كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : إنتهى المونديال الرياضي في قطر بفوز الارجنتين على فرنسا بركلات الترجيح، فيما المونديال السياسي والرئاسي اللبناني بشقيه الداخلي والخارجي، تتواصل فصوله، وكان آخرها ترحيل ملف الانتخابات الرئاسية إلى السنة الجديدة. فلا جلسات رئاسية ولا جلسات حوار، كما انّ لا مؤشرات إلى اجتماع قريب للحكومة، مع استبداله بلقاءات تشاورية موسعّة ومصغّرة. ولكن الحدث الذي خطف الأضواء من ملفي الرئاسة والحكومة، وسيبقى محور تركيز ومتابعة في الأيام المقبلة، يكمن في الاعتداء على «اليونيفيل» في العاقبية، فيما الأنظار تتجّه إلى قمة «بغداد 2» التي تُعقد في الأردن غداً الثلثاء.
التعويل على الحركة الخارجية سببه انسداد أفق الحركة الداخلية التي وصلت مع الاستحقاق الرئاسي إلى الحائط المسدود، فلا مبادرات ولا قدرة لأي فريق على إيصال مرشحه، كما لا نية لأي فريق لأن يتنازل او يتراجع خطوة إلى الوراء قبل ان يتراجع خصمه، الأمر الذي أدخل الانتخابات الرئاسية في جمود، وهذا ما يفسِّر الرهان على تطورات الخارج، علّها تكون كفيلة بكسر هذا الجمود وإخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة.
وعلى الرغم من انّ العنوان الرئيس لقمة «بغداد 2» هو الوضع السياسي الداخلي في العراق، إلّا انّها ستتناول أوضاع المنطقة برمتها، خصوصاً انّ هذه الأوضاع مترابطة ومتشابهة على غرار تشابه الوضعين العراقي واللبناني، فضلاً عن انّها تضمّ السعودية وإيران إلى جانب مصر والإمارات وقطر وتركيا والبحرين وعمان وبالطبع العراق وفرنسا، وبالتالي يمكن ان تشكّل فرصة لإعادة إطلاق الحوار السعودي-الإيراني الذي توقّف.
ومعلوم انّ الملف الرئاسي اللبناني يشكّل محط متابعة فرنسية حثيثة، ودخلت قطر أخيراً على هذا الخط، ولا شك في انّ باريس التي تشكّل الجهة الراعية للقمة، ستستفيد من مشاركة الرياض وطهران لإثارة بعض الملفات الشائكة في المنطقة ومن ضمنها الانتخابات الرئاسية في لبنان، حيث تصرّ باريس ومعها واشنطن على ان يحصل إنتاج السلطة في لبنان بما يتوافق مع المبادئ التي أُعلنت في البيان الثلاثي مع الرياض التي يشكّل دورها صمام أمان للبنانيين.
ومع تراجع دور الداخل من أجل الخروج من المأزق الرئاسي، تحوّلت كل الأنظار إلى دور الخارج المعلن منه على غرار قمة «بغداد 2»، والمضمر منه لجهة اللقاءات الديبلوماسية والكواليسية مع بعض المرشحين والمعنيين في هذا الاستحقاق. فهل تفتح القمة التي تستضيفها عمّان، الطريق إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، خصوصاً انّ أبرز المشاركين في هذه القمة يتابعون الملف اللبناني من قرب؟ وهل ستنجح باريس في تحقيق الاختراق الرئاسي من خلال اللقاءات الجانبية المتوقع ان تجريها مع العواصم المعنية؟ وهل ستتجاوب إيران مع المسعى الفرنسي أم ستتذرع بعدم التدخّل في شأن يتعلق بـ»حزب الله»؟ وهل طهران ستهدي الورقة الرئاسية لباريس أم تتطلع إلى إهدائها لواشنطن؟
ويصعب على الخارج ان يحقق الاختراق الرئاسي المنشود ما لم تصل القوى السياسية في الداخل إلى اقتناع بضرورة الخروج من الاستعصاء الرئاسي، فهل وصلت إلى هذا الاقتناع؟ وهل البحث في الأسماء التوافقية بدأ يسلك طريقه؟ وهل تشكّل قمة «بغداد 2» بداية العد العكسي لإنهاء الشغور الرئاسي؟
مراوحة واستنزاف
في غضون ذلك، اعتبرت اوساط متابعة انّ البلاد دخلت في مرحلة من الجمود السياسي المكلف، مع الاقتراب من فترة الاعياد التي سيتلطى خلفها العجز الداخلي الصارخ عن انتخاب رئيس الجمهورية.
