كتبت صحيفة النهار تقول: غداة قمة جدة التي كان ملف الأزمة اللبنانية فيها هزيلاً وهامشياً، بدا طبيعياً أن تعود الاهتمامات الداخلية إلى الملفات الأكثر حرارة، وفي مقدمها الأزمة الرئاسية، فيما تترقب الأوساط السياسية والاقتصادية ما ستفضي إليه المشاورات الحكومية في مطلع الأسبوع في شأن ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والاتجاهات التي ستحكم هذا الملف في الأيام القليلة المقبلة. ويبدو واضحاً أن الحركة الداخلية عائدة إلى التمركز حول الأزمة الرئاسية إذ إن ما كان يتردد عن السقف المبدئي للحثّ على إنجاز الاستحقاق قبل منتصف حزيران لم يعد سوى شعار لا ضمانات إطلاقاً لأي ترجمة عملية له في ظل تساقط الأوهام والرهانات ومحاولات استغلال هذا السقف لتمرير انتخاب مرشح الثنائي الشيعي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. كما أنه ليس ثمة أي ضمانات لتوجيه رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة لعقد جلسة انتخابية قبل الخامس عشر من حزيران ما دام الستاتيكو السياسي والنيابي المأزوم في ملف الرئاسة على وضعه الذي لا يسمح أبداً بأي ترجمة حقيقية للذهاب نحو معركة ديموقراطية مفتوحة في جلسة مفتوحة يؤمن نصابها باستمرار أو عبر تسوية توصل رئيساً متوافقاً عليه بأوسع قاعدة سياسية.
وفي سياق المواقف والتحركات التي عادت إلى مسار الاستحقاق الرئاسي، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في حديث إلى قناة “الحدث”، قبيل مغادرته السعودية أمس، إلى حوار لبناني، مناشداً العرب رعاية هذا الحوار، وقال: “نحن بحاجة لحوار بين اللبنانيين اليوم، لأن اللبنانيين لا يساعدون بعضهم البعض، ولو كان هناك وفاق لكنّا انتخبنا رئيساً للجمهورية. من هنا مناشدتي للأخوة العرب أن يقوموا برعاية نوع من حوار لبناني- لبناني من أجل الوصول إلى الاستقرار في لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية، إضافة إلى مساعدة لبنان للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي يعاني منها. وكنت أتمنى لو كان للأخوة العرب عين على لبنان لتقديم مساعدات مطلوبة في هذه المرحلة للإبقاء على كيان الدولة ومؤسساتها”.
وردّاً على سؤال، قال ميقاتي: “حتماً نحن ننادي بانتخاب رئيس للجمهورية، ولو كان هناك رئيس للجمهورية وحكومة مكتملة الصلاحيات، ولو كان عقد المؤسسات الدستورية مكتملاً، كما يجب، لكان الموقف اللبناني أقوى بكثير. المطلوب إتمام انتخاب الرئيس في أسرع وقت لكي يقوم هذا الرئيس بدور في العالم العربي لإعادة الثقة إلى لبنان وإعادة تكريس الواقع والدور اللبناني في العالم العربي”.
وأضاف: “لقد انقطعنا عن العالم العربي في السنوات الماضية، وعلى الرئيس العتيد أن يقوم بمهمّتين، هما أن يقود الوفاق الداخلي وأن يعيد بناء الجسور مع كلّ الدول العربية”. وعن مدى الحاجة إلى “طائف جديد”، قال: “من خلال خبرتي السياسية أرى أن اتفاق الطائف في موقعه الطبيعي بالنسبة للبنان ولكن علينا استكمال تطبيقه. لا يمكن انتقاد اتفاق الطائف ونحن لم نستكمل تنفيذه، أو يقوم كل فريق بتنفيذه على هواه”.
وفي التحركات الداخلية، عاود نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب تحركه، فزار أمس معراب مجدّداً، حيث استقبله رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في حضور النائب ملحم الرياشي. ووصف بوصعب اللقاء الثاني مع جعجع بـ”الإيجابي، وهو يأتي في إطار الجولة التي أقوم بها على القيادات السياسيّة، وهدفها مدّ الجسور، التفاهم والحوار، واليوم تقدّمنا خطوة عن المرحلة السابقة، من خلال أسس متفق عليها، ولم يعد من عقوبات أمام الخطوة الثانية المتفق عليها من قبل مع الجهات السياسيّة”.
وأضاف: “سبق واجتمعت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل يومين من زيارتي لمعراب، ونأمل استكمالها في الأيام المقبلة، ولا أريد الدخول في التفاصيل، ولو أن الإيجابية موجودة ولكن لا يملك أحد الحلّ السحريّ لجهة انتخاب رئيس جديد للبلاد، إلا أن الإيجابيّ في الموضوع هو البدء بالتحاور مع بعضنا البعض في المعطيات المتواجدة وقول “ما هو الممكن وما هو غير الممكن”، كاشفاً عن لقاء ثالث يحدّد موعده في وقت لاحق.
بو صعب الذي أشار إلى أن “مد الجسور يشمل كلّ الأفرقاء السياسيين مع كلّ الكتل السياسيّة والنيابيّة”، شدّد على أنه “ليس في وارد ترشيح أو تسويق أي اسم لرئاسة الجمهورية، وأعتقد أن ثمة زملاء يعملون على توحيد الجهد واختيار اسم معيّن، بينما أنا أعمل على الخطة البديلة أيّ في حال لم تتوّحد الأطراف على اسم مرشح، فهل نستسلم؟”.
في المقابل، اعتبر نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أن “في لبنان ما زال النقاش دائراً حول اختيار رئيس الجمهورية، والنواب منقسمون انقساماً واسعاً، هناك 6 أو 7 كتل نيابية، كل كتلة لها رأي، هذا الانقسام أصبح واضحاً أنه ليس على البرنامج ولا على المشروع، هذا الانقسام هو على الأسماء حصراً، وبالتالي بعضهم يختار الإسم الذي يشعر أنه يمون عليه، وبعضهم يختار الإسم الذي يشعر أنه يكون في الواجهة ليقاتل أخصامهم، وبعضهم يختار الإسم على قاعدة أنه ينسجم مع المشروع الغربي في هذا البلد، أما نحن فقد اخترنا الإسم الوطني المقاوم الذي يجمع وطناً، ويعمل من أجل انقاذه، ويتعاون مع الآخرين من أجل البرنامج الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. إذن هؤلاء الذين يقولون لنا مشكلتنا معكم في البرنامج، نقول لهم أين البرامج المطروحة؟ والذين يقولون مشكلتهم معنا بموضوع المقاومة، شرف أن نكون مقاومة، ونحن متمسكون فيها، ونعتبر أنها هي الرصيد الأساس الذي حرر لبنان، وحمى لبنان، والذي ردع إسرائيل وأنجز التحرير، والذي استطاع أن يؤدي إلى ترسيم الحدود البحرية واسترداد النفط والغاز والثروات، كل هذا ببركة المقاومة التي تحمل سلاحاً في الميدان، لأن إسرائيل لا تفهم إلا بلغة السلاح”.
وأضاف: “البعض يقول المشكلة أن معكم سلاحاً، هذه محاولة للهروب من المسؤولية تجاه الشعب وتجاه الناس. إذا بقوا على هذه الطريقة سيؤخرون الاستحقاق كثيراً وكثيراً، لأنهم مختلفون على اقتسام الجبنة، وليسوا مختلفين على المشروع السياسي ولا على البرنامج، لأن النقاش في الرئاسة هو على الأسماء”.