كتبت صحيفة “النهار” تقول: في الوقت الذي كانت فيه “مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان ” تسجل احدث المواقف الدولية التي تؤشر الى تعاظم القلق حيال تصاعد ازماته في ظل بلوغ الفراغ الرئاسي شهره الخامس، انفجرت “مفخخة” سياسية من الطراز الثقيل سواء تعمدا او عفوا عبر مقاربة يصعب تجاهل طابعها الاستفزازي في اعلان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية مرشحا لفريق 8 اذارعلى لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري نفسه. والواقع ان ترشيح بري لفرنجية ليس امرا مفاجئا ولا طارئا، ولكن يبدو واضحا ان تسديده السهام نحو المعارضة ومرشحها النائب ميشال معوض في حديث صحافي، انما شكل انعكاسا واضحا للاحتقانات التي تركها تعطيل الكتل المسيحية الكبيرة للجلسات التشريعية لمجلس النواب وشل المجلس تماما في مقابل تمدد الفراغ الرئاسي بلا افق، وهو امر جعل بري في حصار واضح قابله بفتح معركة الترويج لترشيح فرنجية، ومن ثم الهجوم على منافسه المعارض، وكذلك رمي كرة الفراغ الرئاسي في مرمى الموارنة وحدهم. ولعل الجانب اللافت في هذا الفصل السجالي تمثل في اعتبار الأوساط النيابية المعارضة الداعمة للنائب ميشال معوض ان المقاربة التي شاء عبرها بري رد التحدي للكتل الرافضة لجلسات التشريع جاءت على مستوى الازمة الرئاسية بمثابة تأكيد لأحقية رفض هذه الكتل أيضا لاي حوار دعا ويدعو اليه بري بعدما كرس نفسه في موقع الفريق والتحدي عبر هذه المواقف الاستفزازية واقفل على حاله مسالك أي دور تسووي وبات مرفوضا اكثر فاكثر في ادارته لاي حوار .
القلق الدولي
ولكن المناخ القاتم خارجيا حيال لبنان بدا متجها الى متاهات خطيرة حيال تمادي الفراغ. وهو الامر الذي تمثل في اصدار مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان امس بيانا لفتت فيه الى انه “مع بلوغ الفراغ الرئاسي شهره الخامس، وفي ظل غياب الاصلاحات وتصلب المواقف وازدياد الاستقطاب، تعبر مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان عن بالغ قلقها إزاء تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي”. وحثت “القيادات السياسية وأعضاء البرلمان على تحمل مسؤولياتهم والعمل وفقاً للدستور واحترام اتفاق الطائف من خلال انتخاب رئيس جديد دون مزيد من التأخير”. أضافت “يعد الوضع الراهن أمرا غير مستدام. إذ يصيب الدولة بالشلل على جميع المستويات، ويحد بشدة من قدرتها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والأمنية والإنسانية العاجلة، كما يقوض ثقة الناس في مؤسسات الدولة فيما تتفاقم الأزمات. وتابعت : بعد مرور أحد عشر شهرًا على توصل لبنان الى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي، لم يُبرم لبنان بعد برنامجاً مالياً مع الصندوق. إن التعجيل باقرار القوانين اللازمة لاستعادة الثقة في القطاع المصرفي وتوحيد أسعار الصرف يعد أمرا حيويا لوقف التدهور الاجتماعي والاقتصادي”. وأكدت مجموعة الدعم الدولية “استمرارها بالوقوف إلى جانب لبنان وشعبه”.
جولة ساخنة
اما في المشهد الداخلي، فان الاهتمامات التي تركزت على معاينة اثار الإجراءات التي اتخذها مصرف لبنان والتي أدت الى انحسار حمى ارتفاع سعر الدولار وأسعار المحروقات امس، لم تحجب المشهد السجالي الصاخب الذي اثاره حديث صحافي للرئيس بري الذي في حين اكد ان سليمان فرنجية هو “مرشحنا المعروف” ذهب الى القول “أما مرشحهم فليس سوى تجربة أنبوبية” . كما اعتبر ان المشكلة التي يتخبط فيها الاستحقاق الرئاسي “هي بين الموارنة والموارنة”.
