أعلن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أنه أحيا الليلة العاشرة من محرم في مقره وبرعاية وحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب وفي حضور علماء دين وشخصيات سياسية وقضائية وعسكرية وامنية وتربوية واجتماعية ومواطنين.
وتلا المقرئ احمد المقداد ايات من الذكر الحكيم، كما والقى العلامة الخطيب كلمة قال فيها: “… هذه الليلة هي ليلة العاشر من شهر محرم والإمام الحسين (ع) وأهل بيته في صحراء كربلاء محاصرون حيث انتهت المفاوضات مع قادة الجيش الاموي الذين أصرّوا وبناءً على أوامر يزيد ان يضعوا الامام الحسين (ع) بين خيارين بين السلة والذلة وقد كان هذا الامر واضحاً لمن معه وعرفوا ان الحرب واقعة لا محالة مع عدم تكافؤ القوى عدداً وعدةً بين الطرفين، وأَن المعركة العسكرية لن تكون لصالحهم وهم محاصرون حصاراً مُطبقاً من كل جانب وحيل بينهم وبين الفرات مع وجود النساء والاطفال كان من الطبيعي لأي جماعة تعيش نفس الظروف وترى أن هناك مجزرة تنتظرها أن يَحدُث فيها اهتزاز في معنويات بعض أفرادها ويخلق لديهم حالة من التردد في الاستمرار على نفس الموقف، كان هذا اختباراً لهم هل يستمرون في نفس الموقف أو يتراجعون؟ ومن الطبيعي ان القائد وهو الامام الحسين (ع) كان يدرك جيداً هذا الأمر وانه غداً سيخوض بهم معركة تاريخية وتاريخيّتها في استثنائيّتها من جهة النتائج التي يريد تحقيقها بشهادته وآل بيته واصحابه بهذه الفاجعة الرهيبة وأن يُحدِث الانقلاب في حالة الأمة التي استكانت وتعايشت مع الوضع القائم، إذ استطاع بنو أمية تدجينها بحيث باتت تستسيغ العيش الذليل وأن ترى الفساد والانحراف والمنكرات والمظالم يرتكبها النظام جهاراً نهاراً دون أن يجرؤ أحد على الاعتراض أو إبداء الرأي”.
وأضاف: “من حيث العدة والعدد فلا توازن وهي تشكل نقطة الضعف التي قد تسبّب الانهزام النفسي لدى جيشه فيُسْلِمُهُ إلى عدوه وتفشل الخطة التي أعدها لتحقيق هذا الهدف، لذلك جمع هؤلاء وأخبرهم حقيقة الوضع وما سيؤول اليه الحال وانه لا يطالبهم بشيء وليتخذوا من هذا الليل جملاً، أراد بذلك اختبار نيّاتهم ومدى إخلاصهم وثباتهم مُحكِماً خطته ليضمن النتيجة التي أرادها. وهكذا كان فقد أظهر هؤلاء إصراراً على نصرته والثبات معه والاستشهاد بين يديه من دون تردد وتقديم أنفسهم واموالهم وابنائهم دون أهل البيت، فقالوا له: أنفسنا دون أنفسكم وابناؤنا دون أبنائكم تعبيراً عن الثقة المطلقة بالقيادة وبأحقيّة القضية وعدالتها وعدم التردد في الشهادة في سبيلها وهي العناصر الأساسية التي ينبغي أن تتوفر في أي معركة يراد لها أن تصل إلى أهدافها ولو في المدى البعيد، وحينما سألت السيدة زينب اخاها الحسين (ع) عنهم وهل اختبر نيّاتهم حتى لا يسلموه للأعداء أجابها (ع): (ولقد بلوتهم فلم أجد فيهم الا الاشوس الاقعس يستأنسون بالمنيّة دوني استئناس الطفل بمحالب امه)”.
