Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

عودة: الأجــدى الاســتــعــجــال فــي انــتــخـاب رئــيـس وإعــادة إنــتــظــام عــمــل الــمــؤســســات عــوض عــقــد جــلــســة لــحــكــومـــة تــصــريــف الاعــمــال

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، القداس الالهي في مطرانية القديس جاورجيوس – بيروت، في حضور عدد كبير من المؤمنين.

وبعد الانجيل المقدس ألقى عودة عظة قال فيها: “تــعــيـــد كــنــيــســتــنـــا الــمــقـــدســـة الــيـــوم لــقـــديــســيـــن أنــطـــاكــيــيـــن هــمـــا الــشــهــيـــدة بـــربـــارة الــبــعــلــبــكــيـــة، والــبـــار يـــوحــنـــا الـــدمــشــقـــي. الــمــعـــروف عـــن الــعــظــيــمـــة فـــي الــشــهــيـــدات بـــربـــارة أنــهـــا كـــانـــت ابــنـــة رجـــل مــتــعــصـــب لـــوثــنــيــتـــه، فـــائـــق الــغــنـــى. كـــانـــت جــمــيــلـــة جـــدا، فــخـــاف عــلــيــهـــا أبـــوهـــا مـــن الـــرجـــال، وأقــفـــل عــلــيــهـــا فـــي قــصـــره وأمـــن لــهـــا كـــل مـــا تــحــتـــاجـــه. فـــي عـــزلــتــهـــا، تــحـــرك قــلـــب بـــربـــارة إلـــى الــتـــأمـــل فـــي الــخــلــيــقـــة، حــتـــى بــلــغـــت الــخـــالـــق وأدركـــت ضـــلال الأصــنـــام وكـــذبــهـــا. بــتـــدبــيـــر إلــهـــي، إلــتــقـــت مـــن بــشـــرهـــا بـــالــمــســيـــح، فـــآمــنـــت ونـــذرت الــبــتـــولــيـــة، كـــي لا تــتــلــهـــى عـــن الـــرب بـــأي عـــريـــس أرضـــي، ولــكـــي لا تــفـــرض عــلــيــهـــا الـــوثــنــيـــة تــحـــت غــطـــاء الـــزواج. عــنـــدمـــا اكــتــشـــف أبـــوهـــا أنــهـــا أصــبــحـــت مــســيــحــيـــة ثـــار وأســلــمــهـــا بــيـــده إلـــى الــحـــاكـــم”.

