رست سفينة الغدر شواطئنا ، وقبطانها كأنه سلّم الأمانة وغادر ، وركابها ضيوف شرف على من يعلم بهم ، و دمعة غدر على من لا يعلم ما يحصل على شواطئنا ، حطت رحالها سفينة الأوجاع و غادرت كأنها لم تأتي ، فياليت عرض البحر أخفاها من حيث أتت.
هي أطنان لا بل ألاف الأطنان من شراراة الموت ، يعلم بها القليل و إستخفّى بها الكثير ، فوجودها في مرفأ شاطئنا لم يكن عبثاً ، بل دراسة محبوكة بسنارة وخيط محكم يصعب تفكيكها .
هل هي سفينة الموت كما سماها البعض، أم لعبة الحكام المدروسة في الوقت و الزمان المحددين ؟!
نعم حديثا واضح حول أطنان النيترانيوم الذين تمركزو في مرفأ بيروت ، و كانت خسائرنا كبيرة ، لا نتحدث بالبيوت و الماديات كما نتحدث عن الأرواح .
الأرواح التي غابت و الأرواح التي تتدمرت نفسياً، فالمشهد حقاً كان مبكي و لازال ؛ فالذكرة مألمة و الحادثة فاجعة ولو هناك كلمة أكبر لنوصفت بها …
موضوع حادثة المرفأ إنخمدت مع نيران الحريق الذي حصل آنذاك ، و هذه أيضاً لعبة محبكة مدروسة ، فكل من فتح ملف الحادثة قُتل ؛ ألا يستحق هذا عشرات و ألاف علامات الإستفهام و التعجب ؟!!
فلنبكي بصمت على من رحل و نهمس بحجم المأساة .من المسوؤل يا ترى! على من اللوم !
٥ أشهر و حتى اليوم كأن شيئاً لم يكن ، وحدها الأم تبكي وحده الأب ينعي وحده الطفل يستذكر أباه …
لن ننسى لكن نحن في بلد لا صوت لنا ، في بلد إسترخصو أرواحنا على حساب مصالحهم الشخصية ، فلو أصابهم هم الأذى فهل يا ترى يفعلون شيئاً مقابل أرواح أشخاص عزيزين عليهم ! أم ضمائرهم خفت حنانهم و غلبتهم القسوة كما يفعلون بشعبهم .
ملفات حادثة المرفأ وحدها الحقيقة ، و الحقيقة في جعبة من أحضر السفينة ، و من أحضر السفينة يا ترى ؟! فالكل يرميها على الآخر لأنها لما تقع الواقعة تصبح الروح عزيزة ، و النفس غالية ، و بيع الوطن سهل عليهم ، وأرواحنا أعداد عليهم لا أكثر …