استقبل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي في المقر البطريركي في الربوة، المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في حضور المطارنة جورج بقعوني، ابراهيم ابراهيم، ادوار ضاهر، ايلي بشاره حداد وجورج اسكندر ورئيس الديوان البطريركي الاب رامي واكيم والعميدين منير عقيقي ومنح صوايا.
والقى العبسي كلمة ترحيبية قال فيها:” سيادة اللواء عبّاس ابراهيم المحترم، باسم إخوتي السادة الأساقفة الأجلّاء وباسمي الشخصيّ أرحّب بكم مع صحبكم الكريم سيادة العميد منح صوايا وسيادة العميد منير عقيقي في هذا المقرّ البطريركيّ الذي تربطكم به أواصر الصداقة والمودّة منذ زمن. زيارتكم اليوم تأتي لتثبّت هذه الأواصر وتعطيها دفعًا وزخمًا وتملأ قلوبنا فرحًا”.
اضاف:” تأتي زيارتكم اليوم لتدلّل بنوع خاصّ على المسؤوليّة المشتركة التي نشعر بها كلّنا بإزاء بلدنا المفدّى لبنان الذي يمرّ في ظروف أليمة جدًّا بل قاتلة،المسؤوليّة المدنيّة والسياسيّة والعسكريّة من جهة والمسؤوليّة الأدبيّة الأخلاقيّة من جهة أخرى. فواحدنا يكمّل الآخر. من أجل ذلك نُبقي باب الحوار والتشاور والتعاون مفتوحًا ونرى فيه السبيل الأكثر أمانًا وفعالية”.
وتابع:” السادة الأساقفة الذين أحبّوا أن يكونوا اليوم معكم وتعرفون معظهم يعملون كلّ في أبرشيّته وفي ميدان عمله لخدمة أبنائنا المنتشرين على مساحة الوطن كلّها من أطرافه إلى أطرافه، ويعملون أيضًا لخدمة جميع المواطنين لا سيّما في المؤسّسات الاجتماعيّة والتربويّة والتعليميّة والطبّيّة التي أسّسوها لهذه الغاية، موجّهين عنايتهم بنوع خاصّ إلى الناس الذين يتألّمون جسديًّا ونفسيًّا وإلى الناس الأكثرِ حاجةً. فالسيّد المسيح جاء من أجل أن تكون الحياة، والحياة الوافرة الكريمة، للجميع”.
واردف:” كنيستنا الروميّة الملكيّة الكاثوليكيّة معروفة منذ نشأتها أنّها في خطّ الكنيسة الجامعة، كنيسة منفتحة غير متقوقعة، تبني الجسور وتدعو إلى التلاقي والتفاهم والسلام. مبدؤنا هو قول السيّد المسيح: “من طلب منك أن تمشي معه ميلًا فامشِ ميلين” أي أن نذهب في الحوار مع الآخر إلى أبعدِ حدّ وإلى أبعدَ من الفرض والواجب اللذين يقسّيان القلب ويعميان الفكر في كثير من الأحيان، أن نذهب إلى أبعد من الأشياء التي على القياس، وفي لغة السياسة عندنا إلى أبعد من “التحاصص”. قبل أن آخذ عليّ أن أفكّر بماذا أستطيع أو ينبغي عليّ أن أعطي. هذه الذهنيّة الإنجيليّة هي الكفيلة بأن تنقذنا وتنقذ البشريّة جمعاء: أن لا نكون محدودين بأيّ نوع من الحدود وأن لا نوقف التواصل”.
وقال:” شخصكم يا سيادة اللواء معروف هو أيضًا بالانفتاح والحوار، شخص يوفّق ويجمع ويؤالف حتّى بين المتناقضين في أحيان كثيرة، شخص فرض الاحترام والتقدير في الداخل وفي الخارج، شخص يحتاج إليه لبنان في الظروف الطارئة ولكن أيضًا في الظروف العاديّة الطبيعيّة. المهمّات الكثيرة الصعبة التي قمتم بها وتكلّلت بالنجاح هي خير دليل على ذلك وخير برهان على أنّ الحوار لا بدّ منه وأنّ التواصل لا بدّ منه للنجاح. نرجو أن تتابعوا هذا النهج الآن وفي ما بعد”.
وتابع:” واقع كنيستنا، التي هي كنيسة جامعة كما قلت، يفرض علينا الاهتمام بجميع أبنائنا في بلاد المشرق العربيّ والسعيَ إلى توطيد أواصر المحبّة والإلفة والتعاون في ما بينهم وفي ما بينهم وبين الآخرين وأن نثبّتهم في أرضهم. واقع كنيستنا يفرض علينا بالتالي التنقّل بين هذه البلاد والعمل فيها. أملنا كبير وثقتنا راهنة أنّكم تأخذون هذا الأمر بعين الاعتبار لجهة تسهيل المرور والإقامة والتأشيرات بقصد الزواج في لبنان لأبنائنا الذين يحتاجون إليها. نعلم أنّكم ما قصّرتم يومًا في ذلك بل كنتم تلبّون حاجاتنا بطيبة خاطر وسرعة ملحوظة. نشكركم على ذلك من قلبنا ونصلّي خصوصًا من أجلكم ومن أجل جميع معاونيكم. في صلواتنا اليوميّة ذكر للمسؤولين عنّا مدنيّين وعسكريّين. لكم حصّة في صلاتنا لكي يؤازركم الربّ الإله في عملكم ولكي يحفظكم ويلهمكم سواء السبيل ويبعد عنكم كلّ مكروه”.
