Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

اليوم الثاني من مؤتمر “حركة أمل” الإعلامي ناقش ثقافة الحوار والتحليل السياسي وتشديد على أهمية الحوار لبلوغ رؤى مشتركة تجاه المسائل الخلافية

استكملت اليوم الجلسة الثالثة من اليوم الثاني والأخير للمؤتمر الإعلامي الذي ينظمه المكتب الإعلامي المركزي في “حركة أمل” بعنوان “دور وسائل الإعلام اللبنانية في بناء الخطاب السياسي الإيجابي”، وقد تمحورت الجلسة حول “ثقافة الحوار والتحليل السياسي” بإدارة الإعلامي مالك الشريف.

استُهلت الجلسة بكلمة للوزير السابق طارق متري قال فيها: “منذ بضعة أسابيع شاركت في ندوة حول الصحافة المهجريّة. وأوّل ما استوقفني عند قراءة الكتاب، هو العلاقة بين الصحافة والأدب. تذكرت مؤلّفات عن صحافة عصر النهضة تؤكد أن ما يشد الصحافة إلى الأدب أقوى ممّا يفرقهما. ولذلك، لم أعصم نفسي، لو سمحتم لي، عن بعض الحنين إلى صحافة كانت تصنع الرأي العام وتُسهم في تثقيفه بحق وحنين كهذا يقوى في عالم اليوم الذي لا يشهد تجانساً ثقافياً بقوّة العولمة فحسب، بل تسطيحاً، حيث المعجم الإصطلاحي، بكل اللغات. بما فيه الإنكليزية المعولمة Globish يزداد فقرا. وتنقطع العبارات عن الثّقافة التي تجيء منها بل عن تاريخها ويغيب التمييز بين الكلمات التي تُحسب مُرادفات كما تُستعمل الواحدة عوض الأخرى من دون حرج. منذ أيام استمعت إلى معلّق يتحدث عن التمحور والتمركز والتموضع والتَمَفصل وكأنها متماثلة. وتكثر الإشارات والإيحاءات التي تُحيل المتلقين لها، ومن دون وعي، إلى عوالم لا يعرفون عنها الكثير”.

أضاف:”تقودني هذه الملاحظة الأولية إلى تمييز بات مفقوداً عندنا فنحن لم نعد نعرف ما الفرق بين الكاتب والصحافي والإعلامي والمحلل السياسي، هذا إن اتضح أمامنا تحديد مهمات كل من أصحاب هذه الإختصاصات. ولعل ذلك يعود إلى أنّ مجال السياسة أكثر من مجالات الحياة العامة الأخرى ودراسته أكثر من الدراسة في حقل معرفي آخر مفتوح أمام الناس جميعهم. صحيح أن لكل الحق في الرأي الحرّ، وعلينا إحترام هذا الحق في فضاء السياسة إلّا أنّ الرّأي الحر إذا ما كان متحرّراً من قواعد المعرفة وابتعد عن القدرة الفعليّة على التحليل والحكم، يكاد يجنح بنا إلى المساواة بين العلم والجهل. “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر أولو الألباب” (سورة الزمر (9). ويتصل التمييز الأوّل هذا بتمييز آخر يقول بأنّ الرّأي هو غير الخبر، وهذا من أصول المهنة في الصحافة او آدابها. لكنه كثيراً ما يحتجب وراء تعدّد وسائل التعبير بالذي يجر وراءه أولية الرأي على الخبر. وفي العقدين الأخيرين من السنين، نرانا أمام نُزوع إلى طغيان إعلام الرأي على إعلام الخبر. فعلى سبيل المثال، وبعد صعود فوكس نيوز اليمينية في الولايات المتحدة، والقرينة زمنية أو سببية، حَذَت حذوها، عن قصد أو من غير قصد، وسائل إعلام سمعية وبصرية كثيرة. فصارت تعلّق على الوقائع قبل أن تسرُدَها وتتفحصها. ربما كان الفصل النّاجز بين الرّأي والخبر متعذراً لكن مساعدة القارىء والمشاهد على معرفة أين يبدأ الرأي وينتهي الخَبَر ، وبأية طريقة يختارها الصحافي، مسؤولية معرفية وأخلاقية فإطلاع القارىء والسامع وإفهامه مُتَقَدّم على محاولة إقناعه وبالوقت نفسه شرط لها”.

