Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

النهار: “حزب الله” يفتح ناره المبكرة على أزعور

كتبت صحيفة “النهار”: لم ينتظر “حزب الله” اعلان القوى المعارضة و”التيار الوطني الحر” رسميا تبني ترشيح وزير المال السابق ومدير إدارة الشرق الأوسط واسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد ازعور لرئاسة الجمهورية، فسارع على نحو مبكر للغاية الى اطلاق طلائع حملته على ازعور وداعميه سواء بسواء على لسان رئيس كتلته النيابية محمد رعد. والواقع ان أي طرف او مراقب لم يكن يتوقع موقفا إيجابيا من “حزب الله” حيال ترشيح القوى الرافضة لترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، المرشح الذي يفترض ينافسه في معركة دستورية ديموقراطية ينبغي ان تحل الازمة الرئاسية. ولكن السرعة التي طبعت مبادرة الحزب الى شن طلائع حملته على من وصفه بـ”مرشح المناورة” ومضمون هذا الهجوم الاولي اكتسبا دلالات بارزة للغاية حيال “العصبية” غير المعتادة في سلوكيات الحزب ومسارعته الى ترجمة هذه العصبية. ذلك ان هذا الموقف السلبي المبكر بدا انعكاسا واضحا لنجاح القوى الذاهبة الى اعلان ترشيح ازعور في حشر القوى المقابلة التي طالما عيرت رافضي المرشح المدعوم من الثنائي الشيعي، بانها لا تملك القدرة على التوحد حول مرشح بديل منافس، كما ان التعبير هذا اتخذ غالبا طابع حشر المسيحيين في خانة اتهامهم بتحمل تبعة الازمة الرئاسية لعجزهم عن التوحد . وحين اقترب التوصل الى التفاهم بين الكتل المسيحية الكبرى على اسم جهاد ازعور حصل تطور بارز اخر تمثل في مسارعة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي الى مباركة هذا الاتفاق ولو من دون التطرق الى موقفه من المرشح. واتخذ ذلك دلالات مهمة خصوصا عشية زيارتين بارزتين سيقوم بهما البطريرك تباعا للفاتيكان وفرنسا اليوم وغدا بما قد تتركه الزيارتان في توقيتهما ومضمون المحادثات التي سيكون الاستحقاق الرئاسي في مقدم جدول اعمالها من انعكاسات ونتائج بارزة ومهمة.

اذاً هذه الوقائع المتلاحقة تفسر الى حدود بعيدة مدى الاحراج الذي استشعر “حزب الله” بعدما تسارعت فصول التوصل الى تفاهم قوى المعارضة و”التيار الوطني الحر”. ولكن على الخط الموازي فان المعطيات المتصلة بالترشيح شبه الناجز لازعور بدت هادئة وتسير في خط انضاج الاتصالات، علما ان ما توافر من معطيات عن لقاءات ازعور نفسه في بيروت قبل يومين وقبيل توجهه الى السعودية للمشاركة في مؤتمر اقتصادي لا تحتمل تضخيما لها او تقليلا منها في الوقت نفسه. اذ تفيد المعطيات ان ازعور قام بما اعتاد على القيام به دائما حتى في زياراته الخاصة او الشخصية للبنان بزيارات تقليدية الى الرؤساء الثلاثة اي بري والرئيس نجيب ميقاتي، والرئيس ميشال عون حين كان لا يزال في موقع الرئاسة الاولى وكذلك اتصاله بالسياسيين. وهذا ما يفترض الا يضعه في موقع الاتهام باي شيء. فالرجل يتم التداول باسمه للرئاسة من بين اسماء اخرى وهناك نية من قبل مجموعة كبيرة من القوى السياسية لدعمه، ولكنه حريص على الا يكون مرشح مواجهة او مرشح تحد ليس على قاعدة عدم المنافسة بين مرشح ومرشح اخر، بل على قاعدة عدم المواجهة من فريق ضد فريق اخر لا سيما اذا كان يرى نفسه مرشح انقاذ على ما ابلغ المتصلين به من السياسيين الذين تواصلوا معه او تواصل معهم خصوصا انه في الاساس رجل انفتاح وحوار. لا بل ان المقاربة التي يتم اعتمادها لدعم وصوله الى الرئاسة مبنية على قاعدة انه لا ينتمي الى اي فريق ولا اي فريق يستطيع احتسابه على فريق معين.

ولكن رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد سارع امس الى الإعلان “أن المرشح الذي يتداول بإسمه هو مرشح مناورة مهمته مواجهة ترشيح من دعمناه وإسقاطه” داعياً “الفريق الآخر الى التوقف عن هدر الوقت واطالة زمن الاستحقاق”. وأسف رعد “لوجود أصوات ترتفع لترشح مثل هؤلاء ليصلوا الى قصر بعبدا” مشيراً إلى “أننا نريد تفاهما وطنيا وشراكة حقيقية تحفظ البلد الذي نحرص عليه لا مرشحي بدل ضائع، في حين أن التعليمات الخارجية كانت توجه البعض في لبنان الذين يملكون الوقاحة اللازمة للتصريح علناً برفضهم وصول مرشح للممانعة، في مقابل رضاهم بوصول ممثل الخضوع والاذعان والاستسلام”. وأضاف “من لا يريد ممثلا للممانعة هو نفسه يقول لنا “لنا جمهوريتنا ولكم جمهوريتكم” ويريد تقسيم البلد” .

