اعتبر رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ان “14 آذار هي الذكرى والمعنى والثقل”. وقال في كلمة خلال المؤتمر الوطني الثامن لـ”التيار” في فندق الحبتور: “نبقى 14 آذار عندما الكل ينسى ذلك لأن الحرية والسيادة والاستقلال مزروعة بجيناتنا الوطنية ولأن التحرير لا يكتمل الا بتحرر اللبنانيين ودولتهم من ثنائية الفساد والتسلط”.
أضاف: “في مثِل هذه الأيام من كل سنة، نلتقي لوقفة تأمل، نتفحص فيها خياراتنا، ونقيم ما حققنا وبماذا اخفقنا، ونرسم للسنة المقبلة توجهاتنا بالورقة السياسية السنوية. ذكرى 14 آذار بالنسبة لنا هي رأس السنة السياسية الجديدة، وهي موعد مع قضايا الوطن الذي من دونه، لا وجود للتيار ولا معنى لنضاله؛ وهي تأكيد اضافي اننا نبقى 14 آذار عندما الكل ينسى ان الحرية والسيادة والاستقلال مزروعة بجيناتنا الوطنية ولأن التحرير لا يكتمل الا بتحرر اللبنانيين ودولتهم من ثنائية الفساد والتسلط، وهذا بحاجة الى نضال طويل نحن جاهزون له”.
وتابع: “هذه السنة الأسئلة وجودية، والخيارات تتعلق بالمصير، وأبعد من رئاسة الجمهورية، تتعلق بالجمهورية وبقائها. الانهيار المتسارع يفرض ايجاد حلول وليس توصيف للمشاكل التي نعيشها يوميا. نحن في التيار نملك الطرح ولكن لا نملك الحل بمفردنا. على مدى سنين طرحنا حلولا كبرنامج الاصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والتصور المتكامل لتطوير النظام، وكورقة الأولويات الرئاسية مؤخرا. ونقول لكل من نتفق او نختلف معه: لبنان الكيان والوطن والدولة والنموذج والرسالة في خطر ووجودنا كلنا كلبنانيين في خطر اذا استمررنا متمترسين في مواجهة بعضنا ورافضين الحوار كطريق للخلاص. ففي لبنان لا اغلبية نيابية لفريق واحد ولن تكون يوما، لذلك نحن مجبرون على الحوار والاتفاق والخروج من التخوين لأن لا حل الا بالاتفاق، وبديل الحوار هو العنف، وحتى العنف ينتهي بالحوار ولا يمكن لاي جماعة في لبنان ان تفني جماعة تانية. الحوار ليس على اسم الرئيس بل على اولويات العهد وبرنامج الحكومة لوقف الانهيار كي لا نقول على تطوير النظام الذي لا حلول جذرية من دونه”.
وتابع: “استهدافنا حاصل ولكن عزلنا لن ينجح فالتيار وشعبه لا يعزلان، وعندما قلنا عبارة “لوحدنا”، نعني اننا نقاتل لوحدنا، ونستهدف بسبب نضالنا، وهذه قوتنا، لكن الحملة كبيرة علينا، لدرجة ان التساؤلات عن التيار ومصيره مشروعة، خصوصا من المحبين الخائفين وليس لديهم تطلعات”.
وقال: “التيار وثلاثيته الداخلية: مشهد التيار يطمئن، وعصب التيار يقوى اكثر، بقضيته ومبادئه. ولمن يخشى ان تأتي الحلول على حسابنا، ويسيروا بالـ Deal من دوننا وينصحونني بأخذ الضمانات والقبول بالوعود الموقعة، اقول لهم ان محاولة عزل التيار أفضل وصفة لتقويته، ولكن نتيجتها عاطلة على الوطن، لأن بناء الدولة سيفشل من دوننا وسنعود الى المعارضة الواضحة، لا في الحكومة ولا في الرئاسة بل المعارضة الكاملة. لا تخافوا مما يأتي من الخارج، فما يؤذي التيار هو اخطاء من الداخل، والكلام الذي لا يعبر عن ادبياتنا وأخلاقنا ونشهده في وسائل التواصل الاجتماعي بمخاطبة من نختلف معهم، او حتى في نقاشات داخلية فيها وجهات نظر متعددة. النقاشات صحية شرط ان تبقى ضمن حدود الأخلاق وحرية الرأي واصول النقاش، والا تتحول لهجومات علنية. الشتامون لا يمثلون التيار بكلامهم وسنتخذ بحقهم الاجراءات العقابية اللازمة”.
