Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الذكاء الاصطناعي الشخصي.. تكنولوجيا جديدة ستغير البشرية للأبد

في فيلم “ماتريكس” الشهير يعيش البشر في مصفوفة أو نظام حاسوبي لا يستطيعون فيه التمييز بين الواقع الحقيقي والواقع الافتراضي (مواقع التواصل)

وفقا لمؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي الذي نشرته مؤسسة “تروتيس إنتليجانس”( Tortoise Intelligence) مؤخرا، فقد ارتفع إجمالي الاستثمار في الذكاء الاصطناعي إلى مستوى قياسي بلغ 77.5 مليار دولار العام الماضي 2021، مقارنة بـ36 مليار دولار عام 2020.

 

ومن المتوقع أن تصل عائدات برامج الذكاء الاصطناعي العالمية إلى 62.5 مليار دولار عام 2022، بزيادة قدرها 21.3% عن عام 2021، وذلك حسب ما ذكرت منصة “بيزنس ستاندرد” (business-standard) مؤخرا

ذكاء اصطناعي قاصر

تشترك كافة أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة حاليا في شيء واحد يجمع بينها، وهو أنها جميعها مصممة كمجمعات إلكترونية مفردة يتم التحكم فيها رأسيا، وتعمل باستخدام خوارزميات متفاوتة التعقيد، حيث إن التحكم المركزي هو خاصية لا تقاوم لأي نظام حوسبة إلكتروني من صنع الإنسان، فنحن ببساطة لا نعرف كيف نبني بطريقة أخرى.

 

ولكن ماذا لو قمنا بمحاكاة الطبيعة، أي بدلا من أن نصنع نظاما إلكترونيا متكاملا يتم التحكم به بشكل رأسي، أن نتبع مسار الاندماج المتناغم الذي تتبعه الطبيعة حيث تُكمّل كل الكائنات بعضها بعضا، فنبني نظاما إلكترونيا جديدا يتم التعايش فيه بين الدماغ البشري والحاسوب، وهذه ربما تكون الطريقة الأقصر والأكثر فاعلية لتحديث الأنظمة الذكية لتصبح أكثر ذكاء وللتعايش الفعال بين البشر والآلات، وذلك كما ذكر الدكتور أليكساندر كوستيكوف في بحث مهم له يهدف إلى إنشاء نوع جديد غير عادي من الذكاء الاصطناعي نشره على منصة “تيك توكس” (TechTalks) مؤخرا.

كيف ستعمل واجهة الحاسوب العصبي

على الرغم من الآفاق المذهلة لهذا الاتجاه، فإنه لم تكن هناك سوى محاولات قليلة في العالم لإنشاء واجهة تربط الدماغ البشري بالحاسوب مباشرة، ومن أشهرها محاولة إيلون ماسك الشهيرة “نيورالينك” (Neuralink).

 

ويكمن ضعف هذه المشاريع في أنها تتبع المسار الجراحي التقليدي، ونتيجة لذلك تفشل في التغلب على عقبتين أساسيتين، هما:

 

العقبة الأولى: عدم دقة التفسير الفردي للبؤر المحلية لنشاط الدماغ. وببساطة، فإن دماغ كل واحد منا هو دماغ فريد من نوعه، فمثلا إذا حاولنا تحديد مجموعة الخلايا العصبية المسؤولة عن وظائف محددة يقوم بها الدماغ، فإن هذه الخلايا تختلف من شخص إلى آخر، ولكن هذا نصف المشكلة فقط، والأصعب من ذلك هو أن الصورة التفصيلية لنشاط الدماغ تتغير باستمرار.

 

العقبة الثانية: وهي العقبة الرئيسية، وهي “نقطة تقاطع الإشارة” (signal crossover point)، أي المكان الذي تتحول فيه الإشارة الإلكترونية الاصطناعية إلى نبضة عصبية بيولوجية بشرية، والعكس صحيح، أي هي النقطة التي يتم فيها تبادل الإشارات (المعلومات) بين الآلة أو الحاسوب وبين الدماغ البشري.

 

لحلّ هذه العقبات، وفي نظام الذكاء الاصطناعي الجديد، فإنه سيتم فصل أجزاء الإرسال والاستقبال من واجهة الحاسوب العصبي بشكل كامل، وفي الواقع سيكون هناك آليتان مختلفتان تماما للاتصال، كما ذكر كوستيكوف  في بحثه.

