كتبت صحيفة “النهار” تقول: مع ان المأتم الرسمي والشعبي للرئيس الراحل حسين الحسيني في مسقطه شمسطار امس، استقطب الأنظار والتساؤلات عن اثر غياب رجالات الطائف وحراسه على الواقع الممزق والمنتهك شر انتهاك للدستور والطائف والأصول، فان ازمات الساعة المطروحة سرعان ما اطلت بقوة لتضيء على محطات ارجئت بسبب رحيل الرئيس الحسيني وبدأ الاعداد لها الأسبوع المقبل يأخذ طابع العد العكسي لمواجهات سياسية إضافية. واذا كان من حدث “تفلت ” امس على هامش المشهد السياسي فهو القفزة الكبيرة الغريبة والمريبة في المسار التصاعدي لسعر “الدولار الأسود” أي في الأسواق الرديفة بحيث تجاوز سعره في ساعات المساء في المداولات سقف الـ 48100 ليرة. وسبق قفزة الدولار هذه نهارا، اشتعال أسعار المحروقات اذ حلق سعر صفيحة البنزين الى سقف 825 الف ليرة وصفيحة المازوت 860 الف ليرة.
ولكن عنصرا لافتا يتصل بالملف اللبناني خارجيا برز في تطورين: الأول حضور الازمة اللبنانية في اللقاء السعودي – المصري في الرياض امس والبيان المشترك الصادر عن الدولتين بما يعكس امكان قيام تحرك عربي داعم ومنسق مع الجانب الفرنسي في صدد ازمة الفراغ الرئاسي في لبنان. والثاني حضور إيراني مباشر هذه المرة عبر زيارة فاجأت كثيرين لوزير الخارجية الإيراني حسين عبد الأمير اللهيان الذي وصل مساء امس بيروت، ويزمع اجراء جولة لقاءات رسمية علنية اليوم، فيلتقي تباعا، وفق البرنامج الرسمي للزيارة ، وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب ويعقدان لاحقا مؤتمرا صحافيا مشتركا ثم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري . ويرجح ان يلتقي أيضا الأمين العام ل”حزب الله ” السيد حسن نصرالله . وقد ربطت زيارته باطلالة إيرانية على المشهد الرئاسي وتذكير لمن ترغب طهران ابلاغهم بقوة نفوذها في لبنان عبر “حزب الله”. ومعلوم ان الزيارة تاتي قبل أيام قليلة من اطلالة جديدة للامين العام لـ”حزب الله” مساء الثلثاء المقبل.
وكان الاجتماع الوزاري للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية على مستوى وزراء الخارجية، انتهى الى اصدار بيان مشترك تطرق فيه الجانبان الى الوضع في لبنان فشددا “على أهمية أمن واستقرار لبنان، ودعوا القوى السياسية الى تحمل مسؤوليتها لتحقيق المصلحة الوطنية، والإسراع في إنهاء الفراغ الرئاسي واستكمال الاستحقاقات الدستورية ذات الصلة من أجل العمل على تلبية طموحات الشعب اللبناني في الاستقرار السياسي والإصلاح الاقتصادي الذي يسمح بتجاوز الصعوبات الجمة التي واجهها لبنان في السنوات الأخيرة”.
الجلسة الحكومية
في غضون ذلك وعلى صعيد الاستعدادات التي باشرها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي للدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل، بات في حكم المرجح ان تعقد الجلسة بنصاب مماثل تماما للنصاب الذي وفر انعقاد الجلسة الأولى قبل أسابيع، علما ان الجلسة المقبلة في حال انعقادها ستكون الجلسة الثانية لحكومة تصريف الاعمال في ظل الفراغ الرئاسي. وما رجح كفة انعقاد الجلسة التي ربما يدعو ميقاتي الى عقدها الاثنين المقبل في السرايا، موقف نهائي لـ”حزب الله” سعى عبره الى التوفيق بين مقتضيات ضرورة ملحة محصورة هذه المرة ببند الفيول للكهرباء تمليها الجلسة الحكومية وعدم مصادمة رئيس الحكومة الذي دأب على التشاور مع الحزب ورئيس مجلس النواب نبيه بري والمكونات الأخرى في الحكومة لتامين موافقاتهم على الجلسة وعدم التسبب بأزمة جديدة في علاقته الهشة المهتزة مع “التيار الوطني الحر” الرافض رفضا تاما لمبدأ انعقاد الجلسات الحكومية من أساسها في ظل الفراغ الرئاسي. وكانت معلومات أفادت ان “حزب الله ” سيبلغ ميقاتي مشاركة وزرائه في الجلسة على ان تكون مخصصة للبحث في ملف الكهرباء وحده ومن دون بقية بنود جدول الاعمال السبعة الأخرى وذلك نزولا عند حاجة المواطنين ولضرورة تسيير شؤونهم. كما أفادت المعلومات بأن “حزب الله” أبلغ ميقاتي الأربعاء أنه لا يُعارض مبدأ عقد الجلسة الحكومية، مع طلب حصرها بموضوع الكهرباء، مشيرا إلى أن ميقاتي يدرس الخيارات لجهة تقليص جدول الأعمال.
