وزير الثقافة افتتح مركز المطالعة والتنشيط
الثقافي في حديقة الشهداء في برجا بعد ترميمه وتوسعته
برجا – أحمد منصور
رعى وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، حفل إفتتاح مركز المطالعة والتنشيط الثقافي “CLAC BARJA “، بعد ترميمه وتوسعته، في المكتبة العامة في بلدة برجا – اقليم الخروب، بدعوة من جمعية إنقاذ الطفل وأصدقاء المكتبة، وحضره ممثل وزير الشباب والرياضة حمزة حمية، النواب: بلال عبد الله وحليمة القعقور ونجاة صليبا، سفير الدانمارك في لبنان كريستوفر فيفيكيك، السفير الهولندي هانس بيتر فاندر وود، الشيخ جمال بشاشة، رئيس بلدية جدرا الأب جوزف القزي، مدير مستشفى سبلين الحكومي الدكتور ربيع سيف الدين، مديرة جمعية انقاذ الطفل في لبنان جنيفر المورهد، مديرة المكتبة الوطنية في بعقلين غازي صعب، رئيسة المركز الثقافي الفرنسي في دير القمر زارا فوريييه، رئيسة النادي الثقافي في برجا المحامية ايلان دمج، رئيس مجلس انماء قضاء الشوف محمد الشامي، مدير مجمع اقليم الخروب للرعاية والتنمية – دار الأيتام الاسلامية محمد حمية، رئيس بلدية برجا السابق نشأت حمية، ممثلون عن الأحزاب والجمعيات ومهتمون ومدراء مدارس ومخاتير وشخصيات وحشد من الشباب والصبايا المتطوعين والناشطين في مجموعة ” AMIS CLAC” وأهالي، حيث استهل الحفل بالنشيد الوطني، وتقديم من مؤسس ” AMIS CLAC”” زينب حمية، ثم ألقت كلمة أهالي الشباب المتطوعين الناشطة فاطمة الغوش .
ثم عرض عدد من المتطوعين والمتطوعات تجاربهم الايجابية والتي أحدثت نقلة نوعية في حياتهم من خلال مركز المطالعة.
كما القت رئيسة جمعية انقاذ الطفل في لبنان جينفر المورهد كلمة .
صعب
ثم كانت كلمة لمدير المكتبة الوطنية في بعقلين غازي صعب، الذي أعرب عن سروره لمشاركته في هذا الحفل، وخصوصا في بلدة برجا، منوها بالدور الذي يلعبه الوزير المرتضى في مجال الثقافة ودعم المكتبات وتطوير مراكز المطالعة وتنشيط الثقافة .
وأكد صعب ان برجا، بلدة العطاء والجمال والفكر والتنوّع، مشددا على أهمية وضرورة نبذ العنصرية التي يجب أن نتربى عليها، في كل الأماكن، في مراكز المطالعة والتنشيط الثقافي وفي المكتبات العامة.. والبعد على الطائفية والمذهبية البغيضة، التي هي العائق امام تطور الوطن، لافتا الى انه هذا هو واجب CLAC BARJA .
وتطرق الى المكتبة الوطنية في بعقلين، مشيرا الى انها المكتبة الوحيدة التابعة لوزارة الثقافة، وهي بتوجيهات معالي الوزير، تتيح برنامج الإعارة الخارجية المجانية لكل المقيمين على الأراضي اللبنانية، سواء كان لبنانيين او فلسطينيين او سوريين، شاكرا كل من ساهم في تأسيس CLAC .
بشاشة
من جهته، قال الشيخ جمال بشاشة:” ما تفاخرت بشيئ، لأن الله لا يحب كل مختال فخور، لكنني طالما شعرت بالإعتزاز، لأن موطني لبنان، كان ذات مرحلة بلد الكلمة، ولوحة الحرف الأولى، بلد وضع نفسه على خريطة الأمم مثل فراشة، تُرى بألوانها من جميع الجهات ..”