أضاف: “حـــاول الــحـــاكـــم اســتــمـــالـــة بـــربـــارة إلـــى الـــوثــنــيـــة بـــالــلــيـــن أولا، فــلـــم يــنـــجـــح. بــعـــد ذلـــك لــجـــأ إلـــى الـتــهـــديـــد والـــوعــيـــد، فــلـــم يــتـــزعـــزع رأيــهـــا، فـــأســلــمــهـــا إلـــى عـــذابـــات مـــرة مـــن جــلـــد وتــمـــزيـــق بـــالــحـــديـــد وســجـــن، ثـــم إلـــى الــمـــوت. هــنـــا امــتـــلأ والـــدهـــا غــضـبـا، وطـــلـــب أن يــكـــون هـــو نــفــســـه جـــلادهـــا، فــقــطـــع رأس ابــنــتـــه. أمـــا الــقـــديـــس الــبـــار يـــوحــنـــا الـــدمــشــقـــي، فــكـــان إنــســـانـــا واســـع الــثــقـــافـــة ومــتــبــحـــرا فــي الــعــلـــوم، وقــد شــغـــل مــنــصــبـــا إداريـــا رفــيــعـــا فـــي الـــدولـــة الأمـــويـــة إذ بــعــد وفــاة والــده تــســلــم عــنــه، لــمـــدة مـــن الـــزمـــن، إدارة بــيــت مــال الــدولــة، إلـــى أن هــبـــت ريـــاح الــتــغــيــيـــر فـــأخـــذ الــحــكـــام يــضــيــقـــون عــلـــى الــمــســيــحــيــيـــن، ثـــم صـــدر قـــانـــون حــظـــر فــيـــه عــلـــى أي مــســيــحـــي أن يــتــســلـــم وظــيــفـــة رفــيــعـــة فـــي الـــدولـــة مـــا لـــم يــغــيـــر ديــنـــه. تــمــســـك يـــوحــنـــا بـــإيــمـــانـــه وتــخــلـــى عـــن مــكـــانــتـــه، ثـــم انــصـــرف مـــن الــعـــالـــم إلـــى الــحــيـــاة الـــرهــبـــانــيـــة فـــي ديـــر الــقـــديـــس ســـابـــا الــقـــريـــب مـــن أورشــلــيـــم، وتــعــمـــق فـــي دراســة الــعــلــوم الـــلاهــوتــيــة. قــبـــل ذهـــابـــه إلـــى الـــديـــر، انـــدلــعـــت فـــي الإمــبـــراطـــوريـــة الــبــيـــزنــطــيـــة، حـــرب الأيــقـــونـــات، وبـــدأت حــمــلـــة واســعـــة لــتــحــطــيــمــهـــا وإزالـــة مــعـــالــمــهـــا وبـــث مـــوقـــف لاهـــوتـــي رافـــض لــهـــا. إجــتــهـــد الإمــبـــراطـــور فـــي إســكـــات الأســـاقــفـــة، فــخــفــتـــت الأصـــوات الــمــعـــارضـــة الــمــتــمــســكـــة بـــالأيــقـــونـــات. لــكـــن الــقـــديـــس يـــوحــنـــا هـــب مـــدافــعـــا، فــكــتـــب عـــدة رســـائـــل حـــاثـــا عــلـــى الــمــجـــاهـــرة بــهـــرطــقـــة الإمــبـــراطـــور. حـــاول الــمــلـــك لاون خــنـــق صـــوت الـــدمــشــقـــي، فـــاســتـــدعـــى أمــهـــر الــخــطـــاطــيـــن وطــلـــب مــنــهـــم نــســـخ رســـالـــة مـــزورة نــســبـــت لــيـــوحــنـــا، تــتــضــمـــن كـــلامـــا ضـــد الــخــلــيــفـــة، الـــذي ثـــار عــنـــدمـــا اطــلـــع عــلــيــهـــا، وأرســـل فـــي طــلـــب يـــوحــنـــا وواجــهـــه، فـــدافـــع الــقـــديـــس عـــن نــفــســـه بـــلا جـــدوى، لأن الــخــلــيــفـــة أمـــر بــقــطـــع يـــده الــيــمــنـــى وتــعــلــيــقــهـــا فـــي ســـاحـــة الــمـــديــنـــة. إســتـــرد يـــوحــنـــا يـــده الـــمــقـــطـــوعـــة فـــأخـــذهـــا إلـــى بــيــتـــه وارتــمـــى أمـــام أيــقـــونـــة والـــدة الإلـــه، وصــلـــى بـــاكــيـــا. فــيــمـــا هـــو يــصــلـــي غــفـــا، فــتـــراءت لـــه والـــدة الإلـــه فـــي الــحــلـــم وأعـــادت لـــه يـــده إلـــى مــكـــانــهـــا”.

وتابع: “ذاع صــيـــت يـــوحــنـــا كــنـــاســـك بـــار مــطــيـــع، وكــكـــاهـــن قـــديـــس، وكــمــعــلـــم وواعـــظ تــجـــري مـــن فــمـــه الــتــعـــالــيـــم كـــالـــذهـــب الـــذي يــغــنـــي الــكــثــيـــريـــن. كــان مــن أبــرز مــعــلــمـي الــكــنــيــســة الـذيـن أغــنـوهـا بـالـمـــؤلــفـــات فـــي الـعــقـــائـــد والـدفـــاع عــن الإيــمــان الـــقـــويــم ضـــد الــهـــراطــقـــة الــمــنــتــشـــريـــن فـــي زمـــانـــه، كــمـــا كــانــت لـــه الــيـــد الــطـــولـــى فـــي نــظـــم الــتــســـابــيـــح والــقـــوانــيـــن الــلــيــتـــورجــيـــة، وفـــي وضـــع الألــحـــان الــكــنــســيـــة ونــظـــام مـــوســيــقـــاهـــا. بــعـــدمـــا أمــضـــى الــقـــديــــس يـــوحــنـــا ثـــلاثــيـــن ســنـــة فـــي الـــديـــر، رقـــد بــســـلام فـــي الـــرب، شــيــخـــا جــلــيـــلا غــنــيـــا بـــالــصـــالــحـــات”.

