أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة، في مقر المجلس، والقى خطبة الجمعة التي قال فيها:
“قال الله تعالى في سورة إبراهيم: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ * يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ).
ورد في بعض الروايات في المراد من الكلمة الطيبة، وفي الكافي بإسناده عن عمرو بن حريث قال: ” سألت أبا عبد الله ع عن قول الله كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، قال: فقال رسول الله (ص) أصلها وأمير المؤمنين فرعها والأئمة من ذريتهما أغصانها وعلم الأئمة ثمرتها وشيعتهم المؤمنون ورقها، قال: هل في هذا فضل؟ قلت لا والله، قال: والله ان المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها وإن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها”.
أقول والرواية مبنية على كون المراد بالكلمة الطيبة هو النبي (ص) وقد أطلقت الكلمة في كلامه على الانسان كقوله تعالى: (بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ)، وهو ما ورد في الكتاب العزيز قوله تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ).
فالكلمة هنا يراد بها عيسى بن مريم (ع)، فالكلمة هي قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
فالكلمة هي بهذه الأهمية وفي سورة البقرة آية ١٢٤ (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
وهنا استُخدمت الكلمة بمعنى القضايا التي ابتلى وامتحن الله تعالى بها إبراهيم (ع) حتى إذا بانت صفاته من الصبر والشجاعة والثبات استحق أن يكون إماماً قال “إني جاعلك للناس إماما”، لكن مناسبة التعبير عنها بالكلمات وهي جمع كلمة ان مجموع القضايا التي ابتلي بها كان الأساس فيها الاوامر الإلهية التي توجّهت اليه وامتُحن في تطبيقها والالتزام بها والاوامر كذبح ابنه اسماعيل وتركه مع أمه في أرض لا ماء فيها ولا كلاء ولا أنيس يأنسون به من البشر عبّر عنه الله تعالى بالبلاء المبين، فقال في سورة الصافات الآية ١٠٦: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ).
فبالكلمة يُختبر الإنسان، يختصر كل ذلك أبلغ تعبير عن الكلمة حوار الوليد والامام الحسين (ع) اذ قال له الوليد: نحن لا نطلب إلا كلمة فلتقل: “بايعت” واذهب بسلام لجموع الفقراء فلتقلها وانصرف يا ابن رسول الله حقناً للدماء فلتقلها.. آه ما أيسرها.. إن هي إلا كلمة، الحسين: (منتقضا) كبرت كلمة! وهل البيعة إلا كلمة؟ ما دين المرء سوى كلمة، ما شرف الرجل سوى كلمة، ما شرف الله سوى كلمة، ابن مروان: (بغلظة) فقل الكلمة واذهب عنا، الحسين: أتعرف ما معنى الكلمة…؟ مفتاح الجنة في كلمة، دخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة، الكلمة لو تعرف حرمة زاد مذخور، الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور، بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري، الكلمة فرقان بين نبي وبغي، بالكلمة تنكشف الغمة، الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة، عيسى ما كان سوى كلمة أَضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين فساروا يهدون العالم! الكلمة زلزلت الظالم، الكلمة حصن الحرية، إن الكلمة مسؤولية، إن الرجل هو الكلمة، شرف الرجل هو الكلمة، شرف الله هو الكلمة.
ابن الحكم: وإذن ؟! الحسين: لا رد لدي لمن لا يعرف ما معنى شرف الكلمة، الوليد: قد بايع كل الناس يزيدا إلا أنت.. فبايعه، الحسين: ولو وضعوا بيدي الشمس.. !
ابن مروان: فلتقتله.. اقتله بقول الله تعالى.. ابحث عن آية.. أقتله بقول رسول الله فيمن خرج عن الإجماع، الحسين: أتقتلني يا ابن الزرقاء بقولة جدي فيمن نافق؟ أتزيف في كلمات رسول الله أمامي يا أحمق، أتقتلني يا شر الخلق؟ أتؤول في كلمات الله لتجعلها سوط عذاب تشرعه فوق امرئ صدق.
المقصود من الزرقاء في النصِّ المذكور هي الزرقاء بنت موهب جدَّة مروان بن الحكم لأبيه، نعم في قوله (ع) لمروان يا ابن الزرقاء-لو صحَّ الخبر- تعريضٌ بواقع الحال الذي كانت عليه جدَّة مروان، فإنَّها كانت من ذوات الرايات التي يُستدلُّ بها على ثبوت البغاء كما ذكر ذلك إبنُ الأثير في كتابه الكامل” .
