كتبت المركزية: رغم أداء الطبقة السياسية الحاكمة الفاشل، حيث يغرق أهل المنظومة في مناكفاتهم ومحاصصاتهم وحساباتهم الضيقة، فيما السفينة اللبنانية تغرق وتسحبها الامواج نحو القعر والمصير الاسوأ، يبدو المجتمع الدولي رافضا ترك لبنان وشعبه، يموتان وحيدين.
هذا الحرص يتجلّى في تمسّك فرنسا بمبادرتها الانقاذية لبيروت. فلولا اصابة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بكورونا امس، لكان سيزور لبنان الاسبوع المقبل للمرة الثالثة في غضون اشهر، فيما كان فريق مؤلف من دبلوماسيين ومستشارين فرنسيين يواصل اتصالاته بين بيروت وباريس، لمحاولة تحقيق خرق ما في الجدار الحكومي قبيل وصول سيد الاليزيه الى لبنان… الاهتمام بالوضع اللبناني، ظهر ايضا في الزيارة التي قام بها مساعد الامين العام لجامعة الدول العربية حسام زكي الى بيروت امس. فهو حطّ في لبنان، ونقل الى حكّامه رسالة واضحة جدا، باسم الاسرة العربية بأكملها، مفادها “لن نترككم ونحن مستعدون لمساعدتكم، لكن بادروا انتم اولا، قوموا بالخطوة الاولى، ونحن سنلاقيكم في منتصف الطريق”.
هذه الزيارات والمواقف العربية والغربية، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، إن دلّت الى شيء فالى ان بيروت لم تسقط بعد من الاجندة الدولية، ويبدو انها لا تزال تحظى برعاية واهتمام خارجيين رغم قصور المنظومة السياسية، وهي تؤكد ايضا ان القيمة المضافة التي يشكّلها البلد الصغير لهذه المنطقة، والنموذج الفريد من نوعه الذي يشكّله لبنان، يرفض العالم تركه يسقط، أو ترك الشعب اللبناني يذهب ضحية السلطة الحاكمة وتخبّطها. لكن انتقال هذا الاحاطة من النظري الى العملي، ومن الشق الانساني الى المالي لن يحصل قبل تشكيل الحكومة، وقد قالها زكي صراحة “عندما يتفق السياسيون على مخرج من الأزمة قد يشكل ذلك اشارة للخارج الى جدية للعمل في هذا الاطار.” واكد أن “هناك ضرورة لان تعمل القيادات اللبنانية من اجل اخراج البلد من الحالة الصعبة” وقال: عندما يخرج لبنان سياسيا من الأزمة عبر تشكيل حكومة نتمنى ان يفتح ذلك الطريق امام كل من يريد ان يساعد لبنان اكان عربيا او اجنبيا.
فهل ستلتقط الطبقة الحاكمة هذه الاشارة؟ ام ان مناكفاتها ستبقى أقوى وستبقى تقطع عن شرايين اللبنانيين المخنوقين اقتصاديا وماليا ومعيشيا وصحيا، الاوكسيجين الذي يحتاجون؟ حتى الساعة، لا معطيات تدل الى انها ستغادر مربّع الانانيات، ولكن… فالتعويل كبير اليوم على دخول البطريركية المارونية على خط التشكيل. حزب الله تدخّل بين بعبدا وبيت الوسط، تماما كما المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، غير ان مساعيهما لا يبدو تمكنت حتى الساعة من ردم الهوة بين الجانبين… فهل سينجح الصرح حيث فشلا؟ الرهان كبير على ان يتمكّن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من فتح ثغرة في هذا الحائط السميك، نظرا الى مقام البطريركية المارونية وموقعها، ودورها المفصلي في الازمات الكبرى. بعد ان استقبل الرئيس المكلف سعد الحريري في بكركي منذ يومين، زار الراعي اليوم بعبدا، وأبرز ما نقله عن رئيس الجمهورية عدم تمسّكه بالثلث المعطل في الحكومة العتيدة. اذا صحّت هذه المعطيات، فإنها يفترض ان تؤسس لاعادة التواصل بين عون والحريري.. فهل يكون خلاص لبنان هذه المرة ايضا على يد بكركي؟