كتبت صحيفة النهار تقول: لعلها المفارقة الدراماتيكية ان يحيي لبنان اليوم الذكرى ال18 لاغتيال الرئيس الشهيد #رفيق الحريري، فيما يجد اللبنانيون انفسهم في ظروف انهيارية استهدفتهم منذ ذاك الحدث الدموي الذي اطلق شرارة حرب الاغتيالات ومعها حرب تقويض مقومات إقامة دولة بكل معايير الدولة الحقيقية. ذلك ان احياء الذكرى اليوم يأتي على وقع اشتعال هستيري لارقام انهيارية في سعر الدولار وأسعار المحروقات تنذر ببلوغ الانهيار مراحله الأشد قسوة وشراسة. كما يأتي مع استعار الصراع السياسي – النيابي على خلفية ازمة الشغور الرئاسي وما يتناسل منها في الانقسام حول انعقاد جلسات مجلسي النواب والوزراء بما يوسع الشلل المؤسساتي ويتهدد بمزيد من الانقسامات وتعميق الفرز الطائفي الامر الذي ترجمته اطاحة. كما ان الأسوأ في مشهد الترددات والانعكاسات الديبلوماسية الخارجية على واقع الازمات المترابطة فيه ان يتبلغ لبنان الرسمي ما يرقى الى مستوى “انذار” غير مسبوق في نبرته ودلالاته من الدول الخمس التي ضمها الاجتماع الخماسي التشاوري في باريس ومفاده ان فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر يمكن ان تعيد النظر كليا في علاقاتها مع لبنان ما لم يستعجل نواب الامة انتخاب رئيس للجمهورية.
كل هذه التطورات تلاحقت عشية احياء الذكرى ال18 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري فيما قفزت الى أولويات اللبنانين معالم الكارثة المالية المتدحرجة التي تتمثل بتفلت هستيري في سعر الدولار ويستتبع باشتعال أسعار المحروقات في رقصة ارقام قياسية تصاعدية تسحق بقايا صمود اللبنانيين امام هذه الكارثة ولا دولة ولا رقابة ولا ضوابط عليها كما يزيد الطين بلة اضراب المصارف المفتوح بلا أي افق للحلول. وقد واصل امس سعر صرف الدولار الأميركي ارتفاعه الجنوني غير المسبوق مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء ، فلامس عتبة الـ 70 ألف ليرة.
وواصلت على الأثر أسعار المشتقات النفطية ارتفاعها في جدول بعد الظهر الصادر عن وزارة الطاقة وسجلت 1.269.000 لسعر صفيحة البنزين هذا في وقت يدرس فيه القطاع المصرفي قراره بالاضراب الشامل منتصف الاسبوع، خصوصا اذا لم يُقر الكابيتال كونترول ولم يتم ايجاد حل لملاحقة المصارف قضائيا .
الذكرى ال 18
اما في ذكرى 14 شباط فتتجه الانظار الى “بيت الوسط” حيث التقى الرئيس سعد الحريري الموجود في بيروت منذ مساء الاحد عددا من اركان “تيار المستقبل”، وسيكتفي اليوم بزيارة ضريح والده حيث يتوقع ان تحضر حشود كثيفة من انصار المستقبل وربما يفتح “بيت الوسط” بعد ذلك ابوابه لمن يرغب من المواطنين لساعات عدة. وقام الحريري مساء بزيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في منزله للاطمئنان اليه بعد وعكة المت به.
واذ امت شخصيات الضريح امس دعا المفتي دريان “أحبتنا وأبناءنا في وطننا الغالي لبنان، الى أن يقتدوا به وأن يتابعوا مسيرة الرئيس الشهيد في الخير والبناء والإعمار”. وقال “لم يكن الرئيس الشهيد رفيق الحريري مجرد زائد واحد الى رؤساء الحكومات اللبنانية. إنه حي بإنجازاته في إعادة إرساء أسس وقواعد الوحدة الوطنية. وحي بإنجازاته في إعادة بناء الإنسان اللبناني من خلال التعليم والتربية في أرقى جامعات العالم. وهو حي في إعادة بناء بيروت، ولبنان، بعد أن دمره الجهل والتعصب الأعمى. وهو حي في تعزيز الروح العربية في لبنان، وهو حي بمواقفه من قضية فلسطين والقدس العربية المحتلة من العدو الصهيوني”. وأفاد الاعلام العوني مساء امس ان الرئيس السابق ميشال عون اجرى اتصالا بالرئيس سعد الحريري مجددا التعزية باستشهاد الرئيس رفيق الحريري “وتمنى عون على الحريري العودة الى لبنان بعد طول غياب لان الوطن بحاجة اليوم الى جميع أبنائه وطاقاته”.
