رأى الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله، في كلمة ألقاها في الذكرى السنوية ال17 للانتصار في حرب تموز، ان “هناك قرارا أميركيا بعودة داعش إلى العمل في العديد من الساحات”، وقال: “من واجبنا ان نتقدم بالتعازي بحسب التسلسل الزمني، شهداء التفجير في باكستان لجمعية علمائية إسلامية، والشهداء هم من إخواننا أهل السنة،64 شهيد وما يزيد عن 100 جريح، وقد تبنت داعش رسميا هذا العمل الإنتحاري الإرهابي. قبل أيام أيضا داعش في البادية السورية تعتدي وتقتل ويسقط شهداء من الجيش السوري ومن المدنيين، وأمس ليلا داعش تمارس الإرهاب في مقام أحمد بن موسى الكاظم(عليه السلام) في شيراز، ويسقط شهداء وجرحى، أيضا في بداية الكلمة أتوجه إلى كل العائلات،عائلات الشهداء بأحر التعازي والدعاء للجرحى بالشفاء العاجل”.
أضاف: “يبقى بمناسبة الأعياد، نحن أمام مناسبتين، اليوم وغدا، ذكرى الإنتصار في 14 آب وأيضا عيد انتقال السيدة العذراء (عليها السلام)، وأبارك بهذه المناسبة لجميع اللبنانيين وبعيد انتقال العذراء (عليها السلام) للمسيحيين خصوصا”.
وتابع: “بالعودة إلى مناسبتنا في 14 آب 2006، في مثل هذا اليوم من صباح 14 آب، كان المشهد العظيم هو زحف الناس إلى مدنهم وقراهم، في الجنوب، في البقاع، في الضاحية الجنوبية، إلى كل القرى والبلدات في مختلف المناطق اللبنانية غير آبهين لا بالتهديدات لأن الإسرائيلي كان لا يزال يهدد، ولا باحتمالات تجدد القتال لأنه كان إعلان وقف إطلاق نار غير معلوم والناس لم تنتظر، ولا بالقنابل العنقودية التي ألقيت بأعداد كبيرة جدا وما زالت بعض حقولنا وقرانا تعاني منها في الجنوب بعد 17 سنة، ولا بالدمار الكبير والهائل الذي حل ببيوتهم وحقولهم وأرزاقهم، هذه العودة الشجاعة والسريعة هي التي ثبتت الإنتصار العسكري في إفشال أهداف العدوان والحرب على لبنان وعلى المقاومة في لبنان، هذه العودة السريعة، مشهد القوافل والسيارات على طرقات الجنوب، على طرقات البقاع ،من سوريا إلى البقاع، على طرقات الضاحية الجنوبية في كل الأماكن، عبرت عن الثبات، ثبات شعبنا في الموقف، وعن تمسكه بالأرض وعن التزامه الحاسم بخيار المقاومة مهما تعاظمت التضحيات. الناس أسقطوا الرهان على ما بعد 14 آب لأن الكثيرين توقعوا أن الناس عندما يعودون إلى قراهم وإلى مدنهم ويلاحظون حجم الدمار سيتخذون موقفا سلبيا من المقاومة، سيحملون المقاومة المسؤولية، سينكفؤون في الحد الادنى عن المقاومة، ولكن ما حصل هو العكس، ولذلك نحن نعتبر أن العنوان الأبرز اليوم في 14 آب هو هذا المشهد الجماهيري القوي والشجاع والواثق، الواثق بالإنتصار والواثق بالمقاومة والواثق بقوة لبنان، أنا في هذه المناسبة أود أن أتعرض إلى عدد من النقاط في ما يرتبط بالمناسبة، ومنها أدخل إلى عدد من النقاط فيما يتعلق بالوضع اللبناني والتطورات والأحداث الأخيرة.
النقطة الأولى نحن في هذه الحرب والتي كانت حربا، تعرفون أن الإسرائيليين في البداية أسموها عملية بعدها أسموها حرب لبنان الثانية، هناك مصطلح حرب وهناك مصطلح معركة، معركة قد تحصل معركة في دائرة معينة في وقت زمان محدد يوم أو يومين يسموها أيام قتالية، أما الحرب حرب، هي مجموعة كبيرة من المعارك تسمى حربا. في هذه الحرب شهدنا بأم العين يعني بعيوننا، بعقولنا، بقلوبنا، بحواسنا، شهدنا المصاديق الخارجية للوعود الإلهية في القرآن المجيد للمؤمنين المجاهدين.
النقطة الثانية: بالتأكيد يجب أن نتوجه بالشكر كما في كل مناسبة إلى كل الذين ساهموا في صنع هذه المعجزة، هذه الملحمة، هذه الأسطورة على مدى 33 يوم،الناس، الجمهور، الشعب، البيئة الحاضنة، المقاتلون، المقاومون، المؤسسات العسكرية والأمنية، الجرحى، الشهداء، مع تخصيص شهداء بعد قليل،الجزء الأكبر والأهم من الموقف الرسمي، الإحتضان الوطني، الإحتضان الشعبي، دعم إيران، دعم سوريا، تعاطف كل الشعوب والجماهير في العالم العربي والإسلامي والتي عبرت عن نفسها، وكل الدول التي وقفت إلى جانب المقاومة، لكن يجب أن نخص بالشكر الشهداء كل الشهداء، شهداء المقاومة، شهداء الجيش، شهداء القوى الأمنية، شهداء القوى السياسية، فصائل حركات المقاومة، شهداء الشعب اللبناني، الناس، الشهداء السوريين الذين سقطوا في بعض المناطق في البقاع نتيجة القصف، شهداء المجازر في أكثر من قرية بقاعية وجنوبية وفي الضاحية الجنوبية هنا في الشياح على سبيل المثال وأبرزها كانت مجزرة قانا، كل هؤلاء الشهداء، لكن نخص بالذكر شهداء المقاومة الذين قاتلوا وثبتوا وضحوا، وبالخصوص أيضا القادة الشهداء سواء من استشهد في تلك الحرب أو كان يقود تلك الحرب واستشهد لاحقا، يجب أن نذكر هنا على سبيل المثال لأن عددهم كبير ولكن على سبيل المثال لحقهم علينا، الشهيد القائد الحاج عماد مغنية (رضوان الله تعالى عليه)، الشهيد القائد السيد مصطفى بدر الدين (رضوان الله تعالى عليه)، الشهيد القائد الحاج حسان اللقيس (رضوان الله تعالى عليه)، الشهيد القائد الحاج خالد بزي، الحاج قاسم (رضوان الله تعالى عليه)، الشهيد القائد الحاج سلمان قائد الجبهة في عيتا الشعب واستشهد لاحقا (رضوان الله تعالى عليه)، كل هؤلاء الشهداء، أيضا يجب أن نخص بالذكر الشهيد القائد الكبير الحاج قاسم سليماني قائد قوة القدس يعني في حرس الثورة الإسلامية في إيران، والذي كان معنا طوال تلك الأيام والليالي يشاركنا كل الظروف والصعوبات والتحديات والمخاطر والمواقف والمساندة والدعم، التحية في هذا اليوم في هذه الليلة إلى أرواحهم الطاهرة.
النقطة الثالثة: خلال السنوات الماضية كنا دائما نتحدث عن انتصار حرب تموز، نقول إنتصار تاريخي، انتصار إلهي لأنه منة من الله سبحانه وتعالى، وانتصار تاريخي عندما نقول تاريخي يعني نلحظ فيه الماضي، ما سبقه من مواجهات مع العدو الإسرائيلي منذ قيام هذا الكيان في ال1948 لا يوجد شك نسبة للماضي هذا انتصار تاريخي، وفي الحاضر في ال2006 والظروف الإقليمية والدولية وحجم الإستهداف وحجم الحرب وحجم النار التي استخدمت، وحجم التواطؤ الدولي والإقليمي هو انتصار تاريخي، وأيضا المستقبل يعني الحرب والإنتصار التي تبقى آثارها ممتدة في المستقبل، بل تؤسس للمستقبل على المدى القريب وعلى المدى المتوسط في الحد الأدنى،هذا انتصار تاريخي”.