وتابع: “السنة التيارية الجديدة انطلقت بالتجدد واستنهاض الهمم تحت ثلاثية: التيار، الجماعة والكيان. التيار مؤسسة فاعلة والجماعة مجتمع قادر والكيان وطن فريد، فالتيار مؤسسة فاعلة ومتفاعلة بين مكوناتها، ثابتة بمبادئها ومتحركة بعملها. لامركزية بنشاطاتها ومركزية بسياساتها، متمسكة بمناضليها القدامى ولكن متجددة بشبابها الذين اطلقنا معهم مشاريع عدة. شبابها الذين بدأوا دورات اعداد ليستلموا في المستقبل؛ وينخرطوا بمشروع التيار المنتج والممول لنفسه من خلال مشاريع سوسيو-اقتصادية ليبقى تيارنا حرا وقراره غير مرتبط بتمويله. واطلقنا معهم امس مشروع FPM Innovate ليتنافسوا بمشاريع انتاجية ابداعية. اما الجماعة فهي مجتمع قادر على الصمود بعد ضربات الفساد التي تلقاها. تبين ان معركة الاصلاح التي نقودها منذ الـ2005 الزامية وليست ترفا سياسيا، لاننا جماعة لا تستطيع العيش الا ضمن الدولة. فالفساد والدولة لا يتعايشان .الفساد ينخر مؤسساتنا ويهدم دولتنا، كيف اذا كان ناخرا لعقول الناس وثقافة المجتمع؟ عندها بينهار المجتمع اخلاقيا وتنهار الدولة معه. التيار معني اولا بتحصين نفسه، وتحصين المجتمع من حوله، وما زال مقصرا بمكافحة الفساد، بالرغم من انه اعطى نماذج ناجحة وآخرها ملف الأموال المحولة للخارج وملفات الحاكم المركزي، ولكن يجب ان يتحول كله الى خلايا اصلاح، من نوابه، الى محاميه، وصولا لطلابه الذين اطلقنا معهم امس اول خلية اصلاح. FPM Anti Corruption I- Movement . جيل بكامله ينشأ على فكرة ان أمثال رياض سلامة لا يمكن توقيفه او محاكمته ، كما سيطرت في ايامنا فكرة ان لبنان لا يمكن ان يتحرر، ونجد شباب لبنان اليوم فاقدين للأمل، لكن نحن لم نفقده. طلابنا اليوم لن يفقدوا الامل والحاكم سيحاكم وشركة “فوري” قالت ان رجا سلامة حول إليها 330 مليون دولار Commission وليس من مصرف لبنان، وحتى لو كان ذلك صحيحا، فقانون النقد والتسليف يمنع العمولات ويمنع الحاكم واي من اقربائه ان يعملوا بأي شيء له علاقة بالمصرف المركزي، وباعترافه، تتقاضى “فوري” عمولات على سندات خزينة للدولة، ويكون بريئا. جرائمه متواصلة، وتعاميمه سرقة يومية مكشوفة وموصوفة مع عدة اسعار للدولارلاستكمال سرقة اموال المودعين، ويمارس Haircut يوميا على الودائع، ويخدر اصحابهم بلعبة الدولار. يطبع ليرات، ويزيد التضخم لاكثر من 300 في المئة، يعني اكثر من زمبابوي. يطبع ليرات ويشتري بها دولارات، ويتلاعب بسعر صيرفة، وبالدولار Yoyo طلوع نزول، ويحقق 55% ارباحا بثلاثة ايام هو ومنظومته. سرقة اموال على الطالع وعلى النازل. ففي التسعينات ثبت الدولار على 1500 ليرة مع فوائد وصلت لـ 43في المئة وحول البلد لدكانة مراباة. اليوم، حوله لصالة قمار للمضاربة على العملة حسب IMF، كل الشعب يلعب بالدولار وهو يلعب بالشعب وهذا ليس بحاجة الى اثبات. القضاء اوقفه لكن هناك جهاز امني رسمي يحميه وهذه حقيقة دامغة يعرفها كل الناس، ولا تزال السرقة مستمرة”.
