رأى رئيس الهيئة التنفيذية ل “حركة أمل” مصطفى الفوعاني، خلال ندوة فكرية بمناسبة يوم الارض في فلسطين المحتلة، أن فلسطين مبتدأ التاريخ وحبر المقاومة، وفلسطين الحروف الأولى وأبجدية الروح والصدى، فلسطين تستعصي على الزمن وتتمرد على تآكل الكلمات، وفلسطين المغمدة بنسيم الأوطان المحروسة بعيون ابنائها، وفلسطين التاريخ الذي ينتفض هاتفا: القدس قبلتنا وملتقى قيمنا وتجسيد وحدتنا ومعراج رسالتنا. ذكريات باتت تجمعنا من حين الى آخر وتؤكد وجود الوحدة الداخلية، فيوم الارض في فلسطين ليس يوما في السنة بل هو كل اعمارنا وحياتنا، وعلينا التنبه الى ما يقوم به العدو الصهيوني من عدوان مستمر ومن توسع استيطاني وصولا الى محاولات تهويد القدس غير آبهين بالقرارات الدولية، اننا نستحضر دائما خطاب الإمام موسى الصدر حيث نركز على الأفكار الاتية:
1 – الإمام الصدر كان إمام المحرومين في لبنان، الساعي على الدوام للحفاظ على السلم الأهلي، وهو القائل السلام في لبنان هو أفضل وجوه محاربة إسرائيل، وهو الأب الروحي للقضية وللثورة الفلسطينية التي كانت جزءا من إيمانه وثقافته وشخصيته وجزءا من مشروعه، كما كان للعرب أجمع، وهو ذلك الرجل الساعي بين العواصم والبلاد لكي ينقل إلى العباد فكره وأمنياته وكل ما أراد تجسيده من الفكر في العمل والسلوك.
2 – شغل فكر الإمام الصدر قضيتين: الأولى قضية المحرومين في وطنهم، والثانية قضية المحرومين من وطنهم، وفي القضية الأولى أنشأ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ثم أنشأ حركة المحرومين التي تطورت إلى أفواج المقاومة اللبنانية- أمل لإحساسه بالخطر الدائم الذي تمثله إسرائيل بالنسبة إلى لبنان وإلى جنوبه خصوصا، وكان التعامل بينه وبين القضية الفلسطينية تعاملا وثيقا. واعتبر أن إسرائيل دولة غير شرعية، دولة مغتصبة ومعتدية، تمارس ارهاب الدولة المنظم. واعتبر بالمقابل المقاومة الفلسطينية هي مقاومة شرعية، واعتبر أن دفاع حركة أمل بوجه إسرائيل جهاد مقدس.
3 – القدس ستبقى عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية رغم أنف المستكبرين ولم يهدأ بال الإمام الصدر حيال الأمة العربية والمشاكل التي مرت بها، وموقفه الجهادي كان ثابتا تجاه القضية الفلسطينية التي اعتبرها قضية حق وعدالة، واعتبر مأساة فلسطين لطخة سوداء في الضمير العالمي، وأيد العمل الفدائي تأييدا مطلقا، ولم يقبل ببقاء شبر واحد من أرض فلسطين تحت الإحتلال الصهيوني، واعتبر إسرائيل شرا مطلقا، وأكد أن النصر آت لا محالة، لأن الحق هو المنتصر في النهاية”.
4 – الإمام الصدر تميز بوعيه المبكر للخطر الصهيوني الذي لا يزال يهددنا، وكانت فلسطين في ميثاق حركة المحرومين، وحرم أي اعتراف أو تعاون أو تعامل مع إسرائيل، وعمل على الحصول على فتوى من المرجعية في النجف بجواز دفع أموال الخمس للمقاومة الفلسطينية، وأكد أن القدس عنوان ومستقبل المنطقة ومصيرها، فحمل الإمام فلسطين صلاة ودعاء وفعلا، واعتبر أن جهة تحتاج لإثبات عروبتها وإسلامها أن تحضر فلسطين فيها وفي فكرها، وأهم أسباب إخفاء الإمام الصدر موقفه من القضية الفلسطينية. وهو الذي اكد ان شرف القدس يأبى ان يتحرر إلا على ايدي المؤمنين. وقد اكد دولة الرئيس نبيه بري ان لا احد يستطيع طمس جوهر القضية الفلسطينية وان ابناء الشعب الفلسطيني الذين تعلمنا وتعلموا من درس المقاومة سوف يتمكنون من صنع المستقبل عبر التأكيد على جوهر القضية المتمثل بالقدس عاصمة ابدية لدولة فلسطين وحق العودة”.
