كتبت صحيفة “النهار”تقول: مع ان أي تطور لم يكن مفاجئا في نهار “خميس المهزلة” المستدامة، أي في موعد الجلسة الحادية عشرة النيابية لانتخاب رئيس الجمهورية، وهي الجلسة الأولى في السنة الجديدة، فان تسجيل رقم قياسي جديد في مسار انهيار الليرة اللبنانية، وفي مسار الانهيار المالي عموما بدا شديد الوطأة على اللبنانيين الذين يتلقون الضربات من كل الاتجاهات. ذلك انه على وقع معاودة المهزلة الانتخابية في فصول رتيبة في مجلس النواب، اخترق سعر صرف الدولار مقابل الليرة سقف الخمسين الف ليرة وما فوق للمرة الأولى دافعا بقوة ارتفاعه اسعار المحروقات وسواها من مواد استهلاكية. هذه الصدمة المخيفة التي اثارت ذعرا ولو انها كانت متوقعة سرعان ما تلقى اللبنانيون على اثرها صدمة أخرى تمثلت في حرمانهم من الاستعانة بالنذر اليسير من ودائعهم بالليرة اللبنانية عبر حركة الشراء من المتاجر الاستهلاكية اذ أصدرت نقابة اصحاب السوبرماركت في لبنان بيانا أعلنت فيه انها تبعا لقرار وزير المال الذي يقضي بدفع نصف الرسوم الجمركية على السلع المستوردة نقداً ستوقف قبول البطاقات المصرفية .
أما الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية والتي كانت نسخة مطابقة تماما لكل الجلسات العقيمة التي سبقتها فلم يتخللها سوى خرق شكلي وسياسي ومعنوي واحد تمثل في الاعتصام الأول من نوعه الذي نفذه داخل المجلس النائبان من تكتل النواب التغييريين ملحم خلف ونجاة صليبا عون في حركة يراد لها الضغط لاستمرار جلسات الانتخاب بلا انقطاع وقد انضم اليهما لاحقا عدد من النواب.
اعتصام نيابي
خرق وحيد احدثه عدد من نواب “تكتل التغيير” من خلال الاعتصام داخل القاعة العامة اثر مطالبة بعقد دورات متتالية لم تلق صدى ايجابيا لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حين لوّح نواب “اللقاء الديمقراطي” بمقاطعة الجلسات في حال عدم التحاور من اجل الاتفاق على تسوية.
بعد رفع جلسة مجلس النواب الـ11 لانتخاب رئيس للجمهورية، قرر النائبان ملحم خلف ونجاة صليبا الاعتصام سلمياً داخل الهيئة العامة للضغط باتجاه انتخاب رئيس. وأشار خلف خلال اعتصامه مع صليبا داخل المجلس النيابي الى “أننا في دوامة قاتلة والشعب اللبناني في خطر، إذ نشهد عملية تعطيل غير مسبوقة، ومجلس النواب مسؤول عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية”. وأضاف: “قررنا أنا والزميلة نجاة صليبا الاعتصام لكسر الجمود، وقد انضم إلينا نواب آخرون ونحن بانتظار باقي النواب، وهذه الخطوة ليست رمزية بل هدفها الدفع نحو انتخاب رئيس فهذا واجب كل نائب”.واعتبر أن “جميع النواب مسؤولون عن التعطيل ومن واجبهم وقف هذا النهج” وقال: “اذا لم نقم بحلّ مشاكلنا فلن يساعدنا أحد، وسننام داخل المجلس”. من جهتها، دعت النائبة نجاة صليبا جميع النواب الى “الاعتصام إلى حين عودة الجلسات لأنه من واجبهم انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن”.وانضم إليهما مساء وسط عتمة المجلس كل من النواب فراس حمدان وسينتيا زرازير وبولا يعقوبيان ووضاح الصادق وحليمة القعقور والياس جرادة كما انضم سليم الصايغ والياس حنكش . وفي ساعات المساء بدأ توافد ناشطين الى ساحة النجمة للاعتصام تضامنا مع النواب المعتصمين .
وافضت نتائج التصويت في الجلسة الحادية عشرة الى التوزيع الاتي: 34 صوتاً لميشال معوّض ، 37 ورقة بيضاء ، 2 لزياد بارود ،صوت واحد لصلاح حنين ،7 لعصام خليفة ، 14 صوتاً لـ”لبنان الجديد” و16 ورقة ملغاة ورفع الرئيس برّي الجلسة بعد فقدان النصاب من دون تحديد موعد للجلسة االثانية عشرة. وافيد ان أصوات نوّاب “تكتل لبنان القوي” توزّعت بين الأوراق البيضاء واوراق حملت عبارة “الأولويّات الرئاسيّة” التي وضعها سبعة نوّاب، بالإضافة الى ورقة باسم الوزير السابق زياد بارود.
لقاء كليمنصو… ونصرالله
في غضون ذلك برز على صعيد التحركات السياسية اللقاء الذي جمع مساء امس في كليمنصو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع وفد من “حزب الله” ضم المعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله” حسين خليل والمسؤول الأمني في الحزب وفيق صفا في حضور رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط والوزير السابق غازي العريضي وامين السر العام في الحزب التقدمي ظافر ناصر ومستشار النائب جنبلاط حسام حرب. وتناول اللقاء الاستحقاق الرئاسي والتطورات الداخلية .
ونقلت محطة “المنار” عن مصادرها ان اللقاء تم بترتيب من جنبلاط وبحث في الاستحقاق الرئاسي ورأى الطرفان ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت، واعتبرا ان الحوار يشكل احد المداخل الطبيعية والرئيسية للوصول الى ذلك . كما ناقشا الوضع الاقتصادي وضرورة معالجته سريعا واعتبرا ان انتخاب رئيس الجمهورية قد يساعد في تحسين الوضع . كما تناول البحث أهمية بدء عمل الشركات المستخرجة للنفط والعمل على انشاء الصندوق الوطني السيادي المستقل . وجرى بحث العلاقات الثنائية بين الحزبين .
وكان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله تناول في كلمة امس الوضع السياسي والاقتصادي فاعتبر “أنّ السنوات الست المقبلة مصيرية وإذا أكملنا بالطريقة نفسها فالبلد ذاهب إلى الانهيار هذا إذا لم نكن قد بتنا داخله”. وقال: “نريد رئيسًا للجمهورية شجاعًا مستعدّاً للتضحية ولا يهمه تهديد الأميركيين وهناك نماذج موجودة كما نبحث عن حكومة ومسؤولين من هذا النوع”. وأضاف: “بدّنا رئيس إذا نفخوا عليه الأميركيين ما يطير من قصر بعبدا على البحر المتوسط”.
واعتبر نصرالله أنّ “الفساد كان متجذرًا في الدولة منذ وقت طويل ولو قدّمت كل طائفة أفضل عقولها وخبرائها لتتولى المسؤوليات الإدارية في الدولة لما كنا وصلنا إلى هذه المرحلة” .