كتبت صحيفة “النهار” تقول:
مع ان الواقع الداخلي الذي سبق الأسبوعين الأخيرين اللذين طبعتهما توترات امنية متنقلة من اشتباكات #مخيم عين الحلوة الى جريمة #عين ابل الى اشتباك كوع الكحالة، لم يكن يوحي باي ارتياح او توسم لانفراج في أي من الازمات المصيرية التي تحكم قبضتها على خناق اللبنانيين، فان ثقل التداعيات التي ارختها الفترة القصيرة المضطربة امنيا، وخصوصا بعد حادث الكحالة تسبب بما يخشى ان يعمق #الازمة السياسية الرئاسية اكثر فيما تقف #الازمة المالية عند مشارف اختبارات صعبة مع الاقتراب من أيلول #الاستحقاقات المقلقة.
ولفتت جهات سياسية واسعة الاطلاع الى ان اكثر ما يثير الشكوك والمخاوف حيال عدم الرهان على اختراق مأمول للازمة الرئاسية في الموعد المبدئي الذي ضربه الموفد الفرنسي جان ايف لودريان لحوار بين الافرقاء اللبنانيين في أيلول المقبل، ان القوى السياسية قاطبة لا تظهر ادنى المؤشرات على توقع نجاح الخطوة المقبلة في حين ان هذه القوى استسلمت عمليا وواقعيا للانتظار كأنها لا تملك أي خيار او قناة من شأنها لبننة الحل او انها ترغب في تمديد الانتظار الى امد غير محدد. وتبعا لهذا المناخ فان ما زاد عليه من سلبيات في الأيام الأخيرة يكفي أيضا لزيادة التوجس في صدد أي فرصة واقعية لانهاء ازمة الفراغ الرئاسي بعدما رفعت تداعيات حادث الكحالة “العدوانية” المتفاقمة بين “حزب الله” من جهة، وقوى عدة من خصومه ولا سيما منهم المسيحيين من جهة أخرى، الى ذروة مثيرة للقلق الكبير. ذلك انه في رأي هذه الجهات وان كان هناك مواقف واتجاهات ثابتة لم تتبدل رغم كل شيء بالحفاظ على السلم الاهلي واحتواء الاحداث التي تتضخم الى حدود التهديد باثارة مناخات طائفية حادة، فان ما جرى أخيرا كشف حالة احتقانات مخيفة لا يمكن تجاهلها وطمر الرؤوس في الرمال من دون البحث الجدي في بداية تنفيسها علما ان ليس سوى العودة الى المسار الدستوري بدءا بانهاء ازمة الفراغ الرئاسي ما يساهم بسرعة في امتصاص الاحتقانات واطلاق مسار إعادة تطبيع الأوضاع المهترئة في البلاد.