وقال :”تريدوننا ان نتفرج؟ لا ، فالتيار وشبابه يتصدون لأكبر جريمة سرقة شهدها العصر بحسب Bloomberg، معركتنا لتحرير بلدنا من الذين سرقوا اموالنا مستمرة وانا ادعو شباب التيار للاستعداد لمواجهة “الحراميي”، لأننا اليوم وغدا ومن قبل نحن الاصلاح في لبنان”.
وعن الكيان قال باسيل: “لبنان وطن فريد بتنوعه، وشراكته المتناصفة. ميزة لبنان ليس في شراكة الاسلام والمسيحيين ، فهي موجودة في دول اخرى ، لكن ميزته وفرادته هما بالتساوي والمناصفة بالمشاركة بالحكم. وليبقى وطنا فريدا، وقف العد لا يكون بالكلام أو التهويل ب “في المئة”، وقف العد يكون بالقانون الارثوذكسي في مجلس النواب، وأفضل في مجلس الشيوخ اذا تم انشاؤه وبالدولة المدنية وبإلغاء الطائفية بالكامل، وليس فقط الطائفية السياسية، وقيام اللامركزية الموسعة. وقف العد يكون بالغاء مرسوم تجنيس الـ 94، وبتنفيذ قانون استعادة الجنسية وتوقيع مراسيمه وليس الكذب، ان هذه مراسيم عادية اقترحها جبران باسيل او الرئيس عون. لا، هي مراسيم حقوق لا نعرف اصحابها، وتأتي مباشرة من الخارج تنفيذا لقانون استعادة الجنسية التي قاتلنا 10 سنوات لإقراره وأوقفوا تنفيذه بوقف توقيع مراسيمه، آخرها الـ 565 مرسوما. وقف العد يكون بان الحكومات منذ سنة 2011 مع نجيب ميقاتي لسنة 2023 مع نجيب ميقاتي نفسه، تعتمد اجراءات لعدم دخول سوريين غير نازحين، ولعودة السوريين النازحين، فلا يخوفنا باحصاءاته الكاذبة. مخطئ من يهول علينا، لا بل مجرم بحق كل اللبنانيين وبحق فرادة لبنان. مجرم بحق الوطن وجاهل لتاريخنا ولمدى تجذرنا بأرضنا. حكام الصدفة ذاهبون ونحن باقون، النازحون واللاجئون يعودون الى بلادهم ونحن نبقى في بلادنا”.
وأردف: “حتى نبقى”، هو شعار حملة اطلقناها امس مع شباب التيار كي لا تستمر على ارضنا ولادات من جنسيات غير لبنانية خمسة اضعاف ولاداتنا، نطلقها لنعيد لهم كرامتهم بعودتهم لبلادهم، ونعيش معهم متجاورين احباء بدلا من ان نعيش متقاتلين على ارضنا مثلما حصل مع الفسلسطينيين في السبعينات ومثلما يخطط البعض ليحصل مع السوريين، ونحن نرفض ذلك. وحتى يبقى الوطن فريدا يجب ان يصان بسيادة شاملة واولها قراره الحر، ويحكم بشراكة متناصفة، ويحافظ على هويته الثقافية، شرط ان تبقى لبنانية مهما تنوعت. فاللبنانية رابط لانتمائنا، تتوسع لتكون مشرقية اقتصادية مع سوريا والاردن والعراق وفلسطين في عزهم، وتتوسع اكثر لتكون عربية بعروبة مشرقة على شاكلة الخليج الذي يتطور برؤية حكامه اليوم، وتتوسع اكثر واكثر لتكون متوسطية بسياسة حسن جوار لا تنقل النازحين والارهابيين، بل تنقل التجارة والعلوم والتنافس البشري والتكنولوجي والمعرفي. نعم ولتبقى لبنانية، يجب ان تكون لها مناعتها الداخلية بلحمة مكوناتها، ولا تستجدي حماية الخارج”.
وقال: “سقط القديم واعادة بنائه بنفس الناس وهم، فتعالوا نبني بالحوار نموذجا اقتصاديا ماليا جديدا ونتفاهم معا على تطوير النظام وحماية سيادة لبنان في ظل التحولات الكبرى بالمنطقة والعالم. فاليوم وغدا ومن قبل، نحن السيادة في لبنان”.