وأضاف” أنا من بلد أدت فيه إساءة استخدام الأديان الى نتائج كارثية، هكذا يقول أديبنا أمين معلوف، الفكر الضيق لا يقيم وطنا، يحل الدمار والخراب عندما نحاول أن نفرض هوية واحدة، على عالم متعدد بلا حدود، ومتناثر بلا نهاية .. ”
وقال: الناس في كل المراحل، تحتاج في قيادتها الى صدور واسعة، والى قلوب عليّة، والى عقول مزروعة بثقافات الأرض، في زمن العتمة الذي نعيشه، حيث ينبغي أن نضيئ، ولو نورا خافتاً، منوها بحركة ونشاط الوزير المرتضى في وزارة الثقافة، مشيرا الى ان هذه الحركة تذكرنا بلبناننا الجميل، رغم الأزمة الكارثية التي تحل بالوطن والناس .
وتوجه الى الوزير المرتضى بالقول:” بالأمس كنت هنا في منطقتنا في الشوف، في بعقلين، حاضرة الثقافة والعلم والأدب، وموطن العقل والحكمة، مع الأستاذ غازي صعب، الذي هو منارة كبيرة، من منارات الثقافة في الشوف . اليوم انت في برجا، التي وصفها كاتبنا الكبير سمير عط الله، بأنها مدينة النسيج، برجا كانت حاضرة الحياكة المنزلية، حياكة الحرير منذ أيام الأمير فخر الدين المعني الكبير، اليوم تنسج أثوابا فائقة، في ميادين العلم والثقافة والفن .
وأكد الشيخ بشاشة على اهمية وضرورة دعم وتشجيع فريق عمل المكتبة الثقافية في برجا، مرحبا بهذه الخطوة التي من شأنها ان تسهم في الانفتاح والحوار والرقي، والخروج من مستنقعات المذهبية والعفن الطائفي .
الوزير المرتضى
ثم تحدث الوزير المرتضى فقال:”نلتقي اليوم في بلدتكم العزيزة الأبيّة برجا، قلب اقليم الخرُّوب ونبضه، في موعدٍ عزيزٍعلى قلبي وقلوبكم وقلوب أبناء شقيقاتها باقي قرى وبلدات هذا الاقليم الكريم. كيف لا ولقاؤنا اليوم عنوانه افتتاح المكتبة العامّة فيها، وهي المكتبة الَّتي اتَّخذت من التَّلاقي شعاراً والتَّشارُك علامةً فارقة ومن الإنفتاح والمحبة عنوانين للقاء. ولعلَّ أبرز ما يُميِّزُ هذه المكتبة هو سعيها الى خلق مساحات جامعة ومُشتركة لجميع أبناء البلدة والجوار. وهذا ما يُشكِّل سرّ نجاح أي مكتبة، عامَّة كانت أم خاصَّة. فالمكتبات هدفها جمع النَّاس وحضّهم على تقبُّل الآخر، لا التَّفرقة وتعزيز الفرقة بيْنهم. فبهذه الطَّريقة تُبنى الأوطان وتُعزَّز الأواصر بيْن الفئات المجتمعيَّة على اختلافها ويُنمَّى مبدأ المواطنة ويُرسَّخ حب الوطن والإنتماء له.”
وتابع “لقاؤنا اليوم ليس بغريبٍ ولا مُستغرب. فبرجا هي إحدى أهمّ البلدات في إقليم الخرُّوب الَّذي استمرّ رُغمَ جميع الصِّعاب والتحديّات وفيَّاً للعلم ولدولة القانون على حدٍ سواء، فكان سبَّاقاً في تعليم أبنائه وبناته، حازماً في ضرورة إنخراطهم في بناء دولة القانون والمؤسَّسات، ومُشكِّلاً الخزَّان الرَّئيس للدَّولة في عصرها الذَّهبي على حدّ ما درج عليْه التَّعبير في ما مضى. وانخراط أبناء الإقليم منذ الأزل في الدَّولة ليْس بدوره غريباً عنهم، بل هو ناتجٌ عن الثَّقافة الَّتي كانت ولا تزال راسخة في الأذهان والوجدان أباً عن جدّ، هذه الثَّقافة الَّتي تقوم على حبِّ العلم والولاء للوطن وإظهار ذاك الحبّ وذلك الولاء بأبهى صورةٍ من خلال أهمّ ركيزةٍ لهما ألا وهي اعتناق الثَّقافة بمفهومها الصحيح الباثِّ للوعي.”
