أحيت “حركة أمل” إقليم جبل لبنان والشمال، في الجامعة الإسلامية في خلدة، ذكرى “يوم شهيد أمل” ومعركة خلدة البطولية، في احتفال حضره نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، رئيس الهيئة التنفيذية في “حركة أمل” الدكتور مصطفى الفوعاني، وعضو هيئة الرئاسة الدكتور عباس نصرالله، ورئيس المكتب السياسي للحركة جميل حايك على رأس وفد من المكتب السياسي، وأعضاء من الهيئة التنفيذية، ومسؤول الإقليم سعيد نصرالدين على رأس وفد من قيادة الإقليم، ورئيس الجامعة الإسلامية في لبنان الوزير السابق البروفيسور حسن اللقيس، وممثل عن مشيخة العقل، وعدد من القيادات والكوادر وإخوة شاركوا في المعركة، وممثلون عن القوى والأحزاب الوطنية، ولفيف من العلماء ورجال الدين، ووفد من عشائر عرب خلدة، وممثلون عن الفصائل الفلسطينية، وفاعليات نيابية وتربوية وثقافية واجتماعية، وقادة وعناصر من جمعية كشافة الرسالة الإسلامية والدفاع المدني، وحشد من المناطق والشعب والأهالي في القرى والبلدات في جبل لبنان والشمال.
الخطيب
وألقى الخطيب كلمة قال فيها: “اليوم السادس من تموز محطة من محطات المجد سطّرته أيدي مجاهدي حركة أفواج المقاومة اللبنانية أمل كما أراد لها مؤسسها عند زرع بذرتها الطيبة القائد الاستثنائي والاستشرافي الإمام السيد موسى الصدر، أن يكون سلاحها موجّهاً دائماً نحو العدو الاسرائيلي دفاعاً عن لبنان وسيادته واستقلاله، وعن وحدة أرضه وكرامة شعبه، وأثبتوا بقوة إيمانهم التزامهم الذي لا يحيد عن هذه الأهداف النبيلة واستعدادهم لتقديم التضحيات من أجلها رغم الإمكانيات المتواضعة، ولكن إيمانهم وشرفهم وشعورهم العارم بالعزّة والكرامة أكبر من أن يخضع لموازين القوة في الصراع مع العدو، وهم الذين دخلوا ساحة المواجهة من بابها العريض في الطيبة وتلال شلعبون وقدّموا الشهداء فيها وقبلاً في عين البنية، يقولون للبنانيين مع قائدهم أن هذا هو العدو الذي يستحق أن يُوجَّه السلاح إليه وأن وحدة البلد والشعب تستحق أن يُضحّى بالدماء في سبيلها وليس أن يُضحّى بهما بالدماء وبالبلد بالشعب وبالأرض، لقد عرفتم كم هي ثمينة هذه الدماء وكم هو عزيز هذا التراب فلا تُهرق إلا في سبيله”.
أضاف: “كانت مدينة الزهراء ساحة معركة خلدة التي سجل فيها أبطالنا ومجاهدونا أسطورة التحدي التي أذهلت العدو وأصابته بالجنون لأنه ظنَّ أنه سيدخل بيروت بلا مواجهة وبلا مقاومة وستخفض له الهامات وتطأطأ له الجباه وما علم أن أبناء الزهراء وحفيدها الإمام الصدر هم أبناء الحسين وكربلاء لم يُذلوا قطَ وأن شعارهم الدائم الذي لم تغيّره طوارق الزمن وأحداثه الكبرى هو شعار حسينهم في كربلاء “هيهات منا الذلة”. مؤكدة له في ساحات الوغى موقعة بالعدو خسائر فادحة قتلى وجرحى وأخرى في العتاد وغنائم لبعض الآليات استعرضها مجاهدوها في شوارع الضاحية لتلاقي التكبير والتهليل وترفع المعنويات لتؤسّس للمعركة القادمة في بيروت وفي الجنوب وعلى كل شبر من الجنوب والبقاع تمهيداً للتحرير ولقلب الطاولة على العدو، لتُخرَجه من لبنان ذليلاً في هزيمة تاريخية وغير مسبوقة، كان لسوريا وللجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وشعباً الدعم اللامحدود دوراً رئيساً فيها، أسّست لمرحلة جديدة للمقاومة التي اتسعت لتشعل الأرض تحت أقدام العدو الصهيوني في أرض فلسطين المحتلة وتسجّل أروع المواجهات في جنين ونابلس وكل الضفة وفلسطين، حيث يقف العدو عاجزاً عن مواجهتها وحائراً في كيفية التعامل معها بما يشبه الأجواء التي واجهها في جنوب لبنان، قبل أن يقتنع بأنه ليس له من خلاص سوى الهروب الذليل الذي بات معه تحرير الضفة الغربية مسألة وقت فقط.