وختم العبسي:” تقديرنا لشخصكم الكريم قديم دفعنا منذ نحو خمس سنوات إلى منحكم الصليب البطريركيّ الأورشليميّ وهو أعلى تكريم في البطريركيّة تمنحه لمن أعطى وخدم الناس ووطنه والمجتمع. تعبيرًا عن هذا التقدير المستمرّ وعن مودّتنا أحببنا اليوم أن نهدي إليكم تذكارًا، ميداليّةً نقشت عليها إيقونة السيّدة العذراء، العذراء المزيّنةSanta Maria in Cosmedin ، الموجودة في كنيسة المقرّ البطريركيّ في مدينة روما بإيطاليا والتي أعطت اسمها للكنيسة والمقرّ. العذراء التي اصطفاها الله وجعلها آية للناس وأعطانا بواسطتها السيّد المسيح، عيسى ابن مريم. نصلّي إليها أن تحفظنا جميعًا وأن تحفظ لبنان”.
ابراهيم
ورد اللواء ابراهيم بكلمة قال فيها:” انه لشرف كبير لي ان اكون بينكم اليوم في هذا الصرح الضارب عميقا في التاريخ والحضارة، والاهم من كل ذلك في الايمان والمحبة والتسامح”.
اضاف:”صاحب الغبطة،اسمح لي ان اخاطبك اليوم بصفة مختلفة عن المُعتاد، لاقول لغبطتكم:
ايها البطريرك المئة والثالث والسبعون منذ القديس بطرس من سلالة البطاركة الأنطاكيين.
يا من تحيط بكل تفاصيل ماضينا وحاضرنا، والاقدر على استشراف مستقبلنا. اخاطبك وانا ابْنُ “كلنا للوطن..”، هذا النشيد الآية، انه صدى ماضينا المشرقي الاصيل، ينادينا الى وعي انساني عريق ويقظة عقلانية جريئة، تقينا المخاطر وتدفعُنا الى ان نُشْهِرَ امجادا لنضيفَ اليها امجادا اعظم. هذه الامجاد التي ولدت من رحَمِ الالم الذي قاسيناه في مراحل حياتنا في هذه الارض المقدسة، والتي تحثُنا بأن لا نتقهقر الى الوراء، انما لنعبُرَ دائما الى الامام المشّع، فنحن ابناء الحقيقة، ننتسب اليها، وهي ظلُّ الله على هذه الارض، خلاصُنا الجميل والمُفرِح هو بأن نخلدَ واثقينَ الى فيْئِها الظليل”. .
وتابع:” علينا ان نغادر الصمت، فإنْ صَمَتَ الكبارُ امثالُكُم، وانتم انموذج الانسان العاقل المؤمن، واخذت الغُربان تنعق في جهات الوطن، حينها تحلُّ الكوارث والمآسي ويعمُّ الخراب، ولبنان ينادينا جميعا الى المسارعة والمبادرة في كل الاتجاهات، من اجل انقاذه من شرور الاشرار. ونحن ابناء هذه المرحلة، وفي اي موقع حلَلْنا، علينا الاستمرار في السعي والعمل وبذل المستحيل من اجل ان لا يلعننا التاريخ، كوننا في مرحلتنا هذه، لم ننجح في صون الوطن والحفاظ على ارضه وشعبه ومؤسساته”.
واردف:” لا أغالي في القول ان لبنان منذ القِدَم مستهدفٌ في وجوده وتركيبته ودوره ورسالته. استخدم الاعداء على تنوعهم كل الاساليب لتدمير هذا النموذج الفريد، فما استطاعوا بالحروب والفتن والاجتياحات الى ذلك سبيلا، فصمد هذا الشعب وقاوم وانتصر. اليوم تُخاضُ علينا حرب اخطر واقسى، وهي تدمير الانسان وافقاده الامل في النهوض من جديد، من خلال فرض وقائع تتصل بالتغيير الديموغرافي عبر احلال مئات الاف النازحين واللاجئين في ربوع هذا الوطن، بالتزامن مع حصار اقتصادي ومالي وسياسي يهدف الى تيئيس الشباب اللبناني ودفعه الى الهجرة. هذه معركتنا، ولا سبيل لنا الا ان ننتصر كلنا فيها، من خلال وحدة لبنانية وارادة وطنية جامعة، تفضح ادوات الداخل التي تعمل في خدمة مشروع تفتيت لبنان، وتُثبت للخارج ان هذا الوطن وهذا الشعب عصيان على الكسر والاخضاع”.
وشدد ابراهيم على انه” لا بد من تضافر كل الجهود، وهنا دعوتي لكم يا صاحب الغبطة، من اجل ان يساهم كلٌّ منا ومن موقعه في العمل الدؤوب لانهاء الازمات السياسية وفي مقدمها ازمة انتخاب رئيس للجمهورية، والانطلاق في مشروع وطني تحت سقف الدستور الذي آن الاوان لتطبيقه بكامل بنوده”.
وختم مجددا شكره للبطريرك العبسي على” الدعوة واللقاء المميزين”.