وقال: “اليوم أنا أريد أن أقف عند بعض المحطات، يعني محطتين أو ثلاثة لهذا المعنى، أتحدث عن الواقع الحاضر والحالي.
المحطة الأولى: الذي يظهر فيها انتصارنا التاريخي في تموز وما تأسس عليه من معادلات وقواعد اشتباك وتوازن ردع، وفهم لدى العدو بحقيقة وقدرات وإمكانات وعناصر القوة في لبنان وفي مقدمها المقاومة، يترتب عليه واحدة من المحطات هو ما حصل في العام الماضي في موضوع ترسيم الحدود البحرية، وتحرير الجزء الأكبر استثناء مساحة ضيقة نتيجة الخلاف على نقطة الB1، تحرير الجزء الأكبر من مياهنا الإقليمية كما تراها الدولة اللبنانية، وأيضا تحرير المنطقة الإقتصادية الخالصة وتحرير حقل قانا الذي نسميه البلوك 9، هذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا البناء على نتائج حرب تموز في ال2006.
طبعا هذا الإنجاز اليوم هو إنجاز مهم جدا، خلال أيام قليلة، يومين، ثلاثة، أربعة، ستصل السفينة المعنية لبدء الحفر والتنقيب، وكل اللبنانيين سينظرون بأمل، عيونهم ستكون مشدودة خلال الأشهر القليلة المقبلة إلى نتائج هذا الحفر وهذا التنقيب لأنه الأمل الوحيد المتاح أمام الحصار الواقعي، يعني لبنان صحيح ليس به قانون قيصر مثل سوريا،لا يوجد عقوبات تحريم مثل إيران أو مثل روسيا، ولكن بالممارسة الفعلية هناك أشد عقوبات تمارس على لبنان، لا مساعدات ولا استثمارات ولا قروض، أمل اللبنانيين مشدود إلى حقل قانا وغيره من الحقول. اليوم بعد ترسيم الحدود البحرية يستطيع لبنان أن يلزم كل الحقول الموجودة في الجنوب وفي غير الجنوب لأن هذا الموضوع العائق الذي كان موجودا في السابق قد انتهى. طبعا أريد أن أذكر بهذا الإنجاز الذي ما كان ليتحقق لولا أيضا التكامل بين المقاومة والدولة،هذا الإنجاز موقف الدولة الثابت الراسخ، الرؤساء الثلاثة فخامة الرئيس ميشال عون، دولة الرئيس نبيه بري، دولة الرئيس نجيب ميقاتي، التعاون الكامل والتنسيق الكامل بين الدولة والمقاومة، الإستفادة من كل عناصر القوة اللبنانية أدت إلى هذه النتيجة الطيبة، طبعا هذا كان انتصارا كبيرا ومهما ومشرقا ولكن عكرت علي صفوه وبهائه بعض المزايدات والمشاحنات الداخلية، لكن هذا لا يغير من الحقيقة مع إحترامي لوجهات النظر التي لها ملاحظات في هذا المجال.
هذا التكامل والتعاون هو يذكرنا أيضا بما حصل في حرب تموز بين المقاومة والقسم المهم من الموقف الرسمي، والذي تجسد في موقف فخامة الرئيس إميل لحود ودولة الرئيس نبيه بري، طبعا لو كانت الحكومة في ذلك الوقت منسجمة ومتعاونة مع حتى مع الموقف الرسمي للرئيسين، أعتقد كنا حصلنا على نتائج أفضل لا أريد أن أفتح هذا الملف لأن كل الناس يعرفون طبيعة الخلاف الذي كان سائدا في ذلك الوقت.
اليوم نحن أمام مرحلة جديدة هي من نتائج هذه الإنتصارات وهذه الدماء وهذه التضحيات، هنا لدي ملاحظتين.
الملاحظة الأولى: من البداية كان الكل في لبنان يدعو إلى تشكيل صندوق سيادي من أجل الحفاظ على نتيجة هذه الثروة النفطية والغازية ليستفيد منها كل لبنان، لأن هذا الحقل ليس لمنطقة دون منطقة، وليس لطائفة دون طائفة، كل الحقول هي لكل الشعب اللبناني ليستفيد منها كل اللبنانيين، وأيضا لتستفيد منها كل الأجيال الآتية.
على مدى الأشهر الماضية اللجان النيابية المعنية وخصوصا لجنة المال والموازنة وربما لجنة الإدارة والعدل، الآن هذا صار تفصيل، اللجان النيابية المعنية بعد نقاشات طويلة وصلوا لشيء إسمه اقتراح قانون الصندوق السيادي، وهو موضوع على جدول أعمال جلسة يوم الخميس، نحن نأمل من السادة النواب أن لا يفوتوا هذا الموضوع لا بالسجالات الداخلية ولا بالصراعات السياسية ولا بالحسابات الضيقة، أن يقاربوا هذا الموضوع مقاربة وطنية وسيادية حقيقية، الصندوق السيادي هو حاجة ملحة للبنان من أجل ضمان هذه الثروة، أن تكون لكل اللبنانيين بمعزل عن الملاحظات أو النقاشات أو يمكن ان يخرج منه النقاش يوم الخميس إذا حصل النصاب والحضور، والملاحظة الثانية التي يجب أن أذكر بها، أن الضمانة الحقيقية ليستمر هذا الواقع المستجد أي أن يستطيع لبنان أن يعمل حفر وتنقيب وإن شاء الله يكون هنالك نفط وغاز ويستطيع ان يستخرجه ويبيعه وهنا نتكلم على مقربة من الحدود البحرية، الضمانة الحقيقية هو إحتفاظ لبنان بكل عناصر القوة، وبالمعادلة الذهبية، وفي مقدمها المقاومة، قوتها وقدرتها وهيبتها وخوف العدو من رد فعل المقاومة إذا أراد أن ينتقص من حقوق لبنان، لأننا أيها اللبنانيون أمام عدو لا يحترم الإتفاقيات ولا التفاهمات، حتى ولو كان هناك ضمانات أميركية، أنظروا هذه إتفاقيات أوسلو، موقعة وخطية، ووقعوا على نفس الورقة، وضمانات أميركية وأوروبية وأمم متحدة، أين أصبحت هذه الضمانات؟ هو لا يلتزم بشيء ولا يفي بشيء، الذي يمنع العدو من الإنتقاص من حقوق لبنان في مياهه ونفطه وغازه وثرواته الطبيعية، سواء من الوزاني إلى الليطاني إلى مياه البحر، للنفط إلى الغاز هو قوة لبنان، هو فهم العدو أن أي إعتداء على لبنان او إنتقاص من لبنان أو محاولة مصادرة لما هو حق للبنان، سيقابل برد الفعل القوي الذي يجعل هذا العدو نادما ولذلك هو يتهيب، التمسك بعناصر القوة هي الضمانة ليستمر التنقيب ولنصل إلى الإستخراج ولتستطيع الدولة اللبنانية ان تبيع، ليأتي هذا المال إلى الصندوق السيادي ليساعد في معالجة ازمات اللبنانيين.
