عقد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال امين سلام مؤتمرا صحافيا في مكتبه بالوزارة، استهله بالقول: “من موقعي كوزير اقتصاد يجب ان أوضح كل ما يحصل على صعيد الوضع الاقتصادي والتسعير بالدولار، وبعدما تناول بعض وسائل الاعلام امس وبشكل مجتزأ حديثا لي مع احدى الصحف المحلية وبطرق مختلفة”.
اضاف: “يؤسفني الاضاءة على الشق السلبي من الحديث وكأنني اسوق لارتفاع سعر الدولار في حين انني كنت انقل الحقيقة فحسب، بدليل ان الدولار اليوم سيلامس ال90 الفا وهذا الامر واضح. هناك تماد واهمال، لقد قاومت قرار التسعير بالدولار لأكثر من ستة اشهر ولم اكن موافقا على ذلك لكن اليوم لا يمكن ترك الناس مرتهنة للعشوائية والفوضى وسوء الادارة، في ظل نظام مالي ونقدي سيىء اعتمدته المنظومة المالية في العقود الماضية وفي طليعتها المسؤولون الرسميون والدولة”.
وتابع: “النظام المالي النقدي الماضي انتهى وهذه آخر حلقات سقوط الهيكل بشكل كامل، لقد قلت بحسب المعطيات، أنه بغياب اي رؤية او قرار او اشارة من القيمين على الموضوع النقدي والمالي فمن المؤكد ان الدولار سيرتفع لان ما يساهم في خفض سعر صرفه معطيات ايجابية ورسائل تطمين حتى الآن لم نسمع اي شيء منها”.
وأردف: “انني كوزير اقتصاد معني بحياة الناس وغذائها، من واجبي معالجة تداعيات الاهمال وسوء الادارة، فالدولار متروك من دون اي ضوابط، وقبل اعلان القرار النهائي للتسعير بالدولار الاسبوع الماضي، عقدنا اجتماعا في السرايا الحكومية بحضور رئيس الحكومة ووزير المال والمجلس المركزي وانا، والسؤال الاول الذي طرحته كان ماذا سأجيب عندما أُسأل عن الدولار ولكنني لم ألق جوابا. كنت واضحا انه يجب اتخاذ إجراءات تشكل مؤشر حماية للمستهلك المتروك لأمره، وانا كوزير اقتصاد لدي هذه الامكانية من ضمن صلاحياتي، ولم اتخذ هذا القرار بشكل عشوائي بل بالتنسيق مع لجنة الاقتصاد والتجارة النيابية واختصاصيين اعتبروا ان حسنات هذا القرار في هذه المرحلة اكثر من سيئاته، وقلت ان هذا القرار ليس منزلا”.
وقال سلام: “العملة اللبنانية كانت مقنعة واستغلت واستهلكت واغتصبت بارتفاع الدولار بسبب السياسات المالية المتبعة والتي دمرت البلد وسلمتنا اياه على هذه الحال، وقد كانت مبنية على استيراد اكثر من 90 المئة من البضائع التي يستهلكها المواطن في كل المجالات”.
اضاف: “علينا ترك كل الخلافات جانبا والوقوف مع بعضنا البعض. اليوم اجتمعنا في مجلس النواب على مدى ساعتين، خرجنا بعدها على خلاف. كنا نتحدث عن امور تخص المواطنين انما لا يمكن لنا الاستمرار على هذه الحال”.
وتابع: “في موضوع التسعير بالدولار في السوبرماركت قلت وأكرر اننا تسلمنا وزارة الاقتصاد بجسم رقابي لا يتعدى الستين مراقبا. في القانون درسنا كل الوسائل الممكنة لكي نوسع العديد الرقابي ولكن الدولة اتخذت قرارها بعدم توظيف احد، ولا يمكننا تعديل القوانين واذا قررنا ذلك في قانون حماية المستهلك فيلزمنا سنتان او ثلاثة. لقد طالبت منذ سنة ونصف السنة بتعديل بعض البنود لجهة زيادة الغرامة او غيرها. وقانون حماية المستهلك يقول المطلوب تدخل وزارات الداخلية والبلديات والصناعة والزراعة والصحة والعمل مع وزارة الاقتصاد”.
واردف: “في لبنان اكثر من الف ومئة بلدية تجاوب معي منها خلال السنة والنصف سنة ثلاث بلديات فقط، ولم تسخر اي بلدية اي عنصر لديها ليرسل لي يوما اي مخالفة او محضر ضبط او حتى تقرير اجراه في منطقة او بلدة او شارع، مع العلم ان البلدية هي السلطة المحلية والقانون منحها صلاحيات اكثر من وزارة الاقتصاد. وهذا يعني انني لم ألق تجاوبا من احد، والمشكلة الكبيرة تكمن في المحاصصة، فالبلدية قد تكون صديقة لصاحب المولد او غيره او شريكة لصاحب السوبرماركت. ونسأل هؤلاء: الا يريدون حماية اهلكم وأبناء منطقتكم؟”.
