نظم “دار الحوار” و “مؤسسة صدى السلام – راصد لبنان” ندوة حوارية مع الوزير السابق البروفسور ابراهيم نجار أدارها البروفسور رزق زغيب، تناولت المرحلة التي تم فيها التحضير لمقدمة الدستور سنة 1984، حضرها الرئيس السابق العماد ميشال سليمان، رئيس تكتل “الجمهورية القوية” سمير جعجع ممثلا بمستشاره للشؤون القانونية المحامي فادي ظريفة، رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل ممثلا بغسان الخوري، النواب: هاغوب ترزيان، الياس حنكش وأديب عبد المسيح، ممثل حزب الوطنيين الأحرار كميل شمعون، النائب والوزير السابق جان اوغاسابيان، نائب نقيب المحررين صلاح تقي الدين، رئيس تجمع “رابطة لبكرا” غسان جوزف الخوري، رئيس رابطة “آل تابت” المهندس وسيم تابت، مديرة الأخبار والبرامج في تلفزيون الجديد الإعلامية مريم البسام، ناشر موقع “ليبانون ديبايت” ميشال قنبور وعدد من الفاعليات الإعلامية والقانونية.
بعد النشيد الوطني، ألقت المديرة التنفيذية لراصد لبنان – صدى السلام المحامية رولا إيليا كلمة قالت فيها: “نلتقي اليوم، مع نخبة من أهل القانون والفكر والإعلام، في ندوة تتناول عمل لجنة الاصلاح الدستوري، ونستمع في هذه الندوة إلى البروفسور ابراهيم نجار، الذي يعرف عنه تاريخه الطويل، في عالم القانون والدستور، حتى صح فيه القول أنه أحد أعمدة التشريع في لبنان والعالم العربي”.
أضافت: “عندما قرر “دار الحوار” و “راصد لبنان” تنظيم هذه الندوة، كان الهاجس، ما يعيشه لبنان من أزمات وجودية، وتعثر دائم في تشكيل السلطة، وخرق للدستور، وفراغ ينبئ بأن هناك من يتعمد أن ينسف كل الآليات الدستورية، وأن يفرغ العمل المؤسساتي من مضمونه الفعلي في ظل تعثر إتمام الاستحقاقات الدستورية، بدءا بانتخابات رئاسة الجمهورية، وصولا إلى تشكيل الحكومة..
خيرالله
وشدد مؤسس دار الحوار الاعلامي بشارة خيرالله في كلمته على “ضرورة فك أسر الدستور وتحريره من هيمنة قوى الأمر الواقع”، مؤكدا ان “كل الحلول موجودة في الدستور متى تم تطبيقه”، منبها من خطورة الطروحات التي يتم التداول فيها في ظل وجود قوة فوق دستورية تعطل عمل الدستور وتتحكم بالمجلس النيابي وتجعل من النصاب “غب الطلب” متى تأمنت المصلحة الخاصة على حساب المصلحة اللبنانية، داعيا جميع القوى إلى “العودة إلى الدستور وتطبيقه واعتماد اللامركزية الادارية التي تعالج جزءا كبيرا من المشاكل”.
نجار
وفي النقاش الذي أداره البروفسور رزق زغيب، شدد نجار على وجود ثغرات يجب معالجتها لحسن تطبيق الدستور لإزالة الضبابية التي يتلطى خلفها البعض لعدم تطبيق الدستور، كالديمقراطية التوافقية ووظائف الفئة الأولى ومدة تكليف مجلس الوزراء وبدعة التأليف قبل التكليف وقضية تشريع الضرورة وقضية تصريف الأعمال الحكومية بمعناها الضيق، وقضية آلية انتخاب رئيس الجمهورية وقضية مدة السنتين بعد تقاعد موظفي الفئة الأولى التي تنص عليها المادة 49 من الدستور”.
وتحدث عن مرحلة عضويته في لجنة الإصلاح الدستوري التي ضمت ممثلين عن كل المذاهب وتألفت بعد مؤتمري جنيف ولوزان والتي نتج عنهما تأليف حكومة برئاسة رشيد كرامي في عهد الرئيس أمين الجميل، وقال: “حينها كلفتنا الحكومة بتأليف لجنة أعدت ما تم إدراجه لاحقا في الدستور في اتفاق الطائف”.
أضاف: “دستور الطائف لم يكن إبن ساعته، وهو نتاج مخاض عسير بين القوى والمكونات اللبنانية والمسيحية، وكان لبنان مهددا باحتلال أقسام كبيرة منه، حينها انعقد مؤتمر الكسليك الذي ضم ما يقارب المئة شخصية وكان في مثابة خلية نحل فكرية، وكان السؤال الأبرز من قبل الصحافيين وقتذاك: هل صحيح ان جونية هي عاصمة الجزء المسيحي في لبنان المقسم، بعد ان علت أصوات تطالب بالفدرالية، فكار الرد بتسمية الجبهة بالجبهة اللبنانية لا “المسيحية”، والقوات بالقوات اللبنانية ولا “القوات المسيحية”.. كان النضال لبنانيا ولم يكن يوما نضالا طائفيا”.
أضاف: “تقول مقدمة الدستور أن أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين، ولكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.. لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”.
وقال: “في اجتماعات سيدة البير ناقشنا ما يناقش اليوم في وجود الرهبنة اللبنانية، والرئيس سليمان فرنجية ومعه وزير التربية هنري طربيه، والرئيس شمعون ومعه وفد من الأحرار يضم داني شمعون وموسى برانس، وكان الشيخ بيار ومعه جوزف أبو خليل وأمين الجميل وبشير الجميل وابراهيم نجار، وكانت الشخصيات كثيرة من جواد بولس إلى شارل مالك وسعيد عقل.. يومها تفاوتت الآراء بين مطالب بالفدرالية وبين من يطالب باحترام الصيغة وخلصت إلى الموافقة على رأي الشيخ بيار الجميل المطالب بالبقاء على الصيغة في حين كان رأي الرئيس سليمان فرنجية الذهاب نحو الفدرالية. يومها أصدرنا بيانا ركزنا فيه على التعددية الحضارية، وبعد معارضة بعض المسلمين انتقلنا لإستعمال تعبير التعددية الدينية.. لكن الأهم من كل ذلك، أن الجبهة اللبنانية بمن تضم من قوى فاعلة، لم تذهب إلى خيار الفدرالية سنة 1977”.
وختم سليمان: “في الماضي كنا نحلم أن يقال “لبنان أولا” إلى أن جاء رفيق الحريري وقال عشرات المرات، لقد كرسنا المناصفة وأوقفنا العد.. علينا الذهاب إلى اعتماد اللامركزية الإدارية للحفاظ على المناصفة قبل الوصول إلى حرب أهلية طاحنة، إذ لا معنى لأي فدرالية في ظل اللاسيادة وحكم السلاح غير الوصول إلى التطاحن والاقتتال”.
الرئيس سليمان
وفي مداخلة، قال سليمان: “ان الفدرالية هي في مثابة نسف الدستور، وعلينا الاختيار بين الفدرالية وبين صيغة المشاركة، لأن نسف صيغة المشاركة يعني الذهاب إلى لعبة العدد، وهذا ما لا نريده”.
أضاف: “الحل يكمن في العودة إلى روح الدستور، أما ما يتعلق بانتخاب الرئيس، فهو يحتاج إلى نصاب الثلثين في الدورة الأولى فقط، لكن المؤسف ان يخرج النواب من الجلسة بهدف تطيير النصاب من دون الاعتبار ان المشترع اعتمد على حسن النية في تطبيق الدستور”.