المحطة الثانية او النقطة الثانية في هذا السرد عندما نتكلم عن موضوع أنه إنتصار تاريخي، من يراقب الوضع الإسرائيلي منذ حرب تموز 2006 لماذا هي مفصل وأيضا مفصل تاريخي، يرى بوضوح المسار الإنحداري النزولي الهبوطي إن صح التعبير لهذا الكيان على أكثر من صعيد، لو إستحضرنا نتائج لجنة فينوغراد، للأجيال الذين لم يعايشوا ذلك الوقت، بعد الحرب عند العدو شكلوا لجنة سموها لجنة فينوغراد وقامت بتحقيق بسبب إخفاقات الحرب، تحقيق مع المستوى السياسي والعسكري، ثم توصلت إلى نتائج معينة وأعلنتها لاحقا، بقي جزء مخفي، وأيضا داخل جيش العدو شكل لجان لمناقشة أسباب الإخفاقات التقنية والتكتيكية والتنظيمية والإدارية والعملانية وما شاكل، وكانت نتائجها قوية وخطيرة وصادمة، المهم هنا أنه هل بعد 17 سنة إستطاع العدو أن يعالج أثار حرب تموز على كيانه؟ على جيشه؟ على قراره السياسي؟ على جبهته الداخلية وعلى ناسه؟ وعلى معركة الوعي؟ هل إستطاع؟ الجواب، كلا، بالعكس، الامور أصبحت مع الوقت مع تراكم أيضا، حرب تموز ونتائجها، بعدها غزة في ال2008، وكذا مواجهة في غزة، واليوم وصلنا إلى تطور مهم جدا في هذا المسار التصاعدي للمقاومة وهو ما يجري في الضفة الغربية، بينما نجد المسار الإسرائيلي هبوط، أعطي مثالين، طبعا الأمثلة كثيرة لكن بسبب ضيق الوقت سوف أكتفي بمثالين، المثل الأول هو وضعية الجبهة الداخلية، هذه من نتائج حرب تموز، قبل ال2006 كانت غالبا الجبهة الداخلية بمنأى عن كل حروب إسرائيل، غالبا، وحرب 2006 والمقاومة في 2006 أدخلت الجبهة الإسرائيلية الداخلية وجعلتها جزءا من الحرب، جزءا مؤثرا جدا في نتائج الحرب وقرار الحرب وبالتالي في التوصل إلى وقف إطلاق النار، مع عدم تحقيق الأهداف التي كانت يصبو إليها العدو، اليوم إسرائيل كان لها عقيدة أمنية، من تأسيس الكيان إلى 2006، لماذا نقول 2006 مفصل؟ هي العقيدة الأمنية التي وضعها بن غوريون، والقائمة على العناوين الثلاثة، العناصر الثلاثة: ردع، إنذار، حسم، هم يتعاطون مع كل العرب وكل الدول العربية وكل الجيوش العربية ومنها لبنان أنه هم لديهم هذه عناصر العقيدة الأمنية بإعتبارهم يملكون هذه القدرة، الردع والإنذار والحسم، بعد 2006 يعني من ال1948 إلى ال2006 هذه العقيدة الأمنية، بعد 2006 على ضوء فينوغراد أضافوا عنصرا رابعا للعقيدة الأمنية، هؤلاء أذكرهم ليس لنفتخر فقط بالإنجارات بل لأن هؤلاء سوف نبني عليهم في ما هو قائم بين لبنان والعدو وبين المنطقة والعدو، أضاف عليها عنصر رابع، الدفاع والحماية، الذي له علاقة بالجبهة الدخلية، لذلك منذ الـ2006 رأينا أمرا جديدا، في إستراتيجيات العدو وخططه، له علاقة بالدفاع السلبي بحسب المصطلحات العسكرية وبالدفاع الإيجابي، في الدفاع السلبي يعني بناء الملاجىء، والاماكن الآمنة، موضوع الحرائق وموضوع الإطفائيات وموضوع المستشفيات وموضوع الوصول إلى الناس بسرعة، موضوع.. الخ، الدفاع الإيجابي الذي له علاقة بإعتراض الصواريخ، بإعتبار أنها دخلت بشكل أساسي على المعادلة، واضح أنه أدخلتها حرب تموز بقوة، وتعززت بعد ذلك بحروب غزة، فلذلك إضطر أن يبحث عن منظومات إعتراض صورايخ من مستويات ودرجات متعددة منها القبة الحديدية والعصا السحرية وذهب إلى منظومة باتريوت ومنظومة باراك وما شاكل، وقام بجهد كبير وإنفاق هائل، ومع ذلك من 2006 الى الآن 17 سنة تقريبا كل سنة يقوم بمناورات للجبهة الداخلية، ليرى هل الجبهة الداخلية جاهزة؟ والنتيجة تظهر بعد ذلك، يمكنكم أن تراجعوا كلام الجنرالات وقادة الجبهة الداخلية، أن الجبهة الداخلية حتى الآن ليست جاهزة لأي حرب مقبلة، لأن هذا يهمنا للكلام عنه عندما نريد أن نرد على تهديدات العدو، ليست جاهزة، أمس قرأت انا تقريرا بمعزل لأن هذا إعلامي، كم هو دقيق، أنه يوجد مليونين و500 ألف مستوطن إسرائيلي إذا حصلت حرب ليس لديهم مكان يلجأون إليه، عندما قام وزير الدفاع الإسرائيلي وزير الحرب ورئيس الأركان ولا أعرف من وهددوا وأرعدوا على لبنان، قامت قيامة من؟ المستوطنات الاسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة، ماذا تفعلون؟ أنتم تخربون بيوتنا، وتزعبون السواح، هم لديهم سياحة أيضا، وبعد ذلك أنتم تريدون أن تشنوا حربا، هل الملاجىء جاهزة؟ وهل الغرف الآمنة جاهزة؟ هذا يتكلم عنه بعد 17 سنة، هذا نموذج، لكن الأهم في الجبهة الداخلية هو الوعي، هو عنصر الثقة المفقود، هو كي الوعي، كما كنا نقول، هو عدم إستعداد سكان ومستوطني ومستعمري ومحتلي هذه الأرض للتضحية، وتحمل التبعات، إذا أخذنا المسألة الثانية بما له علاقة بالجيش الإسرائيلي، حتى قبل الإنقسامات الداخلية التي شهدناها في الأشهر القليلة الماضية، خصوصا بعد مجيء حكومة نتنياهو بهذا التركيب العجيب الغريب والمظاهرات القائمة، حتى قبل هذا، منذ حرب تموز وما بعدها هو مفصل في تاريخ جيش العدو الإسرائيلي، في عام 2000 هز الصورة، صورة الجيش الذي لا يقهر، لكنهم حاولوا أن يلعبوا على الناس وعلى شعبهم أن هذه خطوة حكيمة، وحاول بعض العرب أن يقولوا أن هذا هو تنفيذ للقرار 425، وحاولوا.. وحاولوا.. أن يلطفوا الهزيمة قدر الإمكان، أما في حرب تموز كلا، حيث أن لجنة فينوغراد وضعت الجيش الاسرائيلي على المشرحة وخرجت بنتائج كارثية ويمكنكم أن ترون رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت أين أصبح، والقادة الأساسيين أين أصبحوا، ومنذ ذاك اليوم بدأ التراجع والضعف والوهن يسري في هذا الجيش، حسنا، وما زالوا منذ 17 سنة رغم أنهم أخذوا الدروس والعبر وشكلوا لجان تقييم بالقضايا الأساسية وحتى بالقضايا التفصيلية، هل إستطاعوا خلال 17 سنة ان يقوموا بترميم قوة الجيش الاسرائيلي؟ يعني اليوم هل هو أفضل حالا وأحسن حالا مما كان عليه بال2006؟ بعد 17 سنة من الترميم والتدريب والمناورات والتجهيزات والتكنولوجيا الجديدة التي دخلت عليه؟ كلا، بالتأكيد كلا، يمكن أن تسمعوا الكثير من جنرالات العدو المتقاعدين والفعليين الموجودين في المسؤولية والوزراء ورؤساء وزراء سابقون وكانوا وزراء دفاع ورؤساء أركان، يتكلمون عن الحالة الصعبة التي وصل إليها الجيش الإسرائيلي، وأهم شيء هي ضعف الروح القتالية، ضعف الإستعداد للتضحية، إنعدام الثقة بين الجنود والضباط والقادة، إنعدام الثقة مع المستوى السياسي، أنظروا إلى مستوى التأمينات التي يطلبها الجنود والضباط عندما يريدون القيام بأي عملية، أنظروا إلى حجم العسكر والطائرات والمروحيات والمسيرات والأليات والمدافع التي هجمت على مخيم جنين المحدود المساحة والمحاصر، ضعف الإقبال على الوحدات القتالية، يذهبون إلى وحدات أخرى غير القتالية الميدانية، لم يستطيعوا أن يقوموا بأي ترميم، منذ العام 2006 الى اليوم غياب الإنجازات البرية، عندما حاولوا أن يقوموا بمحاولة إقتحام في غزة سقط لهم قتلى وجرحى ووقع لهم أسرى، ولذلك كل الانجازات إذا تكلموا بها اليوم هي إنجازات النار، قصف جوي، يقوم الطيران بعمليات قصف في غزة وفي سورية، أما إنجازات برية حقيقية لجيش يدعون بانه جيش أسطوري وجيش بهذه العظمة، هذا كله لم نعد نرى منه شيء منذ 2006 تقريبا، ما يعانيه هذا الجيش مع المقاومين في الضفة الغربية، أما الأن وبعد الإنقسامات السياسية الموجودة في الكيان وضع الجيش الإسرائيلي في أسوأ حال نسبة لأي زمن مضى، ليس بما هو الآن، وإنما نسبة لأي زمن مضى، وهذا ما يقوله المسؤولون الحاليون، والمتقاعدون، وضباط وجنود الإحتياط، وهو كان موضع سجال في اليومين الماضيين بين رئيس حكومة العدو وبين رئيس أركان الجيش وقائد سلاح الجو، أما الضربة القوية التي ستوجه لهذا الجيش هو إذا أقر الكنيست قانون التجنيد الجديد الذي تطالب به بعض الأحزاب الدينية المتطرفة، ساعتها، هم بدأوا يتكلمون، بعض الذين كانوا وزراء الدفاع ورؤساء أركان سابقين، أن هذا القانون إذا أقر سيوجه ضربة قاضية للجيش الإسرائيلي”.
أضاف: “أكتفي بهذين المثلين وأعود إلى النقطة الأساسية، المسار الإنحداري، يستطيع أن يرى المرء بشكل عام أن العدو إنتقل من الهجوم ومن صاحب المبادرة بالأعم الأغلب إلى وضعية الدفاع، وحتى عندما يهجم فإنه يهجم من موقع دفاعي، سواء في غزة او بالضفة أو بسورية، طبعا هذا بحاجة إلى شرح وإلى وقت، لكن هذه هي الحقيقة، اليوم المقاومة في لبنان وفي فلسطين ومحور المقاومة في المنطقة أمسك بزمام المبادرة بنسبة كبيرة، لا أقول بالمطلق وأنما أقول بنسبة كبيرة، إسرائيل الان تختبىء خلف الجدران، حلف الجدران مع لبنان، خلف الجدران مع غزة، خلف الجدران في الكثير من أماكن الضفة، وقبل أسابيع قرأنا أنهم سيبنون جدرانا في بعض المساحات مع الأردن بسبب الخشية من تسرب عناصر جهادية أو نقل سلاح إلى المقاومين في الضفة الغربية.
هذا المسار الإنحداري هو يدخلنا إلى النقطة الأخيرة ببحثنا الذي له علاقة بالمناسبة، الذي هو كيف نتعاطى مع التهديدات القائمة والحالية من قبل العدو؟ قبل أيام وزير حرب العدو وعلى بعد مئات الامتار من الحدود لأنه عندما يقفون على الشريط الشائك، الكاميرات تلتقطهم، فهو وقف بعيدا بمئات الامتار ومن هناك أطلق تهديدا، تهديد ليس بجديد، يعني سابقا يوجد مسؤولين صهاينة آخرين أطلقوا نفس التهديد، وقالوا بأنهم سيعيدون لبنان إلى العصر الحجري إذا.. وإذا.. وإذا..، جيد، أنا في هذه النقطة الأخيرة أريد أن أعلق على هذا التصريح وعلى هذا التهديد، بناء على كل ما تقدم، طبعا، نحن لا ننكر، هل ننكر أن إسرائيل تستطيع أن تعيد لبنان إلى العصر الحجري؟ كلا، يعني سلاح الجو الذي لديهم والصواريخ التي لديهم، المدفعية التي لديهم، الدعم الأميركي لهم، نعم هي تستطيع أن تفعل ذلك، لكن هذا ليس جديدا، هذا منذ زمن بعيد، هذا منذ عشرات السنين، وبالتالي ليس هنا الجديد، الجديد هو أن لبنان ماذا؟ المقاومة في لبنان ماذا؟ ماذا تستطيع أن تفعل؟ وهذا ما يفهمه قادة العدو ولكن يحاولون أن يقفزوا فوقه من باب الحركات الإعلامية البهلوانية، التي لا قيمة لها، السؤال الجديد أنه بعد كل هذه الأحداث وهذه التجارب لبنان أين أصبح؟ لذلك أنا أقول لهذا العدو: اليوم أستطيع أن أقول له: بالدليل والبرهان، أنتم أيضا سيتم إعادتكم إلى العصر الحجري، إذا ذهبتم إلى الحرب مع لبنان أنتم أيضا ستعودون الى العصر الحجري، بإستطاعة أن يقول أحدهم: يا سيد هذا كثير، الليلة أنتم تبالغون وما شاكل، حسنا، فقط كلمتين للإستدلال، هو وزير الحرب الإسرئيلي جنرال سابق، ولديه جنرالاته يستطيع أن يجتمع بهم، هذه فلسطين المحتلة واضح كم تبلغ مساحتها، في وقت سابق وضعنا الخريطة وأشرنا بيدنا عليها، يستطيع أن يعمل لائحة ونحن لدينا اللائحة، إذا لا يملكها نستطيع أن نرسلها له، المطارات المدنية، المطارات العسكرية، قواعد سلاح الجو، محطات توليد الكهرباء وتوزيع الكهرباء، محطات المياه، مراكز الاتصالات الرئيسية، مجموعة من البنى التحتية ليس هناك من داع لتفصل فيها أكثر، مصافي النفط والبنزين والأمونيا وتستطيع أن تضع معهم مفاعل ديمونا، كل هؤلاء بهذه المساحة والتي هي مساحة ضيقة، نحن هنا لا نتكلم عن بلد مثل روسيا وأميركا أو حتى مثل السودان مثلا، نتكلم عن فلسطين المحتلة، يستطيع أن يحسب لتدمير كل هؤلاء كم صاروخ دقيق تحتاج المقاومة، ولو فعلت كل القبة الحديدة التي بحوزتك، والعصا السحرية التي بحوزتك، والباتريوت التي بحوزتك، حسنا أسقطت كمية من الصواريخ، لكن ما هو العدد التي يحتاجها؟ أنا قرأت لبعض الجنرالات الإسرائيليين كلام، يتكلمون كلاما تقنيا، ليس أنهم يهولون علينا أوعلى أنفسهم، بل ينبهون للمشكلة لكي يجدوا لها حلا، أنه اليوم الصواريخ الدقيقة إذا أمكن لها أن تصل، لها مفاعيل السلاح النووي، طبعا من الممكن أن يكون هناك مبالغة في التوصيف ولكن لتقدير المخاطر، هنا ما زلنا نتكلم فقط بالبنى التحتية الأساسية، أما إذا تكلمنا بعد ذلك بامور أخرى التي لن نتكلم بها الآن والتي الإسرائيليين يعرفونها، هذا إذا بقيت المعركة فقط مع المقاومة في لبنان، فكيف إذا تطورت إلى معركة مع كل محور المقاومة؟ يمكن أن تعيدوا بلدا هنا أو هناك إلى العصر الحجري، ولكن إذا تطورت المعركة إلى مع محور المقاومة حينئذ لن يبقى شيء اسمه إسرائيل، ولذلك على قادة العدو أن يعرفوا أنه هنا مع هذا الميدان مع هذه الساحة، هم لا يلعبون لعبة نقاط بل هم يلعبون لعبة وجود وفناء، وجود وفناء، ولذلك الأمر يحتاج أن يضعوا أقدامهم على الأرض ويتعاطوا بواقعية، وهم بنسبة كبيرة يتعاطون بواقعية بمعزل عن البهلوانات الاعلامية.