الإطاحة بالجلسة؟
في غضون ذلك أدت الحملة المعارضة الواسعة لانعقاد جلسة تشريعية لمجلس النواب الى دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى التريث وفرملة الاندفاع الى توجيه دعوة الى الجلسة بحيث لن تعقد الخميس المقبل كما كان متوقعا. وابلغ النائب ألان عون هيئة مكتب مجلس النواب قرار تكتل “لبنان القوي” بعدم المشاركة في الجلسة التشريعيّة. وكان بري رأس إجتماع الهيئة التي “قررت استكمال نقاشاتها في جلسة مقبلة نهار الاثنين المقبل الواقع في 20-2-2023 الساعة الثانية من بعد الظهر”. وفهم ان افتقاد النصاب والميثاقية للجلسة دفع بري الى التريث في أي خطوة نحو توجيه الدعوة على ان يعاد في اجتماع الاثنين المقبل درس جدول الاعمال الفضفاض وقد طلب “اللقاء الديموقراطي” سحب مشروعه للتمديد لموظفي الفئة الأولى .
وفي ظل مقاطعة القوى المسيحية الكبرى الجلسة المقترحة ، ومعها النواب المستقلون والتغييريون الذين وقعوا عريضة رفض التشريع في ظل الشغور، وايضا نواب سنّة يرفضون التمديد للواء عباس إبراهيم وحده اذا لم يشمل تمديدا لرؤساء الاجهزة كلّها، اعلن عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب اكرم شهيب من السرايا “نحن نواكب ونتابع الامور من خلال حضورنا الدائم لتعزيز المؤسسات الرسمية في مجلس الوزراء، فإذا ما تمت الدعوة الى جلسة تشريعية وهناك مواضيع تخدم الناس في قضاياهم وهمومهم لن نغيب عن الواجب، ولكن يكون لنا رأينا داخل الجلسات”.
سفراء اجتماع باريس
اما على الصعيد الديبلوماسي المتصل بأزمة الشغور الرئاسي فبرزت امس جولة سفراء الدول الخمس التي شاركت في لقاء باريس، على المسؤولين، سيما وأن اي بيان لم يصدر عن الاجتماع الدولي المذكور. في السياق، التقى بري في عين التينة سفراء الولايات المتحدة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، وفرنسا آن غريو ومصر ياسر علوي، وقطر إبراهيم عبد العزيز السهلاوي والمستشار في سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان فارس العامودي . واكدت مصادر عين التينة ان السفراء نقلوا أجواء اللقاء في باريس وأنهم لم يتطرقوا الى الاسماء بل شددوا على بعض الثوابت: مساعدة لبنان عبر الحث على انتخاب رئيس وتشكيل الحكومة والعمل مع صندوق النقد الدولي.
بعدها انتقل الوفد الى السرايا حيث استقبله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. واتسم ما نقله المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة عن السفراء بدلالات بارزة اذ نقل عن السفراء تاكيدهم في الاجتماع أن “عدم صدور بيان عن اجتماع باريس مرده الى أن الاجتماعات مفتوحة ومستمرة من أجل دعم لبنان والتشجيع على إنتخاب رئيس جديد للجمهورية”، مشددين على “أن الدعم الحقيقي للبنان سيبدأ بعد انتخاب الرئيس العتيد، ومن ثم متابعة تنفيذ الاصلاحات المطلوبة”. وشدد السفراء “على أن عدم انتخاب رئيس جديد سيرتب اعادة النظر بمجمل العلاقات مع لبنان، لانه اذا لم يقم النواب بواجباتهم فالدول الخارجبة لن تكون اكثر حرصا من المسؤولين اللبنانيين أنفسهم”.