تابع:”أما التمييز الثالث فيدور حول الموضوعيّة وهي مفهوم بات قليل الإستخدام عندنا وعند سوانا. لا أناقش ها هنا العلاقة الوثيقة بين السياسة والإعلام ولا أعترض على توسل الإعلام أداة في الصراع السياسي، ولو أنّي لا أستسيغه. وإذا ما اعترفت بإستحالة القطيعة بين العمل الإعلامي عندنا عن المواقف السياسية، فإنّي أحسب أنّ بعض الإستقلال للعمل الإعلامي عن العمل السياسي ضروري لكي يؤدّي كل منهما دوره بجدّيّة وفاعليّة، فضلاً عن التزام واجب الصدق وإحترام الناس. وللحديث عن الاستقلال الجزئي، هذا أستعير تمييزاً متداولاً عند الذين يمارسون الوساطة، أعني به الحياد وعدم الانحياز فالحياد بين ظالم ومظلوم، وبين معتد، وضحيّة، وبين قوّي وضعيف، ليس أخلاقياً وليس من متطلبات النزاهة والإنصاف. غير أنّ عَدَم الانحياز لجهة سياسيّة ضدّ جهة سياسية أخرى مُستَحسَن ومُمكن، لا سيّما إذا كان الصراع بين الجهتين يدور على السلطة وأن المظلومية بين الجهتين متقاسَمَة أو على الأقل متشاركة بين الأطراف لجهة إعلانها او استبطانها في وعيهم لذواتهم”.

ختم:”تبقى كلمة أخيرة وهي الدّعوة إلى مُحاذرَة السّجال والمناظرة. فهي من عادات السياسيين لا من وظائف الإعلاميين. وأهل الإعلام، مهما كانت مواقفهم، يسعون أوّلاً وراء المعرفة والحقيقة. ويحضرني قول للإمام الشافعي أختُمُ به كلمتي القصيرة هذه: “ما ناظرت أحداً قط فأجبت أن يخطىء، وما كلّمتُ أحداً وأنا أبالي أن يبيّن الله الحق على لساني ولسانه وما أوردت الحجّة على أحد قط وقبلها إلّا هبته، ولا كابرني أحد على الحق إلّا سَقَط من عيني”.

 

خواجة

بدوره قال النائب محمد خواجة: “أصبحت مفردات الحوار شائعة الاستخدام في الخطاب السياسي والإعلامي، إثر تسيد العولمة التي سرعت انتشارها ثورة الاتصالات، وبات الحوار وسيلة تواصل أساسية في العلاقات الدولية، وبين أفراد ومكونات المجتمع الواحد، هذا لا يعني أن ثقافة الحوار مفهوم مستجد، فهو موجود في القدم، ارتبط بنشأة المجتمعات المدنية، ومثالاً في القرن الرابع قبل الميلاد دعا سقراط غورجياس أحد ألمع خطباء أثينا، للتحاور والتناظر حول إشكالية الخطابة، وحدد في دعوته إطار المحاورة وشروطها. رغم تكاثر الدعوات إلى الحوار ورفض النزاعات بالأساليب السلمية في العقود الثلاثة الماضية، إلا أن مفاعيلها بقيت محدودة التأثير، لا سيما في علاقات الدول، نظراً لتصادمها مع فلسفية صراع الحضارات وتنازع الثقافات، ونهاية التاريخ التي كرست مفهوم هيمنة الأقوى المنتصر التي تحني بين طياتها سيطرة العرق الأبيض وتحديداً الانكلوساكسوني، وقد نظر لفلسفة القوة، نخبة من مفكري النظام العالمي الجديد، القائم على التفرد والإملاء والأحادية لم تكن تلك النخبة من أمثال برنادلويس وصموئيل هنثغتون وفرانسيس فوكوياما بعيدة عن مواقع صناعة القرار في واشنطن، أتاح النظام الجديد الذي بزغ نجمه على انقاض الحرب الباردة والثنائية القطبية للولايات المتحدة الاميركية والدول الاطلسية، استباحة سيادة الدول وإخضاعها تحت مسوغات براقة، كمكافحة الارهاب وحقوق الانسان ونشر الديمقراطية، وذلك عبر اشعال الحروب وفرض الحصار والعقوبات والاستخدام الجائر لنظام سويفت المالي، بحق الافراد والمؤسسات والكيانات المناوئة للمعيشة الاميركية والغربية”.

