كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: تَصدّر الاهتمامات أمس الرفض الاسرائيلي لملاحظات لبنان على مشروع الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ما أشاع مخاوف من ان يكون هذا المشروع قد انهار وفتح الوضع في الجنوب على كل الاحتمالات، خصوصا في ضوء اصدار وزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس تعليمات الى الجيش “بالاستعداد لتصعيد امني على الحدود مع لبنان”. فيما اعلن البيت الابيض انّ محادثات الترسيم بين لبنان واسرائيل “في مرحلة حرجة”، لكنه اكد في المقابل “انّ الاتفاق تراجع لكن يمكن إنقاذه”. وعلمت “الجمهورية” ان المسؤولين أجروا اتصالات عدة مع الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين للوقوف على حقيقة الموقف الاسرائيلي الذي لم يتبلغوا اي شيء رسمي عنه بعد.
إنتخابات اسرائيل تؤجّل الترسيم
لم يكن مفاجئاً كثيراً الرفض الاسرائيلي لملاحظاته على اتفاقية الترسيم خصوصا ان التخبّط داخل الكيان كان سيّد الموقف حيال هذا الامر طوال الفترة السابقة. لكن وبعكس كل ما اشيع وكل المخاوف التي نتجت عن قرار الكابينت برفض هذه الاتفاقية فقد قلّل مصدر سياسي معني بالملف من حدة تداعيات اللاقرار الاسرائيلي وقال لـ”الجمهورية”: “علينا ان نتصرف بهدوء فالمشكلة حالياً اميركية ـ اسرائيلية ولا شأن لنا فيها والواضح ان الانتخابات الاسرائيلية تعوق مسار الترسيم، وقد علمنا ان العدو لم يُبلغ رسمياً هوكشتاين جوابه على الاتفاقية واكتفى بالتسريبات والتحليلات، والوسيط الاميركي يعلم انّ تراجع لبنان عن مطالبه اصبح امرا صعبا جدا وان الموضوع تحوّل رأياً عاماً. لذلك يجب ان ينصبّ التركيز حاليا على تأثير الموقف الاسرائيلي على الاستخراج الذي يجب ان يتأخر مجدداً تبعاً للمعادلة “التوازناتية” التي فرضتها المقاومة في لبنان “لا ترسيم لا استخراج” والمهم فيما بعد هو قرار الكنيست الاسرائيلي اكثر منه قرار الكابينت”.
وفي شأن منطقة الطوافات وهي النقطة الاساسية التي رفضتها اسرائيل، قال المصدر: “نحن لم نتمسك ولم نرفض وتحدثنا عن امر واقع وتركنا هذه النقطة الى مرحلة لاحقة ولن نقبل اي تغيير في هذا الامر”.
وفي هذا الاطار ربطت مصادر مطلعة الرفض الإسرائيلي للملاحظات اللبنانية بما يدور من نزاع داخلي في اسرائيل الذي فرض معاييره وحساباته على المشهد الاسرائيلي، حيث يبدو رئيس الحكومة يائير لابيد محشوراً بلعبة الاستنزاف السياسي التي جَرّه اليها منافسه بنيامين نتنياهو في اطار اللعبة الانتخابية على ابواب انتخابات الكنيست مطلع الشهر المقبل، ولذلك اراد لابيد الذهاب الى مبادرة تصعيدية في ملف الترسيم وكسر المسار الايجابي الذي اتّخذه، علماً ان تعديلات لبنان لا تبرّر هذا المستوى من ردة الفعل المفاجئة والمبالغ فيها لأنّ غاية لابيد منها هي استعادة المبادرة على المستوى الانتخابي وحفظ ماء الوجه، خصوصاً ان اسرائيل تعيش منذ اسبوع تراشقاً سياسياً بين لابيد وخصومه الذين يتهمون بـ”الاستسلام لتهديدات حزب الله” والتنازل للبنان في ملف الترسيم.
واضافت هذه المصادر لـ”الجمهورية” ان “موقف لابيد فرملَ الاندفاعة نحو توقيع الاتفاق على الترسيم، ولذلك فإنّ المسؤولين اللبنانيين سينتظرون تسلّم الرفض الاسرائيلي من الوسيط الاميركي رسمياً ليبنوا على الشيء مقتضاه، فيما المقاومة ستنتظر موقفهم لتبني هي ايضا على الشيء مقتضاه ولكن يبقى الموقف الاميركي هو الاهم”.