أضاف: “الانهيار والخروج منه: بلدنا متهالك وبأزمة وجودية وشعبنا موجوع، فما العمل لنوقف الوجع؟ بصراحة، مهما تحدثت عن خطط ومشاريع للنظام والاقتصاد، لا يمكن الحل طالما المنظومة تمسك البلد بخوانيقه. الانهيار ليس مجرد خطأ بإدارة المال العام ولا هو ابن ساعته. هو نتيجة حتمية لممارسات وخيارات قام بها اشخاص قبضوا على القرار السياسي والمالي منذ ثلاثين سنة. هو بالدرجة الأولى مسؤولية نظام ومنظومة في الداخل، وكذلك مسؤولية دول دعمت هذه المنظومة وتغاضت عن فسادها، واستفادت منه، دول لم تتردد بنشر الفوضى القاتلة بمنطقتنا لتحقق مصالحها، وخيرتنا بين الرضوخ لشروطها التركيعية الظالمة، وعلى رأسها التوطين، أو خنقنا. الخطر علينا من جرائم المنظومة ومن مؤامرات الداعمين. نحن لا نعادي اي دولة، باستثناء اسرائيل، لأنها تسببت لنا بالمصائب على مدى وجودها. نحن لم نهجر شعبا ولم نغتصب ارضا ولم نعتد على أحد، بالعكس استقبلنا شعوبا مظلومة هجرها العدوان والارهاب من اوطانها. نريد للبنان أفضل العلاقات مع دول العالم وخصوصا الدول العربية وتحديداً الخليجية، ولكن نرفض كل شي يسيء لوجودنا. لا نريد ان يكون التوجه شرقا نكاية بالغرب، ولا يكون التوجه غربا عداء للشرق. نريد لبنان منفتحا بكل الاتجاهات، محيدا عن النزاعات التي تسبب له الضرر، وعن الصراعات التي لا علاقة له بها، ملتزما بالشرائع والمواثيق الدولية. نريد لبنان محميا باتفاق كل اللبنانيين باستراتيجية دفاعية تزيد من مناعته؛ ولا تكون على حساب احد ، والكل يشعر بانه جزء منها ومستفيد من قوتها. نريد لبنان محصنا بتفاهمات عميقة بين ابنائه، لا تكون ظرفية او مصلحية، ولا يشعر البعض انه خسر او خُدع او استُلحِق، انما يشعر فيها الجميع بالانصاف والتوازن والتكافؤ. نريد لبنان ان تكون ثرواته الطبيعية مصدر غنى لأجيال اليوم وغدا، وليس مصدر نقمة وفساد، وبعض الداخل لا يقبل باستخراجها الا لسرقتها، وبعض الخارج لا يقبل باستثمارها الا لصالحه، او يحرمنا منها لنبقى عبيدا له”.
وتابع: “ثلاثون سنة من تراكم الفساد والتسلط على ايديهم، واي تفكير باعادة انتاج الحلول على ايديهم هو انتحار محتوم. المعضلة ان قسما كبيرا منهم منتخب فكيف الحل من دونهم؟ انا اطمئنكم بأن غير المنتخبين ذاهبون تباعاً ويسقطون الواحد تلو الآخر ولكن ماذا نفعل بالمنتخبين؟ فانهم لا يعترفون بخطأ ولا يتراجعون عنه، ولا يتحملون الانتقاد، والويل لواضع الخطط، ورافض اقتصاد الريع فيصبح معطلا، الويل لكاشف الفساد ومقدم قوانين الإصلاح وكشف الحسابات واستعادة الأموال فبصبح فاسدا، والويل لمن يحذر من خطر الزوال فيصبح عنصريا وطائفيا ومرذولا”.
وقال: “لا يخوفنا التهويل، ولا نتراجع عن الحوار ولا عن الاصلاح، بل سنحاوركم ونواجهكم. الروح العدائية ضدنا اختبرناها عندما كنا نطالب بالسيادة. النضال للسيادة كلفنا غاليا، والنضال للاصلاح يكلفنا اغلى ونحن حاضرون بالامس واليوم وغدا. فالسيادة والاصلاح حاجة للبنان وسنبقى نطالب بهما، حتى يخترق صوتنا العالي آذانهم الصماء، اليوم وغدا ومن قبل، نحن الاصلاح في لبنان”.