أضاف:”ان ألف باء ثقافة الحوار قبول الاخر بما هو عليه من اختلاف سياسي او ديني او عرقي، واحترام التعددية التي غدت سمة من سمات تشكل المجتمعات في عصرنا، بحيث من النادر ان نجد مجتمعاً مكوناً من صفاء اللون الواحد لاستمرار ديمومة اي مجتمع، وضمان استقراره وتماسكه، يجب تفهم خصوصيات تعددية مكوناته كعنصر غنى وتنوع حضاري، وتعزيز قيم التسامح والتواصل والتمييز بين المواطنين.

لن يكون ذلك ممكناً من دون تكريس مفهوم المواطنة، نصاً وسلوكاً في رحاب دولة مدنية يسودها القانون والحريات والعدالة الاجتماعية. وما نصبو اليه هو نقيض الدولة الطائفية، المقيدة بالأعراف المذهبية التي نعيش في كنفها، وإن تجملت شكلا بملامح ديمقراطية وحريات فضفاضة”.

تابع:”إن الكيان الذي يعاني مأزومية متعددة الأوجه، تطال قضايا الدور والهوية، كما الحال في بلادنا، يحتاج إلى التلاقي والحوار المستدام كضرورة واجبة، بين ممثلي مكوناته السياسية والمجتمعية، لبلوغ رؤى مشتركة، تجاه المسائل الخلافية. ومن دون قراءة موحدة للتاريخ والمستقبل، وتشكل هوية وطنية، بدلا عن الهويات الفرعية، لا يمكن الركون لفكرة الوطن والشعب الواحد. إن بديل الحوار مزيد في تصدعات البنية المجتمعية، وتداعياتها المكلفة على المستوى الوطني. ولضمان فعالية أي حوار لا بد من توافر الإطار وشروط نجاحه وأهمها:

١- الأسلوب الراقي والهادئ في المخاطبة، فالحوار في أساسه وسيلة حضارية، لتعلم القبول الاجتماعي للآخرين، والتنوع الثقافي المحيط بنا.

وإذا تمتع المحاور بقابلية الاستماع والتفهم، فهذا يزيده نضجا فكريا، وقدرة على التواصل والبحث عن المشتركات التي تعزز التلاقي، أكان بين الأفراد أو الجماعات.

2- اعتماد منهجية في الحوار، لإيصال الفكرة بسلاسة، وفاقا لمنطق علمي يأخذ بعين الاعتبار، أن القناعات والمواقف ليست سوى حقائق نسبية، تحتمل الخطأ والصواب. وهذا لا يتنافى أبدا، مع مبدأ الدفاع عن الاعتقادات الفكرية والسياسية، ما دامت مظللة بسقف الوحدة والنظام العام.

3- وجوب أن يفضي الحوار إلى نتيجة علمية، بعيدًا عن منطق الغالب والمغلوب، لفتح الآفاق أمام تطوير النظام السياسي الحاكم ليوميات حياتنا. يما يتناسب مع الدستور والاصلاحات الواردة في متنه، التي لم تبصر النور رغم انقضاء نحو ثلاثة عقود على إقراره”.