وما زالت “حركة أمل” يقودها الأخ الكبير دولة الرئيس الاستاذ نبيه بري في نفس الاتجاه عاملاً على وحدة الموقف اللبناني بخبرة الوطني المخلص لبلده وشعبه وقضيته من العدو الصهيوني لتحرير ما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة وتطهيرها من رجسه ودنسه”.
وتابع: “لقد كان الإمام الصدر مدركاً لخطورة الكيان الإسرائيلي على المنطقة وعلى لبنان يرفع الصوت عالياً محذّراً اللبنانيين والعرب منه في أكثر من تصريح وخطاب، وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده بتاريخ 19 /11 /1969 صرّح قائلاً: “إن إسرائيل بوجودها وبما لها من أهداف تشكل خطراً علينا محدقاً على جنوبنا وشمالنا، على أرضنا وشعبنا، على قيمنا وحضارتنا، على اقتصادنا وسياستنا. إنها تشكل الخطر الآن وفي المستقبل وفي المنطقة وفي أبعاد لبنان التاريخية والجغرافية والبشرية، “هذه المبادئ لا تحتاج إلى إثبات إلا لمن يجهل حقيقة إسرائيل أو يتجاهلها”.
ولم يكن هذا التصريح الأول والأخير حيث عَبَّر سماحته دائماً عن الخوف على الكيان اللبناني ووحدة أرضه وشعبه، داعياً إلى معالجة الثغرات ونقاط الضعف في هذا الكيان السياسي الطائفي الذي يفتح الباب واسعاً للعدو، لينفذ إلى داخله وعندها لا ينفع الندم، وهو ما حدث حينما صُمَّت الآذان عن الاستماع إليه ودفع لبنان وشعبه خسائر لا تُقدّر بثمن من إنسانه وعمرانه ومقدراته، ولولا المقاومة التي تعزّزت بصبر وتضحيات أهلها، لما كنا اليوم هنا نحتفل بهذه الذكرى وبمناسبة الشهداء من طلائع أمل المقاومين”.
واعتبر أنه “آن للبنانيين أن يدركوا جميعاً بعد كل التجارب الماضية، أن العلّة في كل الأزمات الوطنية التي تتكرّر بمناسبة وبغير مناسبة، أن العلّة في الطائفية السياسية التي جعلت من الوطن أوطاناً ومن الدولة دولاً وأن الطائفية السياسية لم تبنٍ دولة ولم تحمِ سيادة وهي لن تحافظ على الطوائف وإنما تسببت بالحروب الطائفية وبالفوضى والفساد والحروب والانهيارات الاقتصادية والمالية على مدى وجود النظام السياسي الطائفي والهجرة للكفاءات الوطنية، التي كلّفت المواطنين والدولة أثماناً باهظة ناهيكم عن الضحايا والشهداء والدمار والخراب، كل ذلك على حساب البلد والمواطنين”.
وقال: “الحل المستدام والخروج النهائي من أزمة النظام بالتخلّي عن الطائفية السياسية والذهاب إلى دولة المواطنة التي تحافظ على الطوائف وتحوّلها إلى عامل إيجابي وبنّاء يُعزِّزُ الوحدة الوطنية ويحمي المجتمع من الانقسامات الطائفية المدمرة ويحمي الطوائف من المتاجرين باسمهم وعلى حسابهم”.
ورأى أنّ “الحكمة تقتضي الدعوة اليوم إلى التوافق الداخلي على رئيس للجمهورية وتأليف حكومة لوضع البلد على طريق الخروج من الأزمات التي يتخبّط بها تمهيدًا للبدء بالإصلاحات التي نصّ عليها اتفاق الطائف، ابتداءً بإنشاء اللجنة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية ووضع قانون انتخابي خارج القيد الطائفي وتأليف مجلس للشيوخ، وما عدا ذلك مضيعة للوقت وإطالة للأزمة ومزيد من الانهيار للمؤسسات الذي بدت نذره الخطيرة بدعوات مشبوهة للفتنة عند كل مشكلة أمنية باتهامات عشوائية ومريبة بقصد إشعال الفتن الطائفية تحمّل مزيداً من الأعباء للجيش والقوى الامنية التي تستحق الثناء على جهودها المضنية في سبيل الحؤول دون انفلات الوضع الأمني وتأمين الإستقرار الداخلي التي تتزايد عوامله مع مرور الوقت وتعطيل المؤسسات دون أن توفر لها الحد الأدنى من المقومات الضرورية”.