أضاف: “أيها الاخوة والاخوات، الكلمة كل هذا ما أيسرها لمن لا يعرف هذه القيم وهذا المعنى، أوامر الله كلمات، كتاب الله كلمات، النظم والقوانين لحماية البشر ومنع الفوضى كلمات، السلام بالكلمة، الالتزام بالكلمة، العفو بالكلمة، الرحمة بالكلمة، الرفق بالكلمة، الحياة كلمة، الظلم كلمة، الفوضى بالكلمة، الفتنة كلمة واشد من القتل، السلام كلمة، الحرب كلمة، ولا تنتهي الكلمات.
(قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا).
بالكلمات تستباح المحرمات، وبها تصان الحرمات، فأين نحن من الكلمات التي نطلقها على عواهنها؟ وبالكلمات نصنع الفتن بلا تحقق ولا تروٍ، والفتنة أشد من القتل لأنها تمس الكرامات والكرامة تُفتدى بها النفوس والحياة، والكلمة فرقان بين الجنة والنار، عميت عين لا تراك عليها رقيبا، ولا تحسب ليوم الحساب حسابا، الذين قوتهم اللحم الميت (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ).
في كلام لأمير المؤمنين (ع) يحذّرنا فيه من الفتن: ” أَيُّهَا النَّاسُ شُقُّوا أَمْوَاجَ الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ وَعَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ الْمُنَافَرَةِ وَضَعُوا تِيجَانَ الْمُفَاخَرَةِ أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ اسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ هَذَا مَاءٌ آجِنٌ وَلُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا وَمُجْتَنِي الثَّمَرَةِ لِغَيْرِ وَقْتِ إِينَاعِهَا كَالزَّارِعِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ.
“فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى الْمُلْكِ وَإِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا جَزِعَ مِنَ الْمَوْتِ هَيْهَاتَ بَعْدَ اللَّتَيَّا وَالَّتِي وَاللَّهِ لَابْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ بَلِ انْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لَاضْطَرَبْتُمْ اضْطِرَابَ الْأَرْشِيَةِ فِي الطَّوِيِّ الْبَعِيدَةِ”.
سلام الله عليك يا أمير المؤمنين وقد اُبتليتَ بأهل الفتن والاهواء يقولون دون علم ويخوضون الظلمات (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ).
اما الذين يجعلون رزقهم أنهم يكذبون (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)، الارتزاق باختلاق الاكاذيب والافتراءات، وما أكثر هؤلاء وهي التجارة الرائجة اليوم لعبيد الدنيا والمال، (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا).”
وأكد الخطيب “انّها حرب على القيم والاخلاق التي يشنها الشيطان وأتباعه ظناً منهم انهم الفائزون على غير حق، (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ).
اما الذين لهم الغلبة والفوز، (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، • (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)”.
وقال: “هناك حزبان، حزب الرحمن وحزب الشيطان، اما حزب الرحمن فهم المتمسكون بالقيم الملتزمون بها والمنتصرون لها، وأما حزب الشيطان فهم أصحاب الأهواء والعصبيات، العصبيات الطائفية والحزبية والعائلية والعشائرية والشخصية الذين زين لهم الشيطان أعمالهم:
(وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا).
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إنما بدء وقوع الفتن أهواء تُتَّبع، وأحكام تُبْتَدَع، يُخالَف فيها كتاب الله.”
اضاف: “ما هي مشكلة العالم اليوم الذي يفرض ثقافة العنف لتحقيق أغراضه ويستخدم كل الوسائل غير المشروعة لتحقيقها وينتهك كل الشرائع الدولية والاممية التي لم يكن توقيعه عليها وتبنّيه لها سوى خدعة يتوسل بها التضليل لتحقيق أغراضه بما فيها زرع الفتن وإشعال الحروب بين الشعوب والامم وثقافة الشذوذ والانحراف والتحلل لتفكيك المجتمعات حتى يقضي على اهم الروابط التي توحّد بين ابنائها وليتمكّن من التحكم بمصيرها ولو كان بإنهائها ليُرضي طموحاته بأنه القادر على التحكم بمصير العالم والتصرف به كما يشاء وليفرض نفسه إلهاً في هذا الكون، وانه القادر ان يفرض الثقافة التي يريد ويبدّل في قيم المجتمعات بل سنن الكون والطبيعة ويلغي التنوع البشري والنظام الغذائي ويلغي سيادة الدول ويفرض العقوبات ويتحكم في النظام الصحي والمالي والثقافي والتربوي ويجبرها على تبني اجنداته، يعطي من يشاء وهو لا يعطي الا ان يحوِّل الدول عبر أدواته المصرفية والمالية الى خَدَم وعبيد يعملون لديه بالسخرة ويستولي على ثرواتها”.
