احتفل نادي علمات الثقافي والرياضي بعيد تأسيسه الستين مكرّمًا مؤسسيه ورجالاته المتوفين برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المُرتَضى ممثلًا بالكاتب والاعلامي روني ألفا وبحضور فاعليات نيابية وحشد من رجال الدين المسيحيين والمسلمين وممثلين عن حركة أمل وحزب الله والحزب القومي السوري الاجتماعي إضافة الى فاعليات ادبية وبلدية واختيارية في محيط البلدة. وتناوب على الحديث كل من رئيس البلدية محمد عواد ورئيس المجلس الثقافي في بلاد جبيل توفيق صفير إضافة إلى إسهامات شعرية ومعزوفات موسيقية كما تمّ توزيع شهادات تقدير في نهاية الاحتفال الى ذوي وأقارب المُكَرّمين.
ومما قال ألفا: ” التحية الى التاريخ المقاوم لعلمات. الذي واجه الغزاة والسلطنات وجشع المتهالِكينَ على قمحَ كرامة هذه البلدة وعزَّةِ معجنِها، علمات التي يكفيها فخرًا أنها بنت السنديانات العتاق تأصَّلَت من ثبات أغصانِها وتثبَّتَت من ثباتِ جذوعِها فوقفت في وجه الريح وقفةً باسِقَةً جذورها في الأرض وفروعُها ابتهالٌ لمجد السماوات، وليس غريبًا على علمات حبُّها للسنديانة وهي التي تحيي عيدَها الأيلوليَّ وتتجوّلُ مع خوابي الذاكرة بين سنديانة معمِّرة الى أخرى في دلالة أن علمات سنديانة القرى والبلدات في جبيل تتعانق فيها قيم المحبة والسلم الأعلى والعيش الواحد انما على قواعد الشرف والعزة والكرامة ومبادئ المقاومة والحرية”.
وتابع: ” من هذا العبقِ المعطَّرِ بالشرف والمضمَّخِ بدماء الشهداء أحملُ إليكم جميعًا تحية وزارة الثقافة التي تحوّلت بهمّة وزيرها الراعي لهذا الاحتفال القاضي محمد وسام المُرتَضى الى وزارة سيادية بامتياز ولعل الفضل يعود لمعالي الوزير في إلغاء الهرطقة التي كانت تميز بين وزارة سيادية وأخرى ثانوية وما المعركة الشرسة التي حملتها الوزارة بشخص وزيرها ضد موبقات الشذوذ واهل الشذوذ سوى دليلٍ ساطعٍ ان السيادة تبدأ بالسيادة على الغريزة والرذيلة والانحراف وان لبنان كوطن ونظام ودولة وشعب وثقافة واستقرار معني بالانخراط في معركة الحفاظ على نفسه قيمةً اخلاقية في المشرق العربي والعالم”.
وأكد ألفا ” أننا امام حربٍ باتت منكشفة ومكشوفة لاعبوها ليسوا محليين بل دوليين ودولٍ عميقة تبدأ من الصهيونية العالمية ثم تتدحرجُ نحو بعض جمعيات المجتمع المدني لا يد جمعيات المجتمع الوثني والهدف هو ضرب آخر معاقل الصمود والتماسك الاجتماعي اللبناني وهو تماسك الأسرة.”
وأردف: ” بضرب الأسرة تنحلُّ روابطُ التعاون والتضامن بين أفرادِها وتتفجَّرُ الجندريَّةُ الى جندريات والذكورة الى انوثة والانوثة الى ذكورة وتخرجُ الموبقاتُ من الجدران المعزولة الى الشوارع المفتوحة ويصبحُ الاستثناء قاعدةً والمحظور مباحًا وكل ذلك أمام أنظارِنا وأعيننا وفي ظل انكشاف بلدنا وانهيار كل منظومة قيمه وتقاليده التي شكّلت عبر التاريخ هويته المجتمعية.”
واستشهد ألفا بالرحابنة قائلًا: “يقول الرحابنة ايها الاخوة انه اذا مات الملك يرثه ملك آخر ولكن اذا مات الوطن فمن أين نأتي بوطنٍ آخر؟ ان ما تقوم به وزارة الثقافة في هذه الأزمنة الصعبة هو منع قيام وطن لقيط مكان الوطن الأصيل لأننا اذا فقدنا الأصيل وفُرِضَ علينا اللقيط صرنا لقطاءَ جميعًا نتسوّلُ وطنًا وهوية سُلِبَتا مِنّا وما عدنا قادِرين على استردادِهِما بكل ذهب العالَم”.
وأضاف: ” نمرُّ في عين العاصفة والكلام الى كل اللبنانيين . عاصفة هبوبُها من ريحٍ عاتيةٍ رعودُها وبروقُها من أسلِحة فتّاكة جديدة تتمثل بضرب الاستقرار من داخل المجتمع. قلاقل وفِتَن ومكائد وافتعال أحداث وكمائن وبث الأحقاد الطائفية وخلق متاريس وهمية بين الطوائف لخلق عداوة الأديان تمهيدًا لإعلان نهاية حوار الثقافات وبداية صراع الحضارات المدمّر الذي سينهي التاريخ ويعلن بداية تاريخ جديد سيكون فيه الباغي سيدًا على الأرض ونحن كما تعلمون أهل الانتظار، أهل المهديُّ المنتظرُ وأهل المجيء الثاني مسيحيين ومسلمين تلتهبُ أشواقُنا بحرارة الايمان ويحدونا الأمل يتحقق العدل والقسطاس بمجيئهما ولهذا السبب بالذات يتمّ تدميرُ قلاعِنا الايمانية والفكرية والسياسية.”
وأشار إلى أن ” دعوة وزارة الثقافة تتمحور حول ضرورة ان يعي أصحاب الرؤوس الحامية خطورة هذا الصراع المفصلي في لبنان لان للبنان بوابة اساسية تريد الأفعى الدخول عبرها ولدغِ الواقفين المتناوبين على حماية البوابة من شعب وجيش ومقاومة علّها بذلك تنقل لبنان من مقاومة المشروع الصهيوني الى التطبيع معه فتشجع بعض الداخل على طروحات التفتيت بعبارات منمّقة ودقيقة كالساعات السويسرية عقاربُها فدرالية وشكلُها كما قبور الفريسيين برّاقة من الخارج ونتنة من الداخل.”
وختم ألفا قائلًا : ” كم جميلٌ تكريم الراحلين، رحالُهُم
زوادةُ الذاكرةِ، آثارُهُم تُقتَفى وانجازاتُهُم قُدوَة وكَم نفخرُ بنادي علمات وجوارها وبالمجلس الثقافي لبلاد جبيل بتكريم الراحلين لأنهم ملحُ الأرض ونحن بحبِّنا للأرض نحبُّ من فوقها ومن في حضنها، وهؤلاء تحديدًا هم الرابِط الذي يجعلنا نحب التراب نحن التراب الراجل المتعانق مع التراب الراحل وبين الراجل والراحل عروة وُثقى تؤسس للمجتمع وتحميه فهنيئًا للنادي بمؤسسيه وبكل من عمّر فيه حجرًا ومن ساند فيه بشرًا”