ترأس وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى الوفد اللبناني الرسمي المشارك في “مؤتمر وزراء الثقافة المسؤولون عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي” الذي تنظمه المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم الالكسو في الرياض بالتعاون مع وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية.
والقى الوزير المرتضى كلمة لبنان في الجلسة الافتتاحية ، استهلها قائلا:”صاحب السمو، أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاتُه، يقول الله تعالى في محكم التنزيل، بسم الله الرحمن الرحيم: “… سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَٰنًا…” صدق الله العظيم. من وحي هذه الدعوة الإلهية للتعاضد والتآزر، تجمعنا اليوم من مشرق العرب ومغربهم، أرض الحرمين الشريفين التي تباركت أرجاؤها بنزول الوحي فيها على الرسول الأكرم، فكانت بذلك مهدا ومنطلقا لرسالة الإسلام الذي ضاء منها على العالم أجمعْ، وستبقى شعلته وهاجة بإذن الله لا يخمد نورها حتى ينطفئ الزمان.”
وقال:”نجتمع حول عنوان الثقافة والمستقبل الأخضر، ولبنان معني بقوة بهذا العنوان لأنه الأخضر على الدوام، المعروف بإسهاماته الفعالة في مسيرة الثقافة العربية والأممية، وتعلقه الدائم بقوة الأمل وقوة العمل على حماية خيره وصناعة مستقبله. وهو ما زال يحتضن إلى اليومِ حراكا ثقافيا لا يهدأُ، على الرغم من الأحوال الأليمة التي يمر بها، عسى غيومها تنجلي قريبا، بإنتخاب رئيسٍ للجمهورية، وبتطبيق كامل لإتفاق الطائف، وهو الإتفاق الذي تم في العام 1989 برعاية مشكورة من المملكة العربية السعودية وارتضاه اللبنانيون ليكون الناظم لحياتهم الوطنية”.
أضاف :”أيها الأعزاء، لبنان كان صاحب الدور الأبهى والأفعل بين اشقائه، اذ كان مدرستهم وجامعتهم ومشفاهم ودار نشرهم ومؤئل فكرهم ومطبعتهم وقبلتهم الثقافية وملاذ ابنائهم اذا ادلهمت أوضاعهم السياسية ومصرفهم ومتنفسهم وارض نزهتهم في كل الفصول. ذلك أيها الأحبة كان في زمن جميل مضى، أما اليوم فشقيقكم الأصغر، متروك ليعاني وحيدا أدهى المرارات، على الرغم من أنه حمل عن الأمة جمعاء الأحمال الجسام؛ فهو الذي حمل هم القضية الفلسطينية، ثم واجه تلك القوة الشيطانية العتية التي زرعتها يد الشر في منطقتنا، التي استهدفت لبنان بعدوانها طمعا في ارضه وثرواته ولكونه النقيض لها بتنوعه وانفتاحه، لكننا تعملقنا وخرجنا الى رحاب فجرِ أن قوة لبنان في إقتداره ووحدة ابنائه ومقاومتهم فأجهضنا مساع اسرائيل ودحرناها مرة بعد مرة ثم منعناها مؤخرا من نهب جزء من ثروتنا النفطية. كما دحرنا وحش الإرهاب التكفيري ونجحنا في كل امتحانات العزة”.
وتابع: “سوف نستمر صامدين ثابتين، وكلنا رجاء ألا نبقى متروكين، ونعول على أن الذي بيننا وبين اشقائنا العرب لمختلف جِدا (على قاعدة المقنّع الكندي) متطلعين من ثمَ إلى دعمهم لبنان ليبقى وفيا لدوره منارة للإشعاع الثقافي ولمعنى وجوده المتمثل في التنوع ضمن الوحدة والعيش الواحد مسلمين ومسيحيين، كما نتطلع أيضاً الى أن يكون مبدأ التضامن والتعاون هو السائد بين جميع الأقطار العربية، وهذا يحتم مما يحتم أن تكون الشقيقة سوريا حاضرة بيننا في مؤتمرنا المقبل بإذن الله “.
ولفت إلى أن “الثقافة في أمتنا تبقى منقوصة ومنتقصة من دون سوريا، سوريا الموروث والتاريخ والموقع والدور، التي تمثّل الممر الإلزامي لتحقيق التعاون العربي وعنصرا إيجابيا فيه لا سيما ثقافيا”.
تابع: “نتطلع كذلك الى ألا ننسى فلسطين، فلسطين المستولية على أحلامنا مذ كنا صغارا، المتسللة إلينا من بين المواجع، التي أدمنت حضورا في العقل والقلب والوجدان، فوجب من ثم أن تتناولها كل حلقة من حلقاتٍ اللقاء الثقافي العربي لأنها هي المطهر، ولأن المسؤولية تفرض علينا أن نحفظ قضيتها مشتعلة وحية حتى إحقاق الحقّ برفع الظلم واجتثاث الغصب.”
كما دعا المرتضى وزراء الثقافة العرب للتعاون من أجل الاجيال الشابة وقال :”بالعودة إلى المؤتمر عنوانا وأعمالا، علينا كوزارات معنية بالثقافة أن نضع لبلداننا الخطط والبرامج والمشاريع التي تمكن أجيالنا من اكتناه تراثهم الزاخر، وتدربهم على فهمه والبناء عليه وتطويره، فإن مثل المستقبل كمثل الشجرة، لا يصير أخضر إلا إذا امتدت جذوره عميقة في تراب أيامه الماضية، كما علينا أيضا الاستفادة من معطيات الحداثة الرقمية وهذا يستدعي تعاوننا لإنتاج محتوى رقميٍ عربي كأساس لبلورة هويتِنا الثقافية المتميزة.”
وختم:”في الختام أنقل اليكم تحيات دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وأُعلن التزامنا تنفيذ توصيات هذا المؤتمر وأوجه التهنئة لوزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية ولخبرائها على جودة اعداد ورقة مؤتمرنا المفاهمية، كما أُسجّل الشكر والتقدير للجهود العالية والمميزة للقيمين على استضافة هذا المؤتمر لا سيما لوزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان على حسن الوفادة والاستقبال والتنظيم، ولا غرو، فهذا أيضا جزء ثمين من ثقافتنا العربية. فقنا الله جميعا لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”