عقدت “الجبهة المسيحية” مؤتمرها الأول اليوم، في فندق بادوفا -سن الفيل، تحت عنوان: “مسيحيو الشرق بين الانقراض واستعادة الدور”، بحضور أحزاب وتنظيمات وأكاديميين من كل المذاهب والقوميات من لبنان ومصر والعراق وسوريا وتركيا وأوروبا وأميركا.
بداية، ترحيب من الاعلامية رانيا زهرا شربل التي أكدت “اننا كنا نتمنى أن نكون مجتمعين اليوم لنتناقش بحلول تمت وبأحلام تحققت وبرسالة وصلت وبأوطان ما اندثرت انما تعيش على امتدد شرقنا بطمأنينة وسلام واستقرار، وكنا أيضا نتمنى أن تكون شعوبنا موحدة”، وقالت: “أتعتقدون أنهم لم يتعبوا بعد من تهميشنا وتدمير حضارتنا ومبادئنا؟ منهجهم التدمير وتفكيك الدول وتعطيل المؤسسات وانتهاك سيادة الاوطان، لهذا نحن هنا، لنقرر مصيرنا بيدنا لانه لا وطن ولا مجتمع ولا هوية وطنية مع احتلالات كل يوم بلون. نحن هنا لنؤكّد للعالم اجمع اننا كمسيحيين تواقون للحرية ولدينا الفرصة اليوم لنبقى ونستمرّ بترسيخ قواعدنا الكيانية لشرق جديد”.
ثمّ ألقى عضو مجلس قيادة الجبهة الدكتور عماد شمعون كلمة قال فيها: “اننا اليوم نَجتَمِعُ تلبيةً لنِداءِ ناقوسِ خَطَرٍ دقَّتْهُ الجَبهةُ المَسيحِيّةُ في لبنانَ ليُنذِرَنا بِأَنَّ ما باتَ يَتَهَدَّدُنا في وجودِنا القَوميِّ والمسيحيِّ قد فاقَ كلَّ احتمالٍ ومعقول. إننا نَحنُ أهلُ الأرضِ، وَسِوَانا هُمُ الضيوفُ إِن جاؤوا بلادَنا مُسالِمينَ، وَهُمُ الغُزاةُ إن جاؤوها مُحارِبينَ. ان الشعبُ الحَيُّ الذي يَلتَئِمُ ليتدارَسَ أَوضاعَهُ، يَستَحِقُّ الحياةَ لا مَحالَةَ، تمامًا كَما نَحْنُ عَلَيهِ فاعِلونَ”.
وعدد شمعون المطالب، وأكد أن “في السُلطَةِ الحكوميّةِ التي نريد، عملًا بمقاصِدِ ميثاقِ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ ومبادِئِه، لجميعِ الشعوبِ حقَّ تقريرِ مصيرِها وهذا مبدأُ في جَوهَرِ اتفاقيّةِ فرساي التي وُقِّعَت بعدَ الحربِ العالميّةِ الأولَى. حَقُّ تقريرِ المصيرِ، هو مُصطَلَحٌ في القانونِ الدَّوْليّ، يَعني منحَ الشعبِ أو السُكانِ المَحَلِيّينَ إمكانيةَ أن يُقَرِّروا شَكلَ السُلطَةِ التي يريدونَها وطريقةَ تحقيقِها. والسُلْطَةُ التي نُريدُ هي السُلطَةُ الاتحاديّةُ الفِدراليّةُ”.
