Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الخطيب: الإمام الحسين قضية إسلامية وإنسانية وإحياء مجالسه ليست من أجل الماضي بل للحاضر والمستقبل

أشار نائب رئيس “المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى” الشيخ علي الخطيب أن “البعض لا يزال، عن حسن نية أو سوء نية، يوجه الانتقادات لإقامة مجالس العزاء الحسيني المباركة التي طالما تعرضت لهجمات تتخذ في بعض أوجهها الحملات الاعلامية التي تنتقد إقامتها، وتصنفها ضمن العادات المتخلفة. وثانية بأنها تعمق الانقسامات الطائفية وتثير النعرات والفتن المذهبية في حملة تشويه ممنهجة مقصودة، وبعضها ناتج عن جهل وعدم فهم للعلاقة التي تربطنا بالإمام الحسين وبأهل البيت، ولأهداف هذه المجالس التي قصد بها تعميم هذه الثقافة وأدبياتها وقيمها الإنسانية والإسلامية لتهيئة الأرضية المناسبة للأمة، لتحقيق أهداف الرسالة في تحمل المسؤولية الاجتماعية والسياسية والثقافية والمعنوية التي تؤهلها لمواجهة الفساد والعمل على إيجاد المجتمع الصالح”.

وقال الخطيب، خلال مجلس عاشورائي في دارة القاضي الشيخ مهدي سليمان يحفوفي في بعلبك، قدم له الدكتور مهدي مشيك، في حضور مفتي بعلبك والبقاع الشيخ خليل شقير، الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك ممثلا برئيس مكتبه نجله حسن وحشد علمائي، “لقد رأى البعض ان الحسين لا يبكى لأنه لم يمت ذليلا ولا جبانا فلقد أخطأ التقدير، لأن البكاء لا يكون على الذليل والجبان، إن البكاء يكون على الأبطال والعظماء، على الحسين لما جرى له من انتهاك حرمته التي هي حرمة رسول الله التي هي حرمة الإسلام من أعمال همجية، يندى لها جبين الانسانية من أمة عدت على ابن بنت نبيها وعلى حرم رسولها في كارثة أخلاقية لم يسبق لها مثيل في التاريخ”.

وأضاف: “إن الحسين بنفسه قضية إسلامية وإنسانية، فهو من العترة الطاهرة وهو من أهل البيت الذين أفرد الله ذكرهم في قرآنه دستور الأمة بآية التطهير وفي كلام نبيه الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، حيث أعطيت الآية كما قول رسول تفسيرات تفرغهما من مضمونهما ومن معناهما الحقيقي لتبرير الانحراف عنهما مع وجود النص الصريح، (فالحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا). ولقضية الحسين، فللحسين قضية من أجلها أستشهد في زمن استثنائي وظروف استثنائية، لأمة الحسين التي تخلفت عن واجبها ومهمتها أن تكون خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، عن شهادتها على الأمم لإنقاذ العالم وتحقيق العدالة، عن تخليق العالم بأخلاقها وقيمها في مواجهة الفساد، في إحقاق الحق وإبطال الباطل، في الشجاعة والاستعداد للتضحية بالخاص لمصلحة العام الإنساني، في تخليص الإنسان من الأنانية ومن عبادة الذات والصنمية والعبودية الى (كونوا أحرارا في دنياكم) وتحمل المسؤولية”.

وتابع:”نبكي هذه القيم التي تجرع الإمام الحسين كأس مرارة الدفاع عنها بالفاجعة التي حلت به ، وبأسرته وأنصاره الأحرار والانحطاط الأخلاقي الذي عبرت عنه ممارسة السلطة وأنصارها وعبيدها. نبكي الحسين لأنه كل هذه القيم، وثورة الحسين لم تنته في كربلاء، وكربلاء لم تنته مع الزمن الذي مضى، فهي تجري مع الزمان في وجه الظلم والجور ، إلى أن تقضي عليه نهائيا بقيام الحجة ابن الحسن المهدي المنتظر، وتحقيق دولة العدل الإلهي”.