ولخّصت المصادر المشهد بالآتي: “ايام حرجة مقبلة على ضوئها سيظهر ما اذا كان الاتجاه تصعيداً أم ما زال ممكناً الالتفاف على التصعيد. اما المقاومة فلها مسارها الخاص وهي تراقب بدقة حركة الاحداث ويدها على الزناد ولكن بتعقّل انتظاراً للموقف الرسمي اللبناني”.
وفي هذه الاجواء واصل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متابعته لمسار المفاوضات اللبنانية ـ الاسرائيلية غير المباشرة عبر الوسيط الاميركي، وبقيَ طوال النهار على تواصل مع مستشاره في هذا الملف نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الذي بقي على تواصل ساعة بساعة مع هوكشتاين بحثاً في بعض النقاط العالقة وخصوصا تلك التي شكّلت موضوع الرفض الاسرائيلي قبَيل انعقاد المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغّر عند الخامسة عصر أمس الذي انتهى الى رفض الاتفاق.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” ان “الموقف اللبناني واضح وان الملاحظات التي سجّلها لبنان لا يمكن ان تتعرّض للرفض، فهي واضحة وتترجم مواقف لبنان من مختلف النقاط المطروحة في الاتفاق”. واشارت الى “انها كانت لتصويب المفاهيم الثابتة إن فهم الجميع، ولا سيما منهم الجانب الاسرائيلي، موقف لبنان الرسمي من مسارها ومعه الجانب الاميركي الذي تفهّم على ما يبدو النقاط اللبنانية التي أثيرت وخصوصا عندما استمع الى التوضيحات التي قدّمها الجانب اللبناني في الاتصالات التي تلت تسليمه ردّه الى الجانب الاميركي”.
ولفتت المصادر عبر “الجمهورية” الى انّ لبنان لن يعلّق على المواقف الاسرائيلية المتفرقة وهو ينتظر موقفا رسميا، وهو ما حرص عليه هوكشتاين نفسه الذي تمنى حصر التعليقات الرسمية اللبنانية والاسرائيلية بالمواقف الرسمية للبلدين، وطالما ان المجلس الوزاري لم يتخذ اي موقف من المواقف المتفرقة تبقى ملك اصحابها وزراء كانوا من الحكومة او معارضين لهم، فجميعنا يفهم انّ بلادهم دخلت مدار انتخابات الكنيست مطلع الشهر المقبل، وبالتالي فإنه خطاب موجّه الى الداخل وليس الى الخارج وانّ مسؤولية معالجة الوضع تقع على مسؤولية الوسيط الأميركي والتلاعب بأعصاب الناس الاسرائيليين قبل اللبنانيين”.
وقالت المصادر: “انّ التعليق الرسمي رهن بالموقف الرسمي وهو على ما يبدو بات مؤجلاً بناء لطلب هوكشتاين الذي يسعى الى تقريب وجهات النظر. وعليه فإننا ننتظر الكلمة الفصل في ما اذا كانت نهائية عند اسرائيل أم أنها قابلة للتفاوض”. ودعت الى قراءة بيان الخارجية الاميركية الذي كشف أن المفاوضات بين لبنان وإسرائيل باتت “في مرحلة حاسمة في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية وان الفجوات تقلّصت”، وهو ما يعني ان “على لبنان انتظار نتيجة اتصالات هوكشتاين في الساعات المقبلة”.
وكانت مصادر اعلامية قد نقلت عن منخرطين في مسار المفاوضات قولها إن موقفاً سيصدر خلال الساعات المقبلة عن هوكشتاين لوقف السجال بما يتم تداوله في وسائل الإعلام الاسرائيلية، وخصوصا لجهة التهديدات التي لم ير فيها لبنان سوى “حرب نفسية” اعتاد عليها منذ انطلاق المفاوضات ولا سيما بعدما استأنف هوكشتاين تحركه منذ اربعة اشهر تقريبا.