أضاف باسيل: “رئاسة الجمهورية: بوقاحة كبيرة، وبتعال يتكلمون عن رئاسة الجمهورية، ويحجمون دورها لتكون ببعد واحد، وباستخفاف يحددون منذ اليوم ما يقوم به الرئيس وبزيادة عليه. وظلت المنظومة ست سنوات تخبط بالرئيس القوي وتجمع العالم ضده لتحاصره، وقامت بالمستحيل لاسقاطه ولم تستطع، واسقطت البلد لاسقاطه من كثرة حقدها على فكرة الرئيس القوي. اليوم يريدون الاتيان بالرئيس الضعيف، ليكون ساقطا حكماً بين ايديهم. يريدونه مجردا من برنامج وفكر وشعب، رئيس يعيد ساعة البلد بدلا من أن يقدم ساعة الاصلاح فيه، الـ IMF يقول لهم الوقت سينتهي ، وهم يعيدون الساعة الى الوراء ولكن “اجت الساعة قد ما ترجعوها لورا”، يريدون رئيسا يفصل لبنان عن العالم كما فصلوه عن التوقيت العالمي بقرار همايوني وحولوا المشكلة طائفية لإخفاء تقرير الـ IMF بحقهم. نحن مع سوريا والسعودية وايران، ونحن نريد رئيسا لا نخجل القول لماذا انتخبناه. انا لم اتكلم يوما عن ترشحي للرئاسة واتحدى ان يقول احد العكس، قبل وخلال وبعد عهد العماد عون، ولا حتى تكلمت مع الرئيس عون الا عندما جاوبته على الا اترشح للرئاسة، ليس عن عجز، او لأني فقدت حقي. انا مرشح طبيعي ومنطقي كوني رئيس التيار الذي حاز على أكبر كتلة نيابية، ولكنني لم أترشح لأننا قررنا في التيار ان نراعي الظروف ونستبدل حق الأوائل بالموقع بحقهم لايصال مرشح يتفقون عليه. لم اترشح لأن من بعد الذي حصل في عهد العماد عون، من مؤامرة وظلم واستهداف، ارتأينا، بسبب النزيف، ان نعطي الفرصة لغيرنا، لم اترشح كي لا اكون سببا للفراغ، وقدمنا تنازلا كبيرا للحل الكبير، فسروا موقفنا المسهل كأنه ضعف وشنوا علينا حملة ووضعوا رهانات خاطئة على شرذمة التيار وتفكيكه”.
وتابع: “ضحينا كتيرا عندما تنازلنا باكرا ولم نترشح واستعجلنا في ذلك، وابلغت سيدنا البطريرك بـ 25 تموز الماضي عندما زرته في الديمان، وكنت واضحا معه بان عدم ترشحي هو قناعة ورغبة مني، مع ان التيار يريدني ان اترشح، ولو كنت اريد ، لن استحي، وكنت فعلت كما في وقت ترشح العماد عون، وقلت للبطريرك انه في ظل عدم اقدام الأقوياء، لا حل الا ان نتفق كمسيحيين باكرا على المرشحين المناسبين المقبولين من شركائنا، والا سيتوافقون ويقررون عنا، وقلت انني حاضر لأي حوار، وان بكركي هي الاصلح لهذا الجهد”.
أضاف باسيل: “كما أبلغت حزب الله عندما فتحوا معي موضوع الرئاسة للمرة الأولى اني غير مرشح، واستغربوا الإستعجال وخسارة هالورقة! قلت لهم السبب الوحيد حرصنا على البلد وخوفنا من الإنهيار والفراغ، وقلت أيضا إني لا أريد ان اختار أحدا بمفردي وإني لا أضمن أحدا لوحدي؛ ولكني أرغب أن نتفق معهم، وكمسيحيين، على شخص مناسب لا يزعجهم ويكون مقبولا من الجميع. لم أطرح ترشيحي ولا سميت أحدا، ولكني مقتنع أنه بتفاهمنا كلنا معا على برنامج نكون الضمانة لبعضنا وللعهد الآتي. الحزب أكد لي مرارا أنه يستحيل أن يطرحوا أحدا أو يقبلوا بأحد لا أقبل به، وعندما سألت تحديدا، إذا تأمن 65 صوتا لسليمان فرنجية تمشون به بدوننا؟ زعلوا، وأتاني الجواب عدة مرات وعلى كل المستويات أنه “كيف تسمح لنفسك حتى التفكير بالأمر؟ وفي ما بعد، رأينا أداء مختلفا، ولما عدنا وطرحنا السؤال نفسه عن لائحة المرشحين التي طلبوها، لم يصلنا أي جواب، ولكن سمعنا بعد ذلك الموقف في الاعلام. أنا دائما مستعد للحوار لإيجاد حلول، من دون أن يفرض الواحد حله على الآخر”.
