Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

جنازة وديع جورج وسوف ووداع من شقيقه

خدم لفيف من الكهنة قبل ظهر اليوم، جنازة وديع وسوف نجل الفنان جورج وسوف في مأتم مهيب، حضره حشد من الفنانين والمحبين.

وكان جثمان الفقيد وصل من مستشفى مار يوسف – الدورة الى كنيسة القديس نيقولاوس للروم الارثوذكس في الاشرفية، ليرفعه المحبون أمام الكنيسة ويراقصونه على وقع أغاني والده وصولا الى داخل الكنيسة، في ظل صراخ وبكاء أهله ومحبيه.

بعد الانجيل، ألقى كاهن رعية القديس نيقولاوس – الأشرفية الاب باسيليوس خنيصر عظة قال فيها:

“يا احبة اود أن أَنقُلَ إِلَيْكُم تَعازي سِيادَة راعي الأَبرَشِيَّة، أَبينا المِتروبوليت الياس الجَزيل الاحتِرام، الَّذي يعزي العَزيز جورج وجَميع أَفراد العائِلَةِ الصَّغيرة والكَبيرَة، ويُصَلِّي مِنْ أَجلِ راحَةِ نَفسِ المرحوم وَديع، ويسأل اللهَ أَنْ يسكنه مع الأبرا وأن يَمُنَّ عَلَيكم بِالصَّبرِ والفَرَحِ القِيامِيِّ. المَسيح قام.

نَسمَعُ في الإنجيلِ قولَ الرَّبِّ يَسوع: «تَعَلَّموا مِنِّي لأَنِّي وَديعٌ ومُتَواضِعُ القَلب، فَتَجِدوا راحَةً لِنُفوسِكُم» (متى 11: 29). فَمَنْ تَعَلَّمَ الوَداعَةَ مِنَ الرَّبِّ طُوبى لَهُ، على حَسَبِ ما قالَ السَّيِّد: «طوبى لِلوُدَعاءِ لأَنَّهُم يَرِثونَ الأرض» (متى 5: 5). إِذًا، المَسيحِيُّ الحَقيقيُّ وَديعٌ كَسَيِّدِهِ، الَّذي أَسْلَمَ ذاتَهُ لِلصَّلبِ بِوَداعَةٍ، لكي يُخَلِّصَ البَشَرَ مِنْ خَطاياهُم. حَتَّى رُسُلُ المَسيحِ، الَّذينَ ساروا على خُطَى مُعَلِّمِهِم، أَوصَوا تَلاميذَهُم بِالوَداعَةِ، كما جاء في رسالة الرَّسولِ بُولُسَ إلى تيطس: «مُظْهِرينَ كُلَّ وَداعَةٍ لِجَميعِ النَّاس» (تيطس 3: 2). هَكَذا، اسْتَلَمْنا نَحنُ المَسيحِيِّينَ التَّقليدَ الشَّريفَ، الَّذي يدعو إلى المحبة والوَداعَةِ والتَّواضُع ونَبْذِ الكِبرِياءِ القاتِلَة التي كانت سبب سقوط آدم مِنَ الفِردَوس. كُلُّ إِنسانٍ مَسيحِيٍّ على هَذِهِ الأَرضِ، مَهْما عَلا شأَنُهُ على هَذِهِ الأَرض أَو انْحَدَر، لديه رسالة، وقد أُعطي وزنة عَلَيْهِ تثميرها بِروحِ الوَداعَةِ، وبِما أَنَّ المَسيحَ هُوَ الوَداعَة الحَقيقيَّة، تالِيًا يَجِبُ أَنْ تَحْمِلَ رِسالَتُهُ المَسيحَ في كُلِّ جَوانِبِها.