وقال:”الإقليم اليوم كما في ما مضى يجسّد على ارض الواقع تلك الصورة النموذجية التي نطمح الى أن تعم في جميع ارجاء هذا الوطن وهي الصورة التي يظهر فيها المسلم يعيش مع المسيحي عيشاً واحداً مزداناً بالأخوَّة والحرص المتبادل والمحبّة. ”
وأكد أن أهميَّة المكتبة الَّتي يجري افتتاحها، أو إعادة افتتاحها اليوم، تكمن في أنَّها جهدت لإشراك جميع الفعاليَّات المحليَّة في الإسهام في عملها، ونجحت في خلق مساحات مجتمعيَّة محليَّة مُشتركة وجامعة، أبرز معالمها ما شهدناه اليوم في حفل الاحتفال من دورٍ للشَّباب إنْ في الموسيقى المؤدَّاة، أو في الكلمات الملقاة كما في تبنِّي الحقوق الأساسيَّة للإنسان والأطفال والمحافظة على الإرث الثَّقافي والمحلِّي، كلّ ذلك، وفقاً لما سبق أنْ رأيناه وشاهدناه، أو في ما سنشاهده لاحقاً إنْ في هذا الحفل أو الأيَّام القليلة المقبلة.”
وتابع “لن أكرر أيها الحضور الكرام المقولاتِ التي تعرفونها عن أهمية العناية بالشباب والأطفال من أجل بناء المجتمع السليم. فلولا اعتقادُكم الركينُ بهذا المبدأ الإنساني، لما كان من ضرورةٍ على الأغلب لما نحن في صدده اليوم من نشاط. إنني أرغب فقط في أن ألقي بعضًا من ضوء على صفةٍ نتميز بها في لبنان، هي الانخراط المباشر لهيئات المجتمع المدني في أعمال التنمية الاجتماعية بوجوهها كافة، بحيثُ دأب الأهلون على سدِّ ثغراتِ العجز أو التقصير الرسميين في إدارة أوضاعهم وتطويرها. ذلك مردُّه إلى أصالةِ انتماء اللبنانيين إلى أرضهم وتراثهم ومستقبلهم، انتماءً لا يتزعزع، وسعيِهم إلى توطيده بكل ما يُتاحُ لهم من قدرات. هكذا يتكاملُ الجهدان الرسمي والشعبي، وفي أحيانٍ كثيرة يتقدم الثاني على الأول، من أجل حفظِ سلامة المجتمع. ما ينقصُ هذه الجهودَ المباركةَ شيءٌ من التنسيق الضروري، على الصعيد المحلي كما على الصعيد الوطني، لتكون ثمارُ العمل أوفر وتعمَّ التنمية جميع المناطق والمجالات. لكننا في مقابل هذا، نرى بعضًا من الهيئات والجمعيات التي يتم تمويلُها من بعض الجهات والدول أجنبية، هذا البعضُ يتلطى خلف قناع النشاطات الاجتماعية والثقافية والحقوقية من أجل تنفيذ أجندة خارجية لا تمت إلى مصلحة الوطن والمواطنين بصلة. هذا ينبغي التنبه له والحذر منه، لأننا في أوجِ معركةٍ تستهدفُ وجودَنا وكرامتنا، وعلينا الاحتياط لها بقوةِ الوعي وقوة الوحدة وقوة الإرادة. والشعب الذي يمتلك الوعي والوحدة والإرادة، لن يكون له إلا النصرَ حليفًا. ”
وقال:”في هذه الأرض المباركة التي أنتم منها يا سعادة النواب، تعرفون جيدًا ونعرف أن نميز بين القمح والزؤان، والجيد والفاسد. فلن تضيع لنا بوصلةُ انتماء إلى الحقيقة الوطنية الجامعة، وسنبقى نعمل معًا شعبًا ودولةً من أجل بناء مجتمعنا القوي والدفاع عنه ضد كل الأطماع . قلت في مناسبةٍ سابقة أنّ الانتصار لدينا نحن اللبنانيون لا يقتضي أن يقتصر على دحرِ الاحتلال الإسرائيلي فإن ثمّة إنتصاراً أهمَّ في قاموسنا وفي سجلنا يقتضي علينا أن نعمل من اجله على الدوام، هو الإنتصار على كلِّ عوامل التفرقةِ والانقسام في مجتمعٍ متمايزٍ متعدد يضم مواطنين من أديانٍ ومذاهبَ مختلفة، ومن طبقاتٍ اجتماعية متفاوتة، وانتماءاتٍ حزبية وعائلية متنوعة. ”