ونسبت قناة “الحدث” الى “مصدر في الرئاسة اللبنانية” أنّ “هوكشتاين يقول إن الإسرائيليين رفضوا بعض الملاحظات اللبنانية، ولم يرفضوا الاتفاق”. كذلك نقلت
عن “مسؤول لبناني” قوله انّ “الرفض الإسرائيلي كلام انتخابي، ولن يؤثر على الاتفاق”، وانّه “يُتوقع توقيع الاتفاق مع إسرائيل من دون إشكالات، وان رفض تل أبيب هو لحفظ ماء الوجه فقط”.
وفي السياق قال بوصعب لوكالة “رويترز”: “إنني لا أزال على اتصال مع هوكشتاين كل ساعة لحلّ المشكلات العالقة في اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل”، معلنًا أنّه “تمّ إنجاز 90% من الاتفاق، لكن نسبة 10% المتبقية هي الحاسمة”.
ونقلت “رويترز” عن مسؤول لبناني قوله انّ “لبنان لم يتلقَّ ردّاً إسرائيليّاً رسميّاً في شأن طلبات تعديل مسوّدة اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية”، مشيرًا إلى “أننا نريد معرفة ما إذا كان هذا الرفض نهائيّاً أو يمكن التفاوض في شأنه”.
وبدوره، أوضح المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لقناة “سبوتنك” الروسية، أنه “لا يعنينا الرد الإسرائيلي وننتظر من الوسيط الأميركي تَحمّل مسؤوليته”.
على ان الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله سيتطرّق الى التطورات في ملف الترسيم في كلمة له عند الثامنة مساء الثلاثاء المُقبل خلال المهرجان الذي ينظمه “حزب الله” في ذكرى المولد النبوي الشريف في باحة عاشوراء ـ الضاحية الجنوبية لبيروت.
الموقف الاميركي
وفي غضون ذلك نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض، قوله انّ “محادثات ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان في مرحلة حرجة”. مضيفاً: “لا نزال نؤمن بإمكانية توصّل لبنان وإسرائيل لاتفاق في شأن الحدود البحرية”، ومشيراً إلى أنّ “الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان تراجع لكن يمكن إنقاذه”، بحسب ما نقل موقع موقع “أكسيوس”.
كذلك نقلت “رويترز” عن مسؤول أميركي قوله ان “لبنان وإسرائيل في مرحلة حاسمة في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية المشتركة بينهما”، مشيراً إلى أن “الفجوات تقلصت”. وأضاف: “ما زلنا ملتزمين بالتوصّل إلى حل، ونعتقد أنه من الممكن الوصول إلى تسوية دائمة”.
الموقف الاسرائيلي
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية انّ المجلس الأمني المصغّر صَوّت في اجتماعه مساء امس ضد الاتفاق على ترسيم الحدود مع لبنان وكلّف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، الاستعداد لأيّ تصعيد محتمل مع لبنان.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر سياسي أن “الاتفاق مع لبنان بشأن ترسيم الحدود قد يلفظ أنفاسه ويجب الاستعداد للمواجهة”.
وكانت “القناة 13” الإسرائيلية قد نسبت الى مسؤول سياسي كبير، انّ لابيد “أُبلغ بتفاصيل التغييرات الجوهرية الجديدة التي يسعى لبنان إلى إجرائها في اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وأمرَ فريق التفاوض برفضها”. وأوضح لابيد أنّ “إسرائيل لن تهدد أمنها واقتصادها بأي شكل من الأشكال، حتى لو كان ذلك يعني أنه لن يكون هناك اتفاق قريبًا”.
وأكد المسؤول نفسه أن “إسرائيل ستُنتج الغاز من منصة كاريش في أسرع ما يمكن، وإذا حاول “حزب الله” أو أي شخص آخر الإضرار بمنصّة كاريش أو تهديدنا، ستتوقّف المفاوضات على الخط البحري على الفور، وسيكون على الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله أن يشرح للمواطنين اللبنانيين سبب عدم امتلاكهم لمنصة غاز ومستقبل اقتصادي”.
خط العوامات
وافاد موقع “أكسيوس” نقلًا عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، أنّ “أهم تغيير في مسودة الاتفاق الذي طالبَ به لبنان يتعلّق بالاعتراف بـ”خط العوامات” كحدود دولية”، ولفتوا إلى أنّ “إسرائيل قامت بتركيب خط العوامات العائمة الذي يبلغ طوله ثلاثة أميال، والذي يمتد من ساحل رأس الناقورة إلى البحر الأبيض المتوسط بعد انسحابها أحادي الجانب من لبنان في عام 2000، وكان الاعتراف بـ”خط العوامات” مصلحة أمنية رئيسية لإسرائيل ومطالبها في المحادثات. كما أشاروا إلى أنّ “تثبيت “خط العوامات” مهم للغاية لأسباب أمنية”.