حَبيبُنا وَديع الَّذي نُوَدِّعُهُ اليَوم، لا بَلْ نُودِعُهُ بَيْنَ يَدَيِّ المَسيحِ الوَديعِ والمُتَواضِعِ القَلب، عاشَ بِحَسَبِ اسمِهِ على هَذِهِ الأَرْضِ الفانِيَة. لَمْ يَكْتَرِثْ بِالمَجْدِ الأَرضِيِّ الَّذي حَمَّلَهُ إِيَّاهُ اسمُهُ الثُّلاثِيّ، بَلْ تَعَلَّمَ مِنْ أَبيهِ «السُّلطانِ» نَبْذَ الأَمجادِ الزَّائِلَةِ ومُسانَدَةَ النَّاسِ في أَفراحِهِم وأَتْراحِهِم، واستِغلالَ هَذا المَجدِ الأَرضِيِّ في سَبيلِ رِبْحِ المَلَكوتِ السَّرمَدِيّ. فَكَما ارتَبَطَ اسمُ وَديع بِاسمِ والِدِهِ جورج، تَلازَمَ اسمُ «السُّلطان» جورج بِاسمِ بِكْرِهِ وَديع، فَكانَ اللَّقَبُ الأَحَبُّ إِلى قَلبِهِ لَقَبَ «أَبو وَديع». بِحَسَبِ والِدِهِ وجَميع مَن عَرَفَهُ، كان وَديع «غِيرهُم يا حبيبي»، و«أَجمَل قَلب شوفتو في الزَّمَنْ دَه»، وحُبُّهُ «حاجَة تانية» لأَنَّهُ «أَحَنّ وأَحلى دُنيا». كان إنساناً طيباً، محباً، حنوناً ووديعاً.

طَبعًا، الحُبُّ البَشَرِيُّ يُمكِنُهُ أَنْ يَكونَ أَنانِيًّا، لأننا نُريدُ الآخَرَ أَنْ يَبقى مَعَنا وفيما بَيْنَنا. اليَوم، كَأَنَّ كُلَّ واحِدٍ هُنا يَقولُ لِوَديع: «خَلِّيك بِقَلبي لا تروح… جُوَّات عيوني لا تزيح… هَوْن عليك كتير منيح». لَكِنَّ الرَّبَّ يَقولُ بِوُضوح: «تَعالَوا إِلَيَّ أَيُّها المُتعَبونَ والثَّقيلو الأَحمالِ وأَنا أُريحُكُم» (متى 11: 28). هَذِهِ الأَرضُ ملآنَةٌ تَعَبًا وشَقاءً، لَكِنَّ أَحضانَ الرَّبِّ مُفْعَمَةٌ بِراحَةٍ ما بَعدَها راحَة، وفَرَحٍ لا يَنضَب. في المَسيحِيَّةِ لا نَنْظُرُ إلى عُمْرِ الإِنسانِ عِنْدَما يَموت. يَقولُ النَّبِيُّ داود: «أَيَّامُ سِنينا هِيَ سَبعونَ سَنَةً، وإِنْ كانَتْ مَعَ القُوَّةِ فَثَمانونَ سَنَةً، وأَفْخَرُها تَعَبٌ وبَلِيَّة، لأَنَّها تُقْرَضُ سَريعًا فَنَطير» (مزمور 90: 10). وَديع، حَقَّقَ بِسَنَواتِهِ القَليلَةِ على هَذِهِ الأَرضِ ما لَمْ يُحَقِّقْهُ مُعَمِّرون، بِحَنانِهِ واهْتِمامِهِ بِأَهلِهِ وأَقارِبِهِ وبِالغُرَباءِ والمُحتاجِين وكل من عرفه وعمل معه، فَكانَ اسْمًا على مُسَمَّى. طَبْعًا، بَشَرِيًّا، «أَصعَب فُراق، فُراق الحَبايب» و«أَصعَب عَذاب، الشّوق اللِّي غايب»، لَكِنْ مَسيحِيًّا يُصبِحُ مَنْ يُغَيِّبُهُ المَوتُ عَنَّا شَفيعًا لَنا، مَلاكًا في السَّماءِ يصلّي من أجلنا، خُصوصًا إِنْ كانَ شَبيهًا بِالمَلائِكَةِ بِوَداعَتِهِ هُنا عَلى الأَرض. بَشَرِيًّا يُمكِنُنا أَنْ نَقول: «سِكِتْ الكَلام، ما عادش فاضِل غير دُموع، حُزن وأَلَم… فِين حَبيبي وفين لَيالينا، راح ما لحقش يقولّي سَلام»، إِلَّا أَنَّ اليَأسَ لا وُجودَ لَهُ في المَسيحِيَّة وهي ديانةُ الرجاء بالقيامة، ولا في الكَنيسَةِ الَّتي تُطَمئِنُنا في خِدمَةِ الجَنازَةِ أَنَّ ذِكْرَ الَّذي غابَ عَنَّا جَسَدِيًّا يَبقى مُؤَبَّدًا، مِنْ خِلالِ الأَثَرِ الَّذي تَرَكَهُ عَبْرَ أَعمالِ المَحَبَّةِ والوَداعَةِ والتَّواضُعِ الَّتي فَعَلَها في حَياتِهِ الدُّنيَوِيَّة وهكذا كان الحبيب الوديع.”