وأشار الى أن “عدم مبادرة القوى السياسية للاستجابة إلى دعوات التوافق بانتظار المبادرات الخارجية ينمّ عن عدم المسؤولية الوطنية ويعطي الانطباع عن قصور اللبنانيين في إدارة شأنهم الوطني الداخلي وأنهم بحاجة دائمة إلى التدخل الخارجي الذي لن يكون إلا بمقدار ما يحقّق أهدافه ومصالحه وإذا تضاربت مصالح المتدخلين تعقدت الحلول وابتعدت أكثر”.
وختم: “رجاؤنا أن تتغلب الحكمة لتقترب الحلول لصالح لبنان وشعبه. السلام للبنان وشعب لبنان والمجد لأبطال خلدة الذين نزيح اليوم الستارة عن النصب التذكاري لهم حيث تحوّلت مدينة الزهراء إلى الجامعة الإسلامية لترفد الأجيال بالعلم والمعرفة ونضيء شعلة الأمل بعودة الإمام وأخويه.
التحية لشهداء أمل وكل الشهداء على طريق التحرير في لبنان وفلسطين”.
الفوعاني
وقال الفوعاني من جهته: “على بركة تضحياتهم وعظيم عطائهم ابتداء من ذلك الدوي في عين البنية في الخامس من تموز عام 1975 ورجع صداه قافلة مضت من الكوكبة الأولى ومضى خلفها كواكب وأفواج من الشهداء صدقوا ما عاهدوا الله عليه وما بدلوا تبديلاً .
لخلدة.. يبسط النّهار كفّه للشّمس. لخلدة خطوط القدر أحاجي البطولة. هنا ينكسر الصّباح فوق مرآة التاريخ شعاعا سحريا بألوان قوس أمل
يلثم ثغور الضاحية وبيروت و يمشط الجبل منزلقًا بين أفنان الضوء فتيًّا دائما. يمرح عند أصداء المعارك تعشّش في زوايا عين البنية و حنايا بنت جبيل وذاكرة الطيبة وشلعبون.
هنا تتسرّب حكايا الشّموخ من مثلث الوقت. فلا تشيخ ولا تهرم تنتصب قامة تضيء الجبين تروي أخبار أبطالٍ عبّدوا للكرامة طريقا بين خافقي هذا المدى ليظلّ الفجر ميثاقا عصيًّا على النسيان.
للصباح في خلدة يستيقظ كل شهادة منذ الأزل بوجه موسى الصدر وهمّة النبيه فلا يشوبها الفتور ولا تنعس أحلامنا . لخلدة حكايات الأساطير مكانا حفرته يد سعيد مواسي (طارق) يفد إليه كل مساء صهوة الحلباوي، فيختبئ الملجأ في أحداق الشهداء يشرب منه، ويعود إلينا محمّلا باكسير “أمل”.
خلدة الأبطال والتّاريخ. حدود الحلم..وشيّدت عند المعابر وطنا نهائيا وهويّة تؤكد عمق الانتماء و النهج. الملامح المعتّقة بلون التّراب الأخضر
ورائحة الغضب. كلها صامدة عند جبهة الوطن تجاعيد نصر و وقار وحكمة”.
أضاف: “خلدة :التاريخ الناطق”، مواجهات تثبت أن المقاومة التي أطلقها الإمام موسى الصدر شكّلت منطلقا عقائديا ووجوديا، فكانت هذه المواجهة في حزبران ١٩٨٢ ترسم بداية انهيار الحلم الصهيوني، تتحطم أسطورته الوهمية أمام مجاهدي حركة أمل والمجاهدين الشرفاء هذا التاريخ نستنطقه بلحاظ واقعنا وحاضرنا يومَ أطلقها الرئيس نبيه بري مدويةً: “أنا نبيه بري أتحدى أن تبقى إسرائيل في جنوب لبنان وكذلك قلت في خلدة إن قرارنا هو أننا سنقاتل…أذكر أنني، وقبل توجه المجاهدين الحركيين إلى خلدة، اجتمعت بهم، وقلت لهم: لن نفر أمام العدو، إن قرارنا هو أننا سنقاتل، وسنتصدى، وسنواجه إسرائيل مهما بلغت قوتها، ومهما قتلت منا. إن الإمام الصدر رسم هذا النهج، ونحن في قلب هذا النهج ولن نحيد عنه، وسندافع عن أرضنا، وأنا في مقدمتكم في هذه المعركة، تمكّن شباب أمل، من تدمير عدة آليات، ومن أسر عدة ملالات إسرائيلية، وفي إحداها أحضر المجاهدون الحركيّون، جثث ثلاثة من جنود العدو”.