بالنسبة إلينا كل هذه التهديدات لا تخيفنا، واليوم لبنان يتمتع بعناصر قوة أساسية قادرة على حمايته، على ردع العدو، على تحقيق الأمن والأمان في مواجهة العدو، ولا اأتحدث هنا عن الموضوع الداخلي، المعادلة الذهبية التي دائما نؤكد عليها هي التي تحمي لبنان، هي التي استعادت النفط والغاز والمياه، هي التي ستستعيد بقية النقاط الحدودية المحتلة والمناطق الحدودية المحتلة، وهي التي تشكل درعا واقيا قويا حقيقيا عزيزا للبنان ولشعب لبنان وأيضا كجزء من محور المقاومة في التحدي الكبير.
لذلك إذا أردت وضع خلاصة بالنسبة إذا اخذنا كيان العدو عام 2006 سياسيا وعسكريا وشعبيا وداخليا واجتماعيا ومعنويا، واليوم في 2023، هو أضعف مما كان عليه نتحدث بالنسبة، وإذا أخذنا المقاومة ومحور المقاومة في سنة 2006 واليوم في سنة 2023 هي أقوى بكثير مما كانت عليه، هذا ما يجب أن نبني عليه لمستقبل واقعنا ومنطقتنا وبلدنا. من هنا أدخل إلى الموضوع الداخلي”.
وتابع: “في الموضوع الداخلي لدي نقطتين وتوصية أخيرة، ملاحظة انسانية.
النقطة الأولى: لها علاقة بالحادثة الأخيرة التي حصلت، المقاومة بالحقيقة خلال 17 سنة كانت تراكم عناصر قوة ونحن لم نوقف ولا يوم من قبل ال2000 وبعد ال2000 وصولا لل2006 بعد ال2006 ،وأنا كنت أتحدث بهذا الموضوع علنا، أننا نكمل جهوزيتنا وتدريبنا واستقطابنا ورفع كفاءة كادرنا ومقاتلينا وسلاحنا كما ونوعا، وبالتالي بطبيعة الحال هناك سلاح وذخائر وامكانات يتم نقلها من مكان إلى مكان فيما يرتبط بأي خطة مواجهة يمكن أن تحصل في المستقبل.
وننقل بالشاحنات وبغير الشاحنات وليس فقط بالشاحنات بوسائل متعددة وطبعا بشحانات مدنية، ولا اود الرد على بعض السخافات والتفاهات التفصيلية، لن أدخل كثيرا بالتفاصيل، يعني مثل واحد يقول: أف هم ينقلون سلاح وذخيرة بشاحنات مدنية، بشو بدك أنقلهم؟ هل بشاحنات عسكرية؟! كي تنزل الشاحنة العسكرية مثلا في الكحالة وتمر بزحلة؟!
على كل، الحادثة الأخيرة عند كوع الكحالة هي حادثة عادية طبيعية شاحنات تمر هناك، كلنا نحن اللبنانيين نعرف أن الكوع هناك “شوي قاسي”، وأحيانا يحصل ان شاحنة تنقلب، هذه شاحنة وهناك سيارة خلفها فيها بعض الإخوة لمرافقتها، وصلت إلى كوع الكحالة حصل مشكل تقني ما قلبت الشاحنة، طبيعي جدا مثل أي مكان يحصل فيه حادث من هذا النوع أنه يكون بعض الناس الموجودين في الشارع أو هناك إما بدافع الفضول يحضروا لرؤية ما الذي حصل أو بنية حسنة أحيانا يريد ان يساعد لأنه بالنهاية هناك شاحنة انقلبت.
البداية تكون هكذا وهذا هو المنطقي، أن العالم عادة تقتترب وتمد يدها وتأتي لتساعد بعضها وإذا يقال ان هناك ناس نزلوا من أهل الكحالة نزلوا للمساعدة هذا يصدق وهذا الأمر المنطقي والطبيعي.
بقيت الشاحنة بهذه الحالة لعدة ساعات، التحقيق يأتي فيما بعد ليقول بالضبط كم بقيت ثلاث ساعات أو أكثر من ثلاث ساعات، لكن يبدو أكثر يعني ثلاث ساعات وما فوق، والشباب نزلوا ونقلوا الأخ السائق وأوصلوه إلى المستشفى، واحضروا رافعة لمعالجة الموضوع، وكل الناس تقف وعادي وطبيعي وماشي الحال، إلى أن هنا المفصل الذي يجب أن يوقف عنده كثيرا وهنا التحقيق القضائي يجب أن يقف عنده كثيرا، إلى أن إحدى القنوات التلفزيونية المعروفة دبت الصوت، يعني بدأت مثل العادة، هذه الشاحنة لحزب الله، هذه الشاحنة تنقل السلاح والذخائر، وقامت بتحريض الناس وتجييش الناس، فجاء عدد من الشبان وبدأوا، رغم ان الشباب موجودين وكم عددهم 3 أو 4 أو 5، الشهيد أحمد رحمة الله عليه الشهيد أحمد قصاص أنا على ما أخبروني الإخوان هو الذي نزل السائق وذهب ليأتي بالرافعة وجاء ليتواجد مع الإخوان، كلهم 3 أو 4 أو 5 على الأكثر، ويوجد ناس أتوا بالسلاح، بعد الشتم والسب والقاء الحجارة، الحمد لله الأفلام كلها موجودة، يعني من الجيد، من الأمور المساعدة، نحن ليس لدينا كاميرا نحن لم نصور لكن الجيران الموجودين والناس الموجودين كلهم صوروا من بداية الحادثة انقلاب الشاحنة إلى اللحظة الأخيرة كله صار موثق ومعروف ومبين.
الشباب تحملوا وصبروا وصمدوا وبقوا عند مسؤوليتهم، لم يتركوا الشاحنة وغادروا لأنه ما في الشاحنة هو أمانة في رقابهم، وهم كانوا بمستوى هذه الأمانة، الشهيد أحمد وكل اخوانه الذين كانوا معهم، ولاحقا كلنا شاهدنا ما الذي جرى، اطلاق نار، اشتباك، وصول قوة الجيش وبالتالي صار الميدان بعهدة الجيش وبأمانة الجيش والاخوان هم والشهيد انسحبوا ورجعوا.