من الأنسجة البيولوجية الحية إلى السيليكون وبالعكس

سيكون الجزء المتلقي (المسؤول عن استقبال الإشارة من الأنسجة البيولوجية) عبارة عن شبكة من كائنات غير نشطة هي عبارة عن “منارات” (beacons) متناهية الصغر مدمجة في الأنسجة الحية، سيتم رصد حالتها عن بُعد بواسطة ماسح ضوئي.

والمنارة هي بنية جزيئية محايدة بيولوجيا -يمكن تشبيهها بأجهزة استقبال إشارة الراديو- تغير حالتها التوافقية في وجود شحنة كهربائية ضعيفة بالقرب منها (خلية عصبية في مرحلة توليد النبض)، وستسمح هذه التقنية بإرسال الإشارات الناقلة للمعلومات من الخلايا العصبية الحية للبشر إلى الحاسوب، وفي هذه التكنولوجيا لن يتوجب علينا إجراء عمليات جراحية مؤلمة كما كان يجري الحديث سابقا لغرس شرائح في الدماغ على سبيل المثال، فكل ما يتطلبه الأمر هو حقن المنارات الجزيئية في الجسم باستخدام حقنة بسيطة في الوريد أما الجزء المرسل من الحاسوب إلى النسيج البيولوجي فسيرسل الإشارة عن بُعد فقط إلى نقاط الاشتباك العصبي، وليس إلى الخلايا العصبية كما يحاولون الآن.

 

ومن المثير للاهتمام -بحسب كوستيكوف- أن الإشارة التي ستنقل فقط إلى نقاط الاشتباك العصبي يجب أن تكون ذات طبيعة غير كهربائية، وسيسمح لنا ذلك بتوليد إشارة اصطناعية (نبضة) في الخلايا العصبية في الدماغ مطابقة تماما للإشارة الفسيولوجية، حيث ستقوم أنسجة المخ نفسها ببناء اتصال بهيكل الإرسال للواجهة. وبالإضافة إلى ذلك، لن يحتاج الأشخاص للاستعانة بأطباء أو ممرضين لتثبيت واجهة الحاسوب العصبي، وهو ما يجعل هذا النظام مناسبا لمعظم المستخدمين.

ما المشترك بين “الماتريكس” والذكاء الاصطناعي الجديد؟

في فيلم “الماتريكس” (The Matrix) -أو “المصفوفة”- الشهير، يعيش البشر في مصفوفة أو نظام حاسوبي لا يستطيعون فيه التمييز بين الواقع الحقيقي والواقع الافتراضي، ويندمج فيه الواقعان بشكل كامل. وفي نظام الذكاء الاصطناعي الجديد الذي نتحدث عنه يحدث الشيء نفسه، فعرض النطاق الترددي لواجهة الحاسوب العصبي سينقل للدماغ البشري حقيقة مصطنعة لا يمكن تمييزها تماما عن الحقيقة الفسيولوجية، وفي هذا النظام لن تكون قادرا على رؤية الواقع الاصطناعي وسماعه والشعور به فحسب، بل ستتمكن أيضا من التحرك فيه بنفس الطريقة كما هي الحال في العالم المادي الحقيقي.

لا كلمات ولا حروفا ولا لغات

ويؤكد كوستيكوف أنه بفضل النوع الجديد من واجهة الحاسوب العصبي، سيتمكن الدماغ والحاسوب من تبادل البيانات مباشرة، دون استخدام بروتوكولات اتصال وسيطة مثل أوامر الصوت أو رموز الحروف، حيث سيتبادل الدماغ والحاسوب المعلومات باستخدام مجموعة من النبضات ذات المعنى المباشر، ونتيجة لذلك، سيبدو التفاعل مع الآلة أشبه بالحدس أو بمجرد التفكير أكثر منه تفاعلا مع جهاز إلكتروني، وسيستغرق التكيف المتبادل للمكونات (المخ والآلة) ما بين عدة أشهر إلى عام واحد، ولكنه سيتجاوز تماما حاجز اللغة وحتى معرفة القراءة والكتابة، وهذا يعني أن الأميّ الذي لا يستطيع القراءة والكتابة يمكنه استخدام نظام الذكاء الاصطناعي الشخصي الجديد.