ونقل الموقع عن المسؤولين الإسرائيليين أنّ هوكشتاين “أبلغَ الى القادة اللبنانيين أن إسرائيل مستعدة للتنازل عن أشياء كثيرة، ولكن ليس موقع خط العوامات، الذي سيتحول حدوداً دولية متّفق عليها”.
إستعداد لتصعيد
الى ذلك أفادت وكالة “سكاي نيوز” أن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أصدر تعليمات للجيش بالاستعداد لتصعيد أمني على الحدود مع لبنان.
ولفت غانتس إلى أنه “سواء تم توقيع الاتفاقية أم لا، نحن على استعداد لحماية بنيتنا التحتية وسيادتنا”. وقال: “إذا سعى “حزب الله” إلى إلحاق الأذى بالبنية التحتية، فإنّ الثمن العسكري الذي ستدفعه دولة لبنان و”حزب الله” سيكون باهظاً جداً. لسنا مترددين في القتال، لكننا مستعدون لذلك”. ورأى أنّ التحدي التشغيلي الأكبر الذي نواجهه يَكمن على حدودنا الشمالية. وتروّج الحكومة هذه الأيام لاتفاق على توزيع المياه الاقتصادية بيننا وبين لبنان، له آثار اقتصادية وأمنية، بما في ذلك الإضرار بمصالح إيران في لبنان والمنطقة”.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول سياسي إسرائيلي، قوله “ان لبنان إذا طلب إجراء تغييرات جوهرية في مسودة اتفاق ترسيم الحدود البحرية، فمن الأفضل أن ينساه”.
ولفت إلى أنّ “للاتفاقية جانبًا استراتيجيًا مهمًا سيؤثر على السنوات المقبلة”، مشيرًا إلى أن “اهمية الاتفاق في هذا الوقت هي الحد من التأثير الهائل لإيران و”حزب الله” على الطاقة في لبنان”، معتبرًا أنه إذا تم أخذ هذا التأثير منهم على المدى الطويل “ستلحق الضرر بالنفوذ الإيراني في جوانب أوسع. لذلك، إذا كان من الممكن إنهاء ذلك – فهذا مفيد حقًا. أما بالنسبة لإمكانية التصعيد – فهي موجودة طوال الوقت. وإسرائيل مستعدة لكل السيناريوهات.
وفي المقابل اعتبر رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، أنه “فقط الضغط الشديد الذي مارَسته أنا وأصدقائي جعلَ رئيس الوزراء يائير لابيد ينسحب من اتفاقية الاستسلام مع لبنان في الوقت الحالي”. وشدّد على أن “إسرائيل في حاجة إلى قيادة مختلفة، رئيس وزراء متمرّس وقوي يقاوم الضغط ولا ينثني في وجه التهديدات”. وأردف: “لن ندع إسرائيل تستسلم للأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله”.
إكتشاف
في غضون ذلك كشف موقع “مكان” الإسرائيلي أنه “تم اكتشاف كمية كبيرة من الغاز الطبيعي في حقل بحري يقع ضمن المياه الإقتصادية الإسرائيلية”، لافتًا إلى أن “الحقل يحتوي بحسب التقديرات على ما بين 7 و15 مليار متر مكعب من الغاز”. وأوضح أنه “في ضوء الإتفاق المتبلور بين إسرائيل ولبنان حول الحدود البحرية، أعلنت شركة “أنيرجيان” البريطانية اليونانية اكتشاف كمية كبيرة من الغاز في حقل هيرمس، الذي يقع ضمن المياه الإقتصادية التابعة لإسرائيل”.
وأبلغت الشركة الى البورصة في تل أبيب عن الإكتشاف قائلة إنه يزيد من فرص اكتشاف المزيد من الغاز في المربّع 31 قبالة شواطئ زيخرون يعقوب. وأكدت أن سفينة التنقيب “سيتنا” ستنتقل بعد الاكتشاف إلى حقل زيوس الواقع جنوب شرق حقل كاريش للتنقيب فيه.