في خلدة، كان الشهيد عدنان حلباوي قائد المحور، ومعه بعض الكوادر، وبعدما قاموا بتوزيع المجموعات في مدينة الزهراء، ومثلّث خلدة، وعلى شاطئ البحر، اتخذوا من «سنتر سالم»، وهو عبارة عن بناية كانت ما تزال على العظم وفيها ملجأ. وكانت ضمن المجموعات الكامنة في مدينة الزهراء، مجموعة أشبال، من بينها شبل إسمه “طارق”، عندما بلغ الإسرائيليون خلدة، وصلوها بادئ الأمر بطريقة استعراضية، إذ أن إحدى الملالات الإسرائيلية تقدمت إلى قرب مدخل مدينة الزهراء، وهناك دارت حول نفسها، وأخذت طريقها عائدة وبابها الخلفي كان مفتوحا، فما كان من هذا الشبل الحركي إلا أن رماها بقذيفة آر. بي. جي، فدخلت من الباب الخلفي وانفجرت في داخلها ما أدى إلى مقتل كل طاقمها، وكان من بينهم نائب رئيس الأركان الاسرائيلي. وأعقب ذلك اشتباك. تراجعت كل الآليات الاسرائيلية، وفر الجنود ، فركض الشبل الحركي إلى إحداها، وقادها وأتى بها إلى بيروت. وبعد ذلك قمنا بطمرها في التراب بالقرب من «روضة الشهيدين»، وبقيت هذه الملالة عندنا حتى ما بعد «انتفاضة 6 شباط».
خلدة ألف باء أفواج المقاومة اللبنانية – أمل وتاريخ لبنان الناطق، هذا التاريخ وهذا الفهم الواعي لخطر الصهيونية هو ما أراده الإمام الصدر إذ كان يرى:علينا أن نقف الوقفة التاريخيّة بكلّ جهودنا وإمكاناتنا، حفاظاً على شرفنا ووجودنا ومستقبل بلادنا وأجيالنا، وأداءً لدورنا التاريخيّ”.
ورأى الفوعاني أن “حركة أمل تؤكد على جملة من المسلمات إذ دعت وعلى لسان رئيسها الأخ نبيه بري: لضرورة امتلاك الجرأة والشجاعة الوطنيتين في مواجهة أي إرادة داخلية أو خارجية تريد إغراق لبنان أو إسقاطه من الداخل في دوامة الفراغ أو من خلال ضربات التعطيل، مدعوون بالاحتكام إلى الحوار والتوافق تحت سقف الدستور والمؤسسات في مقاربة كافة العناوين والقضايا الوطنية”.
وقال: “في هذا الإطار وخلافاً لما يروّج له البعض تضليلاً للرأي العام، نؤكد من موقعنا السياسي والجماهيري والتشريعي بأن أبواب المجلس النيابي أبداً ليست موصدة لا أمام التشريع ولا أمام إنجاز الإستحقاق الرئاسي والذي نأمل أن يكون موعد إنجازه اليوم قبل الغد وذلك رهن بتوافر الإرادات الصادقة بأن تبادر كافة الكتل النيابية والنواب المستقلون إلى توفير مناخات التوافق فيما بينها وإزالة العوائق التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية، يعبر عن إرادة اللبنانيين يجمع ولا يفرق. رئيس يؤمن بلبنان الوطن النهائي لجميع إبنائه، رئيس ملتزم باتفاق الطائف وبتنفيذ ما لم يطبق منه من بنود إصلاحية وفي مقدمها اللامركزية الإدارية الموسعة وبإقرار إستقلالية القضاء ومكافحة الفساد. رئيس للجمهورية قادر على إعادة الثقة لعلاقات لبنان باشقائه العرب، رئيس للجمهورية لديه القدرة على بناء حوار جاد ومثمر مع الشقيقة سوريا لحل مسألة النازحين وإعادتهم الى بلدهم وانجاز ترسيم الحدود بين البلدين الشقيقين، رئيس قادر على تبديد هواجس كل اللبنانيين بكل ما يتصل بحياة الدولة وأدوارها في الحماية والرعاية الاجتماية والاقتصادية طمأنتهم حيال ودائعهم في المصارف، رئيس يرفض أي شكل من أشكال التوطين، رئيس يؤمن بأن إسرائيل هي العدو الأساس للبنان وهي نقيض له في الموقع والدور والرسالة”.
