نفذ الاساتذة والمعلمون اعتصاما رمزيا في ساحة رياض الصلح، بدعوة من روابط التعليم الرسمي (ثانوي، اساسي ومهني وتقني) وهيئة التنسيق للاساتذة المتعاقدين بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء في السرايا.
بدورهم، نفذ الأساتذة المعارضون والمنتفضون، في الجهة المقابلة، وقفة بالتزامن مع اعتصام الروابط، “للوقوف جميعنا صفا واحدا لرفع الظلم عن أساتذة التعليم الثانوي وتحقيق الإنصاف وإنقاذ مصير الطلاب”.
والقى حيدر اسماعيل كلمة روابط التعليم الرسمي: ثانوي-ومهني وتقني وأساسي، قال فيها: “أيها الحضور الفاعل من كل مناطق لبنان، أنتم الذين تكلفتم مشقة الطريق وأتيتم لاعلاء كلمة الحق. أنتم الذين تركتم عيالكم وأتيتم لرفع لواء الكرامة وإيصال صوت الحق. ها نحن جميعا نقف وقفة عز واصرار متكاتفين من الروابط الثلاث (ثانوي ومهني وتقني وأساسي) تحت لواء المعلم الذي أمضى حياته وسيمضيها في خدمة تلك الرسالة الإنسانية. جميعنا يعلم ما معنى كلمة المعلم، ذاك الذي ضحى بنفسه من أجل تعليم أولادكم أيها المسؤولون وتعليمكم أنتم أيضا، هو ذاك الصبور الذي يخجل من أولاده عندما يطلبون منه مالا، فيكتم الجواب بالصمت. هو ذاك الذي ينظر بعيني المحبة إلى الآخرين ويتمنى لنفسه ما يحلم به في عيونهم. هو ذاك الذي وقف وسيقف أمام باب المستشفيات والدمعة متحجرة في مآقيه بسبب أنين ولده أو والده او والدته العجوز”.
أضاف:”نعم أيها السادة الوزراء. أتعلمون من هو المعلم هو الذي ترك بلده وعياله وهاجر ليعيش في بلاد الغربة بكرامة. هو الذي ترك تلك المهنة الغالية على قلبه ليبتاع ما تيسر له من حاجات العيش بكرامة. هو الذي لا يرضى بذل وقد ذل بسببك يا حاكم مصرف لبنان عندما وقف أمام المصرف ليتقاضى معاشه من عرق جبينه الذي يعادل ثلاث صفائح بنزين، ولم يكن يعلم يوما أن الذل ينتظره من بابك. نعم، إننا أصحاب كرامة وأصحاب ضمير وخلق رفيع وأصحاب حق، نحن لا نتحمل أخطاءكم، وأوزاركم ولا نورث أبناءنا ذلكم. لن نقبل إلا بعيشة كريمة، ونحن أقوياء بأنفسنا وطلابنا الفقراء، غنانا الله بفضله ونعمته، ولنا حق نطلبه بعز منكم، فلن نذل في انتظار الحوافز المالية من الجهات المانحة ودولتنا الكريمة غاطسة نائمة، وحارس المال مستيقظا ويفاجئنا بعد منتصف الليل برفع الصيرفة وتفلت الدولار، فما يعطينا إياه باليمين فتاتا يأخذه باليسار غلاء بالأسعار”.
تابع: “أيها السادة الوزراء، فلتعلموا، ومن لا يعلم فليعلمه زميله، أن المعلم هو الباحث والناقد والمضحي والصبور، ولكن وقف الزمان به وسلبت منه مقومات الحياة، وحرم من العيش بأمان وطمأنينة. هل يا ترى أتعلمون لماذا نحن اليوم هنا؟ أتعلمون ما هي حقوق المعلم؟ هل تساءلتم ما هي الحلول؟ هل تدركون كيف نعيش مع عيالنا وطلابنا في الثانويات والمعاهد والمدارس؟ إن مطالبنا أصبحت واضحة ولا تخفى على أحد. طلابنا يعرفونها، أصحاب المحلات التجارية يعرفونها. أصحاب محطات المحروقات يعرفونها، التجار يعرفونها والمزارعون وأصحاب سيارات الأجرة يعرفونها. العالم كله يعرفها، إلا أنتم أيها المسؤولون لا تريدون أن تعرفوها. عجبا بكم عجبا، قد التقيناكم فرادى ومثنى وجماعة وما زلتم لا تعرفون مطالبنا، التقيناكم في منازلكم وفي مكاتبكم وفي مقاهيكم، وزرنا الرؤساء وزودناهم بمطالبنا المحقة واعترفوا بها وتفاجئوا فوعدونا ووعدونا”.