طبعا كانت تحصل اتصالات مكثفة في ذلك الوقت، من اعتدى على من؟ على كل حال التحقيق سوف يبين ذلك؟ الآن هناك ناس قدموا الموضوع انه والله حزب الله ذهب إلى الكحالة واعتدى على أهل الكحالة، ثلاث ساعات الشباب موجودين قرب الشاحنة وهناك محاولة لمعالجة الموقف ولم يعتدي أحد على أحد، حتى قبل مجيء هذه القناة التلفزيونية الخبييثة وتبدأ التحريض والتجييش ويستجيب لها بعض الذين رموا الحجارة وحملوا السلاح .
وصول الجيش طبعا ساعد في التهدئة والاخوان انسحبوا وصار الميدان بعهدة الجيش، ومع ذلك رأينا على شاشات التلفزة لساعات طويلة حتى تمكن الجيش من تهدئة الموقف، نتيجة مستوى التحريض الذي حصل والناس الذين جاءوا والسياسيين والنواب والخطابات العالية وما شاكل، والتحريض حصل حتى على الجيش اللبناني والاساءة حتى على الجيش اللبناني.
أنا لا اريد الدخول كثيرا بالتفاصيل لكن أود الوقوف عند هذه الحادثة ببعض النقاط.
نحن منذ البداية تصرفنا على قاعدة استيعاب الوضع وعدم الذهاب إلى التوتير أو التصعيد، هذا خطنا نحن عادة نتصرف بهذه الطريقة، نحن لا نعتبر ان هناك مشكلة بيننا وبين أهل الكحالة، وأهل الكحالة أهلنا ولا مشكلة بيننا وبين أي من عائلات الكحالة، أصلا سكان الكحالة كم عدة ألاف 4000 5000 6000 7000 لا اعرف لكن عدة ألاف أكيد، عدد الذين كانوا في الشارع وفي الميدان قوموا بعدهم، أحضروا اي فيلم من الأفلام المسجلة واحصوهم 50 100 75، وبعضهم جاء من خارج الكحالة وأسماؤهم معروفة أيضا، هناك مشكل مع هؤلاء وليس المشكل مع أهل الكحالة، ولا مشكل أهل الكحالة مع المقاومة حتى لاحقا من يريد أن يوظف أويوصف.
خلال تلك الساعات وأمام هذا الجو التحريضي الهائل والاعلام غير المسؤول لأنه أيضا هناك اعلام آخر غير مسؤول دخل على الخط، كنا أمام مشهد حساس جدا، من ناحية صدرت مواقف جيدة ومسؤولة خصوصا في الوسط المسيحي، يتقدمها الموقف الأبوي والحكيم لفخامة الرئيس ميشال عون وفي اليوم الثاني لسيادة المطران عبد الساتر، وأيضا مواقف عديدة في الوسط المسيحي تدعوا إلى التهدئة سواء سياسية أو رجال دين أو شعبية أو قوى سياسية.
أيضا من النقاط الجيدة ولأنه لا نريد الوقوف فقط عند السلبيات، من النقاط الجيدة ان هناك قوى سياسية ليست حليفة لنا وأحيانا تكون في موقع الخصومة، لكنها آثرت الهدوء والدعوة إلى الهدوء، وأدركت مخاطر هذا التجييش وهذا التحريض الذي يحصل بعد حادثة الكحالة.
وهناك قوى سياسية دافعت عن المقاومة والشكر لهم جميعا، لمن دافع ولمن دعا إلى الهدوء والتعقل، لكن هناك قوى سياسية كانت تريد أن تأخذ الأمور إلى أبعد مدى ممكن وهذا سأعود إليه بعد قليل.
بالنسبة لنا هذه الحادثة هي اليوم في عهدة القضاء، الأفلام موجودة سواء التي صورها الناس بهواتفهم أو بالكاميرات الموجودة في المنطقة، كل الأشخاص الذين كانوا موجودين في الحادثة باتوا معروفين ووجوههم معروفة، بالنسبة لنا نحن أبلغنا الجهات القضائية والأمنية المعنية بإستعدادنا للتعاون إلى آخر الخط وننتظر النتائج، لكن هنا يجب أن ننتبه جميعا ونطالب القضاء بأن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، أن التحريض الاعلامي، لولا ما قامت به هذه القناة المعروفة الخبيثة لما حصل الذي حصل عند كوع الكحالة، الذي يتحمل بالدرجة الأولى مسؤولية سفك الدماء والمخاطر والتداعيات المحتملة التي كان يمكن أن تواجه البلد ككل هو ما قامت به هذه المؤسسة الاعلامية.
الموضوع ليس موضوع نقل أخبار وتعبير عن وجهة نظر، على كل حال القضاء يجب أن يعالج هذا الموضوع، هناك تحريض على الإعتداء، تحريض على القتل، سننتظر على كل حال نتائج القضاء.
أنا اليوم بعد مضي أيام على هذه الحادثة أدعو إلى الهدوء على مستوى الخطاب السياسي، على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصا اخواننا وأخواتنا ومسؤولينا، نحن مصلحة لبنان وشعب لبنان ومصلحة المقاومة هو الهدوء في لبنان، ومعالجة الأحداث التي تحصل من هذا النوع كما حصل مع أحداث أشد قسوة مثل مجزرة الطيونة، أن نعالجها بالحكمة والتعقل وروح المسؤولية العالية.
وبالتالي يجب علينا ان نتابع مع القضاء ليبنى على الشيء مقتضاه.
طبعا هنا أنا أتوجه بالعزاء وبالتبريك أيضا، هناك ناس يتفاجأون كيف نبارك إلى عائلة الشهيد أحمد قصاص، لأنه هو شهيد مجاهد، مقاوم، تحمل مسؤوليته حتى اللحظة الأخيرة، حتى عندنا نزل وأوصل الجريح، كان يستطيع أن يبقى هنا ويرسل أحدا غيره، لكنه هو انسان يحمل المسؤولية، وعاد إلى هناك وتواجد في الميدان واستشهد دفاعا عن المقاومة وعن جهوزية المقاومة وعن امكانيات وقدرات المقاومة التي تصنع كل هذه الانجازات وتشكل كل هذه الضمانات.
وأشيد أيضا ببصيرة ووعي هذه العائلة، أنا سمعت تصريحات أهله، عائلته، اخواته وأخوته التي تعبر عن وعي كبير وحس وطني عالي.
يجب أن نسجل أن هذه الحادثة أيضا مجددا أكدت أن الجيش مؤسسة الجيش هي المؤسسة الضامنة للأمن والسلم والاستقرار في البلد، كما قلت ذلك في يوم عيد الجيش، وإن كان البعض يريد للجيش أن يعمل على هواه وأن يأخذ البلد كما يريد هو، وسأعود إلى ذلك بعد قليل.
في الليلة نحن نلم هذا المشهد، وأنا أتمنى على الجميع أن هذا الموضوع عند القضاء لنرى ما الذي سيحصل، بعهدة الجيش وعهدة القضاء وعهدة الأجهزة الأمنية، ودعونا نرى كيف نعالج الأمور بالتي هي أحسن.
لكن النقطة الأساسية التي علينا الاستفادة مما حصل ونبني عليها هي التالية:
أقول للبنانيين عموما وأقول للمسيحيين خصوصا: هناك زعامات سياسية وشخصيات سياسية وقوى سياسية، بمعزل عن خلفياتها وارتباطاتها بما هي هي، من الواضح من خلال أدائها وسلوكها وأنا لا أريد أن أدخل في الأسماء، من خلال أدائها وسلوكها وبيانها ومواقفها، ومعها طبعا وسائل اعلام معينة وجيوش إلكترونية معينة، تدفع البلد بإتجاه الانفجا، تدفع البلد بإتجاه الحرب الأهلية، هذا ليس تجنيا هذا يوميا عليه شواهد وأرقام، مرة هناك خلاف سياسي أنت تعبر عن رأيك وأنا اعبر عن رأيي وهو يعبر عن رأيه، هي تعبر عن رأيها لا مشكلة، بالوسائل السياسية نتنافس ونختلف ونتصارع ونتغالب ونسجل نقاط على بعضنا البعض لا مشكلة، لكن الذي يحصل منذ وقت طويل هو دفع البلد إلى الانفجار، دفع البلد إلى الحرب الأهلية.