وتابع: “من جهة ما كان يسمى ب8 آذار، عوض أن يتركز البحث على الذي يؤمن التوافق استنادا لصفاته وبرنامجه للاصلاح، بات البحث يتركز على مرشح واحد ببند واحد متعلق بعدم طعن المقاومة، وهو مطلب مفهوم، لو كان بندا بين عدة بنود؛ وبات البحث يتركز على كيفية إقناعي واعطائي ضمانات ووعودا للحاضر والمستقبل بالرغم من تأكيدي مرارا أن ليس هذا المطلوب، المطلوب إنقاذ البلد! ألا يعقل أن يكون موقفنا أننا لا نريد السلطة، بل إنقاذ البلد؟ فماذا ينفعنا إذا ربحنا كل المناصب، وخسرنا لبنان؟ وأي جمهورية ستبقى لنرأسها لاحقا، وأي شعب سيبقى لنحكمه في ما بعد، وأي تيار سيبقى لنناضل من خلاله؟ هنا تبين حجم المشكلة الكبير، ولأي حد تختلف الأولويات. نحن نريد الدولة أولا، والمقاومة من ضمنها حامية لها– وهم يريدون المقاومة أولا، والدولة (من بعدها) حامية لها. وبرأينا التوفيق بين المطلبين ممكن إذا اتفقنا على رئيس ينفذ الإصلاح، ويبني الدولة ومن ضمن بناء الدولة يحفظ المقاومة ولا يطعنها. أي تفاهم لا يرتكز أولا على مصلحة لبنان يسقط ولا يستمر، وكل تفاهم تتوازن فيه الأطراف وتتشارك فيه بمفهوم إعلاء مصلحة لبنان على المصالح الخاصة بكل طرف يدوم ويصمد رغم كل الضربات”.
وقال: “أما من جهة ما كان يسمى ب14 آذار، فعوض أن يعتبروا الوضع المستجد فرصة للتفاهم، استنتجوا أننا ضعفاء، وعوض أن يستفيدوا من موقفنا للإسراع بالإتفاق اعتبروا أن عدم التعاون معنا يضعفنا أكثر! بعضهم رفض دعواتنا ودعوات بكركي للحوار، وصور الوضع وكأننا نطلب منه موعدا، ونحن ما طلبنا إلا أن نجتمع على برنامج ومرشح لأن لا حل إلا في ذلك. ونحنا أبدينا مرونة مع الجميع وقبولنا بعدة مرشحين. الآن اقتنعوا أن لا حل الا بالإتفاق، لأن من دوننا ليس عندهم حتى قدرة على تطيير النصاب. لكنهم يخشون أن يكون خلافنا مع الحزب مسرحية أو أننا نحاورهم لنقوي اوراقنا التفاوضية معه فيجد نفسه مجبورا على الإتفاق معنا. كلها خزعبلات ليست على مستوى المرحلة والإنهيار الوجودي الذي نعانيه! والكلام الجدي هو التالي: نحن الموارنة، وهي المرة الأولى التي أقول فيها نحن الموارنة وليس المسيحيين وذلك من باب الاحساس بالمسؤولية، إذ لطالما اتفقنا على الأساسيات المسيحية والوطنية والكيانية من ناحية المبادئ العامة، وإن كنا نختلف على السلطة وقت التطبيق، وأحيانا بما يتعارض مع هذه المبادئ، حان الوقت لنتفق على مسار تطبيقي لهذه الأساسيات إذا كانت رغبتنا البقاء في هذا البلد”.
أضاف: “كذلك، لطالما أتقنا الإتفاق بالسلبي على الرفض من دون الإتفاق على الإيجابي، حان الوقت ليس فقط لنقول من وماذا نرفض، بل لنقول من وماذا نقبل، ونطبق. يعني لا يكفي أن نقول كلنا نرفض فلانا أو أي أحد يفرض علينا. حان الوقت لنقول على من وماذا نتفق. وبشكل أوضح، أنا غير مستعد للموافقة أو الإتفاق على شخص لمجرد إزاحة مرشح معين ونرى ما ينبغي أن نعمله بعد ذلك- نحن نريد رئيس جمهورية وينبغي أن يكون اتفاقنا عليه وعلى دعمه واضحا في كل المراحل؛ ليس كما حصل مع الرئيس عون. حق الناس علينا أن نقدم لهم الحلول وليس المشاكل والتذمر والبكاء. حان الوقت لنخرج من سلبية الرفض ونذهب الى إيجابية التوافق”.