تابع:”إن ترسيخ ثقافة الحوار، لا يتم بين عشية وضحاها؛ فهي عملية تراكمية تحتاج الجهد والصبر، ولا يمكن تعميم مفاهيمها وأدبياتها، إلا بتعاون المنظومات المجتمعية كافة. بدءًا من الأسرة والمؤسسات التعليمية وصولا إلى الوسائل الإعلامية والجمعيات والأحزاب والنخب الفكرية والثقافية… فهؤلاء صناع الرأي العام، وبالأخص الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب ووسائل التواصل الاجتماعي، نظرًا لتأثيرها الكبير على جموع المواطنين. وتوجب المصلحة الوطنية على وسائل الإعلام عدم تشجيع البرامج المثيرة للنعرات والعصبيات، أو الترويج للدعوات والأفكار تمس الاستقرار والسلم الأهلي. في السنوات الأخيرة، بدأت تطل علينا بين الحين والآخر، قوى سياسية وقنوات تلفزيونية، تعزف على وتر الفيدرالية كحل للأزمات المتراكمة والمسائل الإشكالية. من دون التنبه لمخاطر الطروحات المشبوهة التي تتعارض مع الدستور والقوانين، الناصحة بوضوح على وحدة الأرض والشعب ومركزية السلطة. ما شهدناه خلال الحرب الأهلية البغيضة، التي لا تزال محفورة في ذاكرتنا من تقاتل الإخوة، خير دلالة على ما نقول. وهذا الأمر يلقي مسؤولية على عاتق وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام والقضاء، لاتخاذ التدابير القانونية بحق المروجين للفدرالية ومشاريع التجزئة والتفتيت. لا تقل مسؤولية الأحزاب ورجال الفكر والثقافة ورجال الدين عن مسؤولية الإعلام، تجاه تنوير الرأي العام وتحصين المناعة الوطنية”.

ورأى أن “الخطاب السياسي الهادف والهادئ، يرفع من شأنية المتحدث ويوصل الفكرة الرزينة والجادة إلى العقول والقلوب حتى لدى الخصوم وأصحاب الرأي المختلف. بينما الخطاب الشعبوي العالي النبرة، قد يكون مقبولا عند شريحة صغيرة، تعاني فائض حماسة، لكنه منفر ومستفز لشرائح واسعة، بينهم من يتشاركون مع المتحدث ذات الميول الفكرية والسياسية. إن البنية المجتمعية المصابة بالاهتزاز وعدم الاستقرار كما واقعنا، هي الأحوج للكلمة الهادئة الطيبة، لكلمة سواء تجمع بين اللبنانيين”.

 

بكاسيني

وأكد الإعلامي جورج بكاسيني في مداخلة أن “البديل عن ثقافة الحوار هو رفض الآخر، أي ثقافه الداعشية السياسية التي تفشّت للأسف في مجتمعنا وفي كل الطوائف، نرفض الحوار في الداخل ثم نرتضي به في الخارج، تماماً كما حصل في السابق، أو كما يمكن أن يحصل في المستقبل. نبني تحليلنا السياسي على مقاس تمنياتنا . نرفع من أسهم هذا المرشح الرئاسي أو نُسقِط مرشحاً آخر من كل الحسابات، والفراغ هو المرشح الأوفر حظّاً. لم يَعُد الرأي العام قادراً على تمييز الخطأ من الصواب. أصبح رهينةً بين أيدي بعض المحلّلين المزعومين وبعض الإعلام المزعوم، ولعلّ أوضح مثالٍ على ذلك ما يشهده اللبنانيون في حقبة الفراغ المتواصل منذ أكثر من سبعة أشهر”.

وقال: “خلاصة القول أن الحوار لازَمَ الحياة السياسية اللبنانية في كل المراحل، وخصوصاَ في ذروة الحرب الأهلية (من جنيف ولوزان وصولاً الى حوارات سباق الخيل) فكيف يمكن أن يكون مرفوضاً في زمن السلم، كما أن الحوار كان حاجةً وضرورة، في بعض الأحيان، عندما كان هناك أكثرية وأقليّة في مجلس النواب”، سائلا: كم بالحري في مجلس لا أكثرية فيه لأحد وهو محكوم بتعادل موصوف في ميزان القوى؟، مع ميزان القوى المشار إليه كيف يمكن إنقاذ الجمهورية من أزماتها المستدامة من دون حوار؟، وكيف يمكن معالجة الإنهيار الإقتصادي والمالي من دون حوار؟ وكيف يمكن استعادة دور لبنان المفقود من دون حوار؟ مع العلم أن التعريف الأول لدور مجلس النواب اللبناني لأب الدستور ميشال شيحا ، أنه مساحة حوار بين العائلات الروحية اللبنانية”.

