كتبت صحيفة “النهار” تقول:
بدا مثيراً للاهتمام ما كشفه كبير المستشارين لشؤون الطاقة في الإدارة الأميركية آموس هوكشتاين لدى مغادرته لبنان من طلب السلطات اللبنانية الوساطة الأميركية لتثبيت الحدود البرية بناءً على النجاح الذي تحقق في ترسيم الحدود البحرية وانطلاق أعمال التنقيب في الوقت الذي تزامنت فيه زيارته للبنان مع مواجهة ديبلوماسية خاضها لبنان في موضوع التمديد للقوة الدولية العاملة في الجنوب بغية التخفيف من تحركاتها المستقلة. المسألة بشقين أساسيين: الأول أن لبنان الرسمي راهناً الذي يقف وراءه “حزب الله” في شكل أساسي والذي بات يعتمد على الوساطة الأميركية يعبّر عن أن هناك فرصة للديبلوماسية (بخطين تحت هذه الكلمة) من أجل إعادة تثبيت الحدود اللبنانية وتالياً تقليل فرص الحرب مع إسرائيل على قاعدة تفكيك النزاع الحدودي. وقد يرى البعض الأمر بديهياً انطلاقاً من أن الخطوة الأكبر مع إسرائيل حصلت في الترسيم البحري وفيما الحزب أعلن مراراً في الآونة الأخيرة أن التنقيب عن الغاز في البحر هو الوسيلة الوحيدة التي تتمتع بالصدقية من أجل إنهاء أزمة لبنان الاقتصادية الخانقة ويعزو الفضل إليه في الوصول الى ذلك. وهذا الكلام قد يحتمل أكثر من تفسير من بينها أنه يرغب في أن يكون أحد أبرز منقذي لبنان من أزمته كما قد يكون تخفيفاً من الضغوط الداخلية والخارجية من أجل البدء بتنفيذ الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي الذي يناهضه الحزب وسواه لكونه يقلل من فرص وقدرة القوى السياسية على التحكم بمقدرات البلد. ولكن الخيار المتمثل بالرهان على التنقيب البحري يعني كذلك تضاؤل أو حتى التراجع القسري والطوعي لفرص التصعيد العسكري مع إسرائيل على رغم التهديدات العالية السقف من الحزب كما من إسرائيل. والتصعيد العسكري بهذا المعنى يشمل البحر كما البر لأن انطلاق أي تصعيد جدي من شأنه أن يدفع الى هرب الشركات التي تنقب عن الغاز وفقدان لبنان فرصته مهما تكن الأضرار التي يمكن أن تلحق بإسرائيل. وكل من الجانبين جهد في التخفيف من وطأة التوترات خلال الأشهر الأخيرة لإدراك كل منهما مخاطر الذهاب الى خيارات خاطئة فيما يبقى الخطاب التهديدي من موجبات الاستهلاك السياسي. الشق الثاني يرتبط بواقع أن لبنان يطمح الى إقفال أبواب الحرب المحتملة مع إسرائيل والعودة الى اتفاق الهدنة بعد تثبيت حدوده البرّية وإنهاء إسرائيل انسحابها من النقاط التي لا تزال تحتلها في لبنان تبعاً للخط الأزرق الذي رُسم في عام 2000.
ترك هوكشتاين الاحتمال معلقاً حول نجاح انطلاق الوساطة حول الحدود البرية بقوله في المطار “والآن بعدما تمكنا من تحقيق الاتفاق (البحري) منذ عدة أشهر رأينا أن ما تم تطبيقه حصل بسلاسة، فبذلك نستطيع أن نبحث ما بقي من الإطار الذي طرحته الحكومة اللبنانية. وجئت الى هنا لاستمع الى آراء القادة اللبنانيين وزرت الجنوب لأرى بعيني الخط الأزرق والمناطق المحيطة وأفهم وأدرك المزيد عما نحن بحاجة إليه لكي نستطيع أن نحقق النتيجة. وحان الوقت الآن لأن أسمع من “الجهة الأخرى” آراءها وأقوم بالتقييم، وإن كان هو الوقت المناسب وإن كانت لدينا نافذة للفرص لكي نحقق ذلك، مع الأخذ في الاعتبار أن أميركا تدعم دائماً سياسة السلام والاستقرار، وهذا بالتأكيد يفيد لبنان”.