واعتبر ان “فاجعة كربلاء هي صورة النظام الأموي الوحشية التي يجب تركيزها في العقول والنفوس، لتبقى دافعا قويا لمواجهة الظلم والانحراف. نحن لا نحيي مجالس الحسين كذكرى مرت في التاريخ، هي ليست من أجل الماضي بل للحاضر والمستقبل، ليست من أجل تكريمه فقط وإنما من أجل كرامة الانسان أيضا، فالحسين ثار الله وابن ثاره، (السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره). لهذا نحن نبكي الحسين ونبكي للحسين، وللحملات التي استهدفت مجالس العزاء، وجهها الآخر وجه العنف والقمع والملاحقة والسجن والقتل والتبرير السلطوي لهذه الممارسات الإرهابية ومنع أثرها في تنمية الوعي المجتمعي في توجيه الرأي العام وتنبيهه إلى عدم شرعية النظام القائم على البطش والعنف وكم الأفواه عن قول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر والإصلاح ومنع الإفساد والتصرف بالأموال العامة لإشباع غرائز الحاكم واهوائه (واتخاذ مال الله دولا وعباده خولا) في استعباد الأمة واسترهانها ليستمر في الإفساد وفي التمتع بالسلطة ومنافعها دون حسيب أو رقيب بدل ان تستثمر في خدمة الأمة وتحقيق اهدافها الرسالية”.

وقال: “أما في الزمن المعاصر فقد طورت السلطة وعملاؤها من أعلام وكتاب وجماعات مذهبية وإرهابية أساليبها بخبث ودهاء عجيب في التبرير للقمع بتصويرها لمجالس العزاء بأنها أداة فتنة وانقسام بين أبناء الأمة وإعطائها وجها مذهبيا هي بريئة منه، فشوهت أهداف المجالس الحسينية من أداة لنشر الوعي المجتمعي والإصلاحي لتصنع منه عند الأمة وجها قبيحا، كما أعطت انطباعات بأن المشكلة شخصية بين الحسين ويزيد استمرارا لمشكلة الصراع على السلطة بين علي ومعاوية وبين أمية وهاشم تبنيا لمقولة النظام الاموي في التشويش على الخط الرسالي أمام جمهور المسلمين، وحرفه عن حقيقة الصراع وانحراف السلطة باعتبارها أداة المجتمع لتحقيق أهدافه الرسالية. لقد عمل النظام الأموي بحرفية عالية للوصول إلى أهدافه الخبيثة وتوسل لذلك باتخاذه عدة خطوات:

الأولى: اتخاذه الفاسقين حزبا والصالحين حربا، فقد جمع حوله كل من كان معاديا للإسلام ومظهرا لعداوة رسول الله وأهل بيته، واستخدمهم في المهمات القذرة وولاهم الاقطار واقطعهم الاقطاعات.

الثانية: اشترى ذمم الرواة ليفتروا على رسول الله كذبا في مدح بني أمية وذم علي وإجبار الناس على البراءة منه وملاحقة الاخيار ومن روى رواية عن رسول الله يمدح فيها عليا فقد برأة منه الذمة وحل سفك دمه، وقتل الكثيرين ومنهم حجر ابن عدي وابنه في قصة معروفة وهو صحابي جليل لأنه امتنع عن البراءة من علي وهو معروف وممدوح من المسلمين قتله في مرج عذراء التي كان فتحها على يديه وخباب بن الأرت كذلك وغيرهم الكثير أتبعه باتهام علي بالكفر ولعنه على المنابر وانه لا يصلي حتى استغرب الناس في الشام عندما علموا أن عليا استشهد في المحراب وهو يصلي، فتساءلوا هل أن عليا كان يصلي؟

الثالثة: شراء رؤوس القبائل وإشغال المجتمع بخلافات قبلية والهائه عن القيام بوظيفة الإصلاح ومعارضة النظام ومواجهة الفساد عن قضيته الرسالية.

– إستصدار فتاوى في قتل الحسين.

– الإمساك بمفاتيح التأثير في المجتمع والإمساك بها وحرمان المعارضة من أي قوة تمكنها من مواجهة السلطة وتحقيق الاصلاح، وهي: الحكم، المال، القوى المؤثرة في الرأي العام، الرواة الذين يمثلون اليوم القوة الإعلامية، القوى الاجتماعية وهم رؤساء القبائل، فلم يبق مجال أن تتكون معارضة فاعلة للضغط على السلطة، وبالتالي تحققت كل عوامل الاستقرار للسلطة واستمرارها.