وتابع: “في المشهد السياسي صورة المشهد الذي رسمها الاتفاق الايراني – السعودي برعاية الصين وأقل ما يقال فيه أنه خلط كل الأوراق وبدل كافة الأجندات الإقليمية والدولية.
وبكل فخر واعتزاز حركة أمل الوحيدة – الوحيدة كقوة سياسية في لبنان والمنطقة وحتى في العالم انتصر رهانها في هذا المضمار.
فمنذ البداية كان الأخ الرئيس نبيه بري ينادي في كل المنتديات البرلمانية االدولية والقارية والإقليمية وفي لقاءات مع القيادات الايرانية والمسؤولين في التعاون الخليجي بأنه لا خيار ولا بدائل سوى الحوار والتلاقي بين الجوار العربي والجوار الاسلامي وكانت حركة أمل من موقعها تقدم مساهمات ولو متواضعة، والجهد الذي بذل لتقريب وجهات النظر بين الجانبين خاصة في السنتين الأخيرتين من الحوار الإيراني السعودي الذي استضافه العراق وصولا إلى الموقف الذي أعلنه الرئيس بري قبل 23 يوما من تاريخ الاتفاق وتوقيعه خلال افتتاح السفارة الإيرانية في بيروت، وقال حينها في الوقت الذي ندشن فيه افتتاح السفارة الإيرانية هنا ، كلنا أمل ونتطلع إلى إعادة فتح كل سفارات الجمهورية الاسلامية الإيرانية مع دول الجوار العربي ولا سيما المملكة العربية السعودية. وبالفعل حصل ما حصل وما كنا نأمله . وللعلم أيضا وبعد مضي 24 ساعة على توقيع الاتفاق خص الرئيس الصيني حركة أمل بواسطة رئيسها رسالة شكر وتقدير ويشرح فيها أيضا الأهمية الاسترتيجية لهذا الاتفاق ودوره في رسم معالم ومستقبل العالم والمنطقة. نعم أن المنطقة العربية والمشهد الجيوسياسي بعد هذا الاتفاق إذا ما سارت الأمور وفق ما هو مرسوم لها لا تكون كما كانت سابقا، وبالفعل بدأنا نلمس أن الكثير من الملفات والحرائق التي كانت مندلعة على مساحة المنطقة ومعظمها على خلفيات مذهبية وطائفية وعرقية قد أُطفئت وبدأ ترتيب ملفات المنطقة والارتكاز على إيجابيات الاتفاق، إبتداء من اليمن إلى سوريا وعودتها بسحر ساحر إلى حضن الجامعة العربية، مروراً بالعراق وتذويب اللغة الطائفية هناك، وصولا إلى لبنان حيث بدأنا نلمس أيضًا بعض الايجابيات الطفيفة تعكس نفسها بشكل خجول على المشهد السياسي انطلاقا من ملف رئاسة الجمهورية حيث تبدل الموقف السعودي وتطور بعد الاتفاق من موقف رافض لأي مرشح مدعوم من الثنائي الوطني ليصبح موقفا غير ممانع إلى قبول والدعم للمبادرة الفرنسية هذا أولا،
ثانياً تلاشى انخفاض منسوب الخطاب الطائفي والمذهبي من بوابة الحوادث المنتقلة والتي بحمد الله كان للحركة دور فعّال وما زال مستمرً في وأد هذه الفتن، وعليه نؤكد أننا في الحركة معنيون في كل أدبياتنا السياسية والمساحات التي تتحرك بها برلمانيا تنظيميا ثقافيا بالعمل من أجل تأمين كل الإمكانيات لإنجاح هذا الاتفاق التاريخي ومواكبته بكل تفاصيله ومندرجاته فهو مصدر قوة لهذه الامة في وحدتها وفي مشاريع الطائفية والمذهبية”.
