Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

احياء الليلة العاشورائية ال 8 في المصيلح الأب جان يونس: عاشوراء تعلمنا كيف نرفض الطائفية البغيضة وكيف نرسخ عيشا لبنانيا صافيا

أحيا رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري الليلة الثامنة من ليالي عاشوراء بمجلس عاشورائي أقيم في قاعة ادهم خنجر في دارته في المصيلح، حضرها النائبان هاني قبيسي واشرف بيضون، رئيس المكتب السياسي في “حركة أمل” جميل حايك، رئيس مدرسة قدموس الأب الدكتور جان يونس وعدد من اعضاء المكتب السياسي والهيئة التنفيذية في الحركة، قيادة اقليم الجنوب في الحركة وقيادات حركية وكشفية وأمنية وعسكرية ورؤساء واعضاء مجالس بلدية واختيارية من قرى شرق صيدا ومختلف قرى وبلدات ومدن الجنوب وفاعليات إغترابية ولفيف من العلماء وحشود شعبية من مختلف المناطق غصت بهم القاعة والباحات المحيطة بها.

 

يونس

استهل المجلس بآي من الذكر الحكيم للمقرئ حسين موسى، فتقديم لعضو المكتب السياسي ل “حركة امل” محمد غزال، ثم تحدث رئيس “مدرسة قدموس” الاب يونس عن قيم الثورة الحسينية ومعانيها الانسانية، وقال: “نحو معاني المسامحة والبناء نوجه مشاعرنا وقلوبنا وأفكارنا، إلى التاريخ المجيد، إلى الإمام الحسين مصباح الإنسانية المشع في زمن الغفلة المعتمة والظلام الداجي، نعود بالذكرى والذاكرة، متسائلين عن سرّ الخلود لذكرى عاشوراء، عن طابعها ومعانيها ورؤاها وتجلياتها ودروسها التي أرادت مشيئة السماء أن نحفظها ونرددها والأهم الأهم أن تكون لنا مختبر حياة على مسرح العمل اليومي”.

اضاف: “إن إحياء ذكرى عاشوراء في كلّ عام قد تدفع البعض إلى التساؤل عن الغاية من إحيائها، وإن كان الأمر يستثير البكاء والحزن على واقعة مضى عليها قرون عدة؟ إن استعادة التاريخ عن طريق إحياء هذا الحدث أمر يطبع الذاكرة الروحية والوجدانية ويدفعنا في الوقت عينه إلى أن نُعزّز فينا نموًا إنسانيًا وحضاريًا ومجتمعيًا ووطنيًا ونحن نتخطى الألم والبكاء لنبني فينا إنسانًا روحانيًا أكثر ومتصالحًا مع ذاته ومع قريبه ومع الله، إنسانًا أعمق في الحب. لذلك يخرج هذا الحدث التاريخي الديني من سياق الزمن والمكان والتاريخ الذي جرى فيه ليطال المؤمن في واقعه المعاش.”

وتابع: “أوّلًا: الإيمان بالله، تؤكد السيرة الحسينية أن الإمام الحسين هو رجل الإيمان بالله الواحد المتجرد في ذات الله تعالى بعيدًا عن أي شائبة مادية أو دنيوية، في مجتمع كان يعبد هواه، ويتبع مغريات السلطة والدنيا. وهذا الإيمان تجلّى في الدعاء الذي قرأه الإمام في يوم عاشوراء ومما جاء فيه: اللهم أنت متعالي المكان، عظيم الجبروت..قريب الرحمة، صادق الوعد..أدعوك محتاجًا وأرغب إليك فقيرًا، وأستعين بك ضعيفًا، وأتوكل عليك كافيًا. إن الإيمان بالله كان حافزًا ومنطلقًا لحركة الإمام وثورته: إنّي لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. وفي يوم عاشوراء يقول العباس بن علي بن أبي طالب: والله إن قطعتم يميني إني أحامي أبدًا عن ديني”.

وقال: “ثانيا: الثبات على الموقف، هناك من الناس من يقف لفترة موقف الحق لكن بعد وقت يتغير، وبعضهم تجده متقلبًا حينًا هنا وحينًا هناك. بينما الإمام الحسين يعلّمنا الثبات عند الموقف والحقيقة، يعلّمنا الإقدام والشجاعة وقول الحق. فموقفه راسخ ثابت منذ أن كان في مكة والمدينة إلى العراق فكربلاء إلى يوم عاشوراء، خلافًا لما روّجه بعض الدعاة عن تنازل الحسين مدركًا المؤامرة ونزعة الغدر. فالإمام الشهيد رفض قيادة حاكم تلك الأيام معلنًا: “مثلي لا يبايع مثله”. ومؤكدًا ثباته على المبدأ، مؤثرًا في سبيله القتل والفداء على الحياة الذليلة يقول: والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد. لهذا ما أحوجنا أن نستلهم جهاد وثبات الإمام وصحبه في التمسك بالإيمان، والثبات على المبدأ، والتفاني في نصرة الحق”.