ووجه باسيل رسالة الى “التيار الوطني” وشبابه وقال: “رفاقنا في التيار، نحن ظلمنا كثيرا، لكن الظلم مناسبة تأمل في زمن الصوم، وهو يصادف عند المسلمين والمسيحيين معا. قالوا عنا إننا فاسدون، ونحن اول من فتح معركة الإصلاح والتغيير. والآن نحن نتحداهم مجددا أن يكشفوا عن حساباتهم وأملاكهم كما فعلت؛ أو أن يقروا قانون كشف الحسابات وقانون استعادة الأموال المحولة الى الخارج، أو أن يشاركوا معنا بملاحقة رياض سلامة، إلا فليصمتوا. قالوا عنا طائفيين، وهم أول من يقيم الدنيا عند مس حاجب في الدولة من طوائفهم. نحنا وحدنا طرحنا برنامجا متكاملا لتطوير النظام، وللانتقال الى الدولة المدنية. نحن نريد استكمال تنفيذ الطائف ببنوده الإصلاحية المجمدة منذ ثلاثة عقود وعلى رأسها اللامركزية الموسعة التي يتهربون منها. اكبر عدو للطائف هو الذي يرفض اللامركزية المالية ويسميها تقسيما أو فدرالية، ليست في العالم كله لامركزية إن لم تكن مالية– فهل اللامركزية هي في جواز السفر والسجل العدلي؟ لم نتمكن من تعيين محافظ كسروان جبيل منذ سنين بالرغم من صدور قانون بالإجماع! إستكمال الطائف بإلغاء الطائفية بالكامل ونحن ندعوهم الى ملاقاتنا لإقرار قانون الأحوال الشخصية (الموحدة) إن كانوا فعلا غير طائفيين، وأقله أن يقروا قانون الزواج المدني الإختياري الذي قدمناه الى المجلس النيابي وإلا فليسكتوا”.
وتابع: “قالوا عنا عنصريين لأننا نرفض توطين اللاجئين والنازحين في وقت اعتبرناهم ضحايا ظلم كبير اقتلعهم من ارضهم، ولكن رفع الظلم عنهم يكون بعودتهم الى أرضهم، بقاؤهم في لبنان ظلم لهم وخطر وجودي عليه، لا يقل عن خطر الانهيار. إن اتهامنا بالعنصرية باطل فكيف يتهم بالعنصرية واللاانسانية شعب استضاف مئات الاف الفلسطينيين منذ ال48، وأكثر من مليون ونصف سوري منذ ال2012، ولليوم لم يعتد على واحد منهم؟ يهدفون الى تطويعنا بالكذب والتهويل، فإذا قاومنا يفرض علينا الحصار، وإذا قبلنا نذهب الى زوال وطننا، أيعقل أن ننسى أن المؤامرة تخدم عدوا يزعجه تنوعنا واستقرارنا وازدهارنا وعنده كل الدعم الدولي؟ من يتهمنا بالعنصرية هو المتآمر مع هذا العدو. فإما أن يقروا معنا القوانين العادلة التي رفعناها للمجلس النيابي حول النزوح وإلا فليسكتوا”.
وختم باسيل: “أيها التياريون، السيادة ليست فقط على الحدود والارض والقانون، السيادة هي أولا في القرار. لا يكفي أن تكون الأرض محررة والحدود مسيجة والقانون سائدا فيما القرار تابع لأن من يتخذونه تابعون لمال أو لمصلحة او لخارج. للأوطان سيادة، وللمواطنين كرامة، والاثنان يكملان بعضهما وأي انتقاص من واحد هو ضرب للإثنين معا. أيعقل أن نتكلم عن سيادة الوطن والكرامة الإنسانية للمواطن معدومة؟ ما نفع السيادة اذا كان المواطن مذلولا؟ الانسان السيادي هو الذي يسترد أموال المودعين من الخارج كي لا يكونوا ولا يكون البلد تحت رحمة المساعدات الخارجية والشروط التعجيزية المذلة. السيادي هو الذي لا يقبل بضرب الشراكة، وأن تضع سلطات دستورية يدها على رئاسة الجمهورية وعلى صلاحياتها. التيار الوطني الحر يرفض الذل بحرمان الناس أبسط مقومات الحياة”.