والاخطر من كل ذلك، هو الإمساك بمفاتيح التكوين الديني والثقافي للمجتمع وهم بعض من يعطون عنوان القداسة، وبالتالي فهم الذين يعبرون عن الدين ويشكلون ثقافة المجتمع عبر المدارس الدينية وخطب الجمعة والقضاء وحق الفتيا، وكل من لا يسير بنفس الاتجاه الذي تريده السلطة لا يسمح له بالإفصاح عن رأيه أو ممارسة اي نشاط يؤثر على الرأي العام، فيحرم من حق الحديث بالرواية والقضاء والفتيا والصلاة الجامعة وخطب الجمعة ويصنف خارجيا أي الخارج على المجتمع وليس السلطة فقط، وبهذا يصبح محاصرا من السلطة والمجتمع ومحروما من الحقوق الدينية والمدنية”.

ورأى أن “الأساس في المشكلة من يمسكون بتوجيه الرأي العام في المجتمع الذين إما خضعوا لبطش السلطة أو استجابوا لها، تلبية لرغباتهم وشهواتهم واطماعهم، وقاموا بتوجيه الرأي العام في المجتمع طبقا لمصلحة السلطة الذين عرفوا فيما بعد بفقهاء السلطان، فقهاء السلطان لم ينتهوا وما زالوا يمارسون نفس الوظيفة بذكاء اكبر، وفقهاء السلطان أصناف حسب السلطان فهناك سلطان وهناك سلطان السلطان فقهاء للسلطان وفقهاء لسلطان السلاطين وسلطان السلاطين يتمثل اليوم بالغرب الذي يسوق أفكاره وثقافته عبر فقهائه للسلاطين الصغار، وهو يسوقها عبر فقهائه للناس والمجتمع عبر آلياته المتعددة الاعلام والاعلان وهو أخطرها، ثم عبر القوى السياسية والمراكز الثقافية المرتبطة فيه التي يضغط عبرها ليجعلها أمرا واقعا ليسهل عليه تمريرها عبر المجالس التمثيلية ليصدرها عبر تشريعات قانونية، هذه هي الآلية التي يعمم فيها الغرب ثقافته وسياساته التي تمكنه من الإمساك برقبة الشعوب”.

وقال:”شعوبنا اليوم تواجه هذه المعضلة، دول لا حول لها ولا قوة تمكنها من مواجهة الغرب وأدواته الداخلية التي بعضها جزء من السلطة التشريعية والتنفيذية، فضلا عن انقسام المجتمع طائفيا وانهيار مؤسسات الدولة والاقتصاد الوطني والنقدي، مما يسهل على الجمعيات المرتبطة به والممولة منه استغلالها لاستخدام المساعدات المالية لنشر ثقافة الفساد الأخلاقي والشذوذ الجنسي وتحويلها لجعلها أمرا واقعا تتبناه شريحة واسعة من المجتمع كما يستخدم لذلك ادواته الخارجية كالحصار والعقوبات الاقتصادية.إذا نحن نفتقد المناعة المؤسساتية للدولة والمجتمعية للأسباب التي ذكرناها، فكيف يمكن لمجتمعنا مواجهة هذا الخطر وآفاته القاتلة”.

وأكد أنه “رغم هذه الصورة القاتمة، فإننا لسنا معدومي الحيلة فلدى أمتنا مخزونا ثقافيا وأخلاقيا هائلا إضافة الى العادات والتقاليد التي تشكل أساسا صلبا في وجه هذه الأخطار إن أحسنا التخطيط للاستفادة منها في مواجهة الحرب الثقافية اللاأخلاقية للغرب، واستنفار طاقاتنا الثقافية والجمعيات والنوادي التي تعنى بالشأن التوعوي والاجتماعي والثقافي والتربوي الإسلامي والوطني وعلماء المناطق وخطباء المنبر الحسيني”.

وختم:”إنها معركة قيم دينية ووطنية ثقافية، لهذا يجب أن يكشف الجميع عن ساعد الجد، فساعة الجهاد الثقافي والتربوي والتوعوي الاجتماعي الوطني قد حان حينه وكل تهاون في هذا السبيل خذلان للمجتمع والأمة والوطن بل خيانة لله ورسوله، نحن الآن في مواجهة كربلائية ثقافية جديدة مع يزيد جديد، هو يملك المال والسلطة والعقوبات والجيوش الإلكترونية والقنوات التلفزيونية إمبراطوريات هائلة وقوة الباطل ونحن نملك قوة الحق، ما أشبه اليوم بالأمس فهل نحن مع باطل يزيد أم مع حق الحسين؟ فالحسين إنما قاتل لهذا وأستشهد من اجله، واعلموا ان النصر للحق والله هو الحق، إن الله وعدكم النصر: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا”.