اضاف: “ثالثا: القيادة التغييرية، تعلمنا واقعة كربلاء أنه لا يمكن عيش الحاضر بانفصال عن الماضي والتاريخ. فذكراها تحمل نقاطًا مضيئة لحاضرنا اللبناني الذي فيه الكثير من الظلم والظلمة والالتباس. فالإنسان يؤكد نفسه في الحاضر مستنيرًا من إضاءات الماضي، وبالتالي العودة إلى كربلاء هي استعادة التاريخ المجيد، نستشفه من أشخاص بنوا التاريخ في مواقعهم القيادية حيث إن حركتهم هي حركة رسالة تمتد عبر الأزمنة والأجيال.

والقيادة التغييرية كما نفهمها ونستلهمها تقوم على مرتكزات وتعاليم أهمها:

– الرسالة الواضحة بعدم القبول بالواقع القائم والوضع الساري في المجتمع.

– الرؤية الحكيمة لحركة تتخطى كربلاء بحدودها إلى العالم بأسره.

– التمثل والتحلي بقيم أهل البيت كالايمان والمروءة والكرامة والنجدة والتواضع والتضحية ونبذ الأنانية وغيرها الكثير.

– إلهام وتحفيز الناس على النهوض والتغيير لبناء الإنسان المواطن الصالح والمجتمع الخيّر”.

وتابع: “رابعا: تحمّل المسؤولية، تعلمنا الذكرى أهمية تحمل المسؤولية تجاه مجتمعنا وتجاه بعضنا البعض. فالإمام الحسين رفض البقاء في داره، وفي مسجد جده كما فعل آخرون، وأبى إلا أن يتحمل المسؤولية تجاه أهله قائلًا: أنا أحق من غيّر..من هذا المنطلق واجب ديني وأخلاقي أن نتحمل المسؤولية تجاه وطننا ومجتمعنا. نحن مدعوون للاعتناء ببعضنا البعض ورعاية الخلق،وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش الواحد، وتبنّي ثقافة الرعاية كمسار من أجل السلام، ومن أجل القضاء على ثقافة اللامبالاة والاستعباد والتهميش والتمييز والتحقير التي غالبًا ما تسود اليوم”.

واردف: “خامسا: رفض الطائفية البغيضة، تعلمنا الذكرى كيف نرفض الطائفية البغيضة وكيف نرسخ عيشًا لبنانيًا صافيًا على أساس قيمة الإنسان لا رتبة المذهب أو الطائفة( كما يحلو للبعض الضال التصنيف). فكيف لنا أن ننسى سيدنا المسيح على صليبه عانى ما عاناه من اضطهاد وعذابات؟ وكيف ننسى تعانق المأساة مع آلام عاشوراء؟.. فمسيحيين كنا أم مسلمين إنما نحن واحد في الإيمان والشهادة والفداء وما يجمعنا هو أشرف قضية وأنبل رسالة وأعظم كتاب تاريخ. ومثال على التلاحم في التضحية وامتزاج الدماء. هل يعرف الكثير ممن بيننا اليوم أو المجتمع بشكل عام أن مسيحيًا قد استُشهد مع الحسين بإرادته، وهو وهب بن حبابة الكلبي. فالحسين وصل إلى خيمة وطلب الماء. بعدها رافق وهب الإمام في مشواره الجهادي ملتزمًا بدعوة الحسين المنادي: ألا من ونصرة المظلوم. وهذا أكبر برهان على ثورة الحسين الذي أُرسِل مُصلحُا للعالمين دون تفرقة أو تمييز. كما نذكر جون وهو من أصول أفريقية الذي لم يتردد في نصرة الحسين في اللحظة التي شعر فيها أن الوقت قد حان ليعبّر عن حبه للحسين بعكس الكثيرين ممن استسلموا للخوف والضعف والتردد، بينما ذاك النصراني المسيحي جون كشف بوقفته في كربلاء عن نفس قوية واثقة ومحبة للحسين وأهل البيت، ليصبح في مصاف الشهداء العظام مع الحسين الشهيد الكبير”.