وختم :”اليَوم، وَديع يُغادِرُنا بِجَسَدِهِ، لَكِنَّهُ يُشبِهُ المُسافِرَ الَّذي لا بُدَّ لَنا مِنْ لِقائِهِ مُجَدَّدًا بَعْدَ فَتْرَةٍ زَمَنِيَّةِ تَطولُ أَوْ تَقصُر، لِذَلِكَ نصلّي كي يتقبَّل الرب الإله نفسَ وديع حيث لا وجعَ ولا حزنَ ولا تنهد بل حياةٌ لا تفنى. أما وَديع فكأنَّه يقول: «أنا مسافِر يا إمَي (ويا بَيِّي و يا أَحبابي) ودّعوني… إذا بِهَجْرِي جَرَحْتكم سامحوني… ما تكون دمعاتكم سَخِيِّة… لا تِبكوا بتِجرَحوني… بعود وَصِّيكم وصيّة، قَبْل النَّوم تِبْقوا مِن عَشِيّة، صَلُّوا المَسبَحَة وفيها اذكروني».

 

جورج جونيور

وألقى جورج جونيور وسوف شقيق الراحل كلمة وجدانية قال فيها: “الله معكم، وديع يا أخي يا حبيبي لم أكن أتوقع أن يأتي هذا اليوم لأتكلم في عزائك، رحلت باكرا فكسرت قلب أبيك وأمك وقلوبنا جميعا. كان والدك الأغلى عندك في هذه الدنيا، كان همك أن يبقى مرتاحا، كنت تعيش كل حياتك من أجله، حتى تراه مسرورا ومرتاحا. كلنا في هذه العائلة لدينا حصة باسم وديع، أبي أبو وديع وأمي أم وديع ونحنا أشقاء وديع، ولكن الأن نحن جميعا هنا ووديع ليس معنا. كل من يعرف وديع يعرف طيبة قلبه ويعرف كم هو خدوم وكم يحب الناس. لا يطلب طلبا لنفسه بل لغيره، يفكر بغيره قبل نفسه، صاحبه صاحب، محب للجميع يحب الجميع ويساعد الجميع”.

أضاف: “أنا وأمي وأختي وأخي، لم يعد للحياة معنى لنا من دونك يا وديع، أنت بالنسبة لنا قديس في السماء، أنت بالنسبة لنا لم تمت، سافرت بعيدا وسنعود لنراك قريبا. كيف سأعود الى قطر؟ كيف سأعود الى عملي؟ كيف سأعود يا وديع الى مكتبي الى عملي؟ كيف سأعود الى بيتي؟ كيف سأتصل كل يوم اذا واجهتني مشكلة؟ ولكن ماذا يمكننا أن نفعل، إنها ارادة الله”.

وتابع: “كم كنت أتمنى لو بعد شهر فقط عندما أصبح أبا، أن تحمل ابنتي وتغمرها وتتعلق بك، بعمها وديع، فتعرف من هو وديع، ولكن لا تخف يا حبيبي اسمك سيبقى خالدا بقلبها وعلى صدرها، ومحبتك ستبقى عند كل الناس ظاهرة، فكل الناس تعرف من أنت”.

وختم: “أنت لم ترحل، أنت ما زلت معنا وفينا يا وديع. أريد أن اشكر كل من صلى لك وكل من وقف معنا وعزانا. باسمي وباسم عائلة وسوف نشكر الجميع”.

ثم حمل الجثمان على الأكف، ونقل الى بلدة كفرون في سوريا حيث تقام له صلاة البخور قبل دفنه في مدافن العائلة.