وفي ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي اعتبر أن “ما كان يعد للبنان من سيناريوهات لو قدر لها النجاح لكان الوضع اللبناني برمته في مكان آخر اليوم”.
وقال: “نجحنا في تجنيب لبنان أزمة وطنية كبرى فبغض النظر عن مقاييس الربح والخسارة لتلك الجلسة لمرشحنا أو للمرشح الآخر هجينة تفرقنا عن الحق واجتمعت على الباطل، هدفها، واحد هو عزل المقاومة وتعطيل قدراتها السياسية بإنتاج الدولة وأدورها، وبصراحة إن مطلب البعض بضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جمهورية على أهميته بالنسبة إلى لبنان لكنه في أجندة هؤلاء تفصيل هو مطلب حق يراد به باطل مرشحهم الفراغ لا يريدون لا رئيس جمهورية ولا حكومة تعمل ولا مجلس نيابي يعمل وهذا الأمر واضح الهدف الإطاحة بكل المنجزات التي حققتها حركة أمل كمشروع وطني مقاوم كرّس عروبة لبنان وأسقط كل المحاولات التي كانت ترمي إلى جعله ملحقا بالمشروع الإسرائيلي في المنطقة وإعادة عجلة لبنان إلى سيرته الأولى.
في هذا الإطار لا نبالغ لولا حركة أمل لكان لبنان عبريا وليس عربيا ، إن بقاء لبنان العربي الهوية والإنتماء ترسخ على أبواب خلدة عام 1982 وفي انتفاضة السادس من شباط عام 1984 ومن الضاحية الشموس التي هزمت المتعددة الجنسيات، بوسعنا أن نعدد الإنجازات والنجاحات إلى ما نهاية: مقاومة – إنماء في الجنوب والبقاع الغربي وفاء لا يقاس في بعلبك والهرمل وبيروت والضاحية وبلاد الانتشار “.
وإذ رأى الفوعاني أن “الإنتصار على العدو غدا عمقًا فكريا”، قال: “لا يمكن أن نتناسى مطامع هذا العدو الغاشم بمقدراتنا وبمواردنا وأهم ما نواجه به هذا العدو، وحدة داخلية وتماسك وطني وتضافر جهود القوى الأمنية ولاسيما مؤسسة الجيش مع المقاومة واحتضان الشعب الوفي.”وما حصل في كفرشوبا مؤخرا يؤكد صوابية منطلقاتنا :جيش ،شعب، مقاومة ولو بالأسنان والأظافر.
نذكر الجميع بكلام للرئيس نبيه بري يختصر المشهد بكلمة : حركة أمل رسمت حدود لبنان في البر والبحر وربطت البر بالبحر بدمـاء شهدائها ولن نفرّط بدمنا تحت أي ظرف”.
ودعا الى “تجاوز كل مراحل الشرذمة والإنقسام والالتفات إلى عناوين توحد وتجمع وتبتعد، عن كل ما من شأنه أن يعمق الهوة بين أبناء الوطن المقاوم، وتتحول خلدة إلى تاريخ مقاوم مشرق، ولأولئك الأبطال الذين خاضوا شرف المواجهات: خفافًا، تسلقوا الضلوع، عشقوا أظافرهم سلاحًا، غرسوا الفتوى جذوةَ مواجهة، وتَدّوا في القلب عشقَ موسى، وتلوا صوت النبيه زلزال انتصار”.
وختم: “لفلسطين، وهي تحمل وجه الجهاد والشهداء، وفلسطين درب مقاومة شرفها يأبى الا النصر ،وفلسطين تقرأ ان الهدف الوحيد يكون في مرمى إزالة العدو الصهيوني من الوجود في عين الوطن شهادة، وعلى امتداد النجيع قيامة لبنان، هم قامةٌ للصدر هم ملح تاريخنا، شهداء تلا الوجودُ تراتيلَ فجرهم: فكانوا مؤمنين حسينيين ومازلوا الاكثرَ حضورًا وانتصارًا وتحريراً”.
النصب التذكاري
تخلل المناسبة عرض فيلم قصير يروي تفاصيل معركة خلدة البطولية، وفي الختام توجّه الحضور إلى البوابة الشرقية للجامعة الإسلامية وأزاحوا الستار عن النصب التذكاري الذي يخلّد معركة خلدة البطولية وتضحيات شهدائها وجرحاها ومجاهدها.