كتبت صحيفة “النهار”: تتسع التعبئة السياسية والنيابية المزدوجة لداعمي المرشحين الرئاسيين سليمان فرنجية وجهاد ازعور في الطريق الى موعد الجلسة الثانية عشرة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية في 14 حزيران الحالي. وتتخذ هذه التعبئة دفعا مضاعفا بين اليوم والأربعاء المقبل في ظل محطات مفصلية يفترض ان تساهم في تظهير معظم المشهد والسيناريو الافتراضي لما ستؤول اليه الجلسة الانتخابية التي ستعقد بعد انقطاع للجلسات ناهز الخمسة اشهر. ذلك انه مع عدم استبعاد استمرار “مساحة رمادية” لن يحسم معها عدد وافر من النواب مواقفهم سلبا او إيجابا من المرشحين الحصريين الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد ازعور اللذين ستدور بينهما المواجهة الانتخابية، فان “المساحة الواضحة” لداعمي ورافضي المرشحين بدأت تتسع باطراد بحيث يتوقع بلورة الاصطفاف وتوزع النواب الى حدود واسعة بين المرشحين قبيل الدخول الى الجلسة. وتلفت أوساط نيابية مستقلة بارزة الى ان عاملا مهما برز لجهة مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري في الساعات الأخيرة الى الكشف ان نواب الفريق الداعم لفرنجية سيعتمدون التصويت الواضح هذه المرة وليس الورقة البيضاء، اذ ان هذا الاتجاه سيساعد بقوة في كشف ميزان القوى قبيل الجلسة وخلال انعقادها، ولو ان معظم المعطيات لا يزال يمنح ازعور امكان حصوله على عدد اكبر من الأصوات ولكن من دون أي ضمان بامكان انتخابه رئيسا. وتشير هذه الأوساط الى ان الاجتماع المرتقب اليوم لكتلة “اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط يحظى برصد واهتمام محموم لان أي قرار يتخذه هذا التكتل بالتحالف مع “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” ستكون له ترددات في اتجاه الكتلة المترددة من النواب، كما ان توزع النواب سيحمل الى الجلسة صورة التطور الجذري الذي طرأ في ظل احتدام المواجهة بعد تبني المعارضة و”التيار الوطني الحر” ترشيح ازعور . واذا كانت المعطيات السابقة عن موقف الكتلة الجنبلاطية رجحت ان تتبنى الكتلة في النهاية دعم ازعور، فان المعلومات الدقيقة المستقاة من أعضاء الكتلة عشية اجتماعها اليوم لم تحسم الاتجاه وابقت الاحتمالات رهن النقاش الذي سيحصل اليوم من دون استبعاد عدم اعلان “اللقاء الديموقراطي” قراره النهائي اليوم.
التحرك الفرنسي
وعلى الصعيد الخارجي حيث بدا لافتا غياب أي موقف او تحرك حيال لبنان منذ زيارتي البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي للفاتيكان وباريس، برز تطور جديد تمثل في اعلان القصر الرئاسي الفرنسي مساء امس تعيين وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان ممثلا شخصيا للرئيس ايمانويل ماكرون لمتابعة الملف اللبناني. علما ان لودريان خبر الملف اللبناني عن قرب خلال الاعوام الخمسة التي امضاها وزيرا للخارجية كما خلال ادارته وزارة الدفاع الفرنسية.
وجاء في البيان الذي نشره قصر الاليزيه “بروح من الصداقة التي تربط بين فرنسا ولبنان ان رئيس الجمهورية يواصل العمل لصالح لبنان ومن اجل حل الازمة المؤسساتية ووضع حيز التنفيذ الاصلاحات اللازمة لاستعادة هذا البلد عافيته.”
واضاف البيان “عين الوزير السابق جان ايف لودريان ممثله الشخصي من اجل التبادل مع جميع الذين يمكنهم في لبنان كما وفي الخارج المساهمة في اخراجه من الازمة.” وتابع “تحقيقا لهذه الغاية سيزور الوزير لودريان لبنان قريبا ثم يقدم تقريرا ومقترحات عملية الى وزيرة الخارجة كاترين كولونا والى رئيس الجمهورية.”
وأفاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني ان تعيين لودريان من الرئيس الفرنسي جاء كعلامة فارقة لاهمية الملف اللبناني بالنسبة الى باريس التي من خلال تعيينه تريد تسريع التوصل الى حل بالنسبة الى هذا الملف ومتابعته من قبل شخصية اعلى مستوى من المستشار الرئاسي باتريك دوريل. ويمكن للودريان الذي تابع هذا الملف خلال وجوده على راس وزارة الخارجية ان يقدم نظرة جديدة الى الحلول.
وفي هذا السياق أفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين ان وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ستشارك غدا في اعمال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش في الرياض الذي تشارك في تنظيمه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. ومن المتوقع ان تجري كولونا محادثات مع عدد من نظرائها ومن بينهم السعودي الأمير فيصل بن فرحان واللبناني عبد الله بوحبيب وآخرين . وأفاد مصدر ديبلوماسي فرنسي ان كولونا ستتناول الموضوع اللبناني “اذ ان لبنان على شفير الهاوية والبلد يحتاج الى عودة الاستقرار في المؤسسات مع انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس حكومة بامكانه ان ينفذ الإصلاحات الضرورية للشعب اللبناني”. ولفت الى ان فرنسا تتعاون مع قطر في تقديم مساعدات إنسانية ومساعدات الى الجيش وتريد الاستمرار بها. ومن المقرر ان تنتقل كولونا من الرياض الى الدوحة لتشارك في رئاسة الحوار الاستراتيجي بين البلدين مع رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وتجري معه لقاء يتناول الأوضاع في المنطقة ومؤتمر بغداد الثالث ولبنان.
جعجع
وفي المواقف البارزة من الازمة الرئاسية لم يستبعد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “ان تكون الجلسة الـ12 “أنزع” من سابقاتها من خلال تعطيل النصاب في الدورة الأولى او عدم حضور الجلسة من الأساس”.
وقال جعجع في حديث الى الزميل علي حماده عبر “هلا لندن تي في” مساء امس: “أنا أحترم من سيصوّت لفرنجيّة فهذا رأيه شرط ألا يهدد الآخرين كما أحترم من سيختار أزعور إلا أنني لا اتفهم من لا يصوّت لأي من الخيارين بعد كل ما مررنا به”. وإعلن انه “يحمل كل نائب في البرلمان مسؤوليّة الموقف الذي سيتخذه من الآن حتى الأربعاء المقبل بمعنى أنه لم يعد يجوز التلطي تارة خلف الورقة البيضاء وتارةً أخرى بشعارات وأسماء غير جديّة” وقال: “لنضع شخص فرنجيّة جانباً لكنه مرشّح الممانعة على الموقع المسيحي الأول الذي في العرف والمناخ السائد في لبنان منذ نحو الـ50 سنة، من الواجب الإستئناس برأي المسيحيين به كما عندما يكون موقع رئاسة الحكومة موضع بحث فمن الطبيعي التوقف بالدرجة الأولى عند رأي المسلمين”
وحذر جعجع “من الذهاب إلى هزّة أمنيّة “شو ما صار يصير” لأنها لن تؤدي إلى حل ولكن عندها يجب أن نعيد النظر بكل ما هو قائم وأعني فيه ما أعنيه وأنا لا اقصد هنا التفكير بصيغة لبنان الموحّد بل بصيغته من ضمن الوحدة وهذا الأمر الطبيعي”.
في المقابل مضى “حزب الله” في ترداد ادبيات الدعوة الى التوافق على وقع اتهام خصومه بتقديم مرشح تحد . وقال عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق امس ان” لبنان يمر بمرحلة استثنائية تستلزم توافقات واسعة وغير مجتزأة لان اي توافقات بخلفية التحدي لا تنتج حلولا وانما تعمق الازمة وتؤججها”. واعتبر “إن حزب الله لم يفرض رئيسا على احد ولا يرضى بأن يفرض عليه احد”. وأضاف “من لا يرى مصلحة لبنان بالتوافق الوطني يقامر بمصير البلد في اصعب مرحلة من تاريخه”. ورأى ان “الحل هو بالحوار غير المشروط”، مشددا على ان “حزب الله لا يبحث عن حصص في الوزارات والادارات وإنما يريد رئيسا يكون عنوانا للتوافق الوطني يقود سفينة الخلاص بمؤازرة الجميع”. وأبدى استغرابه كيف أن شعار “كلن يعني كلن” اصبح اليوم “كلن يعني كلن صاروا مع كلن”.