أضاف: “ندعوكم اليوم قبل فوات الأوان وقبل تدمير القطاع التعليمي كاملا، وها قد أصبح على شفير هاوية، المعلمون يصرخون وأنتم تصمون الاذان، المعلمون يئنون وأنتم في عالم آخر. أتعلمون أن أكثر من 350 الف طالب في منازلهم ينتظرون. أتعلمون أن أكثر من 50 الف معلم في الطرق ينتفضون. أتعلمون أن أكثر من 1200 مؤسسة تربوية رسمية أبوابها مقفلة ومدراؤها معتصمون. إن كنتم تعلمون فهي مصيبة وإن كنتم تجلهون فالمصيبة أعظم. تعبنا من الكلام وأنتم لم تتعبوا من الصمت. أحزنتني دمعة عيون أولادنا وأنتم تفضلون السكوت. وصلت الغصات إلى حناجرنا وأنتم تحملون السيوف لتقتلوا فرحة أطفالنا وتزيدوا في ذلنا وقهرنا وسحقنا. كفى أيها السادة الوزراء، مطالبنا واضحة وهي في أدراج مكاتبكم، وفي أدراج مكاتب رئاسة الحكومة وفي المجلس النيابي، وفي زوايا وزارتي المالية والتربية وفي مكاتب حاكمية مصرف لبنان وفي مكاتب اليونسيف ومكاتب الجهات المانحة”.
وقال: “سنذكر بمطالبنا على الملأ وهي: تصحيح الرواتب والأجور بما يتناسب مع غلاء المعيشة. اقرار قانون تعديل بدل النقل وربطه بسعر صفيحة البنزين. تقديم الحوافز المالية بلا منة أو أي شرط من شروط البنك الدولي أو الجهات الممولة، وتنظيم آلية صرفها، فالمقولة الأساس ستترجم بالفعل وهي: علموا أولادنا نعلم أولادكم، فلا تعليم لأحد إذا لم يتعلم أولادنا. تحسين التقديمات الصحية والاجتماعية لتعاونية موظفي الدولة والضمان الاجتماعي بما ينسجم مع الارتفاع في قيمة الفاتورة الصحية. اعتماد منصة صيرفة خاصة بالمعلمين على ألا تزيد عن الـ 15 الف كما هو الدولار الجمركي. اقرار قانون بدل النقل في مجلس الوزراء للمتعاقدين والمستعان بهم عن كل يوم تدريس فعلي. دعم صناديق المدارس وتأمين مادة المازوت للمدارس الرسمية في المناطق الجبلية، وتأمين المستلزمات التربوية. وأخيرا وليس آخرا تأمين التجهيزات الضرورية للمختبرات والمصانع المهنية والتقنية الرسمية”.
وختم:”عليكم أن تعلموا أن مسارنا في التعليم الثانوي والأساسي واحد مع مسار التعليم المهني- التقني وما يقدم لنا يجب أن يقدم لهم أيضا.
هذه هي مطالبنا، وعليكم أن تصدقوا عليها وتصبح موضع التنفيذ. فالمعلم هو بيرق الوطن ولا وطن من دون تعليم ولا تعليم من دون معلم. والسلام”.
فواز
بدورها، القت منتهى فواز كلمة هيئة التنسيق للاساتذة المتعاقدين شددت فيها على أن “وقفتنا اليوم لإقرار مرسوم بدل النقل”. وحذرت من انه “في حال لم يقر اليوم لا عودة الى المدارس”. اضافت: “من حقنا العقد الكامل الشهري والاستقرار الوظيفي”. وسألت:” “أين الحوافز التي وعدنا بها وحتى اليوم لم نحصل عليها؟”.