وقال سلام: “لدينا حاليا ما يقارب الالف وخمسمائة محضر رفعت الى القضاء المختص، ويمكننا ارسال الكثير منها، انما لغاية اليوم لم يصدر اي حكم باسم الشعب اللبناني يقول بأن فلانا سارقا يجب سجنه اسبوعا او اكثر”.
اضاف: “أشدد على ان دوري الرقابي يقف عند تسطير المحضر وارساله الى القضاء انما عندما لا يساندني القضاء ويحاسب المخالفين فلا جدوى من ذلك”.
وتابع: “أؤكد بأنني سأفتح الباب على مصراعيه في موضوع التسعير بالدولار، واذا استغلت السوبرماركت هذه الخطوة الجديدة عندها يجب فتح ملفاتها في الجرائم المالية ومحاسبتها على انها تسرق مأكل الشعب ومشربه”.
واردف: “من حق المواطن عندما يدخل الى السوبرماركت معرفة التسعيرة التي سيشتري وفقها حاجياته، وهذه الخطوة لا تؤثر سلبا على من يقبض باللبناني ولا ترفع الاسعار. لقد اتصل بي احد اصحاب السوبرماركت وابلغني ان هذا الامر لا يناسبه وقد حاسبته على قوله. آمل ان يحدد هذا المؤشر مهامه ونصل الى مبتغانا”.
وقال: “نظامنا الاقتصادي بطبيعته حر بغض النظر عما اذا كانت الحرية تمارس بشكل طبيعي او تستغل، لكن الدولة ليست مسؤولة عن تسعير السلع بل دورها مراقبة هوامش ربح معقولة، وعملية التسعير بالدولار تساهم في ذلك. قبل يوم الاربعاء عندما كان المستهلك يدخل الى السوبرماركت لشراء سلعة سعرها 200 الف ليرة ليجدها بعد ايام قد ارتفع سعرها الى 280 الفا ثم الى 360 الفا، فيشتريها من دون معرفة النسبة التي سعرت السوبرماركت على اساسها، وبالتالي يكون سعر الدولار 60 الفا والبضاعة تسعر على ال 70 الفا، وهكذا دواليك”.
اضاف: “هناك تلاعب وكنا نراقب وفق الامكانات، فقد جرى تسطير محاضر وعولنا على القضاء ليقف الى جانبنا، وهنا مشكلة اضافية”.
وتابع: “السعر بالليرة كان قناعا لاستغلال العملة، وطباعة الليرة أجبرتنا على حمل رزم من النقود للتبضع. الطباعة تؤدي الى التضخم، ومن خلال الدولرة في السوبرماركت يمنوع اجبار المستهلك على الدفع بالدولار، و يترك له الخيار. اليوم بدأ وضع تسعيرة الدولار على باب السوبرماركت منعا لاستغلال المستهلك ولتمكينه من المقارنة بين سوربرماركت وآخر، وهذا يعزز المنافسة. هناك محال سوبرماركت كانت تزيد 30 و 40 في المئة على ارباحها من خلال التسعير بالليرة لتغطية هوامش ربحها في حين ان معظم الناس تتقاضى رواتبها بالليرة ولا سيما القطاع العام”.
وأردف: “هذه الآلية الاستثنائية تحمي المواطن من سرقة بحوالى 20 في المئة كحد ادنى، وسنرى ان بعض السوبرماركت سيعمد الى التسعير بسعر صرف اقل من غيرها. هذه الآلية ليست مثالية ولكنها أكثر رحمة. نحن نفكر بأوضاع المستهلك لا سيما بعد تسجيل سعر الصرف خلال شهرين ثلاثة اضعاف ارتفاعه خلال 3 سنوات”.
ودعا سلام الى “الابتعاد عن الكلام الشعبوي”، وقال: “أنا أعمل لمصلحة الناس، وكل من أدلى بالخطابات في الصحف لم يقدم لي الحل الانسب ولا حتى اي اقتراح. هدفي عدم تدمير القطاع الخاص، ونحن على قناعة بقرارنا الاستثنائي. لا اريد الطلب الى المواطن بأن يتدبر امره بنفسه في ظل عدم القدرة على ضبط سعر صرف الدولار الذي هو دولار سياسي بامتياز”.
اضاف: “على المسؤولين في الدولة اتخاذ القرارات، وعلى السلطة التنفيذية ألا تترك الناس، نحن حصلنا على قرض من البنك الدولي في موضوع الخبز والا كان اصبح سعر الربطة 200 الف ليرة في حال استمرينا بالخطاب الشعبوي”.
وختم: “النظام المالي القديم انتهى، وليس باستطاعة أحد لملمته”.