وقال عودة: “أمـــام مــثــلــيـــن كــبــيــريــن مـــن الــقـــديــســيـــن، لا بـــد لــنـــا مـــن أن نــســـأل أنــفــســنـــا عـــن الــطـــريـــق الــتــي نــســلــكــهـــا نــحـــو الــقـــداســـة، هـــل مـــا زالـــت فـــي بـــدايــتــهـــا، أم إنــنـــا نــتــقـــدم فــيــهـــا، أو نــتـــوقـــف عــنـــد كـــل صــعـــوبـــة أو خــطــيــئـــة تـــواجــهــنـــا، فــنــيـــأس ونــتــعــلـــل بــعــلـــل الــخــطـــايـــا، مـــا يــجــعــلــنـــا نــتــقــهــقــر ونــعـــود إلــى نــقــطـــة الــبــدايــة. الــقـــداســـة لــيــســـت بــســتـــانـــا مــفـــروشـــا بـــالأزهـــار، بـــل جــهـــاد شـــاق مــمــلــوء بـــالأشـــواك والــمــخـــاطـــر والــكــمـــائـــن الــتـــي يــنــصــبــهـــا لــنـــا الــشـــريـــر عـــدو الــصـــالــحـــات. لـــم يــصـــل أي قـــديـــس إلـــى الــتـــألـــه مـــن دون كـــد وجــهـــاد روحـــي مــضـــن، (لأن مــلــكـــوت الــســمـــاوات يــغــصـــب، والــغـــاصــبـــون يــخــتــطــفـــونـــه) (مـــت 11: 12). الــقـــديــســـة بـــربـــارة، الــفـــائــقـــة الــغــنـــى والــجــمـــال، أدركـــت أن الــحــيـــاة مـــع الله هـــي الــغــنـــى الــحــقــيــقـــي، وطــبــقـــت قـــول الــســيـــد: (مـــن أحـــب أبـــا أو أمـــا أكــثـــر مــنـــي فـــلا يــســتــحــقــنـــي) (مـــت 10: 37)، كــمـــا عـــاشـــت قـــول الـــرســـول بـــولـــس: (إن عــشــنـــا فــلــلـــرب نــعــيـــش، وإن مــتــنـــا فــلــلـــرب نــمـــوت. فـــإن عــشــنـــا وإن مــتــنـــا فــلــلـــرب نــحـــن) (رو 14: 8). كـــذلـــك فــعـــل الــقـــديـــس يـــوحــنـــا الـــدمــشــقـــي الـــذي تـــرك الــمــنـــاصـــب والــغــنـــى والــعــلـــوم والــعـــالـــم بـــأســـــره، والــتــصـــق بـــالـــرب كــنـــاســـك مــتـــواضـــع مــطــيـــع، فـــأغــنـــى بـيــعـــة الـــرب بــمـــا يـفـــوق الـــذهـــب والــفــضـــة”.

وأردف: “نـــأســـف فـــي أيـــامــنـــا لـــرؤيـــة بــشـــر يــتــمــســكـــون بـــالــمــنــصـــب والــكـــرســـي والأمـــوال مــهــمــلــيـــن الــحــيـــاة مـــع الـــرب. نــحـــزن لأنــنــا نــشـــاهـــد الــمـادة وقــد أصــبــحـــت أهـــم مـــن الــبــشـــر الــمــخــلـــوقــيـــن عــلـــى الــصـــورة والــمــثـــال الإلــهــيــيـــن. هـــل يــعــي الإنــســان أنـــه عــنــد الــمــوت يــتــرك كــل مــا جــمــعـــه مــن مــال وألــقــاب ويــمــضــي عــاريــا مــن كــل شــيء إلا الــصــفــات الــحــســنــة والأعــمــال الــصــالــحــة، لــذلــك نــدعــو أن يــكــون ذكــره مــؤبــدا. نــعــم الله تــغــمــرنــا ونــحــن عــنــهــا غــافــلــون. والــشــتــاء نــعــمــة إلا فــي لــبــنــان. فــعــنــد كــل هــطــول مــطــر تــغــرق الــشــوارع وتــتــلــف الــمــمــتــلــكــات وكــأن الـمــســؤولــيــن فــي ســبــات عــمــيــق لا يــســتــفــيــقــون مــنــه إلا عــنــد حــصــول الــكــارثــة، وعــوض الــعــمــل عــلــى تــلافــيــهــا يــتــقــاذفــون الــتــهــم والــمــســؤولــيــة. الــتــعــاون بــيــن الــوزارات والإدارات مــفــقــود والــمــحــاســبــة غــائــبــة وكــأن أرواح الــنــاس ومــمــتــلــكــاتــهــم رزق ســائــب لا قــيــمــة لــه”.