وقالت هذه الاوساط لـ»الجمهورية»، إنّ الايام الفاصلة عن نهاية السنة الحالية ستكون مرحلة استنزاف، حيث أنّ المراوحة في الاستحقاق الرئاسي تترافق مع ارتفاع مستمر في سعر الدولار الذي وصل إلى رقم قياسي جديد (44 الف ليرة)، ما يهدّد بتذويب كل الزيادات التي حصل عليها الموظفون والمتقاعدون.
واشارت الاوساط، إلى انّه «إذا كان مونديال قطر قد شغل اللبنانيين على امتداد شهر، فإنّهم سيعودون بدءاً من اليوم إلى مواجهة الواقع المزري، كما هو، وبلا مسكنات من نوع مباريات كأس العالم التي شكّلت نوعاً من الهروب الطوعي إلى الامام». ولفتت إلى انّه وإزاء الاستعصاء الداخلي في الملف الرئاسي فمن المتوقع ان يرتفع منسوب التأثير الخارجي في مجرياته مع مطلع السنة المقبلة.
مواقف
وفي المواقف التي شهدتها عطلة نهاية الاسبوع، دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد من بكركي «النواب ومن وراءهم» إلى الكف «عن هذه السلسلة من الاجتماعات الهزلية في المجلس النياني»، وتوجّه اليهم قائلاً: «لقد أرسلكم الشعب إلى البرلمان لتنتخبوا رئيساً لا لتحدثوا شغوراً رئاسياً. والله أعطاكم مناسبة تجلٍ لتنتخبوا رئيساً في المهلة الدستورية، فحولتموها زمن تخلٍ لا نعرف متى ينتهي». واضاف: «الشعب يريد رئيساً لا يخونه مع قريب أو بعيد ولا ينحاز إلى المحاور؛ رئيساً يطمئنه هو ويحمي الشرعية لتضبط جميع قوى الأمر الواقع؛ رئيساً يعمل مع مجلس وزراء جديد وفعّال وموحّد الكلمة فتعود الحياة الطبيعية إلى مؤسسات الدولة وإداراتها».
وكرّر الراعي دعوته «إنّ كل ما يجري على الصعيد الرئاسي والحكومي والنيابي والعسكري في الجنوب وعلى الحدود، وتآكل الدولة رأساً وجسماً، يؤكّد ضرورة تجديد دعوتنا إلى الحياد الإيجابي الناشط، وإلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، يعالج القضايا التي تعيد إليه ميزته وهويته، فلا يفقد ما بنيناه في مئة سنة من نظام وخصوصية وتعددية وحضارة وثقافة ديمقراطية وشراكة وطنية، جعلت منه «صاحب رسالة ونموذج في الشرق كما في الغرب». ودان «اغتيال» الجندي الإيرلندي الذي «استشهد برصاصة حقد إغتالته». وقال: «هذه الحادثة المأسوية التي تشوّه وجه لبنان، إنما تستوجب تحقيقاً شفافاً لبنانياً وأممياً يكشف الحقيقة ويجري العدالة. لقد حان الوقت، بل حان من زمان، لأن تضع الدولة يدها على كل سلاح متفلت وغير شرعي، وتطبّق القرار 1701 نصاً وروحاً لأنّ تطبيقه حتى الآن هو انتقائي واعتباطي ومقيّد بقرار قوى الأمر الواقع، فيما الدولة تعض على جرحها وعلى تقييد قدراتها لصالح غيرها».
محاسبة النواب
وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة في قداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس الذي تخلّله جناز لراحة نفس جبران تويني ورفيقيه: «سبع عشرة سنة مرّت على اغتيال الحبيب جبران، وما زال صـوته مدوياً، مذكّراً اللبنانيين بأن يبقوا موحّدين، دفاعاً عن لبنان العظيم». واستذكر عودة بعض ما قاله تويني من انّ «ما يريده الشعب هو إلغاء هؤلاء السياسيين الذين يومياً يبيعون الوطن من الخارج، في حين يبيعون الداخل مواقف كاذبة. إلى متى سنظل نقبل أن يحكمنا الفاشلون المفروضون علينا بالقوة لتشويه سمعة لبنان والإجهاز عليه؟». وقال: «ماذا كان جـبران ليقول في هذه الأيام القاتمة التي تمرّ على لبنان واللبنانيين، بسبب أشخاص يعملون من أجل منافعهم ومراكزهم، تقودهم أنانياتهم، ولا يرون في بلدهــم سوى قالب حلوى يتقاسمونه بدلاً من الاحتفال به مع أبناء الشعـب». وسأل: «هل نسـتسلم أمام من ينحرنا؟ هــل نترك اليأس يغزو نفوسنا؟ أم نشهر سـيف المطالبة بإصلاحات جذرية تضع حداً لكل فساد وتهاون وإساءة للبلد وأبنائه، وتقـتص من كل معتدٍ على الدسـتور وعلى القوانين وعلى المواطنين وحقوقهم، وتعاقب كل من يتطاول على سـيادة الدولة وأمنها؟»، مضيفاً: «نكرّم ذكرى جبران بالصمود، برفض الحقد والقهر والخنوع، ومحاسـبة النواب عـلى ممارساتهم العقيمة والمذلّة لمنتخبيهم، ونكرّر ما قلناه مراراً: نحن بحاجة إلى مسؤولين، وعلى رأسهم رئيس للبلاد، ذوي ضمير حي، يدركون عظم مسؤوليتهم ويحملون خطة إنقاذية إصلاحية واضحة تباشر في إعادة بناء الوطن الذي استشهد جبران وجميع الأحرار من أجله».