 

ذكاء اصطناعي شخصي

سيكون الذكاء الاصطناعي الجديد فرديا أو شخصيا بتعبير أصح، ليس فقط لأنه مصمم للعمل مع مستخدم واحد فقط، ولكن أيضا لأنه سيكون نتيجة تفاعل تكيفي مباشر لحزمة برامج التعلم مع العقل الحي لشخص معين.

 

وفي الواقع، فإن الآلة التي تتبنى تدريجيا العادات السلوكية لشخص معين، ستصبح الجزء المنعكس الاصطناعي (اللاواعي) من هذا الشخص، في حين أن الدماغ البيولوجي الذي يعتاد على الآلة سيعتمد بشكل متزايد على قدرات نظام الحاسوب. وبشكل عام، وبفضل العمل غير المحسوس لكن المستمر لواجهة الحاسوب العصبي، سنرى نوعا جديدا تماما من الذكاء الاصطناعي، كما يوضح كوستيكوف.

نوع جديد من السحر

يرى مختصون أن دماغ الإنسان بطيء جدا، وقدرته ضعيفة على معالجة وتحليل كمّ هائل من المعلومات، لكن هذا الدماغ يتمتع بالمرونة والإبداع والتفكير الخلاق، وهي أشياء لا تملكها الحواسيب.

 

من ناحية أخرى، لا تقوم الحواسيب بمعالجة المعلومات أسرع منا فحسب، بل -في الواقع، ومن حيث قدرتها على سرعة إرسال الإشارات- إنها تتجاوز الأنسجة البيولوجية بمقدار 3 ملايين مرة!

 

أضف إلى ذلك الذاكرة الرقمية الهائلة القادرة بشكل واضح ودون إخفاق على التعامل مع كميات لا يمكن تصورها من البيانات الرقمية، مع القدرة على الدخول بسهولة في الاتصال المباشر مع أي جهاز تقني في الجوار أو شبكة الإنترنت.

 

كل هذا يشير إلى أن الجمع بين الدماغ البشري ونظام الحاسوب في مجمع واحد من الذكاء الاصطناعي لن يؤدي فقط إلى زيادة كفاءتها الإجمالية، بل سيخلق نظاما جديدا غير عادي تماما من الذكاء الاصطناعي، ومن خلال هذا الجمع بين الدماغ والآلة سنرى نوعا جديدا من السحر لم يوجد له مثيل من قبل في التاريخ.

 

لماذا نحتاج هذا النظام الآن؟

يرى كوستيكوف أن السبب الرئيسي هو الانفجار الهائل للمعلومات، حيث يتضاعف حجم البيانات الرقمية على الإنترنت كل 18 شهرا، فخلال الفترة من 1997 إلى 2002، أنتجت البشرية معلومات أكثر مما أنتجته طوال تاريخها السابق بأكمله.

 

الآن، يتم إنتاج نفس القدر من البيانات في غضون بضعة أشهر فقط، وهذا يعني أن الإنسانية كمستهلك للمعلومات متأخرة بشكل كارثي، وهذا الاختلال في التوازن يتزايد حرفيا كل دقيقة.

 

هذه هي الحقيقة التي تفتح فرصة للتكنولوجيا الجديدة. سيمنحك نظام الذكاء الاصطناعي الشخصي الخاص بك القدرة على تحليل مجموعة كاملة من المعلومات المتاحة على الإنترنت، وليس فقط ما هو موجود في الصفحة الأولى من نتائج البحث في غوغل (Google) مثلا.

 

وسيكون استهلاك المعلومات لشخص مجهز بذكاء اصطناعي خاص به أكبر بآلاف المرات من استهلاك المعلومات التقليدي على أساس أنظمة الاتصال البيولوجية. وفي الحقيقة، نحن لا نتحدث عن ذكاء اصطناعي جديد فقط، بل عن إنسان جديد خارق متسلح بقدر هائل من المعلومات والمعرفة، وقادر على التواصل والاتصال في أي زمان ومكان، ولن تقف في وجهه أية حواجز مهما كانت. هل هذا يعني أننا نتحدث عن سوبرمان نيتشه؟

 

الأمر أكثر من ذلك بكثير، فسوبرمان نيتشه مجرد طفل صغير مقارنة بالإنسان الجديد، أو على الأقل هذا ما يراه المتحمسون لهذا النوع من الذكاء الصناعي الشخصي.