أضاف :”أما التحليل السياسي الذي غابت ثقافة الحوار عن غالبية نصوصه، فانتقل من مرحلة “الرأي والرأي الآخر” الى مرحلة “الرأي وتخوين الآخر”، كما لو أنه أصبح جزءاً من عدّة شغل السياسة ، أو واحداً من وسائلها الإقصائية في بعض الأحيان، في زمن تتسابق فيه دول الإقليم على “قبول الآخر” وتصفير المشاكل بين بعضها البعض، باستثناء لبنان الذي تغرق مكوّناته أكثر وأكثر في ثقافة الصراعات والكيديات التي قادتنا وما زالت تقودنا الى قعر الهاوية.. حيث البكاء وصريف الأسنان”.

 

عتريسي

وأوضح الدكتور طلال عتريسي أن “الإعلام هو سلاح حقيقي يستخدم قبل الحرب، وأثناء الحرب وبعد الحرب، يستخدم في الحرب الخشنة والحرب الناعمة، ولا نستطيع ان ننكر ان الاعلام كان له دور كبير في انهيار الاتحاد السوفياتي، هو سلاح معقّد بسبب تنوع ادواته خاصة وسائل التواصل الاجتماعي الذي لا يخضع للضوابط والقيود، ومع عولمة التواصل الاجتماعي هناك من يستطيع ان يقطع هذه الوسائل فهناك من يقدر على قطعها”. واستشهد بقول الإمام موسى الصدر إن “الطوائف عمة في لبنان وهو هدف لم يدرك عند الصحاب الرؤى السياسية، والعيش بالتنوع هو فعل حضاري بالحقيقة وعلينا محاورة الآخر ومقابلته بدون شروط هو حضارة”.

 

حجازي

واعتبرت مستشارة رئيس الحكومة السابق حسان دياب لشؤون العلاقات العامة ليلى حجازي أن “السلطةَ اللبنانية قائمة على تقاسم طائفيّ، فالأقطاب متمسكة بمواقفها التي تراها مناسبة وتستطيع من خلالها شد عصب مناصريها وطوائفها ومذاهبها إلى خض البلد في كل فرصة خصوصا أن المواطن اللبناني مستعد لكل شيء في سبيل زعيمه”.

وقالت: “نحن بلد التعايش ولا ننكر ذلك إلا أن الزعيم هو رمز لا يمكن المساس به لأنه يمثل الإنتماء الطائفي وليس العقائدي والفكري لأبناء طائفته والذين ينضوون تحت لوائه، ولكن للأسف الشديد معظم المناصرين الاحزاب او المتحزبين لديهم انتماء عاطفي وليس عقائدي مما يؤدي الى ضعف الحزب وضموره لانه ولو كان عندهم انتماء عقائدي بغض النظر عن الروابط العاطفية والمذهبية سيقوى الحزب وتعلو رايته على ساحة الوطن وهذا ما ينقصنا ويسبب انغلاق وضعف في الانتماء الفكري”.

ورأت أن “احد الحلول للحفاظ على هذا الوطن هو الحوار الذي يتم من خلاله تبادل الأفكار بين الناس وتتفاعل فيه الخبرات و يساعد على تنمية التفكير وصقل شخصية الفرد، وتوليد أفكار جديدة”، داعية كل الأفرقاء اللبنانيين الى العودة الى طاولة الحوار فهي الملاذ الأول والأخير لتحقيق ألسلم والأمان في بلدي لبنان”.