وأضاف: “لــم نــنــس بــعــد تــفــجــيــر الــمــرفــأ والــكــارثــة الــتــي حــلــت بــنــصــف الــعــاصــمــة الــتــي مــا زال مــعــظــم ســكــانــهــا يــنــتــظــرون مــن يــقــضــي بــالــعــدل ويــفــرض الــعــدالــة ويــنــصــف ضــحــايــاهــم ويــعــوض عــلــيــهــم بــعــضــا مــن خــســارتــهــم. ولــن نــكــرر الــحــديـث عــن مــأســاة الــمــودعــيــن الــذيــن لا يــعــرفــون مــصــيــر أمـوالــهــم فـي الــمــصـارف، ومــشــكــلــة الــكــهــربــاء الــتــي لــم يــجــدوا لــهــا حــلا بــعــد، والـطـرقـات وغــيــرهــا مــمـا يــعــانــي مــنــه الــمــواطــنــون”.

وسأل: “كــيــف يــدار بــلــد بــلا رأس؟ وكــيــف تــعــالــج شــؤون الــنــاس ويــنــتــظــم عــمــل الــمــؤســســات الــدســتــوريــة وإدارات الــدولــة فــي غــيــاب رئــيــس وحــكــومــة؟ ومــا زلــنــا نــشــهــد كــل خــمــيــس جــلــســة تــفــتــقــر إلــى الــجــديــة والــشــعــور بــعــظــم الــمــســؤولــيــة، وكــأن بــعــض نـــواب الأمــة اســتــقــال مــن واجــبــه الـــوطــنــي ونــكــث بــعــهــده لــنــاخــبــيــه، ولا يــرى حــرجــا فــي عــدم الإقــتــراع لإســم يــراه صــالــحــا لــتــبــؤ مــركــز الــرئــاســة، ويــفــضــل الــورقــة الــبــيــضــاء وتــعــطــيــل الــجــلــســة، وكــأنــهــم يــفــضــلـون إغـــراق الــســفــيــنـــة بــمـــن فــيــهـــا عـــوضـــا عـــن أن يــكـــونـــوا مـــرســـاة وبــحـــارة مـــاهـــريـــن ومــيــنـــاء لــخـــلاص الــمـــواطــنــيـــن ونــجـــاتــهـــم مـــن الــغـــرق. وعــوض عــقــد جــلــســة لــحــكــومـــة تــصــريــف أعــمــال، ومــع ضــرورة مــعــالــجــة الأمــور الــضــروريــة، ألــيــس الأجــدى الاســتــعــجــال فــي انــتــخـاب رئــيـس وإعــادة إنــتــظــام عــمــل الــمــؤســســات وتــســيــيــر شــؤون الــنــاس؟ لا أحـــد مــنــهــم مــســتــعـــد لــلــتــضــحـــيــة بــمــصـالــحــه وارتــبـاطــاتـه فـــي ســبــيـــل إنــقــاذ الـــوطـــن. ولا نــنــســى طــبــعــا مــســؤولــيــة الــمــواطــنــيــن فــي الــمــحــاســبــة أولا وفــي الــتــصــرف بــمــســؤولــيــة أيــضــا، لأنــهــم إن لــم يــحــافــظــوا عــلــى بـيــئـتـهــم وغـابــاتــهــم وشــوارعــهــم والـمــمـتــلــكــات الــعــامــة كــأســلاك الـكـهـربـاء مـثـلا فــلــن يــجــدوا مــن يــحــافــظ عــلــيــهــا”.

وختم عودة: “دعـــوتــنـــا الــيـــوم أن نــســعـــى إلـــى الــقـــداســـة، غــيـــر خـــائــفــيـــن مــمـــا قـــد يــســبــبـــه لــنـــا الــشـــريـــر مـــن عــثـــرات ومــطــبـــات. عــلــيــنـــا أن نــكـــون جـــريــئــيـــن فـــي إيــمـــانــنـــا، ثـــابــتــيـــن عــلــى صــخـــرة الــمــســيـــح، حـــافــظــيـــن لــلــتــقــلــيـــد الــشـــريـــف ومــحـــافــظــيـــن عــلـــى أنــفــســنـــا مــمـــن قـــد يــســعـــون إلـــى جـــرهـــا نــحـــو الــخــطــيــئـــة. ألا بـــارك الـــرب حــيـــاتــكـــم، وقـــدســكـــم، ومــنــحــكـــم نــعــمـــه الــتـــي لا تــحــصـــى، آمــيـــن”.