واشار الى “ان هذا الإنتصار الأخير اذا ما نجحنا في تحقيقه، ولا خيار لنا الاّ بأن نحققه، سوف يجعلنا الأنموذج الحيّ والصورة البهيَّة عن الوطنيّةِ الحقة، وعن التنوع ضمن الوحدة، وعن ثقافة التمسك بالآخرِ والحرص عليه. وهكذا نتحول بالفعل لا بالكلام فقط الى مجتمعٍ موحَّد، بل الى مصهرٍ إنسانيّ يعطي المثال الصحيح الى العالم أجمع، كما يعطى الانتصار على الإسرائيلي بعدًا آخر، لأنه يشكَّلَ النقيضَ الواضح للمفاهيم التي قام عليها ذلك الكيانُ المغتصب. فنحن المسلمين والمسيحيين، بمقدار ما نثبتُ في عيشِنا وأرضنا وحقوقِنا معًا، نغلبُ أعداءَنا المنظورين وغيرَ المنظورين، ونكرِّسُ حقيقةَ الحديثِ الشريف: “الخلقُ كلُّهم عيالُ الله، وأحبُّهم إلى الله أنفعُهم لعياله”.
وتابع”نحن المسيحيون والمسلمون واحدٌ نتبع منهجاً واحداً هو منهج الرحمة والحق والعدل والإنفتاح على كل ما هو انساني والإنبراء لمواجهة كل ما هو شيطاني، وهذا ما يفرض علينا حفظ اسباب الصمود والتنوع والفرح فيه وتمتين العيش الواحد وهذا بالنسبة لنا واجب ديني وواجب أخلاقي وضرورة وطنية وهو المفتاحُ الذهبيُّ لبوابة الانتصار ولصون هذا الإنتصار وعلى هذا المنهج يقتضي ان نسير كلبنانيين في وحدةٍ كالبنيان المرصوص وأن لا نبدّل تبديلا.”
وقال:”في الزمن الصعب تبقى الثقافة ملجأً مَشاعًا لكلِّ الناس. لا لتنسيَهم واقعَهم بل لكي تدلَّهم على القواعد الفكرية والآليات العلمية الكفيلة بتخطيه، بعيدًا من استثارة العصبيات والأنانيات والفئويات. وللإقليم دورٌ أساسيٌ هو بثُّ الوعي-الوعي لحتمية العيش معاً وغناه والوعي لما يُحاك من مساعٍ ترمي الى التفرقة والإنقسام- ولبرجا هويةٌ واحدة تتمثّل في ثقافة الإنفتاح والعزّة والحريّة، أما غيرُها مما قد تُنْسَبُ إليه فَضَياعٌ أو وهمٌ أو هويَّاتٌ قاتلة كما قال أمين معلوف. ولأننا أبناءُ إيمان أيها الأحبة، وشعبنا يردِّدُ في صلواته قولاً من أحد الكتابين: (إقرأْ) و(في البدءِ كان الكلمة)،
وختم بالقول:”ولأن وطننا مهدُ الأبجدية أثمنِ إنجازٍ إنساني، ولأننا ننبذ الظلامية وموت الفكر والإنغلاقَ والخنوعَ ونتنفس الإنفتاحَ وقبولَ الآخرِ والعِزّةَ وعدم الركونِ للظلم والحذرَ على الدوام من الصهيونية وكيدها وطرائقها ومراميها، لأننا كذلك سنظلُّ نقول:عاشت الثقافة سبيلاً يبث فينا الوعي ويلهمنا سواء السبيل ويدلنا الى سبل حماية وحدتنا الوطنية وتعزيزها.”
بعدها جال الوزير المرتضى في المكتبة ومركز المطالعة، ومن ثم اقيم حفل كوكتيل بالمناسبة .