وشكرت كل القيمين على المؤتمر “لأنه فتح المجال أمامي وأمام الجميع على التأكيد على أهمية الحوار الوطني والسياسي والذي يعتبر الخطوة الاولى لسلسلة من المؤتمرات للوصول الى استراتيجية لحل الأزمة اللبنانية، طالبة من الأحزاب اللبنانية أن تبدأ بالحوار الداخلي حتى تستطيع تقبل الرأي الآخر وتتقبل فكرة الحوار بين الأحزاب”.

 

القصيفي

بدوره، قال نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف القصيفي: “لست أدري لماذا إختار منظمو هذا المؤتمر ” ثقافة الحوار والتحليل السياسي” عنوانا لهذا المحور. وما هو سر التلازم بين الأمرين. لكنه يعني بطبيعة الحال الحياة السياسية بمفهومها الاشمل، وغايتها الابعد. وارى شخصيا ألا وجود حقيقيا للثقافة والحوار والتحليل السياسي إلا في ظل الحرية التي من دونها تبقى هذه الكلمات فارغة من مضمونها. في الانظمة الشمولية والدكتاتورية لا ثقافة، ولا حوار، ولا حتى تحليل سياسي خارج المكعبات الفكرية التي تحددها الاطر الرسمية. فتصبح كل هذه العناصر مجتمعة في خدمة المشروع السلطوي بكل تفاصيله. وهذا المبدأ ينطبق على الانظمة اليمينية واليسارية معا. على أن غاية الحواروالتحليل السياسي هو صناعة الرأي العام”.

 

واضاف: “الثقافة في القراءة السياسية هي ألاطلاع، وفهم التاريخ واحداث والجغرافيا الطبيعية والسياسية، والحضارة على إختلاف منابعها ونوعها، والقدرة على اسقاطها على الواقع الراهن وربطها بالوقائع والوقوعات التي تقتحم المشهد العام بصورة غير متوقعة او متوقعة. وإن عالم الاعلام محكوم بفعل الثقافة، والثقافة اشعاع وأن لا حضور لها، ولا تأثير من دون تقبل الديموقراطية التي توفر فرصة الثقافة. كما فرصة فهم واقع الجغرافية وحركة التاريخ. والثقافة تعود المرء على توسل الحوار سبيلا إلى التواصل مع آلاخر، والتمكين من نسج علاقات تقوم على فكرة قبول إلاختلاف. فالاخر هو اناوأنا هو الآخر. وفي يوميات الانسان، وسياق النظم السياسية، لا يمكن للحوار أن يستقيم إلا ضمن هذا المفهوم الذي يعني قبول آلاخر وتوازن المعايير”.

 

وتابع: “وهذه أمثلة في موضوع الحوار:

– الحوار الناجح: المصالحة التاريخية بين الزعيمين الفرنسي والالماني شارل ديغول وكونراد اديناور على اثر الحرب الكونية الثانية.

– إتفاق الرئيس الفرنسي فرانسوا ميران والمستشار الألماني هيموت كول في شأن اعتماد وحدة نقد مالية موحدة لدول الاتحاد الاوروبي، وهي العملة المعروفة باليورو.

 

أما من الأمثلة عن وجهة النظر الأحادية:

– الكتاب الاحمر الذي يضم افكار ماو تسي تونغ ومداولاته والذي اعتمد كاساس، وقاعدة للثورة الثقافية التي أطلقها ،بصرف النظر عن التقييم المتناقض لهذه الثورة.

 

وهناك حوار المصالح:

– الانفتاح الأميركي على الصين في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون.

– السقوط البريطاني في الهند الذي نتج عنه انهاء الاستعماروقيام معادلة: الاستقلال مقابل العلاقات المميزة بين الدولتين.

– العلاقات بين الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون والزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف.

 

وحوار العنف:

– الحرب بين الولايات الشمالية والجنوبية في الولايات المتحدة الاميركية والتي انتهت بتحرير العبيد.

– إسرائيل وفرضها الاستيطان والعمل على التوسع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، متذرعة بحق لا تملكه.

– حرب الباكستان والهند والانفصال، ونشؤ دولة بنغلادش .

