Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الأخبار : منسوب الغضب الشعبي يرتفع الحريري يتريّث في الاعتذار… وبرّي “لن يُسلّم البلد لعون وباسيل‎”‎

كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : تتسِع التحركات الاحتجاجية المتفرقة في المناطق مع ارتفاع منسوب ‏الغضب الشعبي من حجم الأزمة، من دون أن تبرز حتى الساعة أي حلول ‏للحدّ من الانهيار الذي يقع على رؤوس اللبنانيين دفعة واحدة. القوى ‏السياسية لا تزال تتصرف وكأن شيئاً لم يكن وتُدير ملف الحكومة كمعركة ‏انتخابية


دخلَت البلاد في مدار الفوضى على كل الأصعِدة. لم تنتهِ ثلاثية الحوار بينَ الثنائي الشيعي ورئيس التيار الوطني الحرّ ‏بشأن مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى “لا شيء”، وحسب. لو اقتصرت على ذلِك، لكانَ الأمر أسهل. أفضَت ‏المداولات إلى أبواب جديدة للتعقيدات، بدلاً من التمهيد لفتح نافذة أمام حلول للأزمة الحكومية. لا تتطلّب وقائع الأمور ‏عناءً كبيراً لاستخلاص أن الفشل لا علاقة له بوزيرين واسمين وحقيبتين، بقدر ما هو نتيجة لمحاولات طرفيْ الصراع ‏الأساسييْن استيلاد نمط حكم جديد وقواعد سياسية جديدة تعيد ترسيم نفوذهما. وعليه، فإن فائضاً من التشاؤم ساد في ‏الساعات الأخيرة، بعدَ أن ثبت بالمعطيات أن الرئيس المكلّف سعد الحريري حسمَ قراره بالاعتذار، قبل أن ينقل قراره ‏إلى حالة “وقف التنفيذ” بناءً على طلب رئيس المجلس الذي “صارَ مقتنعاً بأن لا فرصة متاحة تسمح للحريري ‏بالتشكيل، خارجياً أو داخلياً”، بانتظار “الاتفاق على بديل”. ولو أن مؤشرات مستجدة برزت تقول إن الحريري، ‏ورغم أن فكرة الاعتذار لا تزال تراوده، إلا أن حركته نهاية الأسبوع الماضي هدفت إلى تكريس صورته كزعيم أوحد ‏للطائفة السنية من خلال اجتماعه مع دار الفتوى، واللقاءات التي عقدها مع شخصيات سنية، حتى إن بعضها غير ‏مقرّب منه، وأنه تقصّد فعل ذلك للتخفيف من جدية الأجواء التي سُرّبت عنه أخيراً في ما خص الاعتذار. مردّ هذه ‏المفارقة، وما تضمره من تحول سريع في “تكتيك” الرئيس المكلف، أن الظروف المتوافرة التي تمنع اعتذاره لا تقل ‏عن تلكَ التي تمنعه من التأليف‎.‎

صحيح أن الحريري مُنيَ بنكسة جديدة بعدَما أطيحت مبادرة عين التينة التي عوّل كثيراً عليها كفرصة أخيرة، لكن ‏مصادر معنية بالمفاوضات الحكومية أعادت تريّثه من جديد إلى أسباب عديدة. أبرزها‎:


أن الرئيس برّي طلبَ اليه ذلِك، وهو يُصرّ على ربط الاعتذار بالتوافق مع الحريري على بديل، على أن يحظى البديل ‏بغطاء الطائفة السنية لئلا تتكرّر تجربة الرئيس حسّان دياب. كما أن رئيس المجلس، على ما تقول المصادر، “لا يريد ‏تسليم البلاد لميشال عون وجبران باسيل”، ولا إعطاءهما فرصة للظهور بمظهر المنتصر. كما لا يريد أن يكون ‏البديل واحداً من الأسماء التي اقترحها عون وباسيل، فيكونان قد حققا مبتغاهما وفرضا ما يريدانه. حتى إن بري ‏يعتبر، بحسب المصادر، أن الحل لا يُمكن أن يكون بتسمية رئيس حكومة من فريق 8 آذار لا يحظى بالتوافق والغطاء ‏السنيّ الكامل، لأن هذا الأمر لن يساعد في إخراج البلد من الأزمة، لا بل سيزيدها تعقيداً‎.
ثم إن الحريري الذي كانَ قد كشف أمام من التقاهم من مسؤولين وشخصيات سنية أن خيار الاعتذار وارد، فوجئ ‏بمعارضة واسعة لم يكُن يتوقعها، على اعتبار أن “هذا القرار لا يُمكن أن يتخذه وحده، وأن هذه الخطوة هي بمثابة ‏إعلان هزيمة أمام عون وباسيل وتراجع لحساب ما يريدانه، وهو ما سيفتح أمامهما الطريق لتنفيذ مشروعهما للسيطرة ‏على رئاسة الحكومة‎”.


