نور علي زريق- سمفونية الخير والشر عزفت من جديد، بين الحاضر الماضي و المستقبل المبهم عمل حمل كل معاني الإبداع، ثلاثون ساعة من الاثارة و التشويق عاشها المشاهدين بشغف خلال السباق الرمضاني، مشاهد جمعت أحاسيس متضاربة وحوار بين العقل و القلب ففي لحظات الصمت نطقت الحواس بكلام لم ينطق. إن طريق النجاح صعب لكن عندما يجتمع نجوم استطاعوا أن ينطقوا الورق، وأن يحولوا الخيال الى حقيقة من خلال تجسيد شخصيات تفاعل معها الجمهور و عاشوا تفاصيلها لحظة بلحظة، يتحول النجاح الى حليف وشريك. هؤلاء هم نجوم مسلسل ” للموت” غردوا داخل السرب فوصوا إلى العالمية.
” سحر، ريم، كارما، جواد و لؤي ” شخصيات لامست جوارح القلوب جسدها نجوم من الدرجة الأولى.
فبين البغض و الكراهية، الحب و التفاني ” للموت ٣” من بطولة ماغي بوغصن، دانييلا رحمة، ورد الخال، مهيار خضور ويامن الحجلي. ومن إنتاج شركة ايغل فيلمز. العمل شكل زلال فني هز الساحة الفنية من خلال نص كتبته الكاتبة نادين جابر التي جمعت سيناريوهات مجنونة و حوارات جريئة بالإضافة الى حبكة حيكت بأنامل سحرية نقلت به العمل من جزئه الثاني الى الثالث ببراعة. أما الرؤية الثاقبة و المشاهد الرائعة فهي من عدسة المخرج فيليب أسمر.
جسدت النجمة ماغي بو غصن شخصية سحر بطريقة مختلفة هذا العام ، اذ استطاعت ان تلعب دورا مركبا معقدا وتوصله الى المشاهدين بسلاسة، اذ ظهرت سحر
اكثر وعياً و اقل جنوناً كسحابة سوداء تختفي و تظهر في الوقت عينه عندما تشعر بالخطر، صعبة المنال توهم الخصم بأنها استسلمت لتوقع بهم بذكاء، كتاب يخفي وراءه كتيبات ومرادفات بين السطور عن ماض مظلم وموحش، هي لوحة مشفرة يصعب منها الاقتباس و لغز معقد يمنع عنه الابتعاد بداخله كنز ثمين او ربما نعمة من السماء تسمى الإخلاص و الوفاء لصديقة العمر ” ريم” ولكل الأحباب.
اما دانييلا رحمة فقد أدت دور ريم بإتقان تام ، اذ تدور الشخصية في قالب عاطفي، كرمال صحراء يرمها الهواء من مكان الى مكان كيف وحيث يشاء والى اين يشاء ومع كٌل رمية يضف قليل من الملح يزخرف بهم جراحات الزمان ، لكن نبضات القلب تعيد حلاوة للروح كفعل الماء بالنار، بحيث تحاول ريم العثور على الحب الحقيقي من خلال الرجال الذين تجبرها الظروف على التعامل معهم لكن الحب الأول يزور الفؤاد مرة واحد في العمر، وبالحديث عن المشاعر جسدت دانيلا دور الام بإحساس مرهف ممزوج بمعاني التضحية و الوفاء.
وعن المبدعة ورد الخال فهي فريدة من كل الجهات من يقرأ بين سطورها يؤمن بانها استثنائية ومن دون مزايدات، اذ قدمت اداء عال المستوى من خلال شخصية تنازع بين صراع القلب و العقل مع الحبيب ” لؤي” ، خلقت في عالم الظلام فجسدت معاني السيطرة، الإجرام و الانتقام، اذ قتلت كل شخص أخطأ بحقها بدم بارد، ولأن المشاهد تدور وكل ساق يسقى بما سقى انقلبت الأدوار فتحولت من جلاد الى مجلود، حملت اسم ” كارما” فعصفت بها كارما الحياة.
من جهة اخرى لعب يامن الحجلي دور جواد موجهاً رسالة عميقة عن النقاء فالزرع الصالح يستطيع ان ينمو في اقصى انواع التربة، عمل يامن على تقمص الشخصية بطريقة احترافية معبرا عنها بلحظات الصمت، فمهما تكلم عن وجعه لن يشعُر به أحد، ومهما
سرد تفاصيل ألمه لن يفهمه أحد، وهو الذي فعلَ به الاكتئاب ما فعل، واقتنصت الوحدة لاغتياله أنصافَ المِحن، والله يشهد أنه قاوم بكل ما أُوتي قلبه الضعيف مِن مقاومة وذِكر، إلا أنه في فخ الحُزن سقط، تكاثرت مواقف الخذلان بعد عشمه، وغلبت ظروفُه وعودَه مع الذين اعتبرهم منه، فملُّوا وتجبروا، فغدا حزينًا وعاد وحيدا.
بالتالي جسد مهيار خضور شخصية لؤي مغيرا جلده ببراعة اذ اختار دور يعتبر اضافة على مسيرته، اذ حاكى لؤي نوع من المظلومية بطريقة مختلفة، بحيث طُبعت النسخة السيئة منه على جدران الدنيا وهو الطيب النقي، فالانسان احياناً تجبره مجريات الحياة ان يتحول الى مجرم بالإكراه لحظة وقوفه اما نقطة الفصل، ” ما من مهرب بدين اما ان يقتل او يقتل، وعليه عندما اختار لؤي باب التضحية اصبحت العُزلة كمَهربٍ مؤقتٍ غير مُجدِيَة، محاولا الوقوف بعد السقوط ولم يساعده أحد، ففي بعض الأحيان يكون من العدل و الإنصاف ان يتحاسب الإنسان نتيجة افعاله لا ما يخفيه باطنه.
نشير الى ان الممثلة ريان حركة اكدت انها ممثلة لا يستهان بها، أعطت من نفسها الكثير من أجل تقديم اداء متميز مستخدمةً ادواتها بدور لميس ” لآخر نفس ” ،فأصبحت كالشهب في سماء عيون المشاهدين مثبتة جدارتها وبراعتها بإتقان الدور مبشرةً بنجمة موعودة.
في الختام ، ” للموت ٣ ” قنبلة فنية تفجرت خلال السباق الرمضاني فتربع العمل على عرش الصدارة، اذ اعلن المنتج جمال سنان خلال الإفطار الرمضاني للشركة ان هنالك شركة اجنبية طلبت شراء حقوق العمل من أجل أعادت إنتاجه غربيا، هذا الإنجاز العربي يعتبر الأول من نوعه و يعود الفضل الى ابطال للموت و كل المساهمين في نجاحه، ومن جهة اخرى انتهى العمل بنهاية جيدة، منصفة و غير متوقعة. لكن مع كل نهاية بداية جديدة.