وتابع: “وقد عبّرت السيدة زينب (ع) عن ذلك تخاطب يزيد في الشام بعد شهادة الامام الحسين (ع) حين أنشد الشعر أمامها شامتاً جزلاً وفرحاً بمقتل الحسين: ليتَ أشياخي ببـدرٍ شَهِـدوا جَزَعَ الخزرجِ مِن وَقْعِ الأسَلْ
فأهَلَّـوا واستَهـلُّـوا فَرَحـاً ثمّ قالـوا: يا يزيـدُ لا تُشَلّْ! لستُ مِن خِنْدَفَ إنْ لم أنتقـمْ مِن بني أحمدَ ما كان فَعَـلْ!
توجّهت اليه بالتوبيخ قائلةً له: فوَاللهِ ما فَرَيتَ إلاّ جِلْدَك، ولا جَزَزْتَ إلاّ لحمك، تخاطبه بقوة المنتصر لا بذلّ المنهزم رغم ألم الفاجعة التي لم تقتصر أن عاشتها بكل تفاصيلها وجزئيّاتها فرأت إخوتها والشهداء مطرحين على الرمضاء كالأضاحي، بل إنّ ما حدث بعد المعركة من هجوم الاعداء على المخيم وما أصاب النساء من الخوف والذعر وحرق للخيام وتشتّت الأطفال في الصحراء وسلب النساء والاطفال والأَسْر بعد ذلك ما يهدّ الجبال الرواسي، نراها بعد كل ذلك تتصرف انها المنتصر وان عدوها المهزوم فقلبت النتيجة وأحسّ معها يزيد بخسارة المعركة”.
وقال: “لقد بدأت أعلام الانتصار لثورة الامام الحسين من هذا المشهد حيث يمكننا القول ان معركة الانتصار لثورة كربلاء خاضتها السيدة زينب (ع) في الشام وكتبت فيها نهاية الانقلاب الذي قام به بنو أمية على مشروع الأمة مشروع الإسلام من هذه اللحظات ولذلك يمكن القول ان لمعركة كربلاء بطلان الامام الحسين والسيدة زينب عليهما السلام، وإن الإسلام مدين بعد الله تعالى للإمام الحسين والسيدة زينب حيث أسّسا لمرحلة جديدة من التاريخ قضيا فيها على عقدة الخوف لدى الأمة التي أحدثها معاوية بن أبي سفيان لملاحقته كل من عارضه بالاغتيال بدسّ السم حتى عرف ذلك شعاراً له او القتل أو السجن أو النفي، وخصوصاً لمن كان موالياً لعليّ بن أبي طالب (ع)، فقد لاحق شيعة عليّ تحت كل حجر ومدر حتى إذا أراد احد أن ينتقم من أحد بالقتل وشى عليه بأنه شيعي، والامر الثاني تفويت الفرصة عليه بجعل الإسلام ستاراً لشرعية الحكم الاموي وإبقاء الإسلام سالماً ونقيّاً من التحريف والتشويه”.
وأكد أن “الشيعة تاريخياً دفعوا ثمن الحماية للإسلام والأمة ولم يكن لهم مشروع خاص سوى ذلك، فهم لم يخوضوا معارك مذهبية وإنما خيضت ضدهم وعُمِل دائماً على التشكيك بهم وبأهدافهم من قبل الانظمة التي رأت في نهجهم خطراً عليها، فهم أبطال الدفاع عن حرية الرأي والمعتقد والانتقاد عندما يرون في انحراف الحاكم خطراً على الامة ومعتقداتها وأبطال الدفاع عن قضايا الامة المحقة. وإنّ مشكلة الشيعة هي مع الحاكم الجائر والمنحرف ولهذا تعرّضوا للاضطهاد والملاحقة والتشويه والتكفير الذي مازال حتى اليوم سيفاً يُسلَّط عليهم كلما وجدت الانظمة المُظلِلَة فرصة لذلك ومصلحة تخدم أهدافها وحرّضت عليهم وعملت على عزلهم عن الامة ومحاصرتهم”.