وقال: “نحنُ مَسيحِيّي هذا الشرقِ نريدُ أن نعيشَ في أوطانٍ لنا، لا تتنَكَّرُ لتعدُّدِيَّةِ مُجتَمَعاتِها، أوطانٌ تَتَّخِذُ مِن تَنَكُّرِها غطاءً لِطَمسِ حقوقِنا المشروعةِ اجتماعيًّا، ثقافيًّا، قوميًّا ودينيًّا، نُريدُ أَن نَعيشَ في وَطَنٍ لَا نُعَيَّرُ فيه أَنَّنا كُفّارٌ وأنجاسٌ، نكونُ فيه أحرارًا لا ذِميّينَ، في وطنٍ تسودُ فيه العدالةُ والمساواةُ في الحقوقِ والواجباتِ وفي حريّةِ الرأي والمُعتَقَد، في وطنٍ يكونُ دُستورُه المِرآةَ التي يعكِسُ بها حَقيقَةَ تَركيبَتِهِ المُجتَمَعيَّةِ التَعَدُّدِيَّةِ في بُعدَيْها القَوميِّ والدينيِّ، نُريدُ أن نعيشَ كلبنانيّينَ، على سبيلِ المِثالِ، في وطنٍ بدُستورٍ سياديٍّ، صُنِعَ في لُبنان، نُريدُ أن نعيشَ في ظلِّ دُستورٍ لامركزيٍّ اتحاديٍّ، دُستورٍ لا يكونُ لبنانُ فيه إلّا لبنانيَّ الهُوِيَّةِ والانتماء”.
أضاف: “نحن كشعوبٍ مسيحيّةٍ، لا نؤمنُ بإلغاءِ الآخرِ المُغايرِ عنّا دينيًّا، ولذلك لَن نرضى بأنْ نَكونَ عُرضَةً لأيّةِ عمليّةِ اضطهادٍ دينيٍّ يُمارِسُهُ علينا مَن احترمْنا حقّه باعتناقِ الدينِ الذي يشاء، نَحُن كشُعوبٍ مسيحيّةٍ نُؤمِنُ بِأنَّ حُرِّيَّتَنَا تَقِفُ عِنْدَ حُرِّيَّةِ الآخرينَ وهذا ما يَمْنَحُنا مشروعيّةَ أن يكونَ حَقُّنا في الوجودِ أيضًا مُقَدَّسًا لا بل ومُزَنَّرًا بِخَطٍّ أَحْمَرَ عريض، نحن شعوبٌ مسيحيّةٌ؛ حضاريّةٌ في انتمائِها القوميّ، وإنجيليّةٌ في أخلاقيّاتِها المجتمعيّة”.
وتابع: “في الشعبِ الحَيِّ الذي عليهِ أَن نَكون، إنَّ العِبرَةَ إذًا في أن نجاهرَ بِما نَراهُ خيرًا لنا، وفي أن نُطالِبَ بتحقيقِه وإذا ما جوبِهْنا ظُلمًا وقمْعًا، سيُصبحُ عندَها الدفاعُ عَنِ النفسِ حَقًّا مشروعًا”، مؤكدا في هذا الاطار “مسألةَ حريَّتِنا لَمْ تَعُدْ لتكونَ تفصيلًا، كما وإنّ مسألةَ تحصيلِ حقوقِنا لَن نقبَلَ لتكونَ مِنَّةً علينا مِن أحَد، ومسألةَ استهدافِنا في وجودِنا لم تَعُد لِتَمُرَّ كَالسَيَّانِ بَعدَ اليوم”.
واعتبر أن “الجبهةُ المسيحيّةُ في لبنانَ وُجِدَت لتكونَ، مطبخَ رَفْعِ الصوتِ الصارِخِ في بَرِّيّةِ اللاعدالةِ صونًا للحقوق، مطبخَ طَرْحِ المشاريعِ ومتابَعَتِها حتى تَحْقيقِها، مطبخَ السَدِّ المنيعِ في وجهِ كلِّ هجومٍ علينا مُرتَقَب”.
وختم: “الجبهةَ المسيحيّةَ هذه لَن تَقِفَ لتكونَ جبهةً مسيحيَّةً لبنانيّةً وحسب أو جبهةً مسيحيّةً مَشرِقيّةً ليس إلّا، بَلْ سَتَمضي قُدُمًا لِتَكونَ السَبَبَ في ولادةِ جَبهةٍ مسيحيّةٍ عالَميّةٍ”.
وتعلن توصيات المؤتمر في ختامه ظهر غد.