ورأى “ان يوم الأرض يوم الكرامة والشرف، متحديا سياسة التهويد وقضم الأراضي في 30-03-1976 هبت الجماهير الفلسطينية في مدن وقرى ال 48 في عرابة وسخنين، وكفركتا، وشفا عمرو والناصرة لتعلن للعالم والمحتل ان الشعب واحد والأرض الفلسطينية واحدة من خلال الشهداء الذين اصبحوا رمزا لوحدة والعطاء وان فلسطين موحدة من النهر الى البحر. و انّ ما يحصل اليوم، يؤكد اكثر، صوابية خياراتنا، يومَ كان الامام الصدر يحذر من الخطر الوجودي للكيان الصهيوني وهذا ما أرساه ميثاق حركة امل في المبدأ السادس: فلسطين، الأرض المقدسة، التي تعرضت ولم تزل لجميع أنواع الظلم هي في صلب حركتنا وعقلها وأن السعي لتحريرها أولى واجباتنا وأن الوقوف إلى جانب شعبها وصيانة مقاومته والتلاحم معها شرف الحركة وإيمانها سيما وأن الصهيونية تشكل الخطر الفعلي والمستقبلي على لبنان وعلى القيم التي نؤمن بها وعلى الإنسانية جمعاء، وإنها ترى في لبنان بتعايش الطوائف فيه تحدياً دائماً لها ومنافساً قوياً لكيانها.” ويوم اعلن الرئيس نبيه بري في كل المناسبات وفي كل القمم: “لم يعد يجدي الا المقاومة والمقاومة فقط، هي السبيل الوحيد لاستعادة الحقوق وحفظ الكرامات”.
ولفت الفوعاني الى ” ان العدوانية الإسرائيلية المتمادية تؤكد سقوط خيارات التطبيع، والشعوبُ اليومَ، أكثر وعيًا من الأنظمة التي تهرول ضياعَ بوصلة، وتطبيعًا، وهدرًا للكرامات على أعتاب اعداء الإنسانية”.
وحيّا “شهادات الدماء التي ارتقت في فلسطين الى مستوى المواجهة عن الأمة”، مؤكدا “ان شهداء فلسطين يرسمون معالم الانتصار الآتي وأن ازمة العدو تتجلى بجنون آلة عدوانيته في مواجهة من لا يملكون الا ايمانا مطلقا بأحقية قضيتهم. وحيا الفوعاني شهادة المجاهدين الذي يمثّلون روح المقاومة الحقيقية وصدى فكر الامام موسى الصدر”إسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام”…
وأمل”ان تشكل مجريات الامور في فلسطين سببًا لاجتماع عربي لتجاوز كل الخلافات والاختلافات ولاسيما بعد الاتفاق السعودي – الإيراني وتوحيد المواقف والرؤية وتوجيه المقدرات لدعم قضية فلسطين، ووقف عبث التطبيع الذي ثبت ولاسيما بعد ان أسقطت “حركة أمل” اتفاق الذل في ١٧ أيار انه خيار فاشل، وان المقاومة قدر الاحرار لاستعادة الحقوق وحفظ الأوطان”.
وختم الفوعاني مؤكدا “ان ما يجري في الكيان الغاصب يشكل بداية لزوال هذا الاحتلال وتفسخه من الداخل، وان النهاية الحتمية زوال الاحتلال الغاصب وعودة فلسطين الى اهلها وإلى قضية الشرفاء في هذا العالم”.