واستدعى هذا الموقف ردا عنيفا من النائب ميشال معوض الذي ركز على “بري بوصفه “رئيس “حركة أمل” الذي يصادر رئاسة مجلس النواب منذ أكثر من 30 عاماً وأتحفنا بكلام أقل ما فيه أنه لا يليق برأس المؤسسة البرلمانية إنما يليق به كميليشيوي”. كما اتهمه بـ”محاولة الإساءة إلى رئيس جمهورية شهيد هو الرئيس رينه معوض”. واعتبر أنّ “هذه الإساءة موجهة أيضاً إلى جميع النواب والكتل التي صوّتت للنائب ميشال معوض في جلسات الانتخاب الرئاسية”، والإساءة تطال أيضاً وبالمباشر زغرتا الزاوية والشمال اللذين يمثلهما في المجلس النيابي واللذين لطالما مثلهما رينه معوض ونايلة معوض خير تمثيل”. وبلغ الرد ذروته في قول معوض “أما رئيس “أمل” فـ”أستاذ” في الفساد العابر للعهود والحكومات والشريك الأكبر في كل المحاصصات منذ العام 1992 وحتى منذ ما قبل الطائف. وهو ما يندى له جبين اللبنانيين الذين يسخرون من “نكتة الـ51%”، ومن ملفات الكهرباء والمازوت وكل إعادة إعمار الجنوب ومجلسه الذي فاحت روائحه، هو تماماً رئيس المجالس النيابية المتعاقبة التي لم تحاسب حكومة ولم تعاقب فاسداً وتسببت بهدر عشرات مليارات الدولارات وسرقة جنى عمر اللبنانيين ولقمة عيشهم وحشو الإدارة بالمحاسيب والأزلام!”
وعلى الأثر رد المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل ووصف معوض بانه “يعيش في فقاعة الترشيح منذ أكثر من خمسة شهور بكلام أقل ما فيه أنه بلا تربية”. وأضاف “كان الاجدى به ان يتأكد من مضمون ودقة الكلام الذي نقل عن لسان دولة الرئيس الاستاذ نبيه بري ولكن عصبيته كشفته امام جميع اللبنانيين وكشفت اي مشروع مرشح للرئاسة هو”. أضاف: ”للمعجزة نقول نتفهم شعورك بعدما ايقنت أنك تحولت الى أُنبوب تجارب سياسية في مختبر من رشحك وضحك عليك”. أن “حركة أمل” قدّمت آلاف الشهداء في سبيل لبنان خلال كل المراحل، فمردودة عليك التهم، والشبهة كل الشبهة هي في الفساد وسرقة أموال ممولي حركتك وجمعياتك بإسم الشعب اللبناني”.
الرد على بري لم يقتصر على معوض اذ اتسع الى “القوات اللبنانية” اذ قال رئيس جهاز العلاقات الخارجية في “القوات ” الوزير السابق ريشار قيومجيان: “زمن قحط الشيعية السياسية مهما بالغت بالفوقية. تجربة الأنبوب تأتي بمولود شرعي من أب وأم معروفين، بينما زواج المتعة، ولو شرّعه الفقه، يبقى حالة زنى تأتي بلقيط تخجل به أمه، وأبوه الفعلي غير أبيه الإسمي”. وقد اصدر المجلس الإسلامي الشيعي ليلا بيانا رد فيه على ما وصفه بـ”الاساءات الخطيرة التي ساقها قيومجيان بحق ديننا الحنيف وشرعنا المقدس ” معلنا انه سيمارس “حقه القانوني كاملا ضد المعتدي”.
بدوره اعتبر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم أن “وضع المعركة الرئاسية في اطار طائفي هو تشويهٌ مقصودٌ للواقع”، مؤكدًا أن “المعركة سياسية – سياسية بين خطين سياسيين متباعدَين تماماً: محور الممانعة الذي يريد أن يضم لبنان الى إيران والمحور السيادي الذي يسعى الى تحرير لبنان مما نعيشه اليوم في ظل سيطرة المحور الايراني الفاشل والمتخلف”.
وبدا لافتا ان الحزب التقدمي الاشتراكي سارع الى انتقاد الاتهامات لبري فقال : “حبذا لو يذهب البعض إلى تلبية دعوة الحوار التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري لكي نخرج من الأفق المسدود، بدل توزيع التهم بطريقة همايونية بحق الرئيس بري أو أي مكون وطني وروحي، مهما كان الاختلاف السياسي على أشده. في هذا الزمن الصعب، وحده الحوار هو طريق الخلاص”.