كتبت صحيفة “النهار” تقول: مع ان الساعات الثماني والأربعين المقبلة ستكون كفيلة ببت الاتجاه المتصل بطرح رئيس مجلس النواب نبيه بري تحويل الجلسة العاشرة لمجلس النواب الخميس المقبل الى جلسة تشاور وحوار بين رؤساء الكتل النيابية او عقد الجلسة الانتخابية “العادية”، يبدو ان ثمة ملامح مرونة متسعة نيابياً لتمرير هذه الجولة الحوارية ولو انه يصعب الرهان سلفا على نتائج واضحة لها. ولم تستكمل بعد الأجوبة التي ينتظرها رئيس المجلس في الساعات المقبلة ليحدد الاتجاه التالي، ولكن المناخ العام الذي يسود حيال الطرح الحواري لم يظهر تحفظات ترقى الى مستوى الرفض كما حصل في المرة السابقة حين أجمعت الكتل المسيحية الكبيرة على التحفظ او الرفض او وضع الشروط التي لا يغدو معها الحوار البديل المنفصل عن الجلسات الانتخابية. وتشير المعطيات الى ان المواقف النهائية الرسمية للكتل من الطرح الحواري ستتبلور اليوم وغدا، فاذا لم يكن هناك مواقف رافضة للطرح بالمطلق، فان بري سيسير في الاعداد لدعوة رؤساء الكتل النيابية الى جلسة حوارية الخميس حول بند واحد وحيد هو الاستحقاق الانتخابي الرئاسي. اما اذا برزت في الساعات المقبلة مجددا معالم رفض يمكن الا تكتمل معه معالم الحضور الجامع للكتل والنواب المستقلين، فان الإطاحة بالعرض الحواري سيكون واردا بما سيبقي موعد الخميس المقبل مخصصا للجلسة الانتخابية العاشرة والتي ستكون الأخيرة هذه السنة قبل عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة .
يشار في هذا السياق الى ان “القوات اللبنانية” التي كانت اشترطت ان تكون أي جلسة حوارية من ضمن جلسات متواصلة انتخابية للمجلس لا زالت على هذا الشرط، ولكن النائب غسان حاصباني اعلن امس ان “لا مشكلة لدى “القوات” في المشاركة بالحوار” الذي دعا إليه بري، بعد جلسة الانتخاب. وسأل حاصباني “ما الهدف من الحوار إذا كان لطرح المواصفات من كلّ طرف؟ هناك من يريد رئيساً سيادياً إصلاحياً وفريق يريد رئيساً يحمي “المقاومة” ولا يطعنها بظهرها”. ورأى أنّ الحركة التي يقوم بها النائب جبران باسيل هي في إطار رفع سقف المفاوضات ولا سيما مع حليفه “حزب الله” وهو ذهب إلى بكركي لإنقاذ شخصه واستنهاض العصب المسيحي ليتلطّى خلفه. وأشار إلى أنّ محاولات التلطي وراء الغطاء المسيحي واللجوء إلى بكركي كلّما دعت الحاجة هدفها واحد هو الوصول إلى رئاسة الجمهورية، مضيفًا: “هذا معيب للطائفة المسيحية ولكلّ الطوائف”.
كما ان النائب تيمور جنبلاط اعلن ترحيبه بدعوة بري للحوار مضيفا: “لطالما كنا ولا نزال من دعاة تسريع الحوار، وبعد الوصول الى المأزق وحالة الجمود والتعطيل للاستحقاق الرئاسي، فإنه لا مفر من الاتفاق على شخصية قادرة على تطبيق الدستور والالتزام باتفاق الطائف ومواجهة التحديّات المقبلة من خلال برنامج اصلاحي واضح، والحوار أيضا يجب أن يضمن انتظام المؤسسات لكي تعمل للتخفيف عن كاهل المواطن مما يعانيه في لقمة عيشه ومقوّمات صموده الاقتصادي والاجتماعي والاستشفائي وازماته المتفاقمة”.