وفي هذا الإطار، علمت “الأخبار” أن ثلاثي رؤساء الحكومات السابقين من أشد المعارضين لقرار الاعتذار، لكن ‏أعضاءه لم يحضروا اللقاء في دار الفتوى، لأنهم، وفقَ ما أفادت المصادر، حرصوا على عدم “إعطاء صبغة طائفية ‏للخلاف، وكأن هناك انقساماً بطابع سنّي – ماروني‎”.


وفيما لم تُسجل في الأيام الماضية أي اتصالات على صعيد الملف الحكومي، خاصة بعدَ السجال الإعلامي بينَ باسيل ‏والنائب علي حسن خليل الذي عكس التوتر بينَ عين التينة والبياضة، لفتت مصادر مطلعة إلى أن برّي منزعج من ‏طريقة التعامل مع مبادرته، بينما سيتسغلّ الحريري الدعم الذي حظي به سنياً لتحصين نفسه من محاولات انتزاع ‏التكليف منه، طوعاً، ووضع عوائق أمام أي شخص يطمح إلى خلافته، حتى لو عاد واعتذر‎.‎

التريّث في الاعتذار، عكسته تصريحات شخصيات في تيار المستقبل، ومنهم النائب السابق مصطفى علوش الذي ‏أشار إلى أن “خيار الاعتذار مؤجل، وأن المزاج الشعبي عند تيار المستقبل 90 في المئة يعارضه”. حتى ‏الحريري نفسه، ظهرَ في مقابلة مع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية أنه يتمهّل، وقال إنه “لن ينفرد باتخاذ أي ‏خيار من هذه الخيارات، سواء في استمراره في مهمته التي استمدها من البرلمان أو في الاعتذار عن التأليف من ‏دون العودة إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري والمجلس الشرعي الإسلامي ورؤساء الحكومات السابقين”. وكانَ ‏لافتاً في كلام الحريري تشديده على علاقته الممتازة برئيس المجلس، قائلاً “سعد الحريري يعني نبيه بري، ونبيه ‏بري يعني سعد الحريري”. وقال عن برّي: “إنه الشخص الوحيد الذي وقف إلى جانبي منذ اللحظة الأولى لتكليفي ‏بتشكيل الحكومة؛ لم يتركني أبداً، ولم أسمع منه أو يُنقل عنه أي حرف أو كلمة توحي بأنه تخلى عني”. وفي هذا ‏الإطار، فسّرت أوساط سياسية كلام الحريري وكأنه “موجّه ضد وليد جنبلاط، لأن الحريري يعتبر أن رئيس ‏الحزب التقدمي الاشتراكي لم يقف إلى جانبه كما ينبغي‎”.


في جميع الأحوال، يُمكن تلخيص حصيلة الأسبوع الماضي بتأكيد أن البلاد ستكون على موعد مع أسابيع ملتهبة، ‏وهناك خشية من أكثر من عامِل تقاطعت عندَ رسم أفق قاتِم: استعصاء الولادة الحكومية. تجدد الانقسام الحاد بين ‏بري – الحريري من جهة وعون وباسيل من جهة أخرى، بعدَ أن حاول رئيس المجلس أن يلعب مؤخراً دور ‏الوسيط. موقف حزب الله الذي على ما يبدو أنه سيكون محرجاً ما بينَ ضغط بري و”عناد” باسيل، فضلاً عن ‏ارتفاع منسوب الغضب في الشارع على وهج استمرار الدولار بالتحليق فوق عتبة 15 ألف ليرة في السوق، ومعه ‏أسعار غالبية السلع، مع احتمالية انفجاره قريباً‎.‎