لبنان بعيد
وفي المقال أفادت وكالة “الصحافة الفرنسية”، نقلاً عن خبراء، أنّ “لبنان الغارق في انهيار اقتصادي مزمن لا يزال بعيداً عن استخراج موارد النفط والغاز، إن وجدت، حتى وإن تم التوصّل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل”، مشيرين إلى أنه “بعدما سادت أجواء ايجابية حول اقتراب الإعلان عن اتفاق، أعلنت إسرائيل الخميس (أمس) رفضها لملاحظات بيروت على عرض أميركي لترسيم الحدود”. وذكروا أنه “في بلد يستشري الفساد في مؤسساته، ويُتهم مسؤولوه بنهب المال العام، يتساءل كثر عمّا إذا كان استخراج تلك الموارد سيعود على الدولة بأرباح تساعد اقتصادها على النهوض”.
واشار الباحث في معهد “عصام فارس” في الجامعة الأميركية في بيروت مارك أيوب، في حديث لوكالة “فرانس برس”، إلى أنه “سيشكل التوصّل الى اتفاق خطوة إلى الأمام، لكنه لا يعني أن لبنان أصبح دولة منتجة للغاز أو النفط”، موضحاً: “نتحدّث عن إطار زمني من خمس إلى ست سنوات قبل أول (استخراج) غاز في حال تمّ العثور على مكامن تجارية صالحة”، واصفاً التقدير الزمني بأنه “متفاءل”.
وفي هذا السياق، لفت الخبراء إلى أنه “مع ارتفاع الطلب عالمياً على الغاز، على وَقع أزمة الطاقة التي أثارتها العملية الروسية على اوكرانيا، يأمل لبنان أن يسهم أي اكتشاف بحري في التخفيف من حدة الانهيار الاقتصادي، ولكن بعد أكثر من عقد من الزمن على إعلان حدوده البحرية ومنطقته الاقتصادية الخالصة، لا يملك لبنان اليوم دلائل على احتياطات مؤكدة من الغاز الطبيعي”.
التشكيل يلحق الترسيم
على انّ الترسيم ورفض اسرائيل الاتفاق في شأنه لم يحجب الاهتمام الداخلي عن ملفّي التأليف الحكومي والاستحقاق الرئاسي.
وقالت مصادر معنية بملف تشكيل الحكومة لـ”الجمهورية” ان “الامور لا تزال مفرملة لكن ليست مقفلة في انتظار ان ينزل واضع الشروط عن الشجرة كالعادة”. واضافت ان الرئيس المكلف نجيب ميقاتي “لم يعد مستعجلاً بعدما اكتشف ان الايجابية التي اعطيت له قبل سفره الى لندن لم تكن سوى حصان طروادة للحصول على واقع مُغاير لمسار الامور، وهو أسَرّ الى البعض أنه اذا تشكلت حكومة وفق شروط مقبولة كان به، واذا تعذّر هذا الامر فإنّ الحكومة الحالية موجودة والنصوص القانونية والدستورية تؤكد انها مؤهلة لتسلّم صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال عدم انتخاب رئيس جمهورية جديد، وقد ساعدته زيارة بكركي امس على التحصّن وراء هذا الموقف رغم انها تفضّل التأليف”.
وعن وَعد ميقاتي بأنه بعد عودته من نيويورك “سينام في قصر بعبدا الى ان يشكل الحكومة”، قالت المصادر: “هذا اذا كانت فعلاً الحكومة تُشكّل فوق”. وتوقفت المصادر عند إصرار ميقاتي امس على صعود السلالم الاربعة وصولا الى سطح مبنى “الكنسرفتوار” الجديد في ضبية، حيث قال عند وصوله: “نفسي طويل”.
الاستحقاق الرئاسي
وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس الى عقد جلسة في الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الخميس المقبل، وذلك لانتخاب رئيس للجمهورية.
وفي هذا السياق علمت “الجمهورية” ان نواب تكتل لبنان القوي لن يشاركوا في هذه الجلسة، وربما سيحذو حذوهم نواب وكتل اخرى نتيجة عدم حصول توافق حتى الآن على الرئيس العتيد.
وحدّد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في مؤتمر صحافي مساء امس أولويات التيار لرئاسة الجمهورية.