وفي انتظار ما قد يطرآ من تطورات ومعطيات تتصل بأزمة الاستحقاق الرئاسي، ظلت أجواء تداعيات حادث الكحالة في واجهة المشهد الداخلي. وأفادت معلومات بأن الذخائر التي صادرها الجيش ليل الاربعاء من شاحنة “حزب الله” في الكحالة لم تسلم للحزب. وكشفت المعلومات، أن “حزب الله ” تواصل ليل حادث الكحالة بمديرية الاستخبارات في الجيش وطالب باستعادة ذخيرته فكان الجواب ان الامر بحاجة الى معالجة مختلفة. وشيعت الكحالة امس ابنها فادي بجّاني الذي قتل في الاشتباك مع مقاتلين من “حزب الله” كانوا يواكبون الشاحنة التي تنقل ذخائر وانقلبت عند كوع الكحالة . ووسط حشدٍ شعبي كثيف واطلاق مفرقعات، نُقل نعش بجاني على الراحات الى كنيسة مار انطونيوس تمهيدا لمراسم الدفن التي أقيمت عند الرابعة بعد الظهر برئاسة راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر. واكد عبد الساتر في كلمته أنّ “ما حصل بالأمس هو مأساة وطنيَّة لا يجب أن تتكرَّر أبدًا ولأي سبب كان. كفانا موتًا وحزنًا وسوادًا. كفانا دموعًا وترملاً وتيتمًا. لذلك نطالب جميع المسؤولين السياسيين والحزبيين والأمنيين زيادة الجهود لتحقيق الأمن لكلِّ مواطن في بيته وفي بلدته، في النهار وفي الليل، وأخذ الإجراءات الوقائية التي تمنع اللجوء إلى السلاح والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد أو المنطقة الواحدة. إننا نطالبهم بدعم وتفعيل القضاء حتى يصل كل صاحب حق إلى حقه بالسبل الصحيحة”. وقال “الفتنة تترصّدنا وشعبنا منهك والحرب شرٌّ متفلّت لا يمكن لجمها. إننا ندعو الجميع إلى ضبط النفس والتفكير في لبنان أولاً. ونطلب من كلِّ زعيم وقيادي ونائب ووزير ورئيس بلديّة ومختار العمل الحثيث على منع الاحتقان الطائفي وعلى نبذ الأحقاد ورفض التعصّب المناطقي والحزبي والديني والعيش معًا متساوين في الحقوق والواجبات بكلِّ كرامة في الوطن الرسالة، لبنان”.
حملات “الحزب”
ولعل المفارقة المستغربة التي تواصلت فصولها منذ حصول الحادث تمثلت في استمرار “حزب الله” باطلاق الاتهامات والمواقف التصعيدية من مثل اتهامه لاهالي الكحالة وخصومه السياسيين بافتعال الصدام. وفي هذا السياق اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” الشيخ علي دعموش امس “ان ما جرى في الكحالة، هو نتيجة التحريض والتجييش والكذب الذي لا ينفع في شيء سوى في دفع البلد نحو الفتنة التي يريدها اعداء لبنان وفي مقدمهم العدو الصهيوني”. وأضاف “البيئة المسيحية عموماً تعرف هذه الحقائق عن المقاومة وهي ليست بيئة معادية للمقاومة، لكن حجم التحريض والتضليل والكذب الذي تمارسه الميليشيات المسيحية والاعلام الخبيث المدفوع الثمن الذي يبث الاكاذيب ويعمل على تجييش اللبنانيين ليلا نهارا ضد المقاومة، هو الذي يصنع مناخا معاديا للمقاومة لدى المسيحيين”. وقال “لن نسمح لهؤلاء الحاقدين ومن يقف خلفهم أن يأخذوا البلد نحو الفتنة . مواقف التحريض على المقاومة التي نسمعها من بعض الابواق السياسية والاعلامية التي امتهنت التحريض والتضليل وتزوير الحقائق واثارة الغرائز الطائفية، لن تنجح في أخذ البلد نحو الفتنة، لأن في لبنان قوى ومقاومة عاقلة وقوية، تصبر من موقع القوة، وتعرف كيف تتصرف بحكمة، وهي حريصة على وحدة البلد وسلمه الاهلي، وترفض ان تنجر الى فتن داخلية”.
وعلى غراره حذر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان “من اللعب بخطوط إمداد المقاومة، لأن لا مصلحة في ذلك إلا للصهيوني والعميل، والمقاومة خط وطني أحمر، ولا قيمة للبنان بلا مقاومة، والمقاومة فوق الطائفية، وأنتم تعلمون ذلك، وهي أكبر ضرورات سيادة لبنان”.
الكتائب : مع الشركاء
ذلك اوضح مصدر كتائبي لـ”النهار” موقف رئيس الحزب النائب سامي الجميل من الكحالة، نافياً ان يكون خلف حديثه “اي اتجاه للسلاح او التسلّح”.