بن سلمان وميقاتي
اما التطور الاخر الذي برز على المشهد الداخلي – العربي فكان في الرياض حيث استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان السبت الماضي رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في اطار مشاركته في القمة العربية الصينية. واتخذ هذا اللقاء دلالات بارزة ان لجهة كونه المرة الأولى التي يخص بها بن سلمان ميقاتي بهذا الاجتماع الرسمي او لجهة ما سيتركه من تأثيرات وايحاءات داخلية وسط تصاعد الحملة الحادة التي يتولاها “التيار الوطني الحر” على رئيس الحكومة علما انه من المقرر ان يزور ميقاتي بكركي قبل ظهر اليوم.
وعكس اللقاء ملامح انفتاح سعودي على رفع مستوى الاهتمام بالملف اللبناني . ونقلت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين في هذا السياق عن مسؤول فرنسي رفيع ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تمنى على ولي العهد السعودي استقبال الرئيس ميقاتي خلال وجوده في الرياض وتناول التطورات في لبنان معه وحضه على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة دوليا.
ولكن مصادر حكومية قالت ان اللقاء كان نتيجة اتصالات سابقة أجريت بين ميقاتي والرياض وأوضحت أن اللقاء استمرّ لأكثر من نصف ساعة وكان جيّداً، وكان ثمرة اتصالات مكثفة بدأت منذ فترة. وأشارت المصادر الى أن اللقاء طوى الصفحة القديمة وفتح صفحة جديدة بين ميقاتي والسعودية . وعما إذا كانت ستكون هناك مساعدات مالية من السعودية للبنان، قالت المصادر إنه من المبكر الكلام على هذا الموضوع وان الأهم بالنسبة الى ميقاتي بموازاة انتخاب رئيس للجمهورية العمل على المساعدات المالية للبنان من أجل تحسين وضعه الاقتصادي.
اما في المعلومات الرسمية عن اللقاء فافادت وكالة الانباء السعودية انه “جرى خلال الاستقبال استعراض أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين. وقد عبر رئيس الوزراء اللبناني عن الشكر والتقدير الدائم لمواقف المملكة التاريخية تجاه لبنان والدور الأساسي للمملكة في إرساء المصالحة اللبنانية وتكريس مرحلة السلام بعد إقرار وثيقة الوفاق الوطني في مؤتمر الطائف. كما أكد التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ كل الخطوات التي تمنع الإساءة إلى المملكة العربية السعودية وكل الدول العربية لا سيما منها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وتم التأكيد خلال الاستقبال على أهمية انتخاب رئيس للبنان وتنفيذ الإصلاحات التي يتطلع لها الشعب اللبناني والمجتمع الدولي.
وأكد ولي العهد حرص المملكة على أمن لبنان واستقراره، وعلى استمرار الدعم الإنساني الذي تقدمه المملكة وفرنسا للشعب اللبناني الشقيق”.
الراعي والتدويل
وفي غضون ذلك برزت عودة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى المطالبة المركزة بتدويل الازمة اللبنانية انطلاقا من سؤاله “هل يوجد قرار متخذ عن سابق تصور وتصميم لهدم لبنان القائم، والبناء على أطلاله مسودة دولة لا تنتمي إلى شعبها ولا إلى تاريخها ولا إلى محيطها؟ “. وقال في عظته امس:
“كيف يحكم النواب على ذواتهم وهم يجتمعون تسع مرات ولا ينتخبون رئيسا للجمهورية؟ هذا يعني أنهم لا يريدون انتخاب رئيس، أو ليسوا أهلا لانتخاب رئيس، وبالتالي يطعنون بوجود الجمهورية اللبنانية … أليست جلسات المجلس النيابي، كما هي قائمة، لإيهام الشعب والعالم بأنهم يجتمعون لإنتخاب الرئيس، وهم يخدعون ويموهون؟. من هنا ضرورة التوجه إلى الأمم المتحدة ودول القرار لإنقاذ لبنان قبل فوات الأوان. لا مناص من تدويل القضية اللبنانية بعد فشل كل الحلول الداخلية. واللافت أن الذين يفشلون الحلول الداخلية هم أولئك الذين يرفضون التدويل. وحين يتم تعطيل الحل الداخلي ويرفض التدويل يعني أن هؤلاء الأطراف لا يريدون أي حل للوضع اللبناني. إما يكون لبنان كما يريدون أو لا يكون. لكن يجب أن يعلم الجميع أن لبنان سيكون كما يريده جميع أبنائه المخلصين”.