وقال: “سادسا: بناء فكر جديد، إن إحياء ذكرى عاشوراء من شأنه تنمية فكر جديد في مجتمعنا يهدف إلى تعزيز قيم جديدة مبنية على المصالحة، والاستفادة من جراحات الماضي حتى نُضمّد جراحاتنا الآنية، والتنبه إلى ما يجرح بنيتنا الإنسانية لنكون إنسانيين في معشرنا ومُحبّين، والتيقظ كيلا يكون هناك ثغرات تولّد الشقاق وتزرع الخصام. من هنا علينا التذكّر أنّنا سوف نكون أكثر قربا من الله كلّما أحببنا من هم مختلفون عنّا في العقيدة واللون والفكر والعرق والدين لأنّنا كلّنا لنا إله واحد خالق ومدبّر لشؤون أبنائه ومخلّص. وكما جاء في الآية الكريمة: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚإِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ.”

اضاف: “ماذا يُجدي نفعًا، إن قابلنا اللطمة بلطمة أخرى، أو واجهنا الشرّ بشر أكبر، أو طعنا من خاننا، أو إن ظلمنا بظلم آخر مُماثل… فلو فعلنا ذلك نتساءل متى تنتهي دائرة الشرور وردود الفعل المتشابهة في الشكل والمضمون؟ ألا نعلم أنّنا ماضون كلّنا من دنيا التراب حيث سنواجه الخالق وهناك لا بشر يتكلم أو يرفع صوته أمام الله الديان العالم بما في داخل كلّ واحد منّا. لذا علينا أن نسارع ما دام لنا متسع من الوقت لنصنع الخير إلى أخوتنا لأنه لن تُذكر أمام الله إلاّ تلك الأعمال”.

وتابع: “كم حري بنا اليوم أن نتذكّر أنّ دعوتنا الأساسية هي الشهادة للحق، والحق لا يمكن ان ينبع إلاّ من المحبّة لأنّ كلّ حقٍ لا يعرف المحبّة فهو باطل، وهذا ما دفع ذات يوم القديس الفيلسوف أغوسطينوس إلى القول أحبب وافعل ما تشاء. وكلّما تبدّلنا لنشهد للحقّ الذي لا يعرف الظلم، كلّما اقتربنا من إرضاء قلب الله وتمّمنا مشيئته وصنعنا مرضاته. وهذا ما يقودنا بالتالي إلى بناء ثقافة حضارية جديدة يكون عمقها بناء الانسان في قلب المحبة الإلهية.”

وقال: “إن أردنا اليوم أن نذرف الدموع، فلنذرف دموعًا لنعبّر عن ندامة حقيقية عمّا يجتاح قلوب البشر من أنانية وأحقاد قاتلة، لنذرف دموعًا متأسّفين على لغة العنف والتقاتل والانتقام. فلنحوّل دموعنا قطرات من ندى الحبِّ لأخوة تباعدنا عنهم بسب لغة الدم والحقد. لنحوّل دموعنا في مجاري من الرأفة للذين أقعدتهم مصائب الجوع والتقاتل والمرض والفقر. لنبكي على تقاتلنا المشين في عين الله، لنبكي لأننا ظننا أن الأرض هي موطننا وغاية سعادتنا، لنبكي لأننا أهملنا المحبة في الصلاة، لنبكي لأننا أحزنا أخوتنا بسبب السلطة ناسين أن الله هو رأس حياتنا كلنا، لنبكي لأننا فرضنا شرائع قاسية بحق بعضنا البعض وصنفنا بعضنا البعض بالدونية”.

واردف: “هيا بنا نُنقي ذاكرتنا من جراحات مؤلمة لنخلق مساحات جديدة من الأمل والرجاء، مساحات تسقط فيها الحواجز وتبنى جسور التواصل والحوار فنتقارب بالقلوب، ونتحرّر من خلافاتنا ونهتدي إلى عيش فيه شراكة الحب والحياة واللقاء والخدمة، ونبني جسورًا من الألفة والتلاقي التي تبني لنا وطنا وإنسانًا مؤمنا كما يشتهي الله أن يرى فينا، وطنًا وأمة ينقيان الحاضر ويضيئان دروب المستقبل للأجيال الآتية”.

وختم: “يقول جبران خليل جبران وتأكيدًا على قدرة أمتنا ومجتمعنا ووطننا على النهوض: نحن أمة تحتضر ولا تموت، قد احتضرت ألف مرّة ومرّة ولم تمت، وستحتضر ألف مرّة ومرّة وتظلّ حية.انتهى القول الذي يلامس حقيقة أن أرضنا أرض الأنبياء والمرسلين، وهذه الأرض لا تستسلم ولا تنهزم”.

واختتم المجلس بالسيرة الحسينية تلاها السيد نصرات قشاقش.

 

رندة بري

بدورها، أحيت عقيلة رئيس مجلس النواب رندة بري الليلة الثامنة بمجلس عزاء اقيم في دارتها في المصيلح، بحضور فاعليات نسائية وحشد من السيدات ووفد من جمعية شؤون المرأة في حركة “أمل” وجمعية “مرشدات كشافة الرسالة الاسلامية”.