نصار
بدوره، القى ممثل الاساتذة المنتفضين الثانويين في الملاك وسيم نصار كلمة توجه فيها الى “كل نائب أو وزير أو نافذ” بالقول: “أنتم مسؤولون عن هدم صرح العلم وتدميره بكل مكوناته وبخاصة المعلم. لن نسمح لكم بالمتاجرة بنا لملء خزائنكم مقابل إفلاسنا وتجويع أولادنا، وإذا كانت المراهنة على التضحية فقد ضحينا لثلاثة أعوام متتالية حتى اضمحلت كل مدخراتنا وما زلنا نضحي بلحمنا الحي حتى فنت أجسادنا وتوارت أرواحنا ولن نقبل بالتهاون بكراماتنا أكثر من ذلك، ولن نسكت بعد اليوم، فالريح مهما كانت قوية لا تستطيع أن تكسر مدماك الحق لأن الحق قوة وانتصار وانتفاضة في وجه الطواغيت والفراعنة. حقوقنا مقدسة نص عليها القانون، فأي قانون شرع لارتفاع الدولار مع بقاء راتب الأستاذ على سعر صرف دولار 1500؟ عجبا كل العجب! كل فئات المجتمع تماشت مع هذا الارتفاع المريب والرهيب للدولار وواكبت من خلال رفع أجرها من العامل إلى المزارع والمهندس والطبيب أما التاجر فحدث ولا حرج، ما عدا الأستاذ وكأنه محرم عليه مع أولئك الحكام حتى المطالبة بأدنى مقومات العيش الكريم، وعندما يطالب تهب أقلامهم لدرء مطالبته أو لكسر صوته وإذا بهم يترصدون له تحت مقولة( إفلاس الدولة وعلينا أن نضحي أو لا أموال في الدولة)”.
تابع: “يا أشباه الحكام، تصمون آذانكم أمام صرخات أوجاعنا وأصواتنا التي تئن وترزح تحت أعباء المعيشة والأزمة الخانقة التي جردتنا من حقوقنا بالاضافة إلى المصارف التي تحد من سحب رواتبنا (راتب ال60$) أي هزلة هذه! نحن الأساتذة الذين ثارت روح الانتفاضة بنا تجمعنا هنا لأننا لا نقبل الإهانة والخنوع وستروننا كالسيل الجارف والريح الهوجاء والعواصف التي لا تذريها السدود كي نحافظ على كرامتنا ولقمة عيش أبنائنا وسنكون حيث يجب أن نكون وبالمرصاد في سبيل تحقيق مطالبنا الآتية: رفض العودة إلى التعليم مع إذلال كرامة المعلمين مقابل إعطاء سبعين أو ثمانين دولارا أو حفنة لإسكات أصواتنا المطالبة بالحقوق حتى ال ١٣٠$ لم تعد مقبولة. دولرة الرواتب أسوة بالقطاعات الأخرى(فالقاضي إذا كان ناظما للحق والعدالة فنحن منبتها والأصل والفرع). في ما يخص التقديمات الصحية والاجتماعية: على تعاونية موظفي الدولة تحمل كل الزيادات التي طرأت بالعودة إلى النسب التي كانت معتمدة قبل بداية الأزمة، كما نرفض رفضا تاما مقصلة شركات التأمين الصحي ونطالب برفع قيمة المنح المدرسية والتقديمات الاجتماعية. رفع قيمة بدل النقل من خلال دفع قيمة ثلث صفيحة البنزين كحد ادنى إذ بتنا ندفع رواتبنا فقط للوصول إلى ثانوياتنا مع الإرتفاع المريب في سعر البنزين، وأي اتفاق او تسوية مشبوهة لا ترضي الاساتذة مرفوضة”.
وختم: “أنتم لستم أحرص منا على تلاميذنا الأعزاء، فهم دائما إلى جانبنا وعلى أيدينا تعلموا بأن الإنسان الذليل يصبح عبدا تابعا وينجر إلى شر الفساد بينما الإنسان الحر هو الذي يدافع عن كرامته وعيشه دون الانحناء ويعيش مرفوع الرأس. أيها الأساتذة الأحرار، يا أصحاب النخوة قد تجمعتم اليوم وفي نفوسكم انتفاضة غضب في وجه الإهانة. نعم نحن أبواق الحرية، نحن أبواق الكرامة، نحن مكامن خلاص المجتمع، وبنا يكتمل الحق فالسلام لكم يا بناة الأوطان”.