وجزم: “ليس هناك أي مشكلة مع الأمة أو مع الفرق الاسلامية الأخرى، فالشيعة وبالأخص الإمامية لم يسبق أن أفتوا بكفر أحد من المسلمين سوى النواصب وهذا حكم مجمع عليه بينهم وهذا ما كان عليه موقفهم من الحرب التي شنّها الغرب على الخلافة العثمانية حيث أفتى مراجعنا بوجوب الدفاع في مواجهة العدوان الغربي واحتلاله لبلاد المسلمين وهو نفس الموقف مع قضية المسلمين الاولى القضية الفلسطينية التي تبنيناها ووقفنا إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو الاسرائيلي من باب الأخوة الاسلامية والدفاع عن أرض الإسلام كما يفتي علماء التشيع”.
واستطرد: “لقد كانت قضية الوحدة بين المسلمين نصب أعين الاستعمار الغربي الذي رأى فيها عاملاً من عوامل القوة التي تقف عائقاً أمام أطماعه فعمل على التفريق بإحداث الفتنة مستغلاً إلى جانب بعض الانظمة العامل المذهبي والتعصب الاعمى والجهل لدى العامة من الناس بمقاصد مثيري الفتنة على القيام بخدمة أهدافهم وإشعال الحروب المذهبية لضرب المقاومة خدمة للغرب والعدو الصهيوني وأهدافهم الخبيثة في القضاء على كل ما يفشل مخططاتهم الخبيثة وأحدث الفتنة داخل الامة بين الأخوة في الدين الذين يتعرّضون معا لحرب شعواء تمسّ مصالحهم ومقدساتهم من هذا الغرب الخبيث الذي يدفع ببعض الكتاب والرسامين والحاقدين باسم حرية الرأي على التعرّض للقرآن بالحرق والتوهين ويخوض معركة الاسلاموفوبيا وإتهام المسلمين بالإرهاب والتحريض عليهم وربما التعرّض لحياتهم”.
وأضاف: “من هنا نقول للجميع: إن الغرب وادواته لن يسمحوا بتوحد المسلمين وسيشوّهون أي خطوة باتجاه التقارب الذي لا يستهدف توحيد المذاهب وإنما التوحد على قضايا الأمة الكبرى التي هي واحدة سواء في الدفاع عن الإسلام وشعائره ورموزه التي يتعرّض لها الغرب كما سبق أن تعرضوا لنبينا محمد (ص) او للقرآن أو للذود عن المسلمين الذين يتعرّضون للقتل وأرضهم ومقدسّاتهم للاغتصاب كما يفعل الصهاينة مع الشعب المظلوم في فلسطين حيث يُقتلون وتُحتل أرضهم وتنتهك المقدسات”.
وقال: “نشيد بكل خطوة باتجاه التقارب والتفاهم بين المسلمين الذين هم بنَصّ القرآن أخوة (انما المؤمنون أخوة) وهذه وصية نبينا (ص) في خطبة يوم النحر قال: “فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا هل بلغت”.
إنّ هذه الحرب تخاض بأشكال وتحت عناوين مختلفة وما نراه في لبنان تشن الحملات الاعلامية تخوّف اللبنانيين من الطائفة الشيعية ويتآمر عليهم، لقد أفسد هؤلاء البلاد والعباد ثم يريدون تحميلها نتائج فسادهم في قضية المصرف المركزي وشغور مركز الحاكمية كانت الاصوات والاعتراضات تعلو إلى السماء وان هذا المركز هو من حصة المسيحيين ثم فجأة تحوّل الامر إلى الاصرار على ان النائب الاول للحاكم عليه ان يتحمل هذه المسؤولية والا فهو يتهرب من مسؤولياته، أهو يتهرب أم انتم الذين لا تستجيبون للتوافق لانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة تقوم بتعيين حاكم جديد؟ هل لأنكم تريدون تحميل مسؤولية الانهيار للطائفة الشيعية؟ ونحن نعلم أن المسؤولية توجّه إلى طائفة الموظف ولا توجّه لشخصه من قبل القوى التي تتلاعب بالمحرّمات الوطنية، أُكرّر ما طالبت به النائب الاول بالاستقالة وإذا كانوا حريصين على المرفق العام فليقوموا بواجباتهم ويستجيبوا لدعوة التوافق”.
وفي الختام تلا الشيخ حسن بزي مجلس عزاء حسيني.