وقال: ” ايها الأخوة، إن مشكلتنا الاساسية في لبنان ليست سوى واحدة من هذه المشاكل في العالم التي يصنعها ويديرها الغرب عبر الفتن التي تطلّ برأسها بين الفينة والاخرى ليمرِّر اجنداته الخبيثة وسياساته الشيطانية والتي يتستّر عليها بإظهار مشاكل مفتعلة وغير حقيقية، فليست هي مشاكل ناتجة عن تنوعات ثقافية وتعددية طائفية يحاول عبر ادواته الداخلية تظهيرها بصورة عدائية للوصول إلى أهدافه التي برزت اليوم بشكل واضح وفاضح بهذا الضخ الإعلامي الفاجر في تحدي قيم المجتمع اللبناني عبر استهدافه الاسرة والعائلة والمجتمع اللبناني ومرتكزاته الاخلاقية بل وجوده”.
وتابع: “اني فخور بالمقاومة التي تبديها العائلات اللبنانية المختلفة للفيروسات الطارئة لحماية نفسها من محاولات تدنيس عرضها وشرفها وثقافتها وتغيير هويتها الانسانية والتشبّه بالحيوانات بحجة الحريات ونشر ثقافة الانحطاط والشذوذ الجنسي مدعومة بكل وسائل التأثير المالي والاعلامي المكشوف والمستتر والمتسلل عبر الجمعيات الوافدة بحجج الدعم للمدارس أو للنوادي والجمعيات لنشر الرذيلة وعبر تدخل بعض السفارات للضغط من أجل تشريعها الذين ينطبق عليهم قول الله تعالى:
(إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا)، (لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا)، (وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا).”
وشدد على “انّ الحرب على القيم هذه التي تجمع اللبنانيين جميعاً، إنّ هذه الحرب هي العدو الحقيقي الأخطر الذي يتهدد الانسانية جمعاء مما يستدعي أن يتوحد اللبنانيون من كل الاديان والطوائف لمواجهتها، ولا يقعوا في فخ التضليل الذي يقوده من يدفعون البلد الى فتن متنقلة بين العائلات اللبنانية بشعارات مفضوحة وكاذبة وتغذية الانقسامات وخلق مخاوف طائفية مفتعلة غرضها الاساسي تمرير مشاريعهم هذه التي هي الخطر الحقيقي على المجتمع والعائلة اللبنانية، واني لأرى من تصرف العائلات اللبنانية بداية تشكّل وعي متطور لهذا الخطر الذي يتهدّدهم وبشارة خير لتوحّد العائلة اللبنانية للخلاص من الفخ الذي أُريد لهم الوقوع فيه، وأعتقد أن سائر الازمات ستجد حينئذ طريقها إلى الحل اذا ما استطعنا أن ندرك انها فرع للمشكلة الأساس التي هي الوصول إلى تحقيق غايتهم في ضرب الاسرة والعائلة اللبنانية، لأن الذي يمنع من تطوير النظام اللبناني ويخلق المخاوف والاوهام هو الغرب الذي يريد تحقيق مشروع الافساد والشذوذ الجنسي على المستوى الدولي وهو بصندوقه الدولي يفرض هذا الشرط لإغراق لبنان، فهو في الواقع يقرضه المرض الذي يقضي عليه”.
وقال: “يشخِّص لنا أمير المؤمنين (ع) ومن مثل علي، يُشخِّص لنا الفتنة واسبابها حيث يقول انه حين تصبح الأهواء هي التي تحكم سلوكنا تضيع الموازين، فلا تصلح الأهواء ان تكون ميزاناً تقاس به الحقائق وتعرض عليها الأمور، فالأهواء مختلفة فهي باب للفوضى والفوضى تعني اللانظام، واللانظام يؤدي إلى الهرج والمرج والدخول في الفتن. وسفن النجاة منها بتحكيم موازين العدل وقواعده لا بالعصبيات الطائفية والحزبية والفئوية والشخصية، ففي الوقت الذي حدّد (ع) أسباب الفتن أعطى الحل بما أسماه سفن النجاة حيث قال: “لا يُعرف الحق بالرجال وانما يُعرف الرجال بالحق اعرف الحق تعرف أهله”، والحق هو الامر الثابت (ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون)، فالمجرمون هم اصحاب الاهواء الكارهون للحق لأنه يخالف اهواءهم ومصالحهم لأن اهواءهم تدعوهم إلى الغلبة والاستئثار والتسيّد والاستحواذ وهو يتطلب منهم الاقتدار وامتلاك القوة لتحقيق كل ذلك وليس هناك حدود لرغبات هذه النفس.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).