وشدد المصدر على ان “الكتائب تعتبر لبنان مخطوفاً واللبنانيين رهينة بيد حزب الله وكل الاستحقاقات الدستورية اصبحت ايضاً رهينة ارادته وذلك اثبت بالتعطيل ومنطق الفرض”.
واعتبر المصدر “أننا لم نعد في لحظة سياسية تقليدية، فعلى حزب الله ان يقرر اذا كان يريد العيش مع باقي اللبنانيين تحت سقف الدستور والمساواة ام لا”. وقال:”اما نحن، فنعتبر ان لا فائدة من جميع النقاشات السياسية التقليدية التي تحولت الى ملهاة عن القضية الام وهي استعادة قرار اللبنانيين ودولتهم، وسنعمل على تجميع القوى للصمود داخلياً والمطالبة ودولياً بتطبيق القرارات الدولية 1559 و1701 وايجاد حل جذري لمشكلة السلاح مستعملين جميع الادوات السلمية الموجودة بين ايدينا لاننا لا نؤمن بالعنف لحل النزاعات ولكن للنضال السلمي مروحة كبيرة من الخطوات التي ممكن استخدامها.” وختم: ” لحزب الكتائب خارطة طريق سيناقشها مع الشركاء في المعارضة للبدء بمسيرة التحرر”.
تقرير التدقيق الجنائي
الى ذلك ينكب النواب والمعنيون والخبراء الاقتصاديون على درس تقرير التدقيق الجنائي في مصرف لبنان الذي وضعته شركة “الفاريز اند مارسال” ووزع قبل يومين. وامس تسلم رئيس مجلس النواب نبيه بري التقرير كما جرى تعميم التقرير على جميع النواب. وبات معلوما ان التقرير شكل ادانة حاسمة لسياسات الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة بعد تأكيده أن الحاكم السابق كان يتمتّع بسلطة “بلا حدود” بينما انتهج سياسات هندسة ماليّة مكلفة.
واكد التدقيق أنه تم دفع “عمولات غير قانونيّة” قيمتها 111 مليون دولار من حساب بالبنك المركزي بين 2015 و2020، موضحاً أنّ هذا فيما يبدو استمرار لخطة كانت سبباً في بدء التحقيقات مع الحاكم السابق للمصرف رياض سلامة في الداخل والخارج. وأشارت “ألفاريز آند مارسال” إلى “غياب الحوكمة الجيدة بشكل عام وترتيبات إدارة المخاطر” في البنك المركزي، ودعت إلى تحسين الرقابة من أجل “تخفيف أي مخاطر مالية أخرى تنشأ عن سوء السلوك في مصرف لبنان”.
ونقل التدقيق عن محاضر اجتماعات المجلس أن “حاكم (مصرف لبنان) احتكر المناقشات والقرارات”، وأن المجلس “لم يحقق الحد الأدنى من معايير الحكم الرشيد الموجودة في ممارسات البنوك المركزية على الصعيد الدولي”. وجاء في التدقيق أن مدفوعات، حُددت قيمتها الإجمالية بنحو 111.3 مليون دولار على مدى السنوات الخمس التالية لسبعة بنوك واحد منها سويسري وستة بنوك لبنانية من حساب تابع للبنك المركزي، كانت نقطة محورية في تلك التحقيقات. وأضاف “يبدو أن هذا استمرار لمخطط العمولات الذي تحقق فيه سلطات الادعاء اللبنانية والدولية”.
يشار الى ان سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بخاري التقى امس في مكتبه في السفارة، حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري وافيد انه “جرى خلال اللقاء عرض العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين ومناقشة المستجدات والتطورات الراهنة على الساحة اللبنانية على كل الصعد بالإضافة إلى بحث عدد من الموضوعات ذات الإهتمام المشترك”.
كيوسك : مصدر كتائبي ينفي لـ”النهار” أي اتجاه للتسلح : سنناقش خريطة طريق مع الشركاء .
تقرير التدقيق الجنائي يفند العمولات غير القانونية بقيمة 111 مليون دولار.