القطيعة السياسية
ولاحظ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في «أنّ البعض ينتظر كلمة السر من الخارج، وما يريده الشعب قيادات سياسية بلا سماعات خارجية». وقال: «مصالح الشعب ومصالح دولته هي الشرعية نفسها، وإنقاذ البلد من ورطة القطيعة السياسية أكبر ضرورة وطنية، والمصالح الوطنية موجودة على طاولات المجلس النيابي لمن يريد إنقاذ لبنان بعيداً من العراضات الدولية». ورأى انّ «المطلوب قامات وطنية وروحية لا تهدأ لتأمين رأي عام وطني إنقاذي، ومنطق «نحن أو لا أحد» لا يبني دولة، وهذا البلد تمّ تحريره ببحر من التضحيات ليعود سيداً حراً، والبديل انتداب واحتلال وبيع وشراء، وما نريده لبنان بمصالحه الوطنية وليس لبنان بالمصالح الأميركية».
فرض رئيس
وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن عزالدين: «إنّ الإستحقاق الرئاسي وما يدور في أروقة الهمس الخفيّ لا يمكننا أن نَركَن إليه، ونحن نقدّر باهتمام ومسؤولية أنّ إنتخاب الرئيس يشكّل إستحقاقاً وطنياً بامتياز يهمّ كلّ اللبنانيين، باعتباره رمز الوحدة الوطنية»، واضاف: «بعد تجربة الجلسات العشر من دون أن يتمكّن النواب من انتخاب رئيس للبلاد، آن الآوان لجميع القوى السياسية ولجميع مكونات المجلس النيابي، التي هي حصراً من تنتخب رئيس الجمهورية، بأن تتواضع في سقوفها وأهدافها، وأن تغادر بعض الوقت أحلامها وأوهامها وتعمل بجديّة ومسؤولية، لأنّ من يراهن على أن يُفرَض رئيس جمهورية من الخارج فهو واهم ويحلم». وختم عز الدين: «الجديّة والمسؤوليّة تبدأ بالحوار والتلاقي ومن ثمّ التفهّم لبعضنا البعض والتفاهم على رئيسٍ للجمهورية يملك الشجاعة والحكمة ومعرفة الاستفادة من قوة المقاومة وقدرتها لأجل المصالح الوطنية العليا، وخصوصاً أننا في واقعٍ سيئ والأمل سيكون في استخراج النفط وسيشكّل بارقة الأمل أمام اللبنانيين وأقصر الطرق لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية التي نعيشها».
معلومات كاذبة
وعشية قمة «بغداد 2» المقرّر عقدها غداً في الاردن في حضور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (الموجود قي قطر) ورؤساء الدول المجاورة للعراق وعدد من رؤساء حكوماتهم، تردّدت معلومات انتشرت في بيروت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انّ «بوادر انقلاب في الأردن قد بدأت بعدما التهمت الحرائق الدوائر الحكومية والشوارع الاردنية، وانّ الحكومة تستنفر قواها العسكرية والأمنية، معززة بالمدرعات والدبابات، لمحاولة السيطرة على الأوضاع». وفي المعلومات التي انتشرت «انّ مدناً اردنية قد سقطت، وأنّ الأمور بدأت تخرج عن السيطرة في محاولة لإسقاط النظام هناك».
وفي تعليق له، أوضح وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب لـ «الجمهورية»، انّ «لبنان لم يتبلّغ اي معلومات عن تحرّكات من هذا النوع لا في العاصمة الاردنية ولا في اي من مدن المملكة التي تستعد لاستقبال «قمة بغداد 2» غداً».
إضراب التعليم المهني
من جهة ثانية، ومع بداية الأسبوع الأخير من التعليم الرسمي قبل الدخول في عطلتي الميلاد ورأس السنة، دعت رابطة أساتذة التعليم المهني المدرّسين إلى التزام الإضراب اليوم وغدًا «طالما انّ رواتبنا لم تعد تكفي تغطية كلفة الإنتقال إلى مراكز عملنا»، كما قالت الدعوة.