودائع بشكل عادل”.
ورداً على سؤال عمن سرق اللبناينين وأين أصبحت الودائع؟ قال كنعان: “كل الحكومات المتعاقبة مع السياسة المصرفية التي كانت سائدة من مصرف لبنان الى المصارف. الدولة هدرت وقد دققنا وأعلنا بشكل مفصّل عن مكامن هدرها ووثقنا كل الحقائق بكتاب والمصارف وحتى المؤسسات الدولية أدانوا بشكل سنوي دولة مفلسة، واعترضنا على ذلك في لجنة المال والموازنة منذ العام 2010 ، وأصدرنا 39 توصية لم تحترم. واستمر نظام الاستدانة من دون سقف، من الخارج من خلال اليوروبوند، ومن الداخل من خلال المصارف واحتياطي مصرف لبنان، ما اوصل الى الانهيار”.
أضاف: “قانونا، الأموال لم تضع طالما لم يعلن إفلاس المصارف. وبالتالي، بالقانون، لا تزال الودائع موجودة ولكنها ماديا بحاجة لتوزيع التزاماتها على المسؤولين عن الإنهيار عنيت الدولة ومصرف لبنان والمصارف. ولكن، لإعادة التأكد من الإمكانيات ومما طرح في خطط الحكومتين، فالتدقيق مطلوب، على غرار ما يحصل في أي حالة مشابهة وحتى في “دكان” انتكس أو افلس. فهل يعقل أن دولة عاجزة عن ذلك؟. الغلطة الأولى كانت في آذار 2020 عند التوقف غير المنظم عن الدفع في ما خص سندات اليوروبوند، بدل إعادة هيكلة الدين، ما أدخلنا بمسيرة إفلاسية بمئة مليار دولار. والخطأ الثاني، وبدل معالجة هذا الواقع وفق الامكانات المتاحة، وإعادة هيكلة الدين والمصارف، فهناك إستسهال شطب الودائع كمن يريد السير عليهم كما على جثث اللبنانيين خلال الحرب. والمطلوب من الدولة والمصارف الالتزام بحل محدد زمنياً، بدل التهويل على اللبنانيين والمودعين والحديث عن تعطيل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي كلما طالبنا بحلول عملية”.
وأشار الى أن “أموال المصارف يحدد الرقم الصحيح فيها بعد التدقيق بالحسابات والموجودات، فلماذا لم تتوافر الإرادة لإجراء ذلك بعد 4 سنوات على الانهيار؟ لاسيما أنه لا يمكن الإستناد الى التدقيق الذي أجرته المصارف، لأنها جزء من المشكلة”.
بالنسبة الى العلاقة مع “القوات اللبنانية” وهل يمكن توقيع تفاهم جديد على غرار “اوعى خيك”، قال كنعان: “النظرة التي دفعتني للعمل على التفاهم مع القوات في العام 2016 كانت نظرة استراتيجية وليست عملية محاصصة. فقد عملت على اعلان النيات القائم على مسلمات ومبادىء وطنية بالسياسة قبل إعلان معراب. وانا مؤمن بضرورة وجود استراتيجية مسيحية لا تعزلهم عن واقعهم الوطني، بل تكون الحافز للشراكة الوطنية الاسلامية المسيحية. وما قمنا به في العام 2016 قابل لأن يشكل مستقبلاً رافعة جديدة، وهو يحتاج الى استعادة ثقة فقدت بفعل الممارسة المواقف المتباعدة. وبرأيي، التفاهم لا بد منه، ويمكن العودة الى المسلمات الوطنية، وأن تكون هناك تجارب جديدة مستقبلاً”.
ورداً على سؤال “متى يتفق المسيحيون على مرشح لرئاسة الجمهورية”، أجاب: “من الضروري أن يكون المسيحيون متفقين على ملفات أساسية، رئاسة الجمهورية من بينها، في ظل نظام طائفي. ومن أضعف الايمان ان يكون للمسيحيين رأي موحد في هذه الملفات الأساسية، ولا يكون رأياً يفرض على الآخرين، بل لا يمكن تجاوزه بالتفاوض الذي يجب ان يحصل مع الشريك في الوطن”.
وهل عادت حظوظه لرئاسة الجمهورية؟ قال كنعان: “هذه المسألة برزت من خلال اللائحة التي أعدتها بكركي والكنيسة المارونية وعرضتها على الأحزاب المسيحية. وقد وُضعت تسميتي من ضمن لائحة أسماء متداولة. وقد شكرت غبطة البطريرك الراعي في حينه على الثقة ووضعت التسمية في أول اجتماع تكتل لتكتل لبنان القوي عقد برئاسة النائب جبران باسيل، بتصرف التكتل وقلت أنني لا اطلب شيئاً، لا دعما سياسياً ولا انتخابياً، إنما فلنكن حرصاء على كرامة بعضنا . واعتبر أن الأهم من الشخص امكاناته وإرادة الأطراف السياسية التعاون معه للإنقاذ، ليتحدد في ضوئها اذا كان رجل المرحلة أو لا. فلبنان بحاجة الى الانقاذ والى مواصفات معينة، وحيثية مسيحية، وشراكة مع القوى الأخرى. ما يتطلب بالتالي الحد الادنى من الامكانات، ان في المعادلة السياسية، وإن لجهة الأولويات، ومن أهمها الملف المالي والاقتصادي الذي يتطلب رؤية، ولا يجوز أن تبتعد غالبية المرشحين عن طرح حلّ للأزمة. فالرئيس لا ينتخب على أساس شبوبيته او عجزه إذ إن البعض يريد رئيساً لا يفعل إلا ما يطلب منه. بينما الحاجة لرئيس صاحب رؤية مستقبلية ومطلع على الملفات، وان يكون مقبولاً من القوى السياسية. وانا مع كل من يطرح طرحا مماثلا”.
ورداً على سؤال “هل يفضّل ابراهيم كنعان أن يبتعد عن الشر ويغني له”؟ أجاب: “يا ليتني أعرف أن أقوم بذلك، فبطبيعتي أواجه الشرّ”.
وهل ذكر اسمه كمرشح رئاسي “توريطة”؟، فقال: “من يعتبر المسؤولية توريطة يجب ألا يتعاطى الشأن العام. فعلى النائب أو الوزير أو الرئيس أن يكون مسؤولاً عن الناس ويواجه، وهذا ما قمت به في الملفات التي حملتها وأحملها، من التدقيق البرلماني، الى التدقيق في وظائف الدولة وغيرها من الملفات. ومن يعتبر أن المسؤولية هي تشريف ووجاهة ومصلحة شخصية، فيجب أن يكون مسؤولاً عن شركة خاصة لا في موقع المسؤولية في الشأن العام. فالمسؤولية تتطلب المثابرة والشجاعة وقد يدفع الانسان جراءها ثمناً يجب ان يكون مستعداً لدفعه”.
وقال ردا على سؤال عما إذا كانت سقطت ورقة سليمان فرنجية وعن قائد الجيش: “لست محللاً سياسياً، لكنني رجل موقف، ولا أرى جدية حتى الساعة في كل الملف الرئاسي. هناك تفاوض يحصل على صعيد مشاريع منها اللامركزية والصندوق الائتماني، وهناك كلام كثير، وقبل اتضاح الصورة، لن أدخل في أي اسم. فالمطلوب رؤية انقاذية مالياً واقتصادياً ووطنياً، وحرام التقاتل على جنس الملائكة، فالمطلوب حل، يجسده من يتمتع بالمواصفات وقادر على خوض غمار المواجهة في المرحلة المقبلة”.