مجلس القضاء
وفي انتظار موقف “التيار الوطني الحر” من تغطية “حزب الله” للمرة الثانية الجلسة الوزارية في ظل الشغور، “اسقطت” امس محاولة متقدمة جدا لتعيين محقق عدلي رديف للمحقق العدلي الأصيل في ملف انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار . فقد اتجهت الانظار الى قصر العدل حيث كان عدد من اعضاء مجلس القضاء الاعلى دعوا المجلس الى الانعقاد للبحث في تعيين قاض رديف في تحقيقات المرفأ. ومواكبة لهذا الحدث نفذ أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت تحركا احتجاجيا، صباحا أمام قصر العدل في بيروت، في حضور النواب: سامي الجميل، ميشال الدويهي، وضاح الصادق، فراس حمدان، الياس حنكش، بولا يعقوبيان، زياد حواط، غسان حاصباني، رازي الحاج وابرهيم منيمنة، وعدد من الناشطين المتضامنين. وخلال الاعتصام، رفع المحتجون الاعلام اللبنانية واللافتات المطالبة بـ”العدالة ورفع أيدي السياسيين عن القضاء، وتضامنا مع وليم نون ورفاقه واعتراضا على طلب التحقيق معه ومنعاً لطمس التحقيق من خلال بدعة القاضي الرديف مرتكبين بذلك مخالفة للدستور والقانون خصوصا بعد دعوة اربعة قضاة إلى انعقاد جلسة للمجلس العدلي”.
ولم يكتمل النصاب لعقد الجلسة اذ غاب عنها رئيسه القاضي سهيل عبود ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الامر الذي حال دون انعقاد الجلسة. واعلن نون خلال التحرك باسم المعتصمين انه “اذا عقدت الجلسة بشكل غير قانوني وكان قرارها غير قانوني، فاننا لن نسكت، فقصر العدل وجد من اجل احقاق العدالة. عندما يتعاطون معنا كأرقام، وامواتنا كأرقام فهذا غير مقبول. ولو اتخذ قرار لغير مصلحة الحقيقة لن يسلم قصر العدل وسنعبر مع الشباب من اهالي الضحايا عن غضبنا الشديد”. وأوضح ان “لدينا الثقة بالوفد الفرنسي من القضاة ونطلب لقاءه، نحن نطالب بتدويل الملف احقاقا للحق”.
وفي السياق القضائي المالي افيد ان محكمة الاستئناف في بيروت برئاسة القاضي نسيب ايليا قبلت طلب رد القاضي زياد ابي حيدر المقدم من قبل حاكم مصرف لبنان بسبب ابدائه رأيا مسبقا في الملف إذ اعتبر أنّ الادعاء على سلامه ورفاقه هو من صلاحية النيابة العامة المالية.
مؤتمر النزوح
وسط هذه الاجواء، أكد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، في مؤتمر نظمه “التيار” عن اثر النزوح السوري على لبنان بعنوان “لن نتخلى عن احد”، شارك فيه وزير الخارجية والتجارة الهنغاري بيتر سيارتو، ” أن لبنان ملتزم مبدأ عدم الإعادة القسرية”، مطالبا المجتمع الدولي، “ان يتوقف عن الضغط على لبنان وعن تمويل اقامة النازحين على ارضه وعن تخويفهم من العودة الى ارضهم، فيما هو يخشى هجرتهم صوبه، وان يمول العودة الآمنة والكريمة ويزيد المساعدات التي تطال اعادة الاعمار الإنساني وذلك لتهيئة ظروف العودة من دون ربطها بالحل السياسي”. ورأى “ان التقارب السوري – التركي، هو مؤشر إيجابي ومساعد كون عودة النازحين هي احد اهم عناصره، مشددا على “الحكومة اللبنانية ان تطبق “خطتها” حول العودة، وان تعمل فورا على اعادة المسجونين الخطيرين، وان تستعيد حقها بتحديد من تنطبق عليه صفة ”نازح”. وقال ”نعم لبنان دولة مانحة وليست مضيفة فقط، لأن اعباءها تخطت بكثير المساعدات المقدمة لها. نعم لبنان لا يشحذ بل يطالب بحقه. ليس من دولة في العالم يمكنها ان تتحمل 200 نازح بالكيلومتر المربع من دون ان تنهار”.