في سنة 2006 جزء من هؤلاء، جزء من هؤلاء كان يراهن على الانتصار الاسرائيلي وسحق اسرائيل للمقاومة في لبنان، وهذه ويكيليكس موجودة، والنصائح التي كانوا يقدمونها للأمريكان لنقلها للاسرائيلي، ما الذي يجب أن يقوم به الاسرائيلي لينجح وينتصر ويسحق المقاومة في لبنان، ومع ذلك هذا قطعنا عنه، وقلنا يا اخي لبنان انتصر وماشي الحال وذاهبين نحو اعادة بناء ونحن شعب واحد ونريد العيش سويا ونريد أن نكمل مع بعض.
لكن واضح الإصرار على مسار مختلف، الاتهامات بمناسبة ومن دون مناسبة، هناك أمر لا يكون له أي مناسبة على الاطلاق كموضوع عين الحلوة، لأن عين الحلوة حتى الآن اليوم توجد صحيفة ما شاء الله من سنخ ذك التلفزيون، المصادر الفلسطينية تقول: ان الشاحنة التي انقلبت على كوع الكحالة كان مقصدها عين الحلوة.
إذا أردنا أن نعطي ذخيرة لعين الحلوة هل نحضرها من البقاع او من سوريا ولدينا الجنوب مليء بالذخيرة، هذه من السخافات.
المهم يجب أن يظل عين الحلوة يعني حزب الله، المرفأ يعني حزب الله، وهذا قلناه سابقا، هذا الاتهام المتواصل والدائم والتحريض وتحميل المسؤوليات من دون أدلة ومن دون مناسبة ومن دون وقائع هذا إلى أين سوف يوصل؟
بالنهاية لا يوجد شارع واحد يتم تعبئته بل شارعين ييتم تعبئتهما، عليهم ان ينتبهوا، اننا نحن لدينا قدرة على ضبط شارعنا وامساك شارعنا واستجابة شارعنا لنا بنسبة كبيرة صحيح ولكن ليس بنسبة مئة بالمئة، وترون على شبكات التواصل الاجتماعي لا يوجد أحد قادر على مسك وضبط كل شيء، رغم كل توصياتنا وكلامنا، ما يحصل هو تعبئة لاكثر من شارع وتعبئة لأكثر من منطقة وتعبئة لأكثر من ساحة.
طيب فيما بعد من يستطيع أن يمسك ومن يستطيع أن يسيطر على الموقف، هؤلاء أنا الليلة أتهمهم ولدي الدليل العلني، من خلال بياناتهم وخطاباتهم ولغتهم وحدتهم وتعابيرهم ووجوههم وأنفاسهم، أنها تدفع لنبان إلى الحرب الأهلية.
هل مصلحة الشعب اللبناني الذهاب إلى حرب أهلية؟
هل مصلحة المسيحيين بالدرجة الأولى الذهاب إلى الحرب الأهلية؟
ربما هناك شباب الآن من الجيل الذي لم يعايش الحرب الأهلية، يجب أن يشاهدوا بعض الأفلام الوثائقية، ويجب على أهلهم تذكيرهم ما الذي تعنيه الحرب الأهلية؟ ماذا يعني الدمار؟؟ ماذا تعني خطوط التماس؟ ماذا تعني الهجرة من البلد؟ ماذا يعني أن بلد يخرب.؟
هذا الذي قاله الرئيس ميشال عون، أن الهيكل سيقع على رأس الجميع.
في الحرب الأهلية لا أحد يعرض أكتافه ويقول نحن نغلب وأنتم تغلبون أو أنتم تغلبون، بالحرب الأهلية الكل خاسر، حتى القوي خاسر وليس فقط الضعيف.
إذا أخذتم البلد إلى حرب أهلية فعلى ماذا تراهنون؟ إذا اندلعت حرب أهلية في لبنان أنتم تتوقعون أن أحدا في العالم سيتدخل ليوقف حربا أهلية في لبنان؟ طيب هذا الذي حصل في منطقتنا، في كل المنطقة، في كل دول المنطقة، هذا الذي يحصل الآن في السودان، العالم كله واقف ويشاهد، وملايين الناس تعاني من الجوع ومشكلة الغذاء والصحة والهجرة …الخ. هذا السودان بلد غني، لا نتحدث عن الماضي بل عن الحاضر، بالعكس إذا اندلعت حرب أهلية لا سمح الله في لبنان هناك الكثير من الدول التي ستعمل على تسعير هذه الحرب الأهلية، ترمي البنزين على النار وترمي الزيت على النار وأولهم إسرائيل، لأن الحرب الأهلية تستنزف الجميع وتضعف الجميع وتأخذ من الجميع أرواحا وفلذات أكباد ومصائر وأرزاق ومعنويات وهجرة. على من تراهنون إذا تريدون أن تشنوا حربا أهلية؟ من سيتدخل؟ أو على من تراهنون أن يساعدكم في الحرب الأهلية؟ إسرائيل؟ يعني مثل ما حصل في عام 1982؟ هذه إسرائيل اليوم – هذا ما كنت أتحدث عنه في البداية وأريد أن أصل إليه اليوم – إسرائيل اليوم غير إسرائيل 1982، غير إسرائيل بيغن وشارون، هذه إسرائيل اليوم التي تحدثنا عنها قبل قليل، لا تخدمكم أنتم ولا تخدم غيركم، في عام 1982 إسرائيل استخدمت قوى في لبنان لأنه كان لديها مشروع. أميركا؟ التي خرجت منهزمة من أفغانستان ومن غير أفغانستان؟
لذلك الدعوة اليوم هي دعوة إلى التعقل. من يستطيع أن يساهم؟ أنا برأيي الناس، الشعب، الرأي العام، خصوصا الرأي العام المسيحي، النخب، رجال الدين، العقلاء في الوسط المسيحي خصوصا، هم الذين يجب أن يوجهوا خطابا لهؤلاء ويقولون لهم “هدوا حصانكم”، هذا المسار التي تسيرون به سيأخذ لبنان إلى الدمار، سيأخذنا جميعا إلى الخراب، سيخرب الهيكل على رأس الجميع. هؤلاء الذين كل ليلة وكل يوم وكل ساعة يعيشون على حفلة المزايدات والاتهامات و”علي وخود جمهور” وما شاكل، لكن أين المنطق؟ أين العقل؟ أين المصلحة؟ رسالة الليلة في الحقيقة هي هذه.
هناك احتمال آخر، حتى لا أحصر أن هدفهم فقط الذهاب إلى حرب أهلية، يمكن أن يكون هناك احتمال آخر، أن هؤلاء هدفهم أن يوصلوا الرأي العام اللبناني إلى نقطة أن الحل لدينا في البلد هو التقسيم، طبعا التقسيم لن يحصل، واللبنانيون لن يسمحوا، والشعب اللبناني من كل الطوائف لن يسمح بحصول تقسيم. ولكن أيضا للناس الذين يفكرون ويتأملون بلحظة هدوء أيضا يدرسوا هل حقيقة أن التقسيم خيار؟ خصوصا المسيحيين، وأنتم عشتم تجربة إدارة ذاتية مدنية وعسكرية في السابق، عندما كان لبنان مقسم واقعيا، هل مصلحة أي طائفة في لبنان أن يحصل تقسيم في لبنان؟ ما هو المصير الذي ينتظر اللبنانيون والشعب اللبناني إذا قسم هذا البلد الصغير؟ اليوم المرحلة هي تحتاج إلى عقل، إلى هدوء، إلى تدبر وليس إلى المشي مع الغرائز، هناك أناس يريدون أن يبنوا زعامات – إذا أخذناها فقط في البعد الشخصي – وهناك أناس عندهم أجندات خارجية وارتباطات خارجية، وبمعزل عن النوايا هذا المسار هو مسار يؤدي إلى خراب البلد وعلى جميع من في هذا البلد أن يتحمل المسؤولية.