 

الاتصالات

في المقابل عكس النائب أديب عبد المسيح تقدم المساعي الجارية لانجاز التفاهم فقال”اقتربنا من الوصول إلى 65 صوتاً ومن دون هذا العدد لن ننزل إلى المجلس النيابي لإيصال مرشّحنا وأتصوّر أنّ ثمة اتفاقا ضمنيا وغير منجز وشبه أخير بأنّنا لن نعلن عن اسم الشخصية التي سنتفق عليها لرئاسة الجمهورية إلا بعد أن يفتح رئيس مجلس النواب نبيه برّي المجلس ويحدّد جلسة لانتخاب رئيس”.

وأضاف عبد المسيح “ان الحزب التقدمي الاشتراكي معنا وجهاد أزعور هو الأكثر حظًّا وتواصلنا مع البطريرك الراعي في هذا الخصوص وهو سيطلب من فرنسا وقف التدخّل في الاستحقاق الرئاسي، كما أنّ الفرنسيّين أكّدوا أصلاً أنّهم لا يتدخّلون ولا فيتو من قبلهم على أحد”.

كما ان النائب جورج عقيص تحدث عن تقدم في مسار المفاوضات القائم بين المعارضة و”التيار الوطني الحر” من دون ان يبلغ بعد خط الاتفاق على اسم موحد، متوقعاً ان يكون الأسبوع المقبل مفصلياً في هذا الاتجاه. وأوضح ان طرح اسم الوزير السابق جهاد ازعور “جاء من باب التقاطع الحاصل مع التيار على اسم غير مستفز لفريق الممانعة، وبإمكانه بالوقت نفسه توحيد صفوف المعارضة”. وعن تأييد تكتل “الجمهورية القوية” لاسم ازعور قال انه “مرتبط بإعلان التيار رسمياً ترشيحه وبذلك نكون قد ذهبنا الى منتصف الطريق بانتظار ملاقاتنا من قبل الفريق الاخر”.

 

الراعي والفاتيكان وفرنسا

في غضون ذلك، بارك البطريرك الراعي هذا التوجه في عظته امس ” نود أن نشكر الله على ما نسمع بشأن الوصول إلى بعض التوافق بين الكتل النيابية حول شخصية الرئيس المقبل، بحيث لا يشكل تحديا لأحد، ويكون في الوقت عينه متمتعا بشخصية تتجاوب وحاجات لبنان اليوم وتوحي بالثقة الداخلية والخارجية”. وقال : “إننا نأمل ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت كي تنتظم المؤسسات الدستورية وتعود الى العمل بشكل طبيعي وسليم وفعال، وبذلك تتوقف الفوضى الحاصلة على مستويات عدة وتتوقف القرارات والمراسيم العشوائية التي تستغيب رئيس الجمهورية وصلاحياته وبالتالي فهي تبقى عرضة للشك والاعتراض”.

وأوضح المسؤول الاعلامي في الصرح البطريركي في بكركي وليد غياض، ان البطريرك الراعي يتوجه صباح اليوم الى الفاتيكان للقاء رئيس الحكومة الكاردينال بييترو بارولين، وينتقل مساء الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون غدا الثلاثاء. ويرافق الراعي الى الاليزيه، وفد يضم المطارنة بولس مطر، بيتر كرم، مارون ناصر الجميل، المونسنيور امين شاهين، سفير لبنان في باريس رامي عدوان، مدير مكتب الاعلام في بكركي وليد غياض.

وفي موقف بارز اخر من الوضع القائم قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة امس : “حبذا لو يتبع المسؤولون في الوطن خطى مسؤولي الكنيسة المدافعين عن الإيمان. حبذا لو يدافعون عن دستور البلاد ضد كل الهرطقات التي تشوهه. كيف يصبح البلد دولة مؤسسات إن لم يحترم دستوره ولم تطبق قوانينه؟ كيف يستقيم العمل في ظل غياب مجمع وطني يسهر على تطبيق الدستور واحترامه، مجمع مؤلف من رئيس للجمهورية، وحكومة أصيلة، ومجلس نواب اختارهم الشعب ليعملوا من أجل مصلحته، أي المصلحة العامة، ومن أجل تحصين المؤسسات العامة وتفعيل عملها في خدمة المواطن، وهذا يكون بإدخال الإصلاحات اللازمة والضرورية لكي يقوم كل إنسان مسؤول بعمله، ويحاسب على أي تقصير أو فساد أو سوء أمانة؟ بلدنا بلا رأس ولا حكومة فاعلة، مشلول، إداراته معطلة وبعض المراكز فيها خالية أو تدار بالوكالة. والجميع ينتظر، لكن الوقت يمر والفرص تضيع والأحوال تتدهور. والمشكلة الكبرى أننا نشهد فسادا يحميه فاسدون محميون من فاسدين ولا محاسبة ولا عقاب. كما نشهد سرقات وتعديات، ومناورات تجري تحت عيون الدولة والأجهزة الأمنية والعالم، لا علاقة للدولة بها ..?عندما تكون الدولة ضعيفة تقوى الدويلات والمحميات وتسود الفوضى. وفيما يسعى العالم إلى الإنفتاح والتسامح يشد بنا البعض إلى التقوقع والتعصب والتخلف والإعتداء على الحريات”.