 

– حرب قناة السويس وتفاعلاتها التي أدت الى ارغام الجيشين الفرنسي والبريطاني على الانسحاب من مصر، وكان ذلك ايذانا بافول نجميهما في المنطقة العربية، وصعود نجم كل من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الاميركية، إضافة إلى تحرير مضايق تيران”.

 

واردف: “من هنا ننطلق إلى التحليل السياسي الذي يجب أن ينطلق من حيث المبدأ من فهم للحاضر ومحاولة لتوقع المستقبل. وفي رأيي أن هذا الأمر يحتم على الصحافي والاعلامي – بل يفرض عليه – ثقافة التواضع، كما التحصن بثقافة متنوعة وشاملة، وقراءات تمكنه من التصدي للموضوع الذي ينكب على تحليله سواء في كتاباته أو إطلالاته المذاعة او المتلفزة، او حتى في الندوات التي يدعى إليها. واني اشدد على ناحية رئيسة وهي انه لا يمكن لأي محلل سياسي إعلاميا كان او غير إعلامي، قراءة المستقبل خارج إطار التاريخ بواقعه وحيثياته الراهنة وآلاتية”.

 

واشار الى ان “التحليل السياسي يستند إلى وقائع، وهو ليس ضربا بالرمل ولا هو تخيلات، أو قراءة عابرة لخطب، وبيانات، وتصريحات، واعلانات، غالبا ما تخالطها تمنيات سياسية او شخصية، وهو ما يسمى بالإنجليزية آل “WISHFUL THINKING” فالمحلل السياسي الذي لا يأخذ في الاعتبار الموضوعات الحسية ووقائع الارض، ويستقريء الحدث إنطلاقا منها، يكون مجرد عراف يجيد التكهن ليس اكثر. وللاسف فإن نسبة غير قليلة من المحللين، أو يقدمون أنفسهم بهذه الصفة في وسائل الاعلام، هم إلى العرافة والكهانة أقرب. وربما مرد ذلك إلى عدم القدرة على التفريق بين الموقف والتحليل. باستطاعة المرء أن يجاهر بموقف ويحسن الدفاع عنه وأن يقنع آلاخرين به، لكنه موقف وليس تحليلا. فالتحليل السياسي يجب أن يرتكز إلى المقومات آلاتية:

– معرفة الحدث موضوع التحليل معرفة جيدة والاحاطة به إحاطة تامة.

– معرفة البيئة الجغرافية والبشرية لمكان الحدث وتاريخ هذه البيئة وارتباطها بمحيطها.

– الإفادة مما كتب ومن التصريحات والبيانات التي صدرت حول الحدث من المعنيين به مباشرة، وذلك لتسهيل استقرائه من كل جوانبه. – إمتلاك مفاتيح اللغة المعتمدة في التحليل، لاضفاء الدقة على المقاربة، واجتناب الالتباس الذي يتسبب به سؤ استخدام التعابير.

– عدم الجزم وايراد الخلاصات الحاسمة في ختام التحليل، خصوصا اذا كان الحدث مفتوحا على تطورات ومتغيرات ومفاجآت”.

وختم: “مما تقدم يتبين كم هو ملح أن تكون ثقافة الحوار هي المحرك الرئيس لكل نشاط عام، خصوصا ما يتصل منه بالسياسة، وأن تكون الثقافة الشاملة المدعمة بالجنوح الدائم إلى الحوار، كوسيلة فضلى للتواصل مع آلاخر المختلف، لكي يكون التحليل السياسي ذا دور كبير في إيضاح الاحداث والوقائع، ومحاولة افهامها للرأي العام بأسلوب مباشر ومبسط، لا يزيدها غموضا وارباكا كما نجد لدى بعض الذين يشطحون ويخلطون حابل الممكن بنابل المستحيل، ويفلتون العنان لمخيلاتهم . فلا ثقافة من دون حوار. وأن ثقافة الحوار القائمة على المعرفة والفهم، هي التي تثمر تحليلا سياسيا سليما يركن إليه”.