النقطة ما قبل الأخيرة، في الحوار بيننا وبين إخواننا وأصدقائنا في التيار الوطني الحر الذي بدأ منذ مدة، المسار الذي سلكه مسارا ايجابيا، طبعا يحتاج إلى بعض الوقت لأنه نناقش اقتراحات وأفكار ونصوص وعدد كبير من الصفحات، لكن الموضوع موضوع جدي ويمكن أن يصل إلى نتيجة إن شاء الله وأيضا يحتاج إلى بعض الوقت لأنه يحتاج إلى التشاور، لأن بعض الأفكار أو بعض المشاريع لا يكفي أن يتفق عليها حزب الله والتيار الوطني الحر، هذا يحتاج أيضا إلى مروحة تشاور وتوافق مع قوى سياسية أساسية في البلد، لكن الذي نعمل عليه نحن والتيار هو الاستفادة من الوقت، يعني من الواضح أننا مقتنعين أنه لا يوجد وقت وليس لدينا ترف وقت ويجب أن نعمل ليلا نهارا رغم أن هذه تحتاج إلى الوقت ولكن يجب اختصار الزمان ما أمكن للوصول إلى النتيجة الممكنة والمطلوبة.
بطبيعة الحال، منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها عن أن هناك حوار من هذا النوع، هناك قوى سياسية فتحت جبهة طويلة عريضة على التيار وعلينا لأن هناك قوى سياسية لا تريد أي حوار بين اللبنانيين، هي تريد تخندق، تريد اصطفافات، تريد انقسامات عامودية، تريد تعبئة، مثل ما كنا نتحدث قبل قليل. نحن حريصون على الحوار والتلاقي لأننا مقتنعين أن هذا البلد لكل اللبنانيين ولا أحد يستطيع، سابقا تحدثت وأعيد وأقول، هذه قصة الطائفة القائدة والطائفة الحاكمة في لبنان، الطبيعة والتركيبة السكانية والديموغرافيا والجغرافيا والتاريخ والحاضر والماضي والمستقبل، الناس جربت، هذا ليس له أي أفق، هكذا نكون قد جربنا بأنفسنا وبدمنا وبعرقنا وبأولادنا وبمستقبل ناسنا، هذا البلد يقوم على الشراكة، طبعا الشراكة ليست هينة، الشراكة ليست سهلة، لكن لا يوجد خيار آخر، لا يوجد خيار آخر غير أن تتحدث الناس مع بعضها وتتحاور مع بعضها وتمشي مع بعضها، الناس تمشي مع بضعها ولو ببطئ أفضل من أي خيار سيء آخر. نأمل إن شاء الله أن نصل إلى نتيجة.
النقطة الأخيرة التي هي نقطة إنسانية بالحقيقة أن أحببت أن أشير إليها، حصلت حادثة من عدة أيام هناك شاب اسمه المرحوم علي حسن شرف الدين، شاب 15-16 سنة، طبعا هو بكشافة الإمام المهدي عليه السلام، من الجوالة، حصل معه حادث سير وتوفاه الله سبحانه وتعالى، وهو بالمستشفى بعض الجهات المعنية اتصلت بوالده وبوالدته وتحدثوا معهم عن موضوع وهب بعض الأعضاء للمرحوم علي لأنه إذا حصل هذا الوهب هناك عدة حالات حياتها مهددة بالخطر يمكن أن يساهم في نجاتها من هذا الخطر. الوالدان الشريفان والكريمان أخذوا موقفا ممتازا، موقفا إنسانيا، موقفا شريفا وموقفا لله وللآخرة، لهم ولعلي، ووافقوا على وهب بعض الأعضاء وأجريت بعض العمليات وتكلل بعضها بالنجاح مما أدى إلى نجاة بعض الأشخاص من خطر الموت.
أولا أنا أحب أن أتوجه بالشكر لهذه العائلة الشريفة، لوالد علي ولوالدته، أعزيهم بفقد علي وتقبل الله منهم هذه الخطوة الشجاعة والإنسانية، وإن شاء الله هذا في الدنيا والآخرة يشاهدوا بركاته.
وأيضا للإستفادة من هذه التجربة، قبل مدة الإخوان أسسوا جمعية أسموها جمعية “من أحياها” وأجروا حركة داخلية حتى يكتب الناس بوصيتهم أو يوصون بوهب أعضاء من جسدهم حين الوفاة. لجهة العلم حتى الآن الذين انتسبوا إلى هذه المبادة 2570 شخص سجلوا أنهم مستعدون لوهب أعضاء من جسدهم في حال الوفاة وأعمارهم تتراوح بين 20 سنة و 40 سنة. أنا أريد أن أؤكد على هذه المبادرة خصوصا أمام المثال والنموذج الإنساني الأخلاقي الرفيع الذي قدمته عائلة الفقيد علي حسن شرف الدين رحمة الله عليه وبارك الله فيهم. في الحقيقة هذه ثقافة الحياة، هذا شكل من أشكال التضيحة، نحن نفتخر بهذه العائلات ونفتخر بهؤلاء الناس، هناك شهداء يقدمون أرواحهم ودماءهم ليحيى شعبهم وليحيى وطنهم وتحيى أمتهم وتستعاد مقدساتهم وأيضا إذا قدر لهم أن يموتوا في حادث سير أو في وفاة طبيعية أو في مرض ويمكن لبعض أعضائهم أن تهب الحياة لآخرين لا يترددون في ذلك، هذا عمل يحسب عند الله سبحانه وتعالى، له الكثير من الأجر والثواب، والله سبحانه وتعالى يقول “ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا”.
وختم نصرالله: “على كل حال، أيها الإخوة والأخوات مجددا أبارك للبنانيين جميعا، لشعوبنا العربية والإسلامية، لكل مؤيدي جمهور المقاومة ومحور المقاومة في العالم وفي المنطقة هذا اليوم المبارك والعظيم والمجيد والكبير الذي عبر عن مستوى الصمود والتحدي والإرادة وروح التضحية والثبات والشجاعة والجرأة والإيمان واليقين والعزم والحماسة والحضور في الميدان والثقة بالله سبحانه وتعالى والذي صنع الانتصارات، ومن ذلك اليوم قلنا دخلنا في زمن الانتصارات وولى زمن الهزائم، وحتى الآن نحن ما زلنا نعيش في هذا المعنى وسيستمر بعونه تعالى هذا المعنى لأن مسار المقاومة ومحور المقاومة هو مسار تصاعدي، صحيح هناك صعوبات، هناك آلام، هناك معاناة، هناك حصار، لكن من حيث المجموع إذا ما قيس بكل الظروف السابقة، إذا ما قيس بكل المشاريع التي كان يراد إقامتها بالمنطقة من مشروع شرق أوسط جديد وشرق أوسط كبير وتثبيت الكيان ومسح القضية الفلسطينية وتغيير معالم المنطقة، اليوم نحن في مسار تصاعدي أفقه واعد، أفقه مفتوح، نمشي إن شاء الله بأقدام ثابتة وبقلوب يملؤها اليقين نحو النصر النهائي والمسألة هي مسألة الزمن، لكننا سنواصل أيا تكن الصعوبات والتحديات والطعنات”.