نظم الجسمان القضائي والحقوقي في صيدا والجنوب احتفالا، في باحة قصر العدل في صيدا، بمناسبة الذكرى الـ 24 لاغتيال القضاة الاربعة حسن عثمان، عاصم ابو ضاهر، وليد هرموش وعماد شهاب الذين اغتيلوا عند قوس المحكمة في صيدا في الثامن من حزيران عام 1999 .
شارك في الاحتفال وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال القاضي هنري الخوري، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود وأعضاء المجلس، رئيسة هيئة التفتيش القضائي بالانابة القاضية سمر السواح، الرئيس الاول الاستئنافي بالتكليف في الجنوب القاضي ماجد مزيحم، النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان، نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار، ممثل نقابة المحامين في صيدا المحامي اسامه ابوظهر، وعائلات شهداء القضاء، وقضاة ومحامون ومساعدون قضائيون.
كسبار
بعد عزف النشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت على ارواح القضاء الشهداء وكلمة ترحيب من القاضي مزيحم ، ألقى النقيب كسبار كلمة استهلها باستذكار “شهيد قصر عدل زحلة القاضي قبلان كسبار وصولا إلى القضاة الأربعة الذين استشهدوا على قوس المحكمة في صيدا ، قضاة خطوا بدمائهم ملاحم بالعزة والكرامة والعنفوان”.
وقال”: ان قضاة لبنان هم الأكثر علماً وشجاعة وصبراً، الاكثر علماً وهم الذين يتابعون الدورات العلمية في لبنان والخارج ويشاركون في المؤتمرات، الاكثر شجاعة لأن من يستطيع أن يحكم في ظل الظروف الصعبة حيث يستطيع أي كان أن يعتدي على أي كان، هو بطل. الاكثر صبراً لأنهم يعملون في ظل ظروف معيشية صعبة من جميع النواحي، ان لناحية الراتب أو لناحية عدم توفر الكهرباء والقرطاسية، وللمناسبة اليوم انتهت الأعمال والتجهيزات المتعلقة بالطاقة الشمسية في محكمة صيدا”.
وتوجه كسبار إلى القضاة بالقول: ” نكرم اليوم شهداءنا القضاة بالتعاضد في ما بينكم وبالتشديد على أن مجلس القضاء الأعلى هو الذي يمثل القضاة وهو الذي يتكلم باسمهم فقط ، نكرمهم بالعمل اليومي الدؤوب دون الالتفات إلى الظروف المعيشية الصعبة وتخطيها بقوة وشجاعة، نكرمهم باصدار الأحكام والقرارات واعطاء كل ذي حق حقه، ومعاقبة المرتكبين والمجرمين وإعادة الحقوق إلى اصحابها ومنها أموال المودعين وكشف حقيقة من ارتكب جريمة المرفأ”.
وختم: ” نكرم شهداءنا القضاة بالحفاظ على القسم واتباع موجب التحفظ والحفاظ على المنافسة”.
عبود
من جهته، قال عبود:” نُحيي ذِكرى شهدائِنا القضاةْ الأربعةْ، الرئيس الأول القاضي حسن عثمان، والقضاة عماد شهاب ووليد هرموش وعاصم ابو ضاهر، ونستلهمُ منهُم ارادةً في المواجهةِ والتضحيةِ والعطاء حتى الشهادة، في زمنٍ قلَّ فيه من يُواجهْ، ونَدُرَ فيهِ من يُقاومْ. ولِنشهدَ في ذكراهُم على قولِ الحقيقةِ الصعبة، حولَ دولةِ القانون وحالةِ القضاءْ وأوضاعِ العدالةْ”.
أضاف: ” إنَّ دولةَ القانونْ والحقْ والعدالةْ تتلازمُ مع قضاءٍ حرٍّ ومستقلٍ وفاعل، فأين نحنُ منها، وكيفَ السبيلُ اليها. الجوابُ واضحٌ وقاطعٌ كاليقين، وخلاصتُه الآتي: لا قضاءَ، بلا قانونٍ يَضمَنُ استقلاليتَهُ، ولا قضاءَ بلا مجلسٍ أعلى للقضاءْ مكتملٍ وموحدٍ ومنسجمْ، ليكونَ قادراً على تسييرِ شؤونِهِ وتحمُّلِ مسؤوليةِ قراراتِه، بعيداً من أيّ تدخلاتٍ أو تأثيراتْ، فيُسألُ حينَها عن أي خللٍ في دورِه، وعن أيِ إخلالٍ بموجباتِهِ، ولا قضاءَ بلا تفتيشٍ قضائيٍ مبادرٍ وفاعل، ولا قضاءَ بلا تشكيلاتٍ او انتداباتٍ او الحاقات قضائيةْ مبنية على معاييرَ موضوعيةٍ، وليس على محاصصاتٍ او ارتهاناتٍ او تدخلاتْ، ولا قضاءَ بلا هيئةٍ عامةٍ لمحكمةِ التمييزْ قادرةٍ على تأمين ِاستمراريةِ مهامها عَبرَ اتخاذ القراراتِ الواجبةِ، وفقَ قواعدِ الاجتماعِ والنصابِ المفترضَين والمتوافرَين، ولا قضاءَ بلا وصولٍ الى الحقيقةِ والعدالةِ في قضية انفجار مرفأ بيروت، كما لا قضاءَ بلا ملاحقةِ من يقتضي تجريمُه في ملفاتِ الفسادِ وهدرِ المالِ العامْ واستعادةِ الأموال، بِمعزِلٍ عن اي استنسابيةٍ، لتطالَ الملاحقاتُ جميعَ المرتكبين والفاعلين دونَ ايِ تمييزٍ أو حمايةْ، ولا قضاءَ ايضاً بلا تأمينِ الواجبِ لقصورِ العدل، وبلا رواتبَ ومخصصاتٍ عادلةٍ للقضاةِ ومساعديهم، فتتحقق العدالةُ لمن يُفتَرَضْ فيهمْ تحقيقُ العدالة”ْ.
وختم: “هذه هي الأهدافْ والحلولْ التي توصِلُنا الى دولةِ القانونْ، والتي حاولنا ونُحاول تحقيقَها ضِمنَ الأحكامِ القانونيةِ المعمولِ بها، كما سنسعى دائماً الى تحقيقِها. ولقد باتَ من الثابتِ أنّها تستلزمُ ضرورةً اقرارَ قانونِ استقلاليةِ السلطةِ القضائيةِ من قبلِ السلطةِ التشريعيةِ، وفقاً لاقتراحِ مجلسِ القضاءِ الأعلى بهذا الصدد. كما أَنّها تفترضُ منا جميعاً، عملاً، ومتابعةً وصموداً وتضحيةً ربما، حتى النهاية، بالتضافرِ معَ الجميعْ، لا سيما مع السلطاتِ الأخرى، ومع المحامينْ نقابةً وأفراداً. فلنسعَ اليها، على هُدى شهدائِنا اصحابِ الذكرى، متخطّينَ عراقيلَ، ومصوبينَ هِناتٍ او اخطاءَ، ومستلهمينَ ارادةً حقيقيةً في بناءِ دولةِ الحقِ والقانونْ، وفْقَ مضموْنِ القسمِ الذي التزمنا به.”
الخوري
ثم تحدث وزير العدل فقال: “اربع وعشرون سنة مرت على صباح اسود انطبع سواده في وجداننا وفي ذاكرة القضاء، اربع وعشرون سنة مضت على اغتيال أربعة زملاء لنا قضوا برصاصات غدر على قوس العدالة بذنب وحيد أنهم يؤدون عملهم القضائي بكل جهد وأمانة “.
أضاف:” ما كان يخطر في بال حسن ووليد وعاصم وعماد أن ذلك اليوم سيكون آخر يوم لهم في دار الفناء، وأنهم لن يعودوا إلى بيوتهم وعائلاتهم كعادتهم حاملين معهم ملفات المتقاضين، لكن شاء الله أن يعودوا مضرجين بدماء الشرف والعطاء الاكبر. ما كان يخطر على بال أحد أن يشهد مكان احقاق الحق وتحقيق العدالة أبشع أنواع جرائم الحقد والسواد كقلوب فاعليها، ما كان يخطر على بال أحد أن تُغتال كوكبة من الشرفاء والاطهار على يد الغدر والحقد”.
وتابع:” اذا كان احياء الذكرى السنوية لاستشهاد الزملاء الأربعة هو اقل واجب علينا تجاههم، واذا كانت محاكمة المتهمين وصدورالقرار النهائي بحقهم عن المجلس العدلي هو جزء من حق عائلاتهم على القضاء، واذا كان تنفيذ هذا القرار وتوقيف المحكومين هو الحدث الأهم الذي ننتظره ونتمنى تحقيقه في القريب العاجل، فإن التبصر والاعتبار من هذه الجريمة هو اصغر درجات الوفاء منا لمسيرتهم “.
وقال:” كيف لا نعتبر، وقد علّمنا استشهادهم ألاّ نخاف في عملنا ، إلاّ من الله وضميرنا. كيف لا نعتبر، وقد علمنا استشهادهم أن العطاء قد يكون عطاء الذات والروح وليس فقط العطاء من الذات. وكيف لا نعتبر، وقد كان اغتيالهم مثلٌ حي للشهادة في سبيل الله الحق والحكم. وكيف لا نعتبر، وقد علمنا استشهادهم أن القتل هو نقيضٌ لله والدين”.
وختم الخوري:” ما اصعب ان يقف المرء في ذكرى استشهاد زملاء له، فيسأل نفسه ماذا يقول وقد اسكتت الشهادة كل قول. ويبحث عن كلمات تفيهم حقهم علينا وواجبنا تجاههم، فيجد نفسه عاجزاً. كيف نوفي من قدم حياته قرباناً للعدالة وبماذا نوفي عائلته؟ وعاهد الشهداء ” البقاء اوفياء لذكراهم وان نقتدي بمسيرتهم وبتضحياتهم.”
وفي الختام، تم وضع اكاليل من الزهر على النصب التذكاري للشهداء الاربعة باسم الوزير خوري وعبود وكسبار وابو ظهر ونقابة المحامين في صيدا، كما وضع المحامي سالم سليم